انتخابات 2020.. هل استهدفت الدولة الأحزاب؟

انتخابات 2020.. هل استهدفت الدولة الأحزاب؟


عمّان – البوصلة
على الرغم من أن عدد المترشحين الحزبيين في انتخابات 2020 بلغ 393 مرشحًا بزيادة كبيرة عن العدد الذي شارك في الانتخابات السابقة؛ إلا أن النتائج النهائية أظهرت تراجعًا في الحضور الحزبي والتمثيل السياسي في البرلمان إلى 16%، فما هي الأسباب والعوامل التي أدت إلى هذا المشهد؟.


كما كان لافتًا في تركيبة المجلس الجديد غياب الأحزاب اليسارية والقومية وأصحاب شعار الدولة المدنية ممثلين بـ “قائمة معًا”، ومحافظة التحالف الوطني للإصلاح على حضور وصفه رئيس حملتها المهندس بادي رفايعة لـ “البوصلة” بـ “الجيد”.

حزب جبهة العمل الإسلامي أعلن عن فوز عشرة من مرشحيه ضمن قوائم التحالف الوطني للإصلاح والمتحالفين معه في محافظات عمان والزرقاء والكرك والعقبة، لكنّ أمينه العام أبدى عدم رضا الحزب عن مجمل العملية الانتخابية بالقول: إن ما شهدته الانتخابات من ممارسات جعلها عبئاً على المجتمع والشعب والدولة، ملخصًا المشهد بأن “قوى الفساد قامت بهندسة الانتخابات لتكون وفقا للنتائج التي رأيناها”.
وشدد على أن المشاركة في الانتخابات كانت “بروح المسؤولية الوطنية رغم ما واجهناه من صعوبات ورغم تدخلات أجهزة الدولة للتضييق على مرشحي الحزب ورغم تزايد المؤشرات على تكرار سيناريو انتخابات 2007، لكننا آثرنا تغليب المصلحة الوطنية في ظل ما يواجهه الوطن من تهديدات خارجية وتحديات داخلية”.


وأشار إلى أن “الحزب لم يخسر لأنه قدم الوطن، وإن حسبة الخسارة بالأرقام تكون عند وجود انتخابات حقيقية ولا يُتحكم بها من قبل أجهزة الدولة”.
حزب الوسط الإسلامي أعلن عن فوزه بستة مقاعد، وتوجه بالتهنئة للشعب الأردني في كل جنبات هذا الوطن الكريم في مدنه وقراه وأريافه وبواديه ومخيماته وأغواره، وتقدم بالشكر والتقدير للشعب على الثقة التي منحوها لمرشحي الحزب وقوائمه.
فيما فاز حزب الجبهة الأردنية الموحدة بمقعد واحد وفاز حزب الوفاء الوطني بمقعد واحدٍ أيضًا.


أين الأحزاب اليسارية والقومية وباقي الأحزاب؟
من جانبه أكد الأمين العام لحزب الوحدة الشعبية سعيد ذياب في تصريحاته إلى “البوصلة” أن السبب وراء ضعف وصول الأحزاب لقبة البرلمان وإخفاق كثيرٍ منها يعود لكون الانتخابات “لم تكن سويّة”، على حد تعبيره.
وقال ذياب: “لا أستطيع أن أقيم تراجع الأحزاب وكأنّها كانت موجودة في الدورة الماضية، أو أقيم تراجع الأحزاب افتراضًا أن الانتخابات كانت نزيهة”، مضيفًا أن “الانتخابات لم تكن سوية، لا من حيث جانبها الإداري، ولا من حيث عمليات سيطرة وهيمنة المال الأسود على العملية الانتخابية بشكلٍ فج، وإحجام السلطة عن ممارسة مسؤوليتها في محاربة هذه الظاهرة”.


واستدرك: “طبعا دون أن ننسى بالكامل أن هذه الانتخابات تمّ تكييفها وترتيبها بمعزل عن الحضور الشعبي والجماهيري لهذا الحزب أو ذاك”.
وتابع ذياب حديثه عن نتائج الانتخابات بالقول: “أريد أن أنطلق من فرضية تثبتها كل قوانين الفيزياء والحياة أن أي عملية تغيير تتطلب مشاركة شعبية واسعة، وفي هذا البرلمان كانت عملية التغيير وصلت إلى مائة نائب، بمعنى فوق السبعين إلى ثمانين في المائة من تكوينة مجلس النواب، وإذا ربطنا هذا التغيير الهائل في ظل مشاركة شعبية متدنية، إذن من هي القوى التي أحدثت عملية التجديد في مجلس النواب”، متسائلا في الوقت ذاته: “إذا لم يكن دور للجماهير في التغيير وحدث التجديد، إذن هذا سؤال مهم يجب أن نجيب عليه”.
وأضاف بالقول: “إذا احتجنا إلى 13 عامًا حتى يتيقن الناس وتعترف السلطة التنفيذية أن انتخابات 2007 تم تزويرها وهذا على لسان رئيس الهيئة المستقلة للانتخاب الدكتور خالد الكلالدة، بتقديري السؤال الطبيعي كم سنة ننتظر أن نكتشف عمليات التزوير التي شابت هذه العملية ورافقتها”.


وشدد على أن “هذه السمة العامة للانتخابات وأي تقييم للانتخابات هو البحث عن جزئيات على حساب الظاهرة العامة دون أن أقلل من عوامل أخرى، موضوع كورونا، وقانون الدفاع نفسه، والتراجع الواضح والكبير في الحريات العامّة.. الخ ذلك، وما تعرضت له عمليات تشكيل القوائم من ضغوط، وكل هذه العوامل برمّتها قادت إلى أن تكون النتائج مغايرة لما تريده القوى الحزبية والسياسية وقوى التغيير الديمقراطي”.


هل هناك قصور من جانب الأحزاب؟
وفي إجابته على هذا السؤال شدد الأمين العام لحزب الوحدة الشعبية سعيد ذياب في حديثه إلى “البوصلة” على أنه “حتى لو كان هناك من الضعف والقصور من الأحزاب، فلو كان المناخ سويًا لا يمكن أن تأتي النتائج هكذا”.


وأضاف، “نحن ننسى الظرف الموضوعي الذي نجحت فيه الحكومات المتعاقبة على خلقه، وهذا المناخ تمّ صناعته وبشكل متدرج ومدروس ومراكز أبحاث شاركت فيه، قد لا أمتلك معلومات محددة ولكن أمتلك قدرة تحليلية للقول أنه ومنذ عام 1989، وبعد إدراك الدولة أن قوى التغيير الديمقراطي يتعاظم دورها ونفوذها، فجاء بقانون الانتخاب ليقطع الطريق على تنامي هذه القوى في المجتمع الأردني”.


وتابع ذياب بالقول: “ثم بدأت سياسة إفقار الأردنيين، ثم تم ضرب الحركة الطلابية، وهنا أركز على هذا الموضوع من خلال رفع الرسوم الجامعية وصولاً إلى الخصخصة، وصولا إلى دفع الطلاب للاستنكاف عن العمل العام وبالتالي شلّ هذا القطاع الحيوي من المشاركة في الحياة السياسية”.
وشدد على أن مجمل هذه العوامل وشعور الناس بأن السلطة التشريعية تم تفريغها من أي دور، وفقدانها لهيبتها كل هذا أوصل الناس، وهذا ما تريده الدولة، إلى حالة عدم المبالاة بالمشاركة في الانتخابات.
وقال ذياب: إن الدولة راغبة بهذا المشهد، وقالت إنه مهما كانت النسبة سنجري الانتخابات، إذن هم لا يعبأون بتراجع الحالة الشعبية، المهم أنهم كما رفعوا شعار الديمقراطية المعتدلة كما يرون أو الديمقراطية المضبوطة..الخ ذلك.


وتابع بالقول: بصراحة.. هذا المناخ الذي أضعف قدرة الأحزاب ووجدها عاجزة عن الفعل الجماهيري لأن المناخ الذي تعيشه غير صحي للنشاط السياسي.
وشدد بالقول: أعتقد أن السؤال الذي نجحت السلطة في تعويمه “أين الأحزاب” هو سؤال حق يراد به “باطل.. باطل.. باطل في أعماقه”، وهو سؤال خبيث نجحت الدولة في نشره في الأوساط الشعبية وهو سؤال ظالم.
وختم ذياب حديثه إلى “البوصلة” بالقول: “الناس تناضل كل يوم وكل دقيقة من أجل بناء المجتمع الأردني الديمقراطي المكتفي لذاته، ولكن هناك تشويه مستمر ومنظم ودائم ضد وعي الناس حتى يصلوا بالنهاية إلى أن تتحكم نخبة من قوى رأس المال لقطاع الخدمات وهي التي توجه السياسات الحكومية وتسيطر عليها”.

41 حزبًا مشاركًا
يذكر أن مجموع الأحزاب التي تقدمت للوزارة بأسماء مرشحيها ضمن القوائم التي ستشارك بالانتخابات بلغ 41 حزبا من أصل 48 حزبا.
كما أن مجموع المترشحين الحزبيين بلغ 397 مترشحا للانتخابات بما نسبته 23 بالمئة، قبل أن ينسحب عدد منهم ويصل العدد إلى 393 من إجمالي المترشحين بالمملكة والبالغ عددهم 1690 مرشحا ومرشحة، من بينهم 97 مرشحة بنسبة 24 بالمئة من مرشحي الأحزاب ونسبة 26 بالمئة من المرشحات بالمملكة والبالغ عددهن 364 مرشحة.
(البوصلة)

Share on whatsapp
Share on facebook
Share on twitter
Share on telegram
Share on email
Share on print

رابط مختصر للمادة:

اقرأ أيضاً

Share on facebook
Facebook
Share on twitter
Twitter
Share on whatsapp
WhatsApp
Share on telegram
Telegram
Share on email
Email
Share on print
Print

رابط مختصر للمادة: