خبراء: هكذا يمكن تفعيل دور ديوان المحاسبة في محاربة الفساد

خبراء: هكذا يمكن تفعيل دور ديوان المحاسبة في محاربة الفساد

الخبير الإستراتيجي د. منذر الحوارات لـ “البوصلة“:

تقارير ديوان المحاسبة ترصد خللًا بنيويًا في آليات المحاسبة في الدولة

يجب أن يكون ديوان المحاسبة مستقلاً ويتبع للقضاء مباشرة

المأزق المالي للدولة يتعمّق وتقرير ديوان المحاسبة يدق جرس الإنذار

الخبير الاقتصادي محمد البشير لـ “البوصلة“:

ديوان المحاسبة جهازٌ بالغ الأهمية لكنه يتعرض للتغوّل كما باقي أجهزة الدولة

يجب تطوير آلية عمل ديوان المحاسبة بالرقابة المسبقة لتحقيق السرعة ومواكبة الزمن

الأردنيون لا يأخذون تقارير الديوان على محمل الجد بسبب الانطباع العام عن عمله

عمان – رائد الحساسنة

أكد خبراء في تصريحاتٍ إلى “البوصلة” أن عمل ديوان المحاسبة والتقارير السنوية الصادرة عنه بالغة الأهميّة، ولكن بعد تحقيق شروط الاستقلالية التامّة عن الحكومة ومواكبة السرعة والزمن لمنع وقوع المخالفات وكشفها سريعًا وتحويلها للقضاء لمحاسبة المتورطين فيها.

وطالبوا بضرورة منح ديوان المحاسبة الاستقلالية التامّة عن الحكومة وأجهزتها والسماح له بالمراقبة على المصروفات الحكومية الكبيرة التي تزيد فيها الفاتورة الواحدة عن 50 ألف دينار أو 100 ألف دينار وذلك لمنع الفساد قبل وقوعه.

وشدّدوا على أن منح الضابطة العدلية لديوان المحاسبة لن يقدم أو يؤخر في عمل الديوان فضلاً عن أنه سيوجد رؤوس متعددة في تنفيذ القانون الأمر الذي من شأنه أن يوجد تضاربًا بين جهات متعددة؛ محذرين من خطورة هذه الخطوة لا سيما وأنها يمكن أن توجد جهازًا يتنمّر على باقي أجهزة الدولة في لحظة من اللحظات ويزيد من تكبيل الناس، فيما القضاء هو الفيصل في النهاية للحكم بجميع القضايا التي تحوّل له.

استقلالية ديوان المحاسبة شرط النجاح بمحاربة الفساد

وأكد الخبير الإستراتيجي الدكتور منذر الحوارات في تصريحاتٍ إلى “البوصلة” أن استقلالية ديوان المحاسبة عن جميع الأجهزة الحكومية وربطه بالقضاء مباشرة سيسهم بزيادة فعالية الديوان وتقاريره في محاربة الفساد والمفسدين؛ مطالبًا في الوقت ذاته بأن تحول تقارير الديوان للقضاء مباشرة الأمر الذي من شأنه أن يقلل قضايا الفساد إلى أقل حد ممكن خلال سنوات قليلة.

وقال الحوارات إن فكرة ديوان المحاسبة في دول العالم فكرة جذابة ولكنها تدخل نظام المحاسبة في منظومة بيروقراطية تتطلب أن يدخل هذا التقرير إلى جهات عدة حتى يأخذ مجراه، منوهًا إلى أن الآلية الحقيقية التي كان يجب أن تحتكم إليها الدولة في محاسبة من يخطئ هي الآلية القانونية الداخلية لكل مؤسسة، بحيث توضع معايير وضوابط فعلية لمحاسبة المخطئ والمسؤول عن المخطئ.

وقال الحوارات: لاحظنا خلال سنوات عديدة أن تقرير ديوان المحاسبة يسلم لرئيس الوزراء وإلى مجلس النواب والأعيان، ولكن لم نلمس حقيقة ذهاب القضايا إلى القضاء، مشيرًا إلى أن معنى ذلك أن هنالك ثغرة في منتصف العلاقة ما بين الديوان وآلية المحاسبة والجهات القضائية، وتترك الأمور للحكومة أو المجالس النيابية كي تقرر أنها ترسل هذه المعلومات إلى القضاء.

وشدد على أن الآلية الأفضل أن يسلم هذا التقرير للقضاء مباشرة، بحيث يقوم بالبت بالقضايا المتعلقة بالاعتداء على المال العام والاعتداء على حقوق المواطنين.

واستدرك الحوارات بالقول: لكن بالمجمل، لو قرأنا بشكل سيادي تقارير ديوان المحاسبة تجد أنها ترصد خللًا بنيويًا في آليات المحاسبة في الدولة، وتؤكد على أن الفساد أصبح مؤسسيا في أجهزة الدولة وهذا أمرٌ خطير.

وأكد أن هذا يشير إلى غياب حقيقي لمراقبة أداء الحكومة ودوائرها من خلال مجالس نيابية منتخبة ذات صوت وذات قوة.

ولفت إلى أن ديوان المحاسبة هو جزء من الحكومة وآلياتها ولا يستطيع أن يتعدى حدودًا معينة في الوصول إلى كثير من المعلومات، لأنه قد يقال له في لحظة توقف هنا واستمر هناك، منوهًا إلى أن هذه الآلية لا تثبت جدواها ما لم توضع أطر قضائية تستطيع أن تتحصل على الحق العام من هؤلاء الفاسدين.

وأكد الحوارات أن تقرير ديوان المحاسبة لم يأخذ مسيره لمحاسبة الفاسدين، مشددًا على أن كثيرًا من التساهل حصل مع من كانت تحوم حولهم شبهات فساد خلال الفترة الماضية ولم يخضعوا للمحاسبة؛ بل ربما ترقوا وظيفيًا.

وقال الخبير الإستراتيجي بالقول: لو اتبعت الآلية بمحاسبة كل مسؤول عن أي خطأ يقوم في دائرته لربما كنّا بحال أفضل من ذلك كثيرًا ولما وصلنا إلى حالة من الترهل والهدر الكبير في المال العام واستخدامه في غير أوجهه الحقيقية.

وأشار إلى أن هذه نقطة يجب التوقف عندها، لأننا يجب أن نقرع جرس الإنذار لا سيما وأن الدولة تمر بمأزق مالي، وهو ليس فقط بسبب عدم وجود موارد، بل بسبب الهدر الكبير في أجهزة الدولة وغياب الحوكمة الرشيدة لاستخدام المال العام.

الديوان وكشف مكامن الهدر في الموازنة

من جانبه أكد الخبير الاقتصادي محمد البشير في تصريحاته إلى “البوصلة” أن ديوان المحاسبة جهاز مهمّ للغاية ولكن الأهم من ذلك أن يتمتع باستقلالية تامّة عن السلطة التنفيذية؛ مشيرًا إلى أن الحكومة تتغول عليه كما هو التغول على كل مؤسسات الوطن.

وقال البشير: واحدة من النقاط الجوهرية التي دائما نطالب بها أن يقوم هذا الجهاز بالتحليل المالي ويعتمد على تحليل قيود الموازنة ويعطي رأيًا فيها ويساعد على كشف مكامن الهدر.

وأوضح أن الرواتب على سبيل المثال تزيد عن 65% من الموازنة وإذا ما أضيف لها الدعم النقدي الذي يوزع في مواضيع الخبز والمعونة الوطنية والمعالجات الاقتصادية فإن النسبة تصل إلى 70% فأكثر كما صرح وزير المالية، وهذا الأمر يجب أن يحلل لمعرفة حقيقة الخلل المتعلق بموضوع الرواتب.

ونوه الخبير الاقتصادي إلى أنه لا يجب أن يتحدث لنا ديوان المحاسبة عن أرقام وسرقات وتجاوزات في العام 2017 ونحن في العام 2020، فإن هذا الأمر غير مجدٍ، مطالبا في الوقت ذاته بتفعيل نظام الضبط الداخلي في بعض الوزارات.

وشدد على ضرورة تطوير عمل الديوان بالشكل الذي يكون مواكبًا من ناحية الزمن ويأتي في وقته، مشيرًا إلى ضرورة أن يصبح لدينا كل 3 أشهر تقرير ويتوّج بعد 4 أشهر، والتواصل مع مجلس النواب بشكلٍ دائم والوقوف على المخالفات الخطرة فورًا،

وقال البشير: ليس الهدف وضع أدبيات ووضع التقرير في المكتبات، فسابقًا سمعنا أنه تم تحويل الكثير من بنود التقرير السابق إلى مكافحة الفساد لكن لم نر شيئًا جديًا، حتى يصبح لهذا التقرير قيمته.

وأكد أنه لا بد من تحقيق الاستقلالية التامّة لديوان المحاسبة سواءً من المسؤول عن التغول على ديوان المحاسبة، والشق الثاني متعلق بالديوان ذاته أن يعلن استقلاليته الحقيقية بعيدًا عن أي بيروقراطية وتنفيعات تحدث بسبب تبعيته للحكومة.

وأشار إلى أن الضعف والانطباع العام المأخوذ لدى الأردنيين عن الديوان وعمله لا يجعلهم يأخذوا تقريره على محمل الجدية والأهمية، فهو مهم جدًا لأنه أداء رقابية على النواب والقضاء والسلطة التنفيذية وعلى كل الجهات ويستطيع الذهاب للشركات المساهمة العامة إن استوجب ذلك.

ديوان المحاسبة والضابطة العدلية

وأكد الخبير الاقتصادي محمد البشير أن منح ديوان المحاسبة الضابطة العدلية من عدمه لن يقدم أو يؤخر في عمله لا سيما وأن القضاء هو الفيصل في النهاية بجميع القضايا التي تحول له.

وأضاف لسنا بحاجة لمزيد من تكبيل الناس خاصة وأن ديوان المحاسبة يدقق على الدولة، فلو طلب التدقيق المسبق على أشياء مهمة مثل العطاءات، ولو يكون الحديث من فوق 50 ألف دينار أو فوق 100 ألف دينار، يكون لديوان المحاسبة الحق في التدقيق على هذه المبالغ والموافقة على إنفاقها، ويكون عضوًا في لجنة العطاءات وعضوًا في لجنة الإحالة وفتح الملفات الحكومية أو المشتريات بشكل عام فهذا مهم جدًا.

بدوره يرى الخبير الإستراتيجي الدكتور منذر الحوارات أن منح ديوان المحاسبة صفة الضابطة العدلية من شأنه أن يوجد رؤوس متعددة في تنفيذ القانون، وبالتالي هذا قد يخلق تضاربًا في الجهات التي تعمل القانون، محذرًا في الوقت ذاته من إيجاد أجهزة جديدة يكون بمثابة رأس تمارس في لحظة ما التنمر على أجهزة الدولة.

وشدد على أنكل قضية في هذا التقرير يجب أن تمثل ادعاءً ويجب أن يؤخذ به ويبدأ القضاء بمحاسبة كل من أهدر المال العام.

وختم بالقول: إذا تركنا الأمر للحكومة والأجهزة البيروقراطية، سيمر التقرير دون أن يقرأه أحد وتمر قضايا الفساد هكذا، ولكن أن تلزم القضاء بالتحقيق في ومحاسبة المخطئين، فلنتأكد تماما أن كثيرًا من أشكال الفساد سوف تنتهي.

لمطالعة تقرير ديوان المحاسبة: (إضغط هنا)

(البوصلة)

Share on whatsapp
Share on facebook
Share on twitter
Share on telegram
Share on email
Share on print

رابط مختصر للمادة:

اقرأ أيضاً

Share on facebook
Facebook
Share on twitter
Twitter
Share on whatsapp
WhatsApp
Share on telegram
Telegram
Share on email
Email
Share on print
Print

رابط مختصر للمادة: