المشهد الليبي.. التحدي الأبرز قانون الانتخاب وحفتر يسابق الزمن لطمس جرائمه

المشهد الليبي.. التحدي الأبرز قانون الانتخاب وحفتر يسابق الزمن لطمس جرائمه

عمان – البوصلة

لا تبدو مهمة رئيس الحكومة الليبية عبد الحميد الدبيبة سهلة ولا طريقه معبدة بالورود في مساعيه الحثيثة نحو رأب الصدع وتحقيق المصالحة الوطنية، وإجراء الانتخابات في موعدها نهاية العام، لا سيما بعد فشل لجنة التوافقات المنبثقة عن ملتقى الحوار السياسي الليبي في الوصول إلى صيغة توافقية حول قاعدة دستورية لتنظيم الانتخابات التي ستعقد نهاية العام العالي.

وإن كانت المهمّة بالغة الصعوبة لكنّها لا تبدو مستحيلة حتى تستطيع الحكومة الليبية تحقيق آمالها في إنجاز الدستور والانتخابات والانتهاء من المراحل الانتقالية.

ومنذ منتصف شهر آذار الماضي يشهد الملف الليبي انفراجة كبيرة لا سيما بعد تسلم سلطة انتقالية منتخبة، تضم حكومة وحدة ومجلسا رئاسيا، والمهمة الرئيسية المعهودة لها إنجاز مهمّة الانتخابات، بقانون وقاعدة دستورية يتوافق عليها الجميع.

التوافق على الانتخابات بداية الاستقرار

وعلى الرغم مما يبدو أنه نجاحات مبدئية على الأرض في تحقيق الاستقرار وتمهيد الأجواء لحوار ناجح حول الانتخابات خاصة بعد فتح الطريق الساحلي وإسكات البنادق، إلا أن مهمة “لجنة التوافقات” تبدو متعسرة حتى اللحظة لوصول جميع الأطراف لصيغة مرضية حول قانون الانتخابات.

وطالبت لجنة التوافقات المنبثقة عن ملتقى الحوار السياسي الليبي البعثة الأممية بإحالة 4 مقترحات إلى الملتقى، عقب فشلها في الوصول إلى صيغة توافقية حول قاعدة دستورية لتنظيم الانتخابات التي ستعقد في 24 كانون الأول/ ديسمبر القادم.

وقال بيان نشرته بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا، “أقر أعضاء اللجنة بأن جميع إمكانيات التوصل إلى حل وسط بشأن مقترح واحد قد استنفدت، وطلبوا بالتالي من البعثة إحالة المقترحات الأربعة إلى الجلسة العامة لملتقى الحوار للنظر فيها واتخاذ قرار بشأنها”.

واتفقت اللجنة على “آلية للتصويت المتوقع من قبل الملتقى على مقترح واحد أو مقترحات، وسوف تُطرح آلية التصويت التي قُدمت إلى جانب المقترحات على الجلسة العامة للملتقى”.

وسبق أن “تم تكليف ثلاث لجان لإعداد قاعدة دستورية للانتخابات وهي اللجنة المشتركة بين مجلس النواب والمجلس الأعلى للدولة، واللجنة القانونية واللجنة الاستشارية المنبثقتين عن الملتقى دون التوصل إلى نتائج حاسمة وكانت لجنة التوافقات هي اللجنة الرابعة” وفق البيان.

وكان أعضاء ملتقى الحوار السياسي الليبي في جنيف، أجمعوا على تكوين “لجنة التوافقات” المكونة من 13 عضوا.

وتختص اللجنة في مناقشة المقترحات المقدمة بشأن القاعدة الدستورية التي ستجرى على أساسها الانتخابات النيابية والرئاسية المقررة في 24 كانون الثاني/ ديسمبر المقبل.

فتح الطريق الساحلي إيجابي ولكن

ومهما كان التفاؤل كبيرًا بفتح الطريق الساحلي الذي يعد شريان ليبيا وترحيب جميع الأطراف بذلك إلا أن العديد من الملفات العالقة يجب أن يتم حسمها سريعًا وخاصة “ملف المرتزقة” وخاصة المرتزقة الروس، الذي يسهم بتصعيد المشهد وإعاقة وصول الأطراف المتحاورة إلى حلول حقيقية تعيد الاستقرار إلى ليبيا.

رئيس حكومة الوحدة الوطنية عبدالحميد الدبيبة رحب بخطوة فتح الطريق الساحلي واعتبرها خطوة جديدة في البناء والتوحيد، في انتظار أن يثبت اللواء المتقاعد خليفة حفتر صدق نواياه وتصريحاته التي قال فيها  إن “بلوغ السلام العادل الشامل الذي يطمح إليه الليبيون، لن يتحقق ما لم تغادر جميع القوات الأجنبية والمرتزقة ليبيا مغادرة غير مشروطة عاجلا وليس آجلا”، وأضاف: “نبارك للشعب الليبي فتح الطريق الساحلي”.

وعبر مدير المركز الليبي للبحوث والتنمية السنوسي بسيكري في مقالة له بصحيفة “عربي21″ عن تفهمه لتصريحات حفتر قائلا: ربما في ظل هذا المناخ الدولي الملبد نفهم ترحيب حفتر بفتح الطريق الساحلي وتماهيه مع المطلب الدولي لإخراج المرتزقة من البلاد”.

واستدرك بسيكري بالقول: “سيكون الاختبار الحقيقي لموقف حفتر وتصريحه وقوع تطور مهم في موقفه تجاه المرتزقة الروس، ربما حفتر غير قادر على إخراجهم، إلا أنه سيكون أكثر وضوحا في موقفه من وجودهم في مناطق نفوذه”.

حفتر يواصل طمس جرائمه طمعًا في الرئاسة

لكن مجرد التصريحات لا تثبت صدق النوايا، فالدخان المتصاعد من بنادق المرتزقة على الأرض الليبية يشير إلى أن اللواء المتقاعد خليفة حفتر الذي تؤكد المصادر المطلعة “إقامته الدائمة في العاصمة الأردنية عمّان” لديه مخططاته وأجندته التي يسعى بشكلٍ حثيث إلى تبييض صفحاتها قبل الوصول إلى الاستحقاق الانتخابي طمعًا في الوصول إلى رئاسة ليبيا وهو مطمعٌ ليس بالمستغرب في ظل استمرار دعم أطراف عربية ودولية له بشكل منقطع النظير بالمال والسلاح.

وإن كانت محكمة أميركية قطعت على حفتر الطريق بأنه لا يمكنه التمتع بحصانة رئيس دولة في القضايا التي يُحاكم فيها، إلا أن الخارجية الأمريكية لها رأي آخر في تجاهل الأمر حين يتعلق بـحفتر.

وقالت القاضية ليوني برينكيما إنها استشارت وزارة الخارجية الأميركية في القضية مرتين في عهد الرئيسين دونالد ترامب وجو بايدن واختارت الخارجية عدم التدخل في المرتين.

ويواجه حفتر الذي يحمل الجنسيتين الأميركية والليبية دعاوى بارتكاب جرائم القتل والتعذيب في ليبيا.

وتطالب الدعاوى بتعويضات بملايين الدولارات التي يمكن استردادها من ممتلكات حفتر وعائلته في ولاية فيرجينيا.

كل ما سبق لن يردع حفتر عن المضي قدمًا في سعيه للوصول إلى رئاسة ليبيا وقيادتها، وإن اضطره الأمر لتصفية خصومه وأصدقائه.

وقال خبير استراتيجي، إن اللواء المتقاعد، خليفة حفتر يقوم بعمليات اغتيال وتصفية في صفوف قادة مليشياته، في محاولة لطمس أدلة تورطه في جرائم الحرب التي ارتكبت في العاصمة طرابلس وبنغازي ومناطق أخرى من البلاد.

وكشف الخبير العسكري والأمني، عادل عبد الكافي في تصريح خاص لـ”عربي21″ عن “معلومات تفيد أن جهات استخبارية إقليمية، نصحت حفتر بإغلاق ملفات مليشيا الكانيات، ومجموعة الخمسين التي كان يقودها المطلوب للمحكمة الجنائية الدولية، محمود الورفلي (قتل قبل أشهر) في المنطقة الشرقية، في محاولة لإغلاق ملفاتهم، وإخفاء أي دليل قد يقود لمسؤوليته عن جرائم الحرب التي ارتكبها هؤلاء بحق الليبيين”.

كما أكدت مصادر محلية من مدينة بنغازي الواقعة شرق ليبيا لـ”القدس العربي” صحة الأنباء المتداولة عن مقتل محمد الكاني آمر اللواء التاسع مشاة والمعروف بمليشيا الكانيات، في منطقة بوعطني بمدينة بنغازي.

وأضافت ذات المصادر أن القيادي في الكانيات “محمد الكاني” كان قد قتل على يد مليشيا طارق بن زياد التابعة لنجل حفتر صدام وبتحفيز مباشر منه.

لقاء الدبيبة وحفتر وظهور القذافي الصغير

ويبقى المشهد الليبي ملبدًا بالغيوم وتحفه الشائعات والتكهنات حتى الوصول إلى الاستحقاق الانتخابي بعد التوافق على قاعدة انتخابية، وحتى ذلك الوقت فإن الحديث عن لقاء مرتقب بين الدبيبة وحفتر وظهور القذافي الصغير سيف الإسلام هما أبرز حدثين في الملف الليبي، حيث قالت مصادر مصرية: إن لقاء مرتقبا سيجمع رئيس حكومة الوحدة الوطنية في ليبيا عبد الحميد الدبيبة، مع اللواء المتقاعد خليفة حفتر، بوساطة مصرية.

وكشفت المصادر أن وساطة مصرية نجحت مؤخرا في التوصل إلى تفاهمات بين الدبيبة وخليفة حفتر، مؤكدة أن أولى مراحل الاتفاق ستكون عبر لقاء بين الطرفين في مدينة بنغازي شرق ليبيا، خلال الأيام القليلة المقبلة، بحسب “روسيا اليوم”.

بدوره قلل الكاتب الليبي عبدالله الكبير في مقالة له من أهمية ظهور “القذافي الصغير” سيف الإسلام القذافي، مشددًا على أنه لن يكون له أي أثر على الساحة السياسية الليبية.

 وقال إن الأهم في تأثير ظهور “القذافي الصغير” هو تأثير هذه العودة على المشهد السياسي، وموقف بقايا أنصار نظام والده من رغبته في العودة للحياة السياسية، وطرحه لنفسه كرئيس محتمل ليبيا في المرحلة المقبلة عبر بوابة الانتخابات.

ونوه إلى أن خبر ظهور سيف لم ينل ماكان يتوقعه من اهتمام وردود فعل، بصرف النظر إن كانت مرحبة أو مستهجنة، فإطالة الغياب تعكس الرغبة في التحشيد للحظة ظهور تحل كصاعقة مدوية، مثل لحظة ظهور النجم على مسرح يغص بجمهور يتحرق شوقا لإطلاته، أو كلحظة ظهور إمام الزمان للمؤمنين الذين أرهقم الأعداء طغيانا وظلما، لابد أن تثير الكثير من الصخب والاضطرابات بل وحتى الزلازل والاعاصير.

وختم الكبير بالقول: لذلك فإن القذافي الصغير سوف يعيد حساباته على وقع خيبة الأمل التي مني بها، وهو يرى خبر ظهوره بجانب صورته الغامضة يحل تاليا لخبر فتح الطريق بين مصراتة وسرت، وبضع عشرات في مظاهرات بمدن غير مؤثرة تلوك هتافات عتيقة.

(البوصلة)

Share on whatsapp
Share on facebook
Share on twitter
Share on telegram
Share on email
Share on print

رابط مختصر للمادة:

اقرأ أيضاً

Share on facebook
Facebook
Share on twitter
Twitter
Share on whatsapp
WhatsApp
Share on telegram
Telegram
Share on email
Email
Share on print
Print

رابط مختصر للمادة: