حلمي الأسمر
Share on facebook
Facebook
Share on twitter
Twitter
Share on whatsapp
WhatsApp
Share on email
Email
Share on telegram
Telegram

رابط مختصر للمادة:

زوجي البنات.. أنا “مطول”!

حلمي الأسمر
Share on facebook
Share on twitter
Share on whatsapp
Share on email
Share on telegram

رابط مختصر للمادة:

-1-

قال لزوجته في آخر اتصال له: زوجي البنات إن جاءهن من يطلبهن للزواج لأني “مطول”!

كانت الأسرة في انتظار الإفراج عن معيلها، وكلما جاء عريس لإحدى البنات صُرف بالحسنى، لأن الوالد معتقل، ولا وقت للأفراح. في تلك المكالمة حسم المعتقل الأمر، لأنه حسب تقديره “مطول”، أي سيمر وقت طويل قبل أن يفرج عنه!

هذا هو حال نحو ستين من الأردنيين والفلسطينيين الذين تعتقلهم السلطات السعودية، بتهم تتعلق بدعم فلسطين والتعاطف مع المقاومة، وجمع المال لها (رسميا التهم تراوحت بين الانتماء لكيان إرهابي ودعم أنشطته ماليا)، وهو عمل كان يجري تحت سمع وبصر السلطات المختصة وحتى بتنسيق معها، لكن فجأة تغير كل شيء وزج في السجن حتى ممثل حركة المقاومة الإسلامية “حماس” الرسمي في المملكة، بتهمة الانتماء لتنظيم محظور (محمد الخضري، تولى موقع ممثل حركة “حماس” بصفة سياسية لدى السعودية منذ عام 1992، وفق اتفاق ثنائي بين الحركة وسلطات المملكة!).

حملة الاعتقالات المفاجئة جرت قبل نحو سنتين، وشملت أكثر من ستين أردنيا وفلسطينيا، غالبيتهم الساحقة كانت تعيش لعقود في البلاد، ولم يكد يسجل عليهم أي مخالفة لقوانين المملكة “المعلنة”، ويبدو أنها ترافقت مع فتح قنوات تواصل بين المملكة والكيان الصهيوني، وفق ما تسرب من معلومات، ما يشي بأن الاعتقالات تمت بناء على هذا التنسيق “الأمني”!

في مقال نادر نشره يوئيل جوجنسكي، الباحث في معهد دراسات الأمن القومي في جامعة تل أبيب في صحيفة “نظرة عليا”، يوم 29 تشرين الأول/ أكتوبر 2020 يقول: “تطورت العلاقات بين إسرائيل والسعودية على مدى السنين في عدد من القنوات المتوازية: قناة أمنية- استخبارية، لا تزال تشكل أساسا متينا، وإن كان ضيقا، للعلاقات وتبقى بطبيعة الأحوال سرية؛ قناة اقتصادية- تجارية هادئة هي الأخرى، وفي السنوات الأخيرة أيضا قناة في مركزها حوار ديني.

وإلى جانب السرية التي تتميز بها الغالبية الساحقة من العلاقات، تطورت مع الزمن أيضا علاقات علنية، وهي تتضمن اليوم أيضا لقاءات بين مسؤولين من الطرفين، ولا سيما ممن تبوأوا في الماضي مناصب رسمية، وبنقل رسائل علنية. ورغم نفي المسؤولين السعوديين، من المعقول أن المفاوضات والاتفاقات مع مجلس التعاون، مع اتحاد الإمارات، والبحرين والسودان، تمت بعلم وتأييد بعض القيادة السعودية على الأقل.

وكقاعدة، فإن الاتفاقات الموقعة مع هذه الدول تخدم المملكة وتوفر لها باروميتر يمكنها من خلاله أن تفحص التحولات والمخاطر المحتملة، بما في ذلك رد فعل الرأي العام على اتفاق محتمل مع إسرائيل.

المفارقة هنا أن هؤلاء الستين رجلا لا يكاد يطالب بهم أحد، فبالنسبة للأردنيين، وبينهم رجال علم وحملة أقلام وصحفي، لم تبذل سلطات بلادهم أي مجهود حقيقي للإفراج عنهم، واقتصرت هذه الجهود على تصريحات تطمينية رخوة من المسؤولين الأردنيين، زاعمة أن القضية لها بعد “قانوني” والكلمة للقضاء السعودي، وهو قضاء كما هو معروف يخضع للسلطة السياسية، ولا يتمتع بالحد المتعارف عليه دوليا من الاستقلال وفق المعايير المعروفة!

أما الفلسطينيون فلا كلمة تسمع لمن يطالب بهم، رغم كثرة الوساطات التي تم اللجوء إليها، وفي تطور لاحق بدأت السلطات عملية بدا أنها محاكمة علنية، بحضور محام وبعض ذوي المعتقلين، تم تأجيلها بصورة متكررة، رغم قناعة الجميع هنا بأن القضية برمتها سياسية أمنية وليست قانونية، ومتعلقة بالسياسات الجديدة التي بدأت تنتهجها البلاد في ظل حمّى التطبيع من الكيان الصهيوني.

-2-

حدث الكثير للأسر التي غاب أحبابها في معتقلات السعودية، بانتظار الفرج، من المشاهد المؤثرة وفاة المربي محمد موسى أبو حسين، وهو والد المعتقل موسى، والذي دأب على الخروج في النشاطات والوقفات الاحتجاجية المطالبة بالإفراج عن المعتقلين، ومنهم ابنه.

خضر المشايخ، رئيس لجنة المعتقلين الأردنيين في السعودية، رثى المرحوم أبا الحارث بكلمات مؤثرة، إذ كتب: “رحمك الله أبا الحارث، غادرت على عجل ولقد تواعدنا أن نفرح معا بالإفراج عن ابنك وأحبابنا من السجون السعودية. ولقد كنا كتفا بكتف معا نجوب الميادين للمطالبة بالإفراج عنهم، وكنا ننتظر مجيئك وأنت تحمل مكبر الصوت لتصدح بالحق مدافعا منافحا وسندا لابنك وكلهم أبناؤك. كنا معا نعد الأيام والدقائق ونعد أنفسنا باللقاء على أرصفة المطار لنعانق العائدين. أبا الحارث، رحلت وما خرج الأحرار، رحلت وبقينا على أطراف الأمل، سننتظر الطائرة لتحط في ساحة المطار، ونسمع صوت قيود السجانين وهي تنفك عن أيدي الأحرار، سيعودون يوما مع الفجر، وسنعود نصدح في الميادين، وسنذكرك بيننا، لكن هذه المرة سيكون ابنك موسى معنا.. وسيكون معه كل الأحرار!”.

ووفق ما يبدو في الأفق، ربما يموت أثناء الانتظار آخرون، وتتزوج بنات آخرين أو حتى يتطلقن، قبل أن يرى هؤلاء المعتقلون النور في نهاية النفق، وإن كان الأمل يحدو جميع المنتظرين في أن يحدث – فجأة – ما يسرهم، فنحن نعيش في منطقة مليئة بالتغيرات والمفاجآت، ولا يكاد يحكمها إلا ما يحكم حركة الكثبان الرملية التي تظهر وتختفي فجأة في الصحراء العربية!

(عربي21)

Share on facebook
Share on twitter
Share on whatsapp
Share on email
Share on telegram

رابط مختصر للمادة:

Related Posts