تقارير تكشف انهيار الثقة بحكومة تواصل التأزيم.. وحال المواطن:”اللهمّ هجرة”

تقارير تكشف انهيار الثقة بحكومة تواصل التأزيم.. وحال المواطن:”اللهمّ هجرة”

عمّان – البوصلة

لن يرفّ للحكومة جفنٌ ولن تهتز في جسد رئيسها شعرةٌ خوفًا ممّا أظهرته “التقارير الثلاثة” التي أطلقها مركز راصد، ومركز الدراسات الإستراتيجية، والمركز الوطني لحقوق الإنسان، فلم تعتد الحكومات ولا رؤساؤها أن تتم الإطاحة بهم بعد انكشاف “انهيار الثقة الشعبية” بهم؛ بل أكثر من ذلك تجد رؤساء الحكومات “يتبجحون” بأنهم لا يبالون بقصة “الشعبية” تلك فهي لا تمنح منصبًا ولا تحرم منه، ولا داعي للانشغال بها ولا بالتقارير التي تؤشر على “غيابها وانهيارها”، فيما حال المواطن الأردني الذي يعاني من “إحباطه المزمن”: “اللهم هجرة”.

وفي الوقت الذي يطارد فيه رئيس الحكومة وينشغل بحبس مواطن على “قضية رأي”، متجاهلاً كل “السخط الشعبيّ” على أداء الحكومة سياسيا واقتصاديا واجتماعيًا وتعمّق فجوة الثقة بل وانهيارها وصولا إلى حالة “خوف الأردنيين على أمنهم الاجتماعي”، وترقبهم لمحاولات العبث بـ”الهوية الوطنية” وإدماج شعاراتٍ براقة تحت لافتات هويات جامعة وجندرية وغيرها استجابة لرضوخ “المتآمرين” على الأردن وشعبه، تسير الأمور بحسب التقارير سابقة الذكر نحو مزيدٍ من الاحتقان المجتمعي الأمر الذي لا يمكن التكهن بعواقبه، بحسب مراقبين.

إحباط تراكمي عابر للحكومات

ويوصف الطبيب والمحلل السياسي الدكتور منذر الحوارات في تصريحاته لـ “البوصلة” الحالة الأردنية بأنها “إحباطٌ تراكميٌ” عابرٌ للحكومات، رفعت من تزايد حالة الغضب في الشارع الأردني خلال العقد الأخير.

ويؤكد الحوارات أن “العنوان الرئيسي لكل التقارير تعبر في مجملها عن حالة من الإحباط المجتمعي يتراكم بشكل سنوي تقريبً، مترافقًا مع ارتفاع منسوب الغضب الشعبي على الحكومات المتعاقبة”، منوهًا إلى أن النسب والأرقام في انعدام الثقة بالحكومات واحدة بدليل أنّ ما يتغير فقط شخص رئيس الحكومة لكن السياسة واحدة.

وأضاف أن “المواطن لم يرد من الدولة سوى أشياء بسيطة تتمثل في تحسن وضعه الصحي والاقتصادي والخدماتي وتوفير عيش كريم له، لكنّه عندما لا يجد أبسط الأشياء والحقوق متوفرة له على أرض الواقع، فإن هذا يعمّق لديه الإحساس بالظلم والإحباط وينعكس على نفسه وسلوكه”.

وتابع الحوارات بالقول: “ولذلك نلاحظ أن الثقة بالمستقبل تتراجع، ونسبة الأمل لدى المواطن تتراجع، ويصبح الإحساس بأن البلد يسير باتجاهٍ خاطئ هاجسًا مخيفًا يرعب الأردنيين”.

وأكد الحوارات أن الحكومات المتعاقبة تتحمّل المسؤولية عن هذه الأوضاع، مشددًا على أن “هذا الأمر لا يخص حكومة بعينها نهج سياسي اقتصادي كامل يقود المجتمع باتجاه غير مرئي وغير معلوم مما يشكل مسيرة متصاعدة من الإحباط والإحساس في الإخفاق”.

وحذر من أن “تراكم تلك المشاعر السلبية في نفوس الأردنيين يمكن على الأقل أن يترجم نفسه على شكل سلوك على الأرض لا يمكن التكهن به”، واستدرك قائلاً: “ولكن هذا السلوك باعتقادي حينما يعبر عن نفسه يمكن أن لا تستطيع الحكومة السيطرة عليه وقد لا تستطيع احتواءه وهذا سيكون له عواقب وخيمة جدًا”.

وعبّر عن أسفه من أن “من يديرون دفة السياسة والاقتصاد والاجتماع في بلدنا يفتقرون للحصافة”، مؤكدًا في الوقت ذاته على رغبة الشارع الأردني بأن يرى حكومة بلده بإمكانياتها المتواضعة والبسيطة تحارب الإهمال وتحارب حالة التسيب والفساد الإداري والمالي.

وتابع الحوارات حديثه بالقول: “من يديرون البلد يريدن أن يحظوا بكل شيء ويريدون من المجتمع الأردني أن يتحمل أعباء ونتائج أخطائهم، الناتج عن سوء إدارة وفساد بطريقة عجيبة كونت مخلوقًا مشوهًا، وتسبب بهذه الحالة المشوهة في المجتمع والدولة”.

وأكد أن المواطن يصبر ويعض على جرحه ولكن حينما يجد حالات الثراء المنتشرة في البلد بغير وجه حق سوى أن ذلك كان جزءًا من المنظومة السياسية في البلد وفي المقابل يجد نفسه يتراجع، منوهًا إلى أن هذه الأوضاع تلخص صراعا وحالة من الإحباط وحالة من عدم الثقة بالدولة والوطن وكل هذه التعابير، الأمر الذي سيجعل المواطن الأردني في النهاية يسعى لحل مشاكله على طريقته.

وانتقد الحوارات الحلول التي تقدمها الدولة اليوم لتخيف حالة الاحتقان والغضب، فجاءت حلولها على طريقة “مباركة الهيمنة على الشعب والشارع، وتغيير القوانين بحسب مزاج نخب اختارتها الدولة بعناية لتتناسب مع تريده الدولة لا مع ما يحلم ويسعى له المواطن الأردني.

وأشار إلى أن الدول التي تريد الارتقاء بنفسها والحفاظ على مكتسباتها تذهب باتجاه إصلاح سياسي يستوعب حالات الغضب عبر انتخابات حقيقية معبرة حرة ونزيهة يكون فيها الشعب صاحب القرار؛ ولكن ما حصل اليوم ما هو إلا حالة من استمرار الوصاية على المجتمع، ولذلك نجد اليوم طرح مفاهيم لا داعي لطرحها مثل الهوية الجامعة، التي هي بالأساس مظهر لتشكل هوة عميقة بين الدولة ومواطنها.

حال المواطن الأردني: “اللهم هجرة”  

وأكد الحوارات أن الأزمة التي نعيشها اليوم لم تعد تقف على حكومة، بل إنها تجاوزتها كثيرًا إلى “علاقة الإنسان الأردني بدولته”.

وعبر عن أسفه لحال كل مواطن أردني تتحدث له اليوم، فتجد لسان حاله ومقاله: “اللهم هجرة” فأصبحت الكلمة السائدة، وهذا يعبر عن فجوة عميقة بين المواطن والدولة وهذا أخطر ما في الأمر.

وحذر  الحوارات من محاولة إعادة تشكيل الهوية بصورة مصطنعة لتثبيت مفاهيم تريدها الحكومة، مشددًا على أن “هذا سيعمّق الفجوة مرة أخرى”.

وقال: للأسف أعتذر أني متشائم، ولكن هذا ما تقوله وتعبر عنه بكل صدق الأرقام في التقارير، وهي تحكي حالة المواطن الصابر ولا يريد أن يخرب بلده.

وأشار إلى أن واحدة من المعايير التي قيل إنها جيدة “الأمن”، ولكن الأمن الجزء الأساسي منه صنعه الإنسان الأردني الذي يريد الحفاظ على بلده واستقراره ولم تجره ظروفه الصعبة للنزول إلى الشارع حتى الآن، على حد تعبيره.

واستدرك الحوارات بالقول: “لكن حينما يطفح الكيل أنا باعتقادي المواطن الأردني لن يجد أمامه سبيلاً إلا أن يصرخ في الشارع ليحاول أن يحقق مطالبه على الأقل المطالب البسيطة التي أصبحت بعيدة المتناول”.

وأوضح أنه “حينما يطلب الإنسان فقط عيشًا كريمًا، وتتحدث الحكومة عن الاستثمار، ولكنها في الوقت ذاته تضع العوائق أمام كل مستثمر يريد الدخول للبلد تريد الحكومة مقاسمته رزقه، ويصبحوا سماسرة عليه، كيف سيأتي للاستثمار في البلد.

وتابع بالقول: “بالتالي هم يقطعون على المواطن الفقير الفرصتين لا سيما وأن الدولة ليس لديها الوظائف وفرصة بسبب فسادهم حين يحجم المستثمر ويهجر البلد إلى مكان آخر فيه ثقة، وبالتالي يحرموه أن يكون عاملاً أو موظفًا لدى هذا المستثمر”.

وختم الحوارات حديثه لـ”البوصلة” بالقول: هم يريدون الاستحواذ على كل شيء ويريدوا من المواطن أن يدفع ثمن كل شيء ولا يأخذ أي شيء”.

ويبقى السؤال الجوهري بعد التقارير التي كشفت “انهيار” الثقة الشعبية بالحكومة، فيما أورده الكاتب ماهر أبو طير في مقالته بصحيفة الغد: “كذبوا الكذبة وصدقوها، أي أننا لا نبحث عن شعبية، فلماذا تبقى اي حكومة أو رئيسها، إذا كانت بلا شعبية”.

والأخطر من ذلك ما أورده الكاتب بسام البدارين في مقالته بصحيفة القدس العربي في معرض انتقاده لسلوك الحكومة وطريقة تصرفاتها وتعييناتها للمناصب العليا رغم حالة الاحتقان والغضب الشديد عليها، حين قال: “السلطات الرسمية والبيروقراطية لا تمانع التأزيم، لا بل لا تمانع التفخيخ عندما يتعلق الأمر باحتقان الرأي العام”.

(البوصلة)

Share on whatsapp
Share on facebook
Share on twitter
Share on telegram
Share on email
Share on print

رابط مختصر للمادة:

اقرأ أيضاً

Share on facebook
Facebook
Share on twitter
Twitter
Share on whatsapp
WhatsApp
Share on telegram
Telegram
Share on email
Email
Share on print
Print

رابط مختصر للمادة: