سعيّد وشباب تونس.. نهج اتصالي جديد لرئيس محدود الصلاحيات

سعيّد وشباب تونس.. نهج اتصالي جديد لرئيس محدود الصلاحيات

فوز قيس سعيد رسميا

اللقاءات الأخيرة للرئيس التونسي الجديد، قيس سعيّد، مع عدد من شباب بلاده من مناطق داخلية تعاني الفقر والبطالة، ترجمت نهجا اتصاليا جديدا لرئيس حمل معه الكثير من التجديد إلى قصر قرطاج، وإن تظل صلاحياته محدودة وفق الدستور.

وبشكل لم يعهده التونسيون من قبل، توافدت، مؤخرا، مجموعات من الشباب من مناطق مختلفة بالبلاد على القصر الرئاسي، لإبلاغ الرئيس مشاغل مناطقهم.

وعقد سعيّد، بالأسبوعين الماضيين اجتماعات مع مجموعات من الشباب من محافظتيْ القصرين (وسط غرب) وقفصة (جنوب غرب)، بحث خلالها جملة من القضايا بمقدمتها البطالة والتشغيل والتنمية، في خطوة وصفها خبراء بـ”غير المسبوقة”.

** نموذج تواصلي جديد

محمد الجويلي ، أستاذ علم الاجتماع بالجامعة التونسية، اعتبر في حديث للأناضول، أن “هذا شكل جديد في التعامل مع الشباب الغاضب والمهمّش بالمناطق الداخلية”.

وأضاف أنّ “لقاءات سعيّد بعدد من الشباب تعدّ نموذجا جديدا في التواصل وكيفية إدارة المشاكل المتعلّقة بالشباب، وخاصة البطالة والبحث عن الشغل”، لافتا إلى أن “هذه الطريقة غير معهودة في السابق”.

وخلص الجويلي إلى جملة من الرسائل من وراء اللقاءات، أهمّها أن “الرئيس التونسي الجديد يجيد الإنصات إلى الناس والشباب، ويفتح قصره لاستقبالهم وهي طريقة إيجابية على أن تكون محدودة وغير متكررة، إذ لا يمكنه (سعيّد) استقبال كل الشباب من كل المناطق بالبلاد داخل القصر”.

وأردف: “نتطلّع لأن تكون هذه اللقاءات متبوعة بالتفكير الجدّي في إيجاد حلول لمشاكل هؤلاء الشباب وغيرهم، وعلى رأسها مشكل البطالة والتنمية، حتى لا يضطر الشباب للحضور مجددا إلى قصر قرطاج”.

** صلاحيات محدودة

وفي تفسيره لدلالة اتصال الشباب برئيس البلاد بقصر قرطاج لإبلاغه بمشاغله المتعلقة بالتشغيل والتنمية والبطالة والحال أن هذه المسائل تعدّ من صلاحيات الحكومة، قال الجويلي إن “العقلية السائدة مازالت تعتبر أن رئيس الدولة هو الذي يملك الصلاحيات المطلقة في هذه المسائل وبيده الحلّ لكل المشاكل، لكن هذا التفكير خاطئ”.

ويرى الخبير أن “محدودية صلاحيات رئيس الدولة لا تخوّل له حلّ مشاكل هؤلاء الشباب، بل إن هذه الصلاحيات تعود للحكومة، وحلها يكون بشكل جماعي بين كل الأطراف في السلطة”.

وأشار إلى أن “اتصال الشباب بسعيّد دليل على احترامهم له ومشاطرته المأساة التي يعيشونها”، داعيا “الحكومة التونسية إلى الاضطلاع بواجباتها تجاه هؤلاء الشباب بهذه المناطق”.

وفي نفس السياق، تابع الجويلي قائلا: “يمكن إيجاد طرق أخرى للتواصل مع رئيس الجمهورية ليس فقط عبر حضور مجموعة من الشباب إلى القصر، بل هناك قنوات أخرى للتواصل إذ يمكنه هو (الرئيس) التنقل للمناطق الداخلية بالبلاد والإنصات لمشاغلهم”.

واستطرد قائلا: “كما يمكنه (سعيّد) الإشراف على اجتماعات وزارية وتقديم مبادرات تشريعية، كما يمتلك رئيس الدولة سلطة رمزية على الحكومة ويشكّل قوة اقتراح”. 

وتقتصر صلاحيات رئيس الدولة، وفق الدستور التونسي، على الأمن القومي والدفاع والسياسة الخارجية، كما له أن يقترح مبادرات تشريعية على البرلمان، ويمكنه أيضا ترأس اجتماعات مجالس الوزراء.

** القصر يستقبل الشباب

السبت الماضي، استقبل سعيّد بقصر قرطاج، مجموعة من الشباب من “القصرين”، واستمع لمشاغلهم وتصوّراتهم للنهوض بالمنطقة، وإيجاد الحلول الملائمة في إطار مقاربة وطنية.

وشكّل اللقاء، بحسب بيان للرئاسة التونسية، فرصة للتطرق لعدد من القضايا خاصة تلك المتعلقة بخلق فرص التشغيل ومسألة الإرهاب والنهوض بالوضع الصحي في الجهة.

وأكد سعيّد أن الجميع يستطيع أن يتفق حول تشخيص المشاكل والصعوبات ويبقى الأهم هو البحث عن الحلول الكفيلة لتجاوزها.

وعبر سعيّد، خلال اللقاء، عن عزمه زيارة مختلف المناطق بالفترة المقبلة، والحث على إيجاد الآليات التي تمكن المواطنين والشباب منهم خاصة من المساهمة في بناء تاريخ جديد لتونس، وفق المصدر نفسه.

وفي لقاء مماثل جرى في 7 نوفمبر/ تشرين الثاني الجاري، التقى سعيّد بقصر قرطاج مجموعة من شباب محافظة قفصة.

واستمع سعيّد، بحسب بيان منفصل للرئاسة، إلى مشاغل هؤلاء الشباب ومعاناتهم ومقترحاتهم لخلق مواطن شغل تحقق ظروف عيش كريمة لهم ولعائلاتهم، وتمكنهم من الاندماج في المجتمع ومن المساهمة في بناء مستقبل الوطن.

وأكّد سعيّد، وفق المصدر ذاته، حرصه على ضمان الحقوق المشروعة لكل المواطنين وفي مقدمتها الشباب، معتبرا أن الحق في الشغل وفي التأمين ضد المرض وفي المسكن اللائق من أوكد الحقوق الإنسانية.

واعتبر سعيّد أن “الشباب في مختلف ولايات (محافظات) البلاد في صدارة الأولويات، ويمثل قوة اقتراح من شأنها أن تمكن مؤسسات الدولة من إيجاد الإجراءات والآليات الكفيلة لدفع الأوضاع نحو الأفضل على مختلف المستويات” وفق نصّ البلاغ.

وفي 23 أكتوبر/ تشرين الأول الماضي، تولّى سعيّد، رسميا رئاسة تونس، بعد فوزه في الدور الثاني من الانتخابات الرئاسية الذي جرى في 13 من نفس الشهر، وحصوله على 72.71 بالمائة من أصوات الناخبين.

وتعهّد سعيّد خلال حملته الانتخابية، وأيضا، في كلمة له إثر أدائه اليمين الدستورية أمام البرلمان، الشهر الماضي، بأن يقدّم مبادرات تشريعية للبرلمان وفق ما سيتلقاه من مقترحات من الشعب والشباب.

وتعاني المناطق الداخلية في تونس من ضعف فرص التشغيل والتنمية وتفاقم ظاهرة البطالة.

والجمعة الماضي، كشفت بيانات تباطؤ نمو الاقتصاد التونسي إلى 1.1 بالمئة على أساس سنوي، في الشهور التسعة الأولى من 2019.

فيما تراجع معدل البطالة بشكل طفيف إلى 15.1 بالمئة من إجمالي قوة العمل في الربع الثالث، مقابل 15.3 بالمئة في الربع السابق عليه، و15.5 بالمئة في الربع الثالث من 2018. 

Share on whatsapp
Share on facebook
Share on twitter
Share on telegram
Share on email
Share on print

رابط مختصر للمادة:

اقرأ أيضاً

Share on facebook
Facebook
Share on twitter
Twitter
Share on whatsapp
WhatsApp
Share on telegram
Telegram
Share on email
Email
Share on print
Print

رابط مختصر للمادة: