خالد الجهني
Share on facebook
Facebook
Share on twitter
Twitter
Share on whatsapp
WhatsApp
Share on email
Email
Share on telegram
Telegram

رابط مختصر للمادة:

تلبيس إبليس فيما قاله السديس

خالد الجهني
Share on facebook
Share on twitter
Share on whatsapp
Share on email
Share on telegram

رابط مختصر للمادة:

يقول ابن الجوزي في مقدمة كتابه الشهير ” تلبيس إبليس ”  ( واعلم أن الأنبياء جائوا بالبيان الكافي، وقابلوا الأمراض بالدواء الشافي، وتوافقوا على منهاج لم يختلف، فأقبل الشيطان يخلط بالبيان شُبها، وبالدواء سُما، وبالسبيل الواضح جردا مضلا، وما زال يلعب بالعقول … )

ويقول القرطبي في تفسير قول الله تعالى ( ولا تلبسوا الحق بالباطل وتكتموا الحق وأنتم تعلمون)  اللبس: ” الخلط لبست عليه الأمر ألبسه،  إذا مزجت بينه بمشكله، وحقه بباطله “

وفي معاجم اللغة لبَس الأمرَ عليه : خلَطه وعمّاه حتّى لا يعرف حقيقتَه، لبَّس عليه الحقائقَ: خلَّطها وستر حقيقتَها وأظهر خِلافَها، جعلها غير واضحة ..

سقت هذه المقدمة استهلالا للحديث عما أثارته الخطبة التي ألقاها خطيب وإمام المسجد الحرام عبد الرحمن السديس من جدل بين الناس، وما تركته من مفاجأة وصدمة لدى البعض،وتوقع لدى البعض الآخر، كل حسب مشربه السياسي، والفقهي، وموقفه من الخلافات بين الدول العربية، ونظرته تجاه التطبيع مع العدو الصهيوني.

كثيرا ما اشتكى الناس انفصام الخطباء في المساجد عن واقع الناس، فلا يتناولون مواضيع الساعة، ولا هموم الناس، لكن منبر المسجد الحرام ليس كأي منبر، فالناس تنظر له باعتباره منبر أمة، لا منبر بقعة معينة، وإن كان الناس في دولها وأحيائها تطالب خطباء مساجدها بتناول ما يشغل هم مجتمعها، فإن مجموع الأمة ينتظر أن يتناول خطيب المسجد الحرام هم الأمة وما تواجهه، وما يستهدفها.

في أغلب الأحيان لم يكن منبر المسجد الحرام مواكبا لتطلعات الأمة فيما يلقى عليه من خطب، وكثيرا ما عقب الناس خارج السعودية على ذلك، خاصة في أوقات الحج، وشهر رمضان، وهما الموسمان اللذان يجتمع فيهما المسلمون أكثر من أي وقت خلال العام، مما يفترض فيه أن تكون الخطبة بيانا عاما لكل المسلمين.

الجديد الذي ابتدعه خطيب المسجد الحرام السديس ليس الانفصام عن الواقع فحسب، بل هو مصادمة الخطبة لشعور المسلمين، ولي عنق الخطاب لخدمة سياسة الحاكمين، في بلد بات يتبنى حاليا خطابا ليبراليا يفصل السياسة عن الدين !!

وكأي خطاب لا يمكن فصله عن سياق الأحداث القائمة، لا يمكن الفصل بين خطبة السديس والحدث الأبرز الذي مرت به المنطقة، والذي تمثل باتفاق اماراتي مع العدو الصهيوني، وفتح أجواء السعودية أمام الطيران الصهيوني، وما يدور حول خطوات مقبلة أكثر عمقا في العلاقات بين دول خليجية والعدو الصهيوني.

لكن غفل الخطيب وهو يورد أمثلة تعامل النبي عليه الصلاة والسلام مع غير المسلمين أن الأمثلة التي ذكرها وإن كانت غير قائمة إلى حد كبير في السعودية حاليا، إلا أنها قائمة في أغلب الدول العربية، فالتعامل اليومي والطبيعي قائم بين المسلمين وغير المسلمين، ففي دول عربية عدة يوجد يهود، ويوجد مسيحيين، ويوجد وثنيين، لكنهم مواطنين منها، تحت ولايتها، هذا ما أغفله السديس وهو يذكر وقائع السيرة النبوية في ذلك، والتي قاسها على حال غير حالها.

السديس لم ينقلب على نفسه فقط، وخطبه القديمة وأدعيته المبكية للأقصى والتي عاد الناس لأرشيفها، تثبت أنه يدين نفسه بلسانه، وانقلب على مفاهيم شرعية، وشابه في خطبته خطاب ابن سلول حول يهود قينقاع مع النبي عليه الصلاة والسلام، يوم خاف عليهم القتل.

الوقائع التي ذكرها السديس حقيقية، لكنه انتزعها من السياق، فلماذا تجاهل السديس ذكر تصنيف غير المسلم عند المسلمين، وأن هناك فرقا في معاملة المُعاهد، عن معاملة المحارب، عن معاملة المُستأمَن؟!! ولماذا ذكر الأمثلة الخاصة بمعاملة غير المسلم الذي يعيش داخل الدولة وتحت ولايتها في سياق الحديث عن دولة محتلة وصهاينة مغتصبين؟!!! هل جهل السديس الفقه الاسلامي في ذلك ؟!!

لماذا تجنب ذكر إجلاء بني قينقاع وقتل بني قريظة وحرب خيبر ؟!!!!

لماذا تجاوز عن حقيقة أن كل القبائل اليهودية في الحجاز كانت ضمن إطار الدولة، ولم تكن كيانات وافدة محتلة غاصبة

هنا يبرز خطاب تلبيس الحق بالباطل، وكتمان الحق، وهوى السياسة والحاكم، الأمر الذي لا يليق بعالم.

التطبيع القادم مع دول من الخليج العربي هو تيار جارف، يراد منه قسر الشعوب على ذلك قسرا، فالوعي الشعبي الذي واجه الصهاينة لدى الأردن ومصر وفلسطين يراد كسره، فلا زال الصهاينة في نظر الناس في الأردن ومصر وفلسطين هم العدو الأول رغم عقود من معاهدات السلام مع حكومات الاردن ومصر.

كان الواجب على الشيخ أن يبين أن التطبيع مصطلح سياسي يقابله مصطلح موالاة أعداء الأمة في الشريعة الإسلامية، كنا ننتظر كلمة حق أمام حال سياسي جائر، كلمة حق لو نطقها لعده الناس رجلا بأمة، لكنه انسلخ من الآيات وأخلد إلى الأرض، ورضي أن يكون في صف من في قلوبهم مرض ويخشون أن تصيبهم دائرة.

كان الواجب على الشيخ أن يقول بيانا في حكم من احتل المسجد الأقصى وقتل أهلنا في فلسطين، ويغتال كل من يقاومه خارجها، وبيان حكم بيع بضائعهم في أسواق المسلمين، وحكم تسهيل تنقلهم فيها، وكل من يسهل لهم ذلك.

نؤمن أن فلسطين المحتلة أرض مسلمة، جزء من أرض البركة بلاد الشام، محضن الطائفة المنصورة التي لا يضرها من خذلها، وعودتها وعد من الله ووعد من محمد عليه الصلاة والسلام.

ونثق أن الشعوب وعت الأحداث، وتجلت أمامها الحقائق، ورأت انحراف السياسات ماثلا بوضوح عن بوصلة الشريعة ومصالح الأمة، لصالح الترويج لموالاة أعدائها،  ولن يخفى على الشعوب ولن يلعب بعقولها تلبيس إبليس فيما قاله السديس .

Share on facebook
Share on twitter
Share on whatsapp
Share on email
Share on telegram

رابط مختصر للمادة:

Related Posts