بعد 73 عامًا.. فيلم “الطنطورة” يكشف قبر جماعي على شاطئ قيسارية

بعد 73 عامًا.. فيلم “الطنطورة” يكشف قبر جماعي على شاطئ قيسارية

البوصلة – كُشف يوم الجمعة النقاب عن تحديد مكان قبر جماعي لضحايا مجزرة ارتكبتها العصابات الصهيونية ضد أسرى فلسطينيين بقرية الطنطورة في الداخل الفلسطيني المحتل بمايو/ أيار عام 1948.

وحدد مكان القبر عناصر من تلك العصابات شاركوا في المجزرة التي أكد فلسطينيون بالداخل طوال الأعوام الماضية وقوعها، دون قدرتهم على كشف المزيد من التفاصيل بشأنها، فيما كانت “إسرائيل” تخفي أي معلومات عنها وتفاصيل الضحايا.

واليوم بعد مرور 73 عامًا يُكشف عن مكان المقبرة الجماعية وتفاصيل مخيفة حول المجزرة في صحيفة “هآرتس” العبرية، حيث جاء “أن القبر الجماعي يقع على شاطئ مدينة قيسارية الشهيرة شمال الداخل المحتل”.

وتؤكد الصحيفة أن فيلمًا وثائقيًا سيُعرض الأسبوع القادم سيظهر فيه جنود  بلغوا التسعينات والثمانينات من أعمارهم، يروون شهادات مروعة ويعترفون بارتكاب المجزرة بطريقة تقشعر لها الأبدان بعد احتلال طنطورة.

عددهم وألية دفنهم

وحسب الصحيفة، فإن الفيلم الذي سيعرض للمخرج ألون شوارتز بعنوان “الطنطورة” سيُعرض الأسبوع القادم عبر الإنترنت، ويتضمن شهادات جنود شاركوا في المجزرة.

كما تكشف مقدمًا عن أنه “تم دفن نحو 200 فلسطيني أسير بدون سلاح، بعد إعدامهم في قبر جماعي يقع حاليًا تحت ساحة انتظار سيارات-شاطئ دور”.

وجاء “أنه تم حفر القبر خصيصًا لهذا الغرض، واستمر الدفن لأكثر من أسبوع”.

وكان مؤرخون فلسطينيون وثقوا مجزرة الطنطورة التي وقعت في ليلة 22-23 مايو/أيار 1948، دون الكشف عن تفاصيل حولها.

ولكن هذه هي المرة الأولى التي يتم فيها نقل شهادات عن جنود تواجدوا خلال المجزرة، كما أنها المرة الأولى التي يتم فيها الحديث عن موقع القبر الجماعي.

وحسب الصحيفة، فإن طالب دراسات عليا إسرائيلي يُدعى ثيودور كاتس، سبق أن كشف عما جرى في المجزرة في أطروحة ماجستير كتبها، إلا أن جنودًا رفعوا دعوى تشهير وقذف ضده وتم إرغامه على سحبها والاعتذار.

إعدام في براميل

وتكشف شهادات الجنود عن فظائع ارتكبها لواء الإسكندروني (الهاغانا) ضد أسرى الحرب، واعترف بها عدد من جنود هذا اللواء.

ومن التفاصيل التي كشفت قبل عرض الفيلم “يصف الجنود السابقون مشاهد مختلفة بطرق مختلفة، ولا يمكن تحديد عدد القرويين الفلسطينيين الذين قتلوا رميًا بالرصاص، وتتراوح الأعداد الناتجة عن الشهادات من حفنة قُتلوا إلى العشرات”.

وبحسب إحدى الشهادات التي أدلى بها أحد سكان منطقة زخرون يعقوب شمالي الكيان الإسرائيلي، والذي ساعد في دفن الضحايا، “فإن عدد القتلى تجاوز 200”.

وقال أحد الجنود السابقين ويدعى موشيه ديامنت: “قُتل القرويون برصاص متوحش باستخدام مدفع رشاش، في نهاية المعركة، مضيفًا حول ملاحقة طالب الماجستير قبل سنوات “لقد كتموا الأمر، قالوا يجب عدم الحديث عمّا جرى، فقد يتسبب في فضيحة كاملة”.

كما قال جندي سابق آخر لم تسمه الصحيفة: “ليس من الجيد قول هذا، لقد وضعوهم في برميل وأطلقوا عليهم النار في البرميل، أتذكر الدم في البرميل”.

كما روى حاييم ليفين أحد الجنود السابقين: “أحد أفراد الوحدة ذهب إلى مجموعة من 15 أو 20 أسير حرب وقتلهم جميعًا، وأضاف: “ببساطة لم يتصرفوا مثل البشر في القرية”.

مؤرخ يعلق

ويعلق المؤرخ الفلسطيني بالداخل جوني منصور الذي كتب عن المجزرة، في حديث لوكالة “صفا”: “حينما كنا صغارًا وكنا نجلس على شاطئ الطنطورة كان أهلنا يقولون لنا: هنا في قبر جماعي لشهداء قتلتهم إسرائيل عام الـ48، لكنهم لم يستطيعوا تحديد المكان بالضبط”.

ويضيف “ما كشفت عنه الصحيفة ليس بالجديد بالنسبة لنا كفلسطينيين، فنحن متأكدون من وقوع المجزرة، والجديد هو فيما يتعلق بدقة المكان أولًا وبأن المجزرة تأتي على لسان جنود ارتكبوها، وهذا اعتراف باحثين إسرائيليين”.

ويشير إلى ما تحدثت عنه الصحيفة من ملاحقة طالب ماجستير خلال سنوات ماضية كشف عن المجزرة، قائلًا: “هذا الباحث استعان بنفس الشهود الذين استعنت بهم في توثيق المجزرة، واعتمد على وثائق حصل عليها بشأنها”.

ويستدرك “ولكن جنود إسرائيليين رفعوا ضده محكمة، وأرغمته محكمة إسرائيلية على تغيير رسالته والظهور بأنه اعتمد على مجرد تاريخ شفوي”.

ولكن هذه المرة– يقصد الكشف عن شهادة جنود والفيلم الوثائقي الذي سيعرض- فإن البحث جاء في الأرشيفات وكشف عن أن القبر الواحد يضم 90 جثة من شهداء البلد.

ويشدد بالقول “مجرد كشف المجزرة والتطرق لها بلسان باحثين وجنود إسرائيليين هو اعتراف بهذه المجزرة التي طمسوها وبنوا فوق قبور ضحاياها محطة سيارات”.

ويشير إلى أن هناك إفادات فظيعة حول مجازر ارتكبتها “إسرائيل” لدفع أبناء البلدات لتركها، منها جلب عدد من الشبان وإعدامهم أمام أهل البلدة والطلب منهم دفنهم، حتى يروعوا البقية ويتركوا المكان.

تبعات الكشف عن المجزرة

وبشأن تأثير الكشف عن المجزرة على “إسرائيل” وتبعاتها، يقول منصور: “هي لن تسمح بأي تحقيقات أو نبش عن المقبرة، كما أننا كمؤرخين- حتى لو كانوا إسرائيليين- لن يُسمح لنا بالدخول لأرشيف إسرائيل، لأنه مغلق إلى 100 عام إلى الأمام، وهذا مكتوب في لافتة عليه، أنه مغلق حتى عام 2081، ولا أستبعد تجديد الإغلاق في حينه”.

ويوضح أن كل ما يتعلق بالمجزرة من وثائق ودلالات موجودة في الأرشيف، إلا أن ما يميز أرشيف “إسرائيل” هو أنها سبق وأن شكلت لجنة فحص مسبق عن الملفات التي قد تلحق ضرر بأمنها، والتكتم عليها وإخراجها منه.

لذلك يذهب منصور إلى القول إن “التكتم على وثائق المجازر التي ترفض إسرائيل الاعتراف بها أو الكشف عنها هو مشروع محكم البناء إسرائيليًا، حتى تحمي نفسها”.

إلا أن المؤرخ الفلسطيني يؤكد أن ذوي ضحايا المجزرة التي كُشف عنها يعرفون أبناءهم جيدًا، مضيفًا “هؤلاء قُتلوا وذويهم يعرفونهم وهم ليسوا مفقودين، فنحن لسنا بحاجة إلى إفادة إسرائيل لنتأكد من ذلك”.

ويُجزم بالقول “إن إنكار المجزرة متوقع بعد هذا الكشف وحتى لو ظهر جنود في الفيلم المنتظر، فسوف يتم الطعن في روايتهم وملاحقتهم كما تم ملاحقة باحث الماجستير، وإرغامه على التراجع عما وثقه”.

وارتكبت العصابات الصهيونية ما يزيد عن 70 مجزرة عام 1948 وهجرت ما يزيد عن 800 ألف فلسطيني من قراهم ومدنهم من أصل 1.4 مليون فلسطيني كانوا يقيمون في 1300 قرية ومدينة فلسطينية، وفق جهاز الإحصاء المركزي الفلسطيني.

صفا

Share on whatsapp
Share on facebook
Share on twitter
Share on telegram
Share on email
Share on print

رابط مختصر للمادة:

اقرأ أيضاً

Share on facebook
Facebook
Share on twitter
Twitter
Share on whatsapp
WhatsApp
Share on telegram
Telegram
Share on email
Email
Share on print
Print

رابط مختصر للمادة: