عمان – رائد الحساسنة
أكد أستاذ العلوم السياسية والخبير بالشأن الأمريكي الدكتور صبري سميرة أن ما جرى من تصويت في مجلس النواب الأمريكي لإحالة ترامب للمحاكمة، ما هو إلا خطوة أولى، ولا يعني أن ترامب تم عزله أو إقالته أو حتى تثبيت التهمة عليه.
وقال الدكتور صبري سميرة في تصريحات لـ “البوصلة” إنه وحسب الإجراءات الدستورية في التحقيق مع الرئيس الأمريكي وعزله فإن مجلس النواب يعمل في هذه الحالة كهيئة محلفين ويستمع إلى نقاش موسع ثم يقرر إذا كان هناك مجموعة كافية من الأدلة والقرائن والحيثيات التي تشي بأنه قد يكون هناك جريمة ارتكبت أو جرائم.
ونوه إلى أن مجلس النواب حسم أمره وقال نعم هناك ما يكفي مما يعلم لكي يتهم ترامب وهي لائحة الاتهام، التي تتحول إلى مجلس الشيوخ الذي سيعمل كمهمة القاضي أو المحكمة التي ستبحث في التفاصيل وتحقق وتعرض الأدلة وتناقشها ومحامي دفاع ومحامي يترافع ضد ترامب وصولا إلى التصويت.
ونوه سميرة إلى أن القضية الأساسية تكمن في أن التصويت بمجلس الشيوخ سيكون تصويتًا سياسيًا، فمجلس النواب أدان ترامب ووجهوا له لائحة الاتهام لأن غالبيته من الديمقراطيين، وبالتالي تم التصويت عليه، مستدركًا بالقول: ولكن هناك في مجلس الشيوخ مطلوب تصويت الثلثين، وهو الأمر الذي لا يملكه الديمقراطيون.
وتابع حديثه بالقول: لذلك هم يحتاجون لأصوات الجمهوريين الذين حسموا أمرهم مبكرًا بالتشبث بمواقفهم وكل طرف أخذ جانبه الحزبي ويدافع عنه، والجمهوريون يبحثون عن نصر انتخابي في الانتخابات الرئاسية المقبلة عام 2020، وبالتالي إذا ما انسجموا وتماشوا مع الديمقراطيين واتهموا رئيسهم وعزلوه ستكون كارثة وضربة كبيرة لهم.
ويؤكد سميرة أنه لذلك فإن الديمقراطيين يبالغون ويشددون في اتهام ترامب والهجوم عليه والجمهوريون يبالغون في الدفاع عنه والاستماتة.
انقسام عامودي في الكونغرس والمجتمع الأمريكي
وأوضح الخبير بالشأن الأمريكي أن ما يجري اليوم في أمريكا يؤشر بقوة على انقسام عامودي حزبي داخل مجلس النواب والشيوخ، والطبقة القيادية، ولكن أيضًا هذا الأمر يحدث انقسامًا كاملاً على مستوى القاعدة والجماهير بحيث أن أنصار الديمقراطيين يزدادون تمسكا في موقف حزبهم والهجوم على ترامب والمطالبة بعزله، والجمهوريون في القواعد يزدادون تمسكًا في ترامب خاصة اليمين المتطرف والمتشدد وهو ما يشكل القاعدة الانتخابية الرئيسية لترامب.
وقال سميرة: نرى هذا المسلسل يستمر منذ سنوات انشقاق عامودي في الساحة الأمريكية وطبعًا لها مخلفات كثيرة جدًا سياسية وثقافية ووحدوية واجتماعية وصراعية وإعلامية وتعبئة .. الخ، بما فيها التعبئة ضد الأقليات والملونين.
وأضاف أنه بالتالي ما نشهده هو مرحلة من المراحل لا يعني عزل ترامب، وغالبًا لن يصلوا إلى ذلك المقام، لكن الديمقراطيون يتبعون سياسة جر ترامب والجمهوريين في الوحل والطين وجرجرتهم وتشويه سمعتهم ولكي يخسروا أصوات المستقلين أو حتى ينقلبوا من كانوا يؤيدون ترامب ضده بسبب إهانته لمكان الرئيس وتعريضه أمن أمريكا وكرامتها وسمعتها ومصالحها للخطر.
وخلص الخبير بالشأن الأمريكي إلى القول: هذا باختصار شديد هي معركة وساحات، وهذه واحدة من أمثلة العراك الديمقراطي الذي يتيح للجميع استخدام الأدوات التي يستطيع أن يستخدمها دستوريًا وفي الساحة السياسية والإعلامية وغيره.
(البوصلة)
