زياد ابحيص
Share on facebook
Facebook
Share on twitter
Twitter
Share on whatsapp
WhatsApp
Share on email
Email
Share on telegram
Telegram

رابط مختصر للمادة:

درج المقبرة اليوسفية: إلامَ يسعى الاحتلال؟

زياد ابحيص
Share on facebook
Share on twitter
Share on whatsapp
Share on email
Share on telegram

رابط مختصر للمادة:

زياد ابحيص

في 29-11-2020 شرعت جرافات بلدية الاحتلال في هدم درجٍ تاريخي يجاور سور البلدة القديمة للقدس من جهته الشمالية قرب برج اللقلق، ويتجه جنوباً نحو المقبرة اليوسفية التي تأسست في نهايات العهد المملوكي، وتحديداً في عام 1467م، حيث يدخل الزائر أولاً إلى مساحةٍ ملحقة بالمقبرة تُعرف بـ “صرح الشهداء”، وهي منطقة مشجرة فيها صرحٌ حجري أبيض اللون أقيم لذكرى شهداء الجيش الأردني الذين استشهدوا في حرب عام 1967.

بعد هذا النصب يبدأ سور المقبرة وبابها في وسطه، ومن يدخل إليها يجد ممراً أساسياً بُلط بالحجر الأبيض عام 2002 -خلال إعمار الأوقاف الإسلامية للمقبرة- يصل بابي المقبرة الوحيدين: الشمالي والجنوبي. يتفرع من هذا الطريق بعد مضي ثلثيه تقريباً ممرٌ نحو الغرب يلاصق تقريباً سور البلدة القديمة ويتواصل حتى باب الأسباط في سور البلدة القديمة، وهذا الممر يشكل طريقاً مهماً للوافدين إلى صلوات الجمع والتراويح والأعياد إلى المسجد الأقصى من شمال البلدة القديمة، سواء كانوا قادمين من أحياء القدس الشمالية في وادي الجوز والشيخ جراح وشعفاط وبيت حنينا، أو وافدين من شمال الضفة الغربية.

No description available.

جرافات الاحتلال تستكمل هدم الممر (المصدر: الأناضول)

رغم الضجة التي أثيرت حول الهدم الذي وقع على أرض وقفية وضمن منافع مقبرة تاريخية عمرها 553 عاماً ملاصقةٍ لسور البلدة القديمة، عادت جرافات بلدية الاحتلال في 14-12-2020 لتواصل تجريف الدرج والممر حتى باب المقبرة، وهدم سور المقبرة من جهة الشرق، مُدمّرةً معه مجموعة من شواهد القبور الملاصقة للسور. بلدية الاحتلال تزعم ملكية هذه الأرض دون سندٍ قانوني، كما أفاد المحامي المقدسي حمزة قطينة، والحقيقة أن هذه الأرض أرض وقفية وتشكل جزءاً من الوقف الذي تقوم عليه المقبرة؛ وتقول بلدية الاحتلال إنها تريد تحويلها إلى حديقة ضمن مشروع “الحوض المقدس” الذي تطوق من خلاله يلدية الاحتلال مدينة القدس القديمة بطوقٍ من الحدائق والمسارات التوراتية، التي تحمل إشاراتٍ للرواية التوراتية لتاريخ القدس.

No description available.

سور المقبرة وبابها وقد تأثرا بالهدم، ويظهر في الصورة الشيخ مصطفى أبو زهرة رئيس لجنة المقابر الإسلامية. المصدر ت ر ت عربي

بحسب برنامج “جوجل إيرث” فإن مساحة الأرض المستهدفة تبلغ 4,200 مترٍ مربع، وهو ما يجعلها مساحةً مهمة في موقعٍ حيوي، بينما تبلغ مساحة المقبرة اليوسفية 36,700 مترٍ مربع، بلغة الأرقام فإن هذا يعني أن بلدية الاحتلال تحاول بهذا المشروع وضع اليد على 10% من الأرض الوقفية للمقبرة اليوسفية.

ما الهدف من هدم الدرج؟

يمكن فهم تحرك البلدية بهدم درج المقبرة اليوسفية ضمن ثلاثة اتجاهاتٍ عامة تعمل عليها في القدس:

الأول: مشروع القدس-شرق: وهو المشروع الذي تسعى بلدية الاحتلال من خلاله إلى إعادة تأهيل المدخل الشمالي للبلدة القديمة للقدس، بما يمس بشارع الزهراء وشارع صلاح الدين وشارع نابلس وشارع المصرارة، وشارع السلطان سليمان العرضي الواصل بينهما (أنظر الخارطة) وهو ما يعني قتل القلب العربي المعاصر للقدس، فهذه المنطقة تشكل عقدة التجارة والمواصلات ومقرات المؤسسات المركزية للمقدسيين في مدينتهم رغم احتلالها، و”إعادة تأهيلها” تستهدف إنهاء دورها كقلب حيوي للمدينة. أرض صرح الشهداء هي جزء من هذا المخطط، وهي أقرب الأجزاء إلى سور البلدة القديمة، والبدء منها يستهدف ضمان تمرير التغييرات في المناطق الأكثر حساسية قبل أن تتكشف الطبيعة العملية للمشروع على الأرض.

No description available.

خارطة مفصلة توضح موقع الدرج المهدوم، والمساحة المستهدفة بالتحويل إلى حديقة توراتية، وموقع المقبرة اليوسفية وباب الأسباط وممرات المشاة.

الثاني: استهداف المقابر التاريخية: إذ يقع في محيط البلدة القديمة للقدس 13 مقبرةٍ وضريحاً، تشهد على الهوية التاريخية لأهلها على مرّ الزمن من مسلمين ومسيحيين، بل وحتى من غزاةٍ حاولوا احتلالها والبقاء فيها، في هذا المشهد التاريخي يفتقد الوجود اليهودي “شهادة ميلاد”، ولذلك استُحدثت المقبرة اليهودية على جبل الزيتون فوق أرضٍ وقفية إسلامية، وكثير من قبورها أضرحة تذكارية ليهودٍ ماتوا خارج فلسطين المحتلة، لكن الهدف هو توسيعها وتكثيف حضور القبور فيها؛ إلا أن هذا وحده لا يكفي، فلا بد من طمس الحضور الطاغي للمقابر الإسلامية، وهذا تحديداً ما يدفع المحتل لوضع المقابر الكبرى تحت مجهر الاستهداف: مأمن الله غرباً، وباب الرحمة واليوسفية شرقاً، ومقبرة باب الساهرة شمالاً.

وأخطر ما في هدم درج اليوسفية من هذه الناحية هو أنه وضع يدٍ على الباب الشمالي للمقبرة، وهو أحد بابين اثنين لها، ومفهوم قانوناً وعقلاً أن الطريق والمدخل للمنشأة أو الملكية تعامل كأنها جزء من حيزها، خصوصاً إذا كانت تلك الملكية منشأة نفعٍ عام، فكيف إذا ما أضفنا أن هذه الأرض في هذا الموقع الحساس هي أرض وقفية من الأساس… إن وضع اليد هذا -إن مرّ- من شأنه أن يضع مدخل المقبرة الشمالي تحت تصرف الاحتلال، وإذا ما أغلق بابها الجنوبي تحت أي حجة، فقد باتت مغلقة أمام الدفن والزيارة، مفتوحةً على الإهمال والاندثار بمرور الزمن.

الثالث: حركة المشاة في محيط البلدة القديمة: تشكل حركة المشاة الحركة الأساسية للدخول والخروج والحركة داخل البلدة القديمة، كأي مدينة تاريخية لم تكن مبنية لاستقبال السيارات والمركبات، والتدخل في حركة المارة من شأنه كذلك أن يقلل من إمكانات الاحتشاد والتجمع، وكلا الأمرين بالغ الأهمية في عين سلطات الاحتلال.

الدرج المهدوم يؤدي إلى ممرٍّ للمشاة، يتفرع من منتصفه ممر غربي ملاصق لسور البلدة القديمة ينتهي بباب الأسباط في سور البلدة مباشرة، وهذا الممر هو مدخل حيوي إلى المسجد الأقصى المبارك للقادمين إليه من شمال البلدة القديمة في رمضان وأيام الجمع والأعياد، وهذا المشروع ربما ينتهي إلى تعطيل حركة المشاة الواصلة إلى الأقصى أو تغييرها، وربما يكون هذا مؤقتاً خلال العمل في المشروع أو التنازع عليه بعد هدم الدرج، أو دائماً إن تم المشروع وكان يحمل في طياته ما يفرض على المشاة تغيير اتجاه سيرهم عملياً.

عناوين أساسية لمواجهة استهداف المقبرة اليوسفية:

لعل الخطوة الأولى التي تمنح الجميع وقتاً هو ما قام به المحامون مع لجنة رعاية المقابر الإسلامية، حين تقدمت بطلب وقف أعمال الحفر المدمرة في المكان وحصلت عليه عبر المحاميين مهند جبارة وحمزة قطينة في 26-12-2020، وهذا المسار القانوني كفيل بشراء وقتٍ ثمين، وربما يحقق نتائج إيجابية في أحيانٍ قليلة، لكن ينبغي عدم التعويل عليه كمسارٍ وحيد رغم أهميته.

الخطوة التالية لا بد أن تكون مبادرة لتكثيف الحضور في المقبرة وتنظيفها، وربما المبادرة إلى إعادة إصلاح الدرج خلال رمضان أو فترات الوجود البشري الكثيف، ولو تدريجياً، والتمسك بتسليط الضوء على المقبرة ومخططات استهدافها، وعلى كل تحركٍ صغير تقوم به سلطات الاحتلال فيها أو في محيطها مهما كان صغيراً مستفيدين من حساسية موقعها الملاصق لسور البلدة القديمة، وطبيعتها كأرضٍ وقفية تاريخية، بشكلٍ يمنع المحتل من تمرير عدوانه بسهولة، ويتيح المجال للفعل الشعبي بأن يطيل أمد الحفاظ على هوية المقبرة، إلى أن تتبدل موازين القوى التي تسمح للمحتل بالاستفراد والمبادرة.

(شبكة قدس)

Share on facebook
Share on twitter
Share on whatsapp
Share on email
Share on telegram

رابط مختصر للمادة:

Related Posts