ساحة باب العامود.. العصية على كل احتلال

ساحة باب العامود.. العصية على كل احتلال

البوصلة – تعتبر ساحة باب العامود من أجمل المناطق التاريخية في القدس المحتلة؛ فهي تتوسط مكانا هاماً أمام مدخل البلدة القديمة وأسواقها؛ لتكون مدخلا هاما للوصول إلى المسجد الأقصى المبارك وكنيسة القيامة.


ويقع باب العامود الذي يسمى أيضا بباب دمشق أو باب نابلس؛ في الجهة الشمالية من السور المحيط بالبلدة القديمة في القدس، عند بداية انحدار الوادي الذي يقطع البلدة القديمة من الشمال إلى الجنوب، والذي يعرف حاليا باسم طريق الواد.


أما تسميته فجاءت من عامود رخامي أسود يبلغ ارتفاعه ١٤ مترا، تم وضعه في الساحة الداخلية للباب في الفترة الرومانية والبيزنطية، حيث عن طريقه كان يتم قياس بعد المسافات عن القدس، وبقي هذا العامود موجودا حتى الفتح الإسلامي للمدينة، وتعرض الباب للتدمير خلال الحروب المختلفة ولكن أعيد بناؤه على يد الخليفة الإسلامي سليمان القانوني؛ وانتهى من بنائه عام ١٥٣٨ ميلادية.

وتعتبر المدرجات المؤدية للباب متنفساً لأهالي القدس المحتلة؛ حيث يجلسون فيها ويتبادلون الحديث ويشربون القهوة كأي ساحة رئيسية في أي مدينة، ولكن الاحتلال حاول مؤخرا تغيير ملامح هذه الساحة وإضفاء الطابع اليهودي عليها عبر خطوات عديدة.


أيقونة وطنية


الناشط المقدسي ورئيس الهيئة الشعبية المقدسية ناصر الهدمي قال لـ”عربي٢١” إن باب العامود يعتبر من أشهر أبواب البلدة القديمة وأكبرها؛ فهو المدخل الرئيسي للبلدة التي تحتضن المسجد الأقصى المبارك وكنيسة القيامة والعديد من الأماكن المقدسة في المدينة.


وأوضح أنه مشهور عالميا باسم باب العامود أو “باب دمشق، باب نابلس”، واعتاد المقدسيون أن يدخلوا إلى البلدة القديمة عبر هذا الباب؛ فهو مدخل لأسواق البلدة القديمة، وكان معروفا باكتظاظه وكثرة تزاحم الناس عليه واستخدامهم له في الدخول للأسواق أو الدخول للمسجد الأقصى المبارك.


والساحة هذه قريبة من مواقف الحافلات التي كانت تأتي من كل مدن وقرى فلسطين في يوم الجمعة للصلاة في المسجد الأقصى المبارك.


وأكد أنه خلال العقدين الأخيرين اكتسب باب العامود صفة جديدة وأصبح أيقونة وطنية واجتماعية لدى أهل مدينة القدس وحتى لدى أهل الضفة الغربية، حيث يستخدمه أهل في احتفالاتهم خلال شهر رمضان وفي احتجاجاتهم ضد الاحتلال في وقفاتهم التضامنية؛ وحتى في الجلوس للسمر والسهر والتواعد فيما بينهم، ويجلسون لشرب الشاي أو القهوة.


وأشار إلى أن أهل الضفة الغربية كان من يريد منهم أن يقوم بعمل فدائي يأتي لباب العامود؛ فيه كونه خلال الفترة الأخيرة كان يكتظ بشرطة الاحتلال وجنوده.


تهويد ممنهج


وبالنسبة للمستوطنين فهم يستخدمون هذا الباب قبل اقتحامهم لباب المغاربة وساحة البراق وحائط البراق، حيث كانوا يمرون من باب العامود باتجاه طريق الواد حتى يصلوا إلى حائط البراق، وهذا كله جعل لباب العامود أهمية كبرى.


وقال الهدمي إن الاحتلال شعر أن ساحة باب العامود أصبحت أيقونة وطنية واجتماعية لدى المقدسيين ومكان تجمهر وتجمع لهم؛ وأصبحت مكان ثغرة أمنية بالنسبة للمستوطنين، لذلك حاول التقليل من عدد الفلسطينيين الموجودين فيه حتى يسمح بمرور المستوطنين المقتحمين بسهولة وسلاسة وأكثر أمنا.


وبيّن بأن الباب هو مدخل رئيسي لأسواق البلدة القديمة وهي المستهدفة من قبل الاحتلال والمخطط لإفقارها وتهويدها والسيطرة على حوانيتها، لذلك أراد الاحتلال أن يحول الباب إلى طريق غير مطروق من قبل المقدسيين؛ وأن يصبح الدخول للبلدة القديمة أمرا صعبا ويقل عبر الأيام والسنين حتى وصل إلى حالة يكون فيها باب العامود مهجورا في فترة من الفترات.


وحول الخطوات التي قام بها الاحتلال لتهويد الساحة قال إنه بنى برجا حديديا بجانب الباب وأنشأ غرفتيْ اعتقال وتنكيل على رأس المدرج؛ كما قام بتغيير اسم المدرج ليكون على اسم مجندتين من قوات الاحتلال قتلتا في المكان بعملية فدائية.


وأضاف: “رأينا الاحتلال يضع كاميرات المراقبة لتراقب تحركات المقدسيين في المكان وتدفع بجنود الاحتلال بالمكان حتى أصبح مهجورا ويفتقر لمن يمر من خلاله”.


هذا الأمر ساهم في تنفيذ مخطط الاحتلال في إفقار أسواق البلدة القديمة وتغيير التدفق الاجتماعي الإنساني في هذا الباب؛ وأصبح المقدسيون يستخدمون أبوابا أخرى أو يلغون مرورهم من هذا الباب بشكل واضح.

وأشار إلى أنه بعد أزمة فيروس كورونا والحجر الصحي الذي مرت به المدينة لم يستطع خلالها أهل المدينة أن يحتفلوا به كما اعتادوا خلال شهر رمضان الفائت؛ فدفع كل هذا شبان القدس إلى أن يقوموا بالخروج كعادتهم للاحتفال بشهر رمضان المبارك وللجلوس في باب العامود؛ وهو ما أشعر الاحتلال بأن ما تم التخطيط له وكل ما قام به لتهويد المكان خلال السنوات الأخيرة؛ لتقليل التدفق الاجتماعي والعمراني في الباب؛ باءت بالفشل وأنه عاد لنقطة الصفر.


وأضاف: “هذا الأمر خلق مواجهة؛ فوضع الاحتلال الحواجز الحديدية على الباب لمنع الشبان من الجلوس على درجات باب العامود، وفي البداية كان المطلب أن الشبان يريدون الجلوس بأريحية والسهر في ليالي رمضان، ولكن الأمور تطورت إلى معركة وصراع على الحيز المكاني في باب العامود”.


أصبح المقدسيون يرون من الاحتلال تدخلا سافرا في باب العامود وسرقة لمكان أصبح يعتبر أيقونة وطنية بالنسبة لهم؛ فكانت المواجهة التي امتدت لكل أرجاء المدينة وشارك فيها حتى المصلين في المسجد الأقصى الذين خرجوا لمشاركة إخوانهم في المواجهات والدفاع عن الجلسة في باب العامود؛ وأصبحت صلاة التراويح تصلى في المكان نكاية بالاحتلال وفرضا لسيادة أهل المدينة هناك.


وتابع: “يجب الإشارة إلى ما يتميز به أهالي مدينة القدس وهو الاتحاد بسرعة وسهولة في مواجهة أي اعتداء وعدوان صهيوني على مدينتهم؛ فرأيناهم يتصرفون كرجل واحد ويتسامون على خلافاتهم ورأينا المسلم والمسيحي وصاحب الفكر الإسلامي والفكر العلماني يقفون صفا واحدا رغم كل الاختلافات من أجل الدفاع عن باب العامود”.


وفي مرحلة من المراحل فضّل مقدسيون أن يسموا ساحة باب العامود بساحة الشهداء، وذلك بسبب استشهاد أكثر من ٢٠ فلسطينيا فيها خلال ثلاثة أعوام فقط.

عربي 21

Share on whatsapp
Share on facebook
Share on twitter
Share on telegram
Share on email
Share on print

رابط مختصر للمادة:

اقرأ أيضاً

Share on facebook
Facebook
Share on twitter
Twitter
Share on whatsapp
WhatsApp
Share on telegram
Telegram
Share on email
Email
Share on print
Print

رابط مختصر للمادة: