تظاهرات لبنان تكشف تململا غير مسبوق بيئة “أمل وحزب الله”

تظاهرات لبنان تكشف تململا غير مسبوق بيئة “أمل وحزب الله”

كشفت أزمة لبنان الحالية، غضبا لم يكن ظاهرا في البيئة المؤيدة للثنائي الشيعي (حزب الله وحركة أمل)، حيث كسر أهالي الجنوب اللبناني والبقاع حاجز الخوف كما يرددون في مظاهراتهم الاحتجاجية التي لم تخل من شتائم طالت رئيس مجلس النواب نبيه بري وزوجته رنده وقيادات ونوابا ووزراء من حركة أمل وحزب الله واتهامهم بالفساد ونهب ثروات الشعب اللبناني وممارسة سياسة التهويل عبر القبضة الأمنية والمالية.

ويأتي هذا التبدل في المزاج الشعبي في ظل أزمة مالية يمر بها حزب الله، وهي لم تعد خافية رغم محاولة تخفيف وقعها من قبل قيادة الحزب، وجاءت العقوبات الأميركية المتتالية من قبل إدارة البيت الأبيض ضد منابع التمويل الفردية والمؤسساتية للحزب المدعوم من إيران لتطرح التساؤلات عن حجم وتداعيات تلك العقوبات على مؤسسات الحزب المختلفة.

وما ظهر جليا منذ عام هو تراجع الخدمات التي تقدمها مؤسسات حزب الله الاجتماعية، وبالتالي دخول آلاف العائلات في دائرة أزمة معيشية وسط عجز الجرعات الإنعاشية في إيقاف التدهور المعيشي والحياتي لدى أهالي الجنوب والبقاع تحديدا مع تفاقم الأزمة المالية بشكل عام في لبنان.

وتحدث الكاتب والمحلل السياسي علي الأمين عن “إثبات الجنوب والبقاع لانتمائه الى الفضاء اللبناني لا بل إنه احتل حيزا كبيرا من المشهد الغاضب المتصل على امتداد الخارطة اللبنانية”، مثمنا في تصريحات لـ”عربي21″ ما وصفه بـ”الجرأة الكبيرة التي عبر عنها الأهالي في المنطقتين من خلال كسر الحواجز والموانع التي فرضتها سابقا القيود المختلفة، وآخرها الانتخابات النيابية الفرعية قبل شهرين في مدينة صور حيث كان الحديث عن أي خروج من عباءة الثنائي حركة أمل وحزب الله تعد ضربا من الخيال وهذا ما تمت ترجمته بقوز مرشح الحزب بالتزكية”.

وعن أسباب كسر حاجز الصمت لدى الجنوبيين والبقاعيين، قال: “الأسباب عديدة وتتعلق بعوامل سياسية واجتماعية وثقافية، لكن أهمها يكمن في وصول الشعور لدى المواطنين بالإهانة إلى ذروته بفعل تصرفات السلطة الممثلة في وزراء ونواب الثنائي”، مضيفا أن “النظرة إلى الأهالي لا تتعدى مجرد كونهم أرقاما تتبع لحزب الله وحركة أمل في تناقض واضح وصريح مع تاريخ الجنوب المعتاد على التنوع السياسي والاجتماعي”.

 وتحدث الأمين عن “الدخول في مرحلة جديدة يعبر خلالها الناس عن آرائهم وغضبهم لا بل إنهم قد ذهبوا بعيدا من خلال التصويب مباشرة على زعماء الثنائي ومنهم رئيس مجلس النواب نبيه بري ما يدلل بشكل واضح على خروج المواطنين الجنوبيين من القمقم حيث لم تعد تنطلي عليهم الذرائع والفزاعات والحديث عن مؤامرات أميركية وتهديدات إسرائيلية ومخاطر التنظيمات الأصولية”.

وأشار إلى وجود حالة ارتباك لدى حزب الله وحركة أمل، وقال: “هم عاجزون عن توصيف الغليان الشعبي ضدهم من قبل جماهير جائعة ومقهورة، حتى إن كلمة أمين عام حزب الله حسن نصر الله التي شدد فيها على بقاء العهد والحكومة لم تغير في واقع الشارع الشيعي شيئا على خلاف ما كان متوقعا من قبلهم بأنها ستكون بمثابة فتوى ملزمة للعودة إلى المنازل وترك الساحات”.

وحول مدى تأثير العقوبات الأميركية على حزب الله ومؤسساته، قال: “العقوبات على الحزب وإيران خففت بالتأكيد من القدرة المالية للحزب، لكن ليست هي وحدها السبب في تراجع الولاء الشعبي له”، وأضاف: “أدى الإخفاق في إدارة الشأن العام والإيغال في الصفقات المشبوهة الى حالة الغضب والاحتقان في الشارع الجنوبي مع توقف الدعم المالي الذي كان يحصل عليه حزب الله خارجيا”.

ولفت الى أن “حزب الله شارك في صفقات الحكومة باعتباره المسيطر عليها ما أدى إلى وصول البلد الى حافة الهاوية”.

ووصف التظاهرات في لبنان بأنها “معركة استعادة الدولة وقد فرض المتظاهرون واقعا لا يمكن إنهاؤه بمواجهة أو قمع حتى لو نجحوا في ذلك جزئيا”.

وقلل الكاتب السياسي الدكتور عماد شمعون من أهمية “الحراكات في الجنوب اللبناني بالنسبة لحزب الله”، وقال في تصريحات لـ”عربي 21”: “الرابح الأول مما حصل في الجنوب هو حزب الله على اعتبار أن المظاهرات استهدفت بشكل مباشر رموز حركة أمل وفي مقدمهم رئيسها نبيه بري الذي مزقت صوره في الوقت الذي هاجم فيه متظاهرون مصالح عائدة لقيادات في الحركة، بينما لم تتعرض أي صورة أو علم أو مؤسسة تابعة للحزب لأي اعتداء”.

واستبعد شمعون الحديث عن سحب البساط من تحت القيادة السياسية في لبنان، قائلا: “هناك حضور يساري يحاول اعتلاء موجة التظاهرات بما يدلل عن وجود غايات خاصة تقودها الحركة الشيوعية في لبنان، ولا نستبعد حضور أجندات أجنبية في اللعبة الحاصلة حاليا في ساحات لبنان”.

وتحدث شمعون عن صعوبة إزاحة الطبقة السياسية كما دعا المتظاهرون، لأن من يمتلك السلاح في لبنان هما طرفان يرفضان تعديل الوضع الراهن، وأكد أن “حزب الله وقيادة الحيش اللبناني لن يقبلا بانقلاب في السلطة، وبالتالي فإنه لن يستطيع أي طرف العبث في لعبة تغيير الواقع الحالي في لبنان”.

ورأى أن ورقة الحريري الإصلاحية قد تشكل “مخرجا مقبولا ينهي احتقان الشارع وتفتح الباب أمام خطوات إصلاحية جدية في البلاد تعطي ثقة للمواطن وللمجتمع الدولي وللدول المانحة في مؤتمر سيدر”.

Share on whatsapp
Share on facebook
Share on twitter
Share on telegram
Share on email
Share on print

رابط مختصر للمادة:

اقرأ أيضاً

Share on facebook
Facebook
Share on twitter
Twitter
Share on whatsapp
WhatsApp
Share on telegram
Telegram
Share on email
Email
Share on print
Print

رابط مختصر للمادة: