المشهد أصبح مكشوفًا تمامًا ..!

المشهد أصبح مكشوفًا تمامًا ..!

ـأخشى ما أخشاه أن نجد أنفسنا بلا « ظهر»  نستند إليه لتجاوز الأزمات التي تحاصرنا، فنضطر للقبول بأية وصفة تقدم إلينا، أو حتى الهروب لأقرب مخرج، حتى لو كان لا ينسجم مع قناعاتنا، تماما كما فعلنا في مطلع التسعينيات حين وافقنا على توقيع المعاهدة مع إسرائيل بعد أن اكتشفنا أن أهل القضية سبقونا لذلك.

أرجو بالطبع أن لا يحدث ذلك، وان لا نترك أنفسنا أولا،  ولا يتركنا أشقاؤنا ثانيا، فنحن أحوج ما نكون لاستعادة عافيتنا وذاتنا ولمساعدة الأقربين إلينا أيضا.

لدي ثلاثة اعتبارات، على الأقل،  يمكن أن أدرجها لتوضيح مثل هذه المخاوف، الأول هو أن المنطقة تشهد انفجارات تاريخية أفضت – وربما ستفضي لاحقا – إلى المزيد من التحولات في الأدوار والخرائط ومناطق النفوذ، وفي إطار هذا الصراع داخل المنطقة وعليها، ستبرز قوى وتختفي او تضمر قوى أخرى، وستجد الدول العربية نفسها أمام مشروعين يشكلان خطرا عليها، الأول إيراني والآخر إسرائيلي، ومن الواضح أن الأول أصبح أولوية لدى البعض،  فيما تراجع الثاني ومعه تراجعت القضية التي كانت تشكل «المشترك» للعرب، وبالتالي فقد جاءت الفرصة لإسرائيل لكي تفرض شروطها على الجميع، وهذا ما حصل تماما وسوف يستمر بالتأكيد بأسرع مما نتوقع .

الاعتبار الثاني يتعلق بما يتعرض له بلدنا من «حصار» متعمد يستهدف انتزاع مواقف محددة تصب في مصلحة بعض القوى التي تحاول ملء الفراغ في المنطقة، بما يتعارض مع مصالحنا العليا، وفي إطار صراع الأجندات والمصالح «والزعامات «، هنا وجد الأردن نفسه أمام خيارات سيئة، ويمكن في لحظة ما أن يكتشف أن حلفاءه الذين راهن عليهم قد خذلوه، مما يرتب عليه  – مكرها – البحث عن خيارات أخرى، وربما تكون من «خارج الصندوق» أيضا.

أما الاعتبار الثالث فهو ذو شقين، احدهما يتعلق بما جرى على صعيد الداخل من تطورات فهمت في سياق الاستعداد «لترتيب» المستقبل وتأثيثه، وهي في المجمل محاولات للتكيف مع استحقاقات  قادمة لم تتضح معالمها بعد، الشق الآخر يتعلق بما جرى على صعيد العلاقات بين إسرائيل وبعض الأطراف العربية، وبدون الدخول في التفاصيل فان ثمة محاولات تجري للبحث عن « وسيط « او وسطاء جدد لترتيب مخرج لتسوية القضية الفلسطينية ( تصفيتها : أدق )، بما ينسجم مع التحولات التي تشهدها المنطقة، وأهمها استعداد العالم العربي لتمرير أية صفقة مع إسرائيل مقابل التفرغ لمواجهة الخطر الإيراني ظاهريا ،فيما الحقيقة أن المقابل لا شيء .

باختصار، المشهد أصبح مكشوفا تماما، ولا يبدو أن الجدران التي كنا نستند إليها ما تزال كما هي، الحسابات تغيرت والتحديات أيضا، وكذلك الأشقاء والأصدقاء، وبوسعنا أن ندقق في صورتنا بالمرآة لنرى من يقف معنا ومن يتربص بنا أو من لا يعنيه أمرنا – إذا أحسنا الظن -، سنجد بالتأكيد أن كل طرف مشغول بنفسه، وأننا مطالبون – كما كنا في أكثر من محنة – بقلع أشواكنا بأيدينا،  إذن فلنفعل ذلك قبل أن نتفاجأ بلحظة لا نجد فيها، حين نضطر لطلب المساعدة من صديق، من يرد على الهاتف.

(الدستور)

Share on whatsapp
Share on facebook
Share on twitter
Share on telegram
Share on email
Share on print

رابط مختصر للمادة:

اقرأ أيضاً

Share on facebook
Facebook
Share on twitter
Twitter
Share on whatsapp
WhatsApp
Share on telegram
Telegram
Share on email
Email
Share on print
Print

رابط مختصر للمادة: