خبراء يطالبون باستراتيجية لمواجهة الاحتلال رغم “تجميد الضم”

خبراء يطالبون باستراتيجية لمواجهة الاحتلال رغم “تجميد الضم”

قرار الضم

د. حسن المومني: الدبلوماسية الأردنية الهجومية أسهمت بشكل واضح بتأجيل قرار الضم الصهيوني
د. أحمد نوفل: تجميد قرار الضم الصهيوني ذرٌ للرماد في العيون والاحتلال ماضٍ بمخططه على الأرض
د. قاصد محمود: التحرك الدبلوماسي لن يردع الاحتلال عن قرار الضم ولا بد من إستراتيجية مواجهة

عمان – رائد الحساسنة

حذر خبراء إستراتيجيون ومحللون سياسيون تحدثت إليهم “البوصلة” من أن قرار الاحتلال الإسرائيلي تجميد قرار ضم أراضٍ في الغور والضفة الغربية ليس نهاية المطاف؛ لا سيما وأن الاحتلال مستمرٌ بتنفيذ مخططاته على الأرض وأطماعه مستمرة باستهداف الأردن.

وطالبوا بضرورة بناء خطة إستراتيجية متكاملة أردنيًا وفلسطينيًا لمواجهة العدو الصهيوني وأطماعه، مؤكدين على أن التحركات الدبلوماسية وحدها لن تكفي لردع الاحتلال ووقف انتهاكاته.

وشددوا على ضرورة أن يقول الشعب الفلسطيني كلمته على الأرض، عبر إطلاق آليات مشروع وطني متكامل لبناء إستراتيجية مواجهة وطنية حقيقية تؤمن أن الحل الوحيد هو المقاومة لإنهاء الاحتلال.

الدبلوماسية الأردنية الهجومية

أكد أستاذ الصراعات الدولية في الجامعة الأردنية الدكتور حسن المومني في تصريحاتٍ إلى “البوصلة” إن الدبلوماسية الأردنية في سياقها وتحركها المساند للجانب الفلسطيني إقليميًا ودوليًا كانت واحدًا من العوامل الضاغطة على الجانب الإسرائيلي والإدارة الأمريكية التي أدت إلى تأجيل قرار الضم الصهيوني، بالإضافة لمجموعة عوامل أخرى استغلها الأردن بشكلٍ فاعل خاصة فيما يتعلق بالإدارة الأمريكية ذاتها وبالوضع الداخلي لدولة الاحتلال.

وقال: إن الأردن وجه رسائل قوية عبر مواقف دبلوماسية هجومية تصعيدية للاحتلال الإسرائيلي وأحزابه المختلفة، كما ترافق معه حراك دبلوماسي للتنسيق مع الفلسطينيين وبعض المواقف العربية إلى حدٍ ما، والتحرك باتجاه الاتحاد الأوروبي والعالم، ومجموعة القوى في داخل الولايات المتحدة الأمريكية، لعب دورًا بتقوية الموقف الأردني والفلسطيني.

وأشار المومني إلى أن إطلاق خطة الضم تزامن مع جائحة كورونا وتأثيراتها السياسية والجيوسياسية، خاصة عند الحديث عن أمريكا وترامب وما يترافق معهما من قصة الانتخابات الرئاسية، واصفًا الجائحة بأنها كانت بمثابة “الفرصة الجاذبة” التي خلطت الأوراق وعززت مخاوف الاحتلال من الإقدام على خطوته.

وأوضح أن موضوع الضم لم يعد أولوية لدى الإدارة الأمريكية التي رأت فيه أمرًا يمكن أن يعقد الوضع في الانتخابات الأمريكية ويحرجها في الشرق الأوسط خاصة مع حلفائها.

ومن جانب آخر أشار المومني إلى أنه بدا واضحًا في الشهور الأخيرة أن السياسة الداخلية للاحتلال الإسرائيلي لم تعد مسيطرًا عليها بالشكل المطلق من اليمين الإسرائيلي وإنما بدأ بروز تيار أبيض وأزرق الذي لديه مواقف وأجندات مختلفة رغم اتفاقهم على قضية الضم، منوها إلى أن الخلخلة في الموقف الأمريكي الذي اشترط موافقة جميع القوى الإسرائيلية ضمن الائتلاف الحكومي على خطة الضم، أسهم كذلك بتجميد القرار الإسرائيلي.

تعزيز الموقف الأردني الفلسطيني

وشدد المومني على أنه يجب أن يكون هناك دروس مستفادة من الحراك الدبلوماسي الذي تم خلال الأشهر الماضية، من أجل المحافظة على الزخم ومزيد من الاشتباك مع كل القوى الدولية الرافضة لخطة الضم.

وطالب المومني بضرورة إيجاد حوار إستراتيجي فلسطيني فلسطيني بمعنى “المصالحة”، وكذلك حوار أردني فلسطيني إستراتيجي رسمي ينفتح فيه الأردن على كافة القوى المجتمعية والسياسية الفلسطينية لتعزيز الموقف.

وأكد أنه يجب الاستمرار والحفاظ على زخم المكتسبات خاصة في السياق الدولي، لا سيما وأننا شاهدنا معارضة قوية في العالم وخاصة أوروبا لعملية الضم.

وشدد على أنه يجب الاستعداد استراتيجيًا لما بعد الانتخابات الأمريكية، وأن يكون لدينا مجموعة سيناريوهات أيًا كان الفائز، للتعامل مع التطورات بعيدًا عن “ردة الفعل”.

التأجيل ذرٌ للرماد في العيون

بدوره أكد أستاذ العلوم السياسية في جامعة اليرموك الدكتور أحمد نوفل في تصريحات إلى “البوصلة” أن قرار الاحتلال تأجيل الضم جاء لذر الرماد في العيون، لا سيما وأن نتنياهو والحكومة الإسرائيلية غير مقتنعين فعلاً بتأجيله لأنهم بدأوا بتنفيذه على الأرض.

وقال نوفل إن تأجيل القرار وتجميده جاء بعد أن وقع نتنياهو في مأزق بعد أن جد الاتحاد الأوروبي والدول العربية والمجتمع الدولي باستثناء أمريكا جميعهم متفقون وقفوا ضد ضم الأراضي، مستدركًا أنه حتى داخل تحالف حكومة الاحتلال خلافات وقادة جيش الاحتلال غير متفقين على قضية الضم على طريقة نتنياهو.

وشدد على أن هذا لا يعني أن نتنياهو جمّد فعليًا مسألة ضم الأراضي لأن الضم حاصل وهذه القضية قديمة، وربما هو توقف خطوة لينطلق خطوتين إلى الأمام، محذرًا في الوقت ذاته من أن الاستيطان قائم ومستمر وضم المستوطنات ما زال قائما، ولذلك علينا أن لا ننخدع بسياسة الحكومة الإسرائيلية بأنه جمد القرار.

ونوه إلى أنه على الرغم من أن الأردن أخذ موقفًا قويًا ضد قضية الضم إلا أن علينا أن لا ننخدع بقرار الاحتلال الساعي للالتفاف حول الموقف الأردني بإعلان تجميد الضم، لكنهم في النهاية سيحققون مخططاتهم ويمضون فيها؛ بل إن حكومة الاحتلال نفذت ضمّ الأراضي من قبل بدعم أمريكي منقطع النظير، مطالبا في الوقت ذاته بموقف عربي وفلسطيني ودولي أكثر جدية بوقف خطط الاحتلال.

سياسة نتنياهو الرعناء وحدت الموقف الفلسطيني

وقال الدكتور أحمد نوفل إن وسائل الإعلام الإسرائيلية اتهمت نتنياهو بأنّه وحّد ما لا يمكن توحيده ممثلا في القوى الفلسطينية وعلى رأسها حماس وفتح، وكان الحديث قبل أشهر أنه من المستحيل أن تتوحد غزة مع رام الله، وهذا كان بسبب السياسة الرعناء لنتنياهو.

ونوه إلى أن نتنياهو تراجع قليلاً حتى لا يستمر التواصل بين حركة حماس وفتح من أجل مزيد من تنسيق المواقف بينهما.

وشدد على أن هذا مطلب مهم للقضية الفلسطينية، أن تتوحد الجهود لمواجهة صفقة القرن بشكلٍ فعلي وليس عبر بيانات، لا سيما وأن المرحلة تحتم على الجميع أن يأخذ بعين الاعتبار أن الموقف الإسرائيلي ومن خلفه الموقف الأمريكي يريدان تصفية القضية الفلسطينية، وكل من يشارك في هذه المؤامرة يعد شريكًا في هذه التصفية.

تراجع ترامب العامل الحاسم

من جانبه يرى الخبير العسكري الدكتور قاصد محمود في تصريحاتٍ إلى “البوصلة” أن العامل الرئيسي والأهم في تراجع الاحتلال عن قراره مرده لتراجع الرئيس الأمريكي دونالد ترامب عن دعم قرار الضم في الوقت الحاضر، بسبب الاستحقاق الانتخابي الذي أصبح فيه منصبه مهددًا وخسارته أصبحت أمرًا غير مستبعد، منوهًا في الوقت ذاته إلى أن الوضع الداخلي لدولة الاحتلال والتحالف الذي جاء على أرضية هشة بين نتنياهو وغانتس أسهم كذلك في هذا الأمر.

وقال محمود إن السبب الآخر يتمثل في خوف قيادة الاحتلال من المجهول، فليس لديها أي تصور لما سيكون عليه اليوم الثاني بعد إعلان قرار الضم، لا سيما وأن الوضع الداخلي في فلسطين لا يمكن التنبؤ بها في ظل الخوف من انطلاق انتفاضة جديدة في ظل التفاهم بين فتح وحماس وتهديدات المقاومة.

كما يرى أن أحد العوامل المهمة يتمثل في أن نتنياهو يسعى لقلب الطاولة عبر إجراء انتخابات جديدة يعتقد أنه سيفوز فيها، بعد أن أوقع بغانتس في هذا التحالف وأفقده بعض مؤيديه من أعضاء حزبه.

وأشار إلى أن الموقف الدولي الرافض للضم الذي جاء بعد مواقف أردنية فلسطينية استطاعت تعبئة كثير من دول العالم لصالح القضية الفلسطينية أسهم بتجميد قرار الضم، محذرًا في الوقت ذاته من أن سياسة الاحتلال منذ تأسيس كيانه الغاصب تقوم على فرض الأمر الواقع.

الدبلوماسية لا تردع الاحتلال

وشدد الخبير العسكري الدكتور قاصد محمود على أن المواقف السياسية والدبلوماسية لن تردع إسرائيل عن قرار الضم، بل إننا أمام خطر صهيوني حقيقي لم يتوقف يومًا عن أطماعه في الأردن، مطالبًا بضرورة إطلاق استراتيجية بناء وطني متكاملة لمواجهة مخططات الاحتلال وأطماعه فهي قادمة لا محالة وإن تمّ تجميدها مؤقتًا.

وطالب بمزيد من التنسيق مع الفلسطينيين للوقوف في وجه المؤامرات، مؤكدًا في الوقت ذاته على أن الشعب الفلسطيني يجب أن يكون له دور واضح في آليات مشروع وطني متكامل لبناء إستراتيجية مواجهة وطنية حقيقية تؤمن أن الحل الوحيد هو المقاومة لإنهاء الاحتلال.

وختم محمود حديثه بالقول: “هذا العدو طالما أنه مستقر لن يرتدع والحل أن يغيب الاستقرار عن المجتمع الصهيوني، إذا غاب الاستقرار عنه سيعيد النظر ألف مرة في كل قراراته وحتى في موقفه من عملية السلام والحدود”.

(البوصلة)

Share on whatsapp
Share on facebook
Share on twitter
Share on telegram
Share on email
Share on print

رابط مختصر للمادة:

اقرأ أيضاً

Share on facebook
Facebook
Share on twitter
Twitter
Share on whatsapp
WhatsApp
Share on telegram
Telegram
Share on email
Email
Share on print
Print

رابط مختصر للمادة: