سرت الليبية تحبس أنفاسها استعداد لمعركة التحرير

سرت الليبية تحبس أنفاسها استعداد لمعركة التحرير

سرت الليبية تحبس أنفاسها استعداد لمعركة التحرير

تحبس مدينة سرت (450 كم شرق العاصمة طرابلس) أنفاسها، استعدادا لمعركة تحريرها، والتي يعتبرها مراقبون معركة “الحسم” في ليبيا، في ظل تأهب وتحشيد عسكري متبادل لقوات الحكومة الليبية، المعترف بها دوليا، ومليشيا الجنرال الانقلابي المتقاعد، خليفة حفتر.

وفيما تبذل أطراف إقليمية ودولية جهودا لتغليب الحل السياسي على التصعيد العسكري، يظل لحسابات التحركات والتطورات الميدانية حكما آخر في البلد الغني بالنفط.

وتعاني ليبيا، منذ سنوات، من نزاع مسلح دموي، فبدعم من دول عربية وغربية، تنازع مليشيا حفتر الحكومة على الشرعية والسلطة، مما أسقط قتلى وجرحى بين المدنيين، بجانب دمار مادي واسع.

** ميدانيا

منذ أيام وسرت على صفيح ساخن، تحدد درجة حرارته عملية تحشيد عسكري متصاعدة للقوات الحكومية ومليشيا حفتر، إذ دفع الجيش الليبي، مؤخرا، بتعزيزات كبيرة إلى مناطق أبوقرين والوشكة قرب سرت، وفق مصدر عسكري مسؤول للأناضول.

وأضاف المصدر، طالبا عدم نشر اسمه، أن معركة تحرير سرت قاب قوسين من انطلاقها، ولم تتحدد حتى اللحظة ساعة الصفر لبدء المعركة.

وتابع أن الجيش الليبي استكمل كل التجهيزات المطلوبة، وينتظر التعليمات من القائد الأعلى للجيش، رئيس المجلس الرئاسي للحكومة، فائز السراج.

وأفاد بأن الجيش الليبي رصد انسحاب عناصر من مرتزقة “الفاغنر” (الروس) إلى شرق سرت، بعد استكمالهم لعملية تلغيم محيط المدينة وإعادة بعض تمركزاتهم.

ورجح أن مليشيا حفتر ستعتمد بالدرجة الأولى، في معركتها القادمة، على طائرات “ميغ29” الروسية، والألغام التي تم زرعها بمحيط سرت، لإعاقة تقدم الجيش الليبي.

فيما أفادت مصادر مطلعة، فضلت عدم الكشف عن هوياتها، للأناضول، بوصول تعزيزات عسكرية لمليشيا حفتر لمدينة الجفرة (وسط)، بينهم مسلحون أغلبهم من مرتزقة “الجنجويد” السودانيين.

وعزت هذه التعزيزات إلى “حماية قاعدة الجفرة الجوية، فهي غرفة العمليات الجوية لمليشيا حفتر، وتضم طائرات حربية ومسيرة (من دون طيار)”.

بالتزامن أعلن الجيش الليبي رصد وصول إمدادات عسكرية من مصر إلى مدينة طبرق شرقي ليبيا، لدعم مليشيا حفتر.

وبث المركز الإعلامي للجيش الليبي، الأربعاء، صورة لسيارات نقل مخصصة لحمل الأسلحة والعتاد الحربي، يقف بمحاذاتها أشخاص يرتدون زيا عسكريا، من دون ذكر أي تفاصيل أخرى.

بينما قال أحمد المسماري، المتحدث باسم مليشيا حفتر، في تصريح متلفز، إن “المعركة بشكلها النهائي قد تجد فيها أطراف أخرى”.

وأعلن المسماري، الثلاثاء، اقتراب “معركة كبرى” في محيط مدينتي سرت (شمال) والجفرة (وسط)، مشيرا إلى وجود تحركات كبيرة لقوات حكومة الوفاق، المعترف بها دوليا، بمحيط المدينتين.

وعلى وقع تطورات ليبيا الميدانية، ثمة تحركات عسكرية مصرية قرب الحدود مع ليبيا، كان أبرز شواهدها مناورات “حسم 2020″، التي قال الجيش المصري إنها تستهدف “الاستعداد لما تمر به المنطقة من متغيرات حادة وسريعة”.

وشدد عبد الله المدني، المتحدث باسم الإعلام الحربي لعملية “بركان الغضب” الحكومية، الثلاثاء، على أن تحرير سرت والجفرة هدف رئيسي للجيش الليبي.

وقال المدني، عبر حسابه بـ”تويتر”: “الآن حان الوقت لترك المواضيع الجانبية وتسخير كافة الجهود للعمليات العسكرية، لقطع دابر الشر من الغرب والجنوب الليبي”.

** سياسيا

ولا يزال التصعيد السياسي في الداخل الليبي سيد الموقف، لا سيما بعد أن “أجاز” مجلس نواب طبرق، الموالي للانقلابي حفتر، لمصر “التدخل عسكريا” في ليبيا؛ بزعم “حماية الأمن القومي” للبلدين.

وقال المجلس، في بيان الإثنين، إن “للقوات المسلحة المصرية التدخل لحماية الأمن القومي الليبي والمصري، إذا رأت أن هناك خطرا داهما وشيكا يطال أمن بلدينا”.

ورفض مجلس النواب الليبي بطرابلس استدعاء التدخل المصري في ليبيا، معتبرا ذلك تفريطا في السيادة، وجريمة ترقى إلى الخيانة العظمى.

وقال أسعد الشرتاع، المتحدث باسم المجلس، في خطاب متلفز الأربعاء، إن هذا التدخل يمثل مصادرة لحق الشعب الليبي في تقرير مصيره، وخرقا لقرارات مجلس الأمن والاتفاقيات الدولية ذات الصلة.

واستنكرت الحكومة الليبية، الثلاثاء، قرار برلمان طبرق، وتعهدت باستعادة كامل أراضي الوطن، وإنتاج النفط، والضرب على الأيادي التي تعبث بقوت الشعب.

وحذر عضو المجلس الأعلى للدولة الليبي، عبد الرحمن الشاطر، من تداعيات إجازة مجلس نواب طبرق للقاهرة التدخل عسكريا في ليبيا، معتبرا ذلك دعوة لقتل المصريين بالرصاص لمن لم يمت منهم بالعطش جراء “سد النهضة”، في إشارة إلى الخلاف بين مصر وإثيوبيا بشأن هذا السد على النيل الأزرق أحد روافد نهر النيل.

** اتصالات إقليمية ودولية

خلال أيام قليلة، كثفت أطراف إقليمية ودولية مساعيها واتصالاتها لتغليب الحل السياسي على التصعيد العسكري في ليبيا.

واتفق الرئيس التركي، رجب طيب أردوغان، مع نظيره الأمريكي، دونالد ترامب، في اتصال هاتفي الثلاثاء، على “العمل بشكل وثيق كحلفاء لتحقيق استقرار دائم في ليبيا”.

وجاء ذلك غداة اتصال بين أردوغان ونظيره الروسي، فلاديمير بوتين، تباحثا خلاله حول آخر المستجدات في ليبيا، واتفقا أيضا على مواصلة التعاون من أجل السلام والأمن والاستقرار في المنطقة.

كما بحث وزير الخارجية الروسي، سيرغي لافروف، مع نظيره الأمريكي، مايك بومبيو، في اتصال هاتفي الثلاثاء، التطورات الأخيرة في ليبيا.

وشدد بوتين ونظيره الجزائري، عبد المجيد تبون، خلال اتصال هاتفي الإثنين، على ضرورة إحياء الحوار ووقف إطلاق النار بين الأطراف الليبية، استنادا إلى القرار الأممي رقم 2510 ومخرجات مؤتمر برلين (19 يناير/ كانون الثاني الماضي).

وتزامن ذلك مع إعلان تبون رغبة الجزائر في استضافة جولات حوار بين فرقاء ليبيا، لوقف التصعيد العسكري والالتزام بمسار سياسي، وفق خارطة طريق تنتهي بإجراء انتخابات في مدة أقصاها ثلاث سنوات.

وقال وزير الخارجية التركي، مولود تشاووش أوغلو، في مقابلة مع صحيفة “فاينانشال تايمز” البريطانية نشرتها الأحد، إن الحكومة الليبية لا تقبل بوقف إطلاق النار؛ إلا في حال انسحاب مليشيا حفتر من سرت والجفرة، والعودة إلى خط اتفاق الصخيرات (السياسي لعام 2015).

ولسنوات عمل حفتر على إسقاط اتفاق الصخيرات، وشن في 4 أبريل/ نيسان 2019 هجوما للسيطرة على طرابلس (غرب)، مقر الحكومة، قبل أن يطرد الجيش الليبي، في 4 يونيو/ حزيران الماضي، هذه المليشيا من مناطق كانت قد سيطرت عليها في العاصمة.

وعلى عكس الحال حين كانت مليشيا حفتر تستولي على مدن ليبية، تتصاعد حاليا تحركات وضغوط لوقف إطلاق النار، في ظل تحقيق الجيش الليبي سلسلة انتصارت مكنته من تحرير المنطقة الغربية، باستثناء سرت، التي يتأهب لتحريرها.

Share on whatsapp
Share on facebook
Share on twitter
Share on telegram
Share on email
Share on print

رابط مختصر للمادة:

اقرأ أيضاً

Share on facebook
Facebook
Share on twitter
Twitter
Share on whatsapp
WhatsApp
Share on telegram
Telegram
Share on email
Email
Share on print
Print

رابط مختصر للمادة: