تشكيلة الحكومة اللبنانية الجديدة: كيف توزّعت الحقائب بين القوى السياسية؟

تشكيلة الحكومة اللبنانية الجديدة: كيف توزّعت الحقائب بين القوى السياسية؟

وقّع الرئيس اللبناني ميشال عون والرئيس نجيب ميقاتي، الجمعة، مراسيم تشكيل الحكومة الجديدة التي تضمّ أربعة وعشرين وزيراً يمثلون بغالبيتهم مختلف القوى السياسية مع بعض المستقلّين.

وحدّد مجلس الوزراء يوم الاثنين المقبل موعداً لانعقاد أول جلسة وزارية للحكومة الجديدة برئاسة ميقاتي.

وعلى وقعِ إعلان تشكيل الحكومة الجديدة، شهد سعر صرف الدولار، الذي تحركه اللعبة السياسية في السوق السوداء، انخفاضاً إلى حدود 16 ألف ليرة لبنانية، علماً أن الخبراء الاقتصاديين يدعون الناس لعدم بيع دولاراتهم والسقوط في الفخ، باعتبار أن الحكومة وإن تشكلت فهي لن تحصل على أي دعم مالي نقدي بانتظار برنامج عملها ومسارها.

وأكد ميقاتي في مؤتمر صحافي أن “لا ثلث معطلاً في الحكومة، ويكفينا ثلث وثلثان وثماني ثمانات، ومن يريد أن يعطل الله معه ويطلع برّا، وهو سيتحمل مسؤولية عمله”، مشدداً في المقابل على أن حكومته “ستنال ثقة تكتل لبنان القوي (يرأسه صهر رئيس الجمهورية النائب جبران باسيل)”، مع العلم أن هذه الثقة، التي كانت معلقة من جانب باسيل وتنتظر برنامج الحكومة، اعتبرت من أبرز الأسباب التي أدت إلى تأخير تشكيل الحكومة، باعتبار أن ميقاتي كان يشترط أن تنال حكومته الثقة النيابية من تكتل باسيل الذي لم يسمّه خلال استشارات التكليف.

ولم ينكر ميقاتي أن يكون بعض الوزراء من أصحاب الاختصاص ذوي انتماءات سياسية، لكنه قال “سنعمل ضمن مبدأ وطني، ولن أدع فرصة إلا وأطرق أو أفتح أبواب العالم العربي الذي نحن بحاجة إليه، وأنا متأكد أن العلاقة لم تنقطع أصلاً ولبنان ينتمي إلى العالم العربي وفخور بأشقائه الذين لن يتركوه أبداً”.

وحول ما حكي عن استياء من نادي رؤساء الحكومات السابقين بعد منح عون الثلث المعطل المبطن، وخروج صهره النائب جبران باسيل منتصرا في هذه “المعركة” بحيازته على نحو 10 وزراء مع احتساب حزب “الطاشناق” والوزير المحسوب على النائب طلال أرسلان الذي أتى بالتوافق بين عون – ميقاتي، أكد رئيس الحكومة أن “التواصل قائم مع نادي الرؤساء (يضم تمام سلام، سعد الحريري، فؤاد السنيورة إلى جانب ميقاتي) والثقة موجودة طالما نعمل تحت سقف الدستور واتفاق الطائف، في حين تعهد ميقاتي بأنه سيحرص على إجراء الانتخابات النيابية في موعدها بتاريخ 8 مايو/أيار المقبل، وكذلك الأمر بالنسبة إلى كل الاستحقاقات”.

اتهم عون بأنه نال الثلث المعطل بشكل مبطن خصوصاً في حال جمع الوزيرين المحسوبين على النائب طلال أرسلان وحزب الطاشناق

في السياق، أجرى رئيس الجمهورية ميشال عون خلوة مع الإعلاميين شارك فيها “العربي الجديد”، وقال خلالها “حصلنا على ما يجب أن نأخذه من وزراء، ولا ثلث معطلاً أو مبطناً، نحن لم نفكر به وقد جرى استخدامه للمحاربة السياسية”.

وقال عون: “هذه الحكومة هي أفضل ما توصلنا إليه، وسنعمل بالتأكيد لحل مشاكل الناس وهذه أولوية لدينا وعلينا مسؤوليات كبيرة للخروج من الأزمة”.

واتهم عون بأنه نال الثلث المعطل بشكل مبطن، خصوصاً في حال جمع الوزيرين المحسوبين على النائب طلال أرسلان وحزب الطاشناق، وهما ضمن فريق الرئيس، لكن أرسلان والطاشناق يؤكدان أنهما في تكتلين نيابيين مستقلين ولهما قراراتهما المستقلة والمنفردة، والأمر نفسه عند جمع الوزراء الذين تم الاتفاق عليهم بين الرئيسين عون وميقاتي.

الأسماء والانتماءات

وتألفت الحكومة من وزراء الداخلية بسام مولوي، الصحة العامة فراس أبيض، البيئة ناصر ياسين، الاقتصاد أمين سلام، المال يوسف خليل، الأشغال العامة علي حمية، الزراعة عباس الحاج حسن، الثقافة محمد مرتضى، العمل مصطفى بيرم، التربية عباس الحلبي، المهجرين عصام شرف الدين، الخارجية عبد الله بو حبيب، الاتصالات جوني قرم، السياحة وليد نصار، الإعلام جورج قرداحي، العدل هنري خوري، نائب رئيس الحكومة سعادة الشامي، الطاقة وليد فياض، الدفاع موريس سليم، الشؤون الاجتماعية هكتور حجار، الشباب والرياضة جورج كلاس، التنمية الإدارية نجلا رياشي، الصناعة كورك المعروف بجورج بوشكيان.

وفي قراءة سريعة للحقائب الوزارية، يقول الصحافي داود رمال، لـ”العربي الجديد”، إن “ميقاتي حاز على حقيبة الداخلية (بسام مولوي)، وحقيبة الاقتصاد (أمين سلام) توافقياً بينه وبين الرئيس عون وجاء الوزير خيارًا فرنسيًا. فيما ذهبت وزارتا المالية والثقافة (يوسف خليل ومحمد مرتضى) لفريق رئيس البرلمان نبيه بري، والعمل والأشغال العامة (مصطفى بيرم وعلي حمية) لحزب الله، أما حقيبة الزراعة (عباس الحاج حسن) فكانت توافقاً بين فريقي بري وحزب الله، وعلى صعيد حقيبة التربية (عباس حلبي) فآلت لصالح رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط، فيما حاز طلال أرسلان على حقيبة المهجرين (عصام شرف)”.

أما الوزراء المحسوبون على الرئيس عون فهم، بحسب رمال، “الخارجية (عبد الله أبو حبيب)، السياحة (وليد نصار)، العدل (هنري خوري)، الشؤون الاجتماعية (هكتور حجار)، الطاقة (وليد فياض) والدفاع (موريس سليم)”، في حين نال “تيار المردة” (برئاسة سليمان فرنجية) الاتصالات والإعلام (جورج قرداحي)، أما نائب رئيس الحكومة (سعادة الشامي) فهو محسوب على الحزب السوري القومي الاجتماعي، بينما يعتبر وزيرا الصحة (فراس الأبيض) والبيئة (ناصر ياسين) محسوبين على “تيار المستقبل” برئاسة الحريري، أما الشباب والرياضة (جورج كلاس) فهو مستقل وكان خيارا فرنسيا، والصناعة (جورج بوشكيان) للطاشناق، والتنمية الإدارية (نجلا رياشي) مستقلة وكانت خيارا فرنسيا”.

ويقول رمال إن هذه الحكومة “تنطبق عليها صفة الاختصاص، وبهذه الطريقة تكون امتثلت لأحد بنود المبادرة الفرنسية، ولو أن الجهات السياسية هي التي أسمتهم”.

ويقول المحامي علي عباس، لـ”العربي الجديد”، إن “حكومة ميقاتي لا تختلف عن حكومة حسان دياب والحكومات المتعاقبة القائمة على التحاصص والتسويات بعد صراعات وزارية، والأزمة ستستمرّ إنما مع وجوهٍ جديدة”.

ويلفت عباس إلى أن “هذه الحكومة لن تكون مؤتمنة على إنقاذ اقتصاد البلد طالما أن المنظومة السياسية ذاتها مستأثرة بالحكم والسلطة والوزارات، ولن يحصل أي إصلاح حقيقي أو استعادة للأموال المنهوبة لأن لا نوايا جدية في فتح ملفات الفساد ومحاسبة السرقات ونهب المال العام”.

ويمضي إلى القول: “نحن مقبلون على مرحلة المساعدات الاجتماعية في ظل الانهيار الاقتصادي ورفع الدعم عن المحروقات ومواد وسلع أساسية حياتية، وقد تقوم هذه الحكومة ببعض الإصلاحات الاستعراضية عن طريق اتفاقيات صندوق النقد الدولي التي أتت بشروطه، ولكن كلفتها ستكون عالية جداً على المدى البعيد في حال لم تحصل إصلاحات جذرية وتمكنّا من معرفة أين ذهبت أموال الدولة وكيف نهبت وكيف نستعيد أموال الناس من البنوك”.

ردود فعل أولية

إلى ذلك، هنّأ مصدرٌ دبلوماسي في السفارة الفرنسية في بيروت اللبنانيين بتشكيل حكومة جديدة، وأمل أن تلبي طموحات اللبنانيين الذين يرزحون تحت وطأة أسوأ ازمة اقتصادية ومعيشية تعرفها البلاد.

وقال لـ”العربي الجديد”: “تشكيل الحكومة اليوم بادرة أمل وخطوة إيجابية، لكنها تبقى غير كافية لاستئناف الدعم وانتشال لبنان من الانهيار، إذ نترقب برنامج عملها ومسارها الإصلاحي المنتظر وعدم تكرار الممارسات السابقة التي أودت بالبلاد إلى الحالة الراهنة”.

وبشأن العقوبات الفرنسية على مسؤولين لبنانيين وما إذا كانت سترفع، أكد المصدر أن “العقوبات قيد بحث متواصل، وهي تبقى رهن ممارسات السياسيين وطريقة تعاطيهم مع الأزمة والجهود الجدية والعملية التي سيبذلونها في العمل وميدانياً، وكل من يعرقل الحلول ويزيد من عجز الدولة ونهب المال العام سنكون له بالمرصاد”.

وفي مواقف السياسيين بعد تشكيل الحكومة الجديدة، قال رئيس “تيار المستقبل” سعد الحريري في تغريدة عبر “تويتر”: “أخيراً وبعد 12 شهراً من الفراغ، باتت لبلدنا حكومة. كل الدعم للرئيس ميقاتي في المهمة الحيوية لوقف الانهيار وإطلاق الإصلاحات”.

وغرد رئيس “التيار الوطني الحر” النائب جبران باسيل: “سنة تأخير للأسف كانت ستوفر على اللبنانيين كثيراً من الألم، نتأمل أن نكون تعلمنا احترام الدستور، وأنه لا يجوز الرهان على كسر أحد”. وتمنى باسيل على الحكومة الجديدة ألا تتأخر في الإصلاح، مضيفاً: “تأخرنا بما فيه الكفاية حتى ظهرت الحقيقة اليوم”.

في المقابل، يؤكد نائب رئيس “تيار المستقبل” مصطفى علوش، لـ”العربي الجديد”، أن “الرئيس عون مستعد لأن يدمر البلد ولا يفرج عن حكومة ليس قادراً على أن يسيطر عليها، وتمكن في النهاية، نتيجة العناد واختطافه البلد، من تحقيق ما أراده من ثلث معطل، وهذا ما سيظهر خلال مسار الحكومة في الفترة المقبلة، وبالأخص في موضوع الكهرباء، لأن المطالب ذاتها التي أعاقت ملف الكهرباء في فترة وزير الطاقة جبران باسيل ستظهر من جديد”.

ويشير علوش إلى أن “الفرنسيين والأوروبيين والرئيس ميقاتي أصبحوا مقتنعين بأنه يجب تشكيل حكومة نظراً للظروف الصعبة التي يمرّ بها لبنان”، لافتاً إلى أن “حكومة ميقاتي ستنال الثقة النيابية والعدد لن يكون هزيلاً”.

(العربي الجديد)

Share on whatsapp
Share on facebook
Share on twitter
Share on telegram
Share on email
Share on print

رابط مختصر للمادة:

اقرأ أيضاً

Share on facebook
Facebook
Share on twitter
Twitter
Share on whatsapp
WhatsApp
Share on telegram
Telegram
Share on email
Email
Share on print
Print

رابط مختصر للمادة: