حكومة “الخصاونة” أمام اختبار استعادة الثقة الشعبية

حكومة “الخصاونة” أمام اختبار استعادة الثقة الشعبية

تواجه الحكومة الجديدة، برئاسة بشر الخصاونة، تحديا لاستعادة الثقة الشعبية، بعدما سادت حالة من “الإحباط” لدى الكثير من الأردنيين، لاحتوائها على أسماء مكررة، وفي ظل ظروف صعبة تمر بها البلاد أبرزها تداعيات فيروس كورونا.

وفي 12 أكتوبر/ تشرين الأول الحالي، أدت الحكومة الجديدة اليمين الدستورية أمام الملك عبد الله الثاني، وضمت 32 وزيرا، من ضمنهم رئيس الوزراء (يحمل أيضا حقيبة الدفاع)، و18 وزيرا سابقا (8 من الحكومة السابقة)، و13 وزيرا جديدا.

اختيار الخصاونة خلفا لعمر الرزاز، بعد استقالة الأخير إثر استحقاق دستوري بحل البرلمان، رسالة واضحة بأن عاهل البلاد حريص على تطبيق رؤيته وتوجيهاته بأدق تفاصيلها، لمعالجة أبرز الملفات والقضايا.

ويتجلى ذلك في كون رئيس الوزراء الجديد كان مستشارا للملك عبد الله الثاني، ويدرك بحكم موقعه السابق ما هو مطلوب منه.

ويعد الخصاونة، رئيس الوزراء الـ13 في عهد الملك عبد الله الثاني، منذ تولي الأخير لسلطاته الدستورية في 7 فبراير/ شباط 1999. ‎

وفي استطلاع آراء العديد من السياسيين والأكاديميين، إضافة لعدد من المواطنين، فيما يتعلق بقدرة حكومة الخصاونة على تلبية الطموحات، وأبرز الملفات التي لا بد من التركيز عليها، فضلا عن واقع التشكيل الوزاري.

وركز معظمهم على أن المسؤولية الملقاة على عاتق الحكومة الجديدة كبيرة جدا، لكثرة ملفاتها، بينما اعتبر البعض أنها لن تغير شيئا، فيما وجه آخرون نصحهم، لتحقيق نتائج مثمرة.

مهمة صعبة

وقال أستاذ العلوم السياسية بالجامعة الألمانية الأردنية، بدر الماضي: “جاءت حكومة الخصاونة في ظروف صحية واقتصادية وسياسية صعبة جدا على المستوى الوطني والإقليمي والدولي”.

وأضاف الماضي، أنه “بالنسبة لأعضاء الحكومة، فقد اختار الرئيس شخوص وذوات لهم احترام وتقدير مجتمعي في أغلبهم، ولما يتمتع به هؤلاء من خبرات سواء في القطاعين العام أو الخاص”.

وأفاد تعليقا على انتقاد تشكيلة الخصاونة: “من غير المتوقع أن يتجاوز أي تشكيل حكومي النقد الشعبي”، مشيرا في الوقت ذاته، إلى أن تلك الانتقادات “تكون قائمة في بعض الأحيان على وقائع صحيحة وشائعات بلا أسس حقيقية في أحيان كثيرة”.

وأردف: “مهام الحكومة ليست بالسهلة، وعلى رأسها، إعادة التموضع، وهيكلة أسس سليمة لعلاقة قائمة على الثقة المتبادلة مع الشعب الأردني، خاصة وأنها كادت أن تختفي لصالح عدم الثقة بالدولة بشكل عام”.

وتابع: “جائحة كورونا ستشكل ضغوطات كبيرة جدا على قرارات الحكومة في الأبعاد الاقتصادية والاجتماعية”، داعيا إلى “التوازن بين الضرورة في الحفاظ على الصحة العامة والتدفقات الاقتصادية من استيراد وتصدير وسياحة واستثمار وغيرها”.

وتعرض الأردن لضغوط كبيرة، جراء أزمة تفشي كورونا، أدت لانكماش اقتصادي وتراجع الدخل السياحي والحوالات المالية، وارتفاع معدلات البطالة، وغيرها من الانعكاسات الأخرى.

ووفق آخر حصيلة رسمية (مساء الأحد)، بلغت إصابات كورونا في الأردن، 37.573، بينها 345 وفيات، و7.317 حالات تعاف.

أكاديميون إلى جانب الحكومة

أما نائب رئيس جامعة اليرموك السابق، أحمد العجلوني، شدد على تفعيل مفهوم “التشاركية” بين الحكومة والأكاديميين، عبر الاستفادة من خبراتهم العلمية في معالجة الكثير من المشاكل وإيجاد الحلول المناسبة لها.

وأوضح العجلوني: “كثير من أكاديميينا لديهم تجارب علمية مميزة في دول مختلفة، لذا لا بد من الاستعانة بهم، للاستئناس والاسترشاد بآرائهم، ولتحقيق أكبر درجة إيجابية من أي خطة تنوي الحكومة تطبيقها”.

وأكد قائلا: “لدينا خبرات علمية وأكاديمية مميزة يشهد لها العالم، وعلى الحكومات أن تدرك بأن التشاور معهم، دون الاقتصار على الدور الرسمي للوزراء، سيزيد من فرص الوصول إلى أنجع السبل في تحقيق النهضة الوطنية”.

الاستحقاق البرلماني

بدوره، ذكر عامر بني عامر، مدير مركز “راصد” المعني بمتابعة البرلمان والأمور المتعلقة به، أن “إنجاح الانتخابات النيابية المقبلة، بمصداقية وشفافية، سيكون هو العلامة الفارقة في مسيرة حكومة الخصاونة”.

وأفاد عامر، بأن “العديد من الانتخابات تعرضت نتائجها للتشكيك، لذا فالمطلوب من الحكومة الجديدة تذليل كل الصعاب أمام هذا الاستحقاق، وأن تثبت للشارع جديتها في تحقيق المساواة والعدالة، ونزاهتها”.

واستطرد: “كما يجب على الحكومة غلق أبواب التشكيك في وجه المتربصين، والحفاظ على أمن العملية الانتخابية، كعلامة من علامات جدية الحكومة، لتحقيق نزاهة العملية الانتخابية”.

وفي رده على كتاب تكليف الملك له برئاسة الحكومة (7 أكتوبر)، قال الخصاونة: “ستكون الحكومة السند والداعم للهيئة المستقلة للانتخاب لإدارة الانتخابات النيابية القادمة والإشراف عليها، واضعين كل الإمكانات الحكومية لإنجاحها”.

وأضاف وقتها: “والسعي لأن تكون انتخابات نزيهة وعادلة وشفافة متخذين جميع الإجراءات اللازمة لحماية صحة المواطنين من فيروس كورونا أثناء مراحل الإعداد للانتخابات ويوم الاقتراع”.

وكان الملك، قد دعا في يوليو/ تموز الماضي، إلى إجراء الانتخابات النيابية، التي حددت الهيئة المستقلة للانتخابات العاشر من نوفمبر/ تشرين الثاني موعدا لها.

وتجرى الانتخابات البرلمانية ضمن قانون القوائم، الذي جرى إقراره قبل الانتخابات الأخيرة عام 2016، عوضا عن قانون “الصوت الواحد”.

وحسب ما أعلنته الهيئة، بلغت أعداد القوائم النهائية 294، بواقع 1703 مترشحا، يتنافسون على مقاعد مجلس النواب (الغرفة الأولى للبرلمان) وعددها 130.

وفي ظل تزايد وتيرة تفشي كورونا بالمملكة، أعلنت الهيئة في تصريحات سابقة، أن تأجيل الاستحقاق البرلماني “خيار وارد”، لكن “القرار بيد الملك”.‎

تغيير النهج

عضو مجلس النواب السابق، صداح الحباشنة، المعروف بمعارضته لسياسات الحكومة، ذكر أن المطلوب من الوزارة الجديدة هو “إسقاط نهج الجباية الذي اتبعته حكومات سابقة”.

ومضى قائلا: “لا يعنيني شخص رئيس الوزراء ومن يكون، ما يهمنا هو النهج المتبع ومدى الفائدة التي ستعود على المواطن”.

الإعلامي حسام غرايبة، أفاد بأنه “لا هذه الحكومة ولا أي حكومة يتم تشكيلها بهذه الطريقة يمكنها أن تستعيد ثقة الشارع كاملة إلا بالمزيد من العمل والشراكة الحقيقية مع الأحزاب والنقابات ومؤسسات المجتمع المدني”.

وأردف: “أعتقد أن ضعف الثقة المتولدة بين أفراد المجتمع الأردني تجاه الحكومات، جاء إثر ممارسات طويلة، امتدت لأكثر من ربع قرن، شعر فيها المواطن بأنه ليس شريكا في صناعة القرار السياسي ولا الاقتصادي”.

واستطرد: “عندما أفاق المواطن الأردني، وجد أن بلده غارقة في الدين”.

وارتفع إجمالي الدين العام (الداخلي والخارجي) المستحق على الأردن نهاية يوليو/ تموز الماضي، إلى 33.4 مليار دينار (47.09 مليار دولار)، صعودا من 28.24 مليار دينار (39.81 مليار دولار) على أساس سنوي.

انتهى زمن شراء الولاءات

كما ذكر الغرايبة: “كانت ولاءات الناس تشترى بالأموال والأعطيات، واليوم عجزت الدولة عن الاستمرار في ذات النهج، ولذلك فإن الحل يكمن بتغيير قواعد اللعبة بحيث يكون المواطن شريك أساسي في صناعة قراره”.

وأوضح أن “رئيس الوزراء الأردني، مهما كانت شخصيته، يصطدم بالواقع، ويجد نفسه مضطرا لإرضاء جهات مختلفة، ما يحد من قدرته على العمل بجد واجتهاد لصالح المواطنين”.

واعتبر أن تكرار الوزراء في حكومة الخصاونة “ليس إشكالية (..) ما يهمني أن تعمل الحكومة بانسجام وكفاءة”.

واستطرد: “الحكومة تأتي في ظروف غاية في الصعوبة والدقة (محليا وخارجيا)، كلها تحديات كبيرة، ومهما كان الإنجاز سيكون متواضعا في ظل ظرف ضاغط، فضلا عن جائحة كورونا”.

وعن استقطاب عدد من الوزراء عارضوا سياسات الحكومات السابقة، اعتبر ذات المتحدث، أن السبب في ذلك هو “إظهار مدى قدرتهم على الإنجاز بدلا من الانتقاد، وأيضا ارتباط بعضهم برموز وطنية لتخفيف حالة السخط لدى الشارع الأردني”.

(الأناضول)

Share on whatsapp
Share on facebook
Share on twitter
Share on telegram
Share on email
Share on print

رابط مختصر للمادة:

اقرأ أيضاً

Share on facebook
Facebook
Share on twitter
Twitter
Share on whatsapp
WhatsApp
Share on telegram
Telegram
Share on email
Email
Share on print
Print

رابط مختصر للمادة: