“سفر التكوين”.. مشروع تهويدي يُزوّر التراث ويُجسد “الراوية التوراتية”

“سفر التكوين”.. مشروع تهويدي يُزوّر التراث ويُجسد “الراوية التوراتية”

على الطريق الرئيس الواصل بين مدينتي القدس المحتلة وأريحا، وعلى بعد أمتار من تجمع الخان الأحمر البدوي، يُروج الاحتلال الإسرائيلي عبر لافتات تلمودية يهودية وُضعت على مداخل الشوارع، لمشروع استيطاني سياحي تحت مسمى “سفر التكوين”.

وما إن تطأ قدماك تلك المنطقة، حتى تشاهد عدة لافتات كُتبت باللغتين العبرية والإنجليزية، تضمنت “التخييم في صحراء إسرائيل”، “سفر التكوين إرث حضاري وتاريخي للشعب اليهودي في فترة مملكة يهودا”، وغيرها من اللافتات التي تدلل على “هوية المنطقة” وكأنها “يهودية بامتياز”.

ويُروج الاحتلال للمشروع الاستيطاني، بأنه “يقع في قلب صحراء يهودا بالطريق إلى البحر الميت، في مكان سحري يتيح للزوار تجربة الحياة كما كانت في العصور التوراتية، ويستقبلهم خادم إبراهيم ليجربوا في خيمته الضيافة الأسطورية”.

وضمن جهود الاحتلال والقائمين على هذا المشروع التهويدي الخطير، يُروج موقع “بوكينغ” الشهير لهذا المشروع الاستيطاني، ويتيح فرصة الحجز فيه بمبلغ 90 دولارًا لليلة الواحدة، على غرار ما قام به موقع “أير بي أن بي” (airbnb) سابقًا من ترويجٍ لبيوت المستوطنات المقامة على أراضي الفلسطينيين.

ويقع الخان الأحمر قرب مستوطنتي “معاليه أدوميم” و”كفار أدوميم”، وتبلغ مساحته 40 دونمًا، ينحدر سكانه من صحراء النقب، سكنوا بادية القدس في عام 1953، عقب التهجير القسري من أراضيهم، وما زال خطر التهجير يلاحقهم لليوم، تنفيذًا للمشروع الاستيطاني المسمى “E1”.

تفاصيل المشروع

ويتحدث المختص في شؤون القدس فخري أبو دياب لوكالة “صفا” عن المشروع الاستيطاني، قائلًا إنه يقع شرقي القدس مستهدفًا التجمعات البدوية البالغ عددها 12 تجمعًا، تضم 13 ألف فلسطيني، يحاول الاحتلال طردهم من المنطقة.

ويضيف أن الاحتلال بدأ المراحل الأولى للمشروع، والذي يمتد على حوالي 82 دونمًا من أراضي المقدسيين، تم السيطرة عليها منذ سنوات، ومعظمها أراضي وقفية تعود لأهالي بلدة سلوان.

ويستهدف الاحتلال من خلال المشروع الاستيطاني، البوابة الشرقية للقدس، باعتبارها منطقة استراتيجية ومهمة، لأن كل من يريد زيارة المدينة المقدسة يمر عبرها.

ويوضح أن الاحتلال رصد 50 مليون شيكل لتهيئة البنية التحتية لإقامة المشروع، وعلق الكثير من اللافتات عن “سفر التكوين”، وهي إحدى “أسفار موسى الخمسة في كتاب التوراة، كما يعتقد اليهود”، والتي تدلل على وجود حضارة لليهود في المنطقة.

ويبين أن سلطات الاحتلال تحاول من خلال المشروع، إسقاط الأمور الأيدولوجية الدينية على المواقع الفلسطينية، بهدف تغيير ماهيتها واسمها، ولإيصال رسالة مزعومة بأنه “هنا كانت بداية الحياة والحضارات اليهودية”.

هوية مصطنعة

ونصب القائمون على المشروع التهويدي، كما يوضح أبو دياب، خيامًا بيضاء نُسجت بالطريقة التقليدية البدوية القديمة، وأعدوا القهوة العربية ليستقبلوا بها السياح الزائرين للمنطقة، ويصنعون لهم خبز الصاج، ويأخذونهم في جولات على الجمال.

ويرتدى هؤلاء المتطرفون “لباس الكهنة” وهم يقفون على مداخل الشوارع لشرح ماهية المنطقة وسرد الروايات التلمودية للزوار اليهود، ومحاولةٍ فرض عناصرها التوراتية على المكان.

ويرى أبو دياب أن هذه الإجراءات تعد جزءًا من سرقة التاريخ والتراث البدوي الفلسطيني، والعادات والتقاليد التي تُجسد الهوية الفلسطينية.

ويشير إلى أن الاحتلال وضع أساسات لإقامة فنادق ومواقع ترفيهية وتجارية ومؤسسات تعليمية لجلب مزيد من المستوطنين والسياح الأجانب إليها، بهدف غسل أدمغتهم وعقولهم.

ويتابع أن القائمين على المشروع يقدمون خدمات لليهود تُحاكي الفترة التي كانت قبل 3 آلاف عام، وترويج روايات تلمودية على حساب الرواية الفلسطينية الصحيحة والتاريخ الإسلامي، لإثبات أحقيتهم في المنطقة.

ويعتبر أن هذا المشروع جزء من مساعي الاحتلال لسلب الأراضي الفلسطينية وطرد السكان، مؤكدً أن الصراع على الأرض صراع عقائدي ديني.

وبحسبه، فإن الاحتلال يحاول فرض العقائد اليهودية وهوية مصطنعة على بادية القدس، والتي تحوي أثارًا تُدلل على الفترات الإسلامية والرومانية والبيزنطية والكنعانية، في محاولة لتجسيد قانون “يهودية الدولة” على أرض الواقع، رغم أنهم لم يستطيعوا إيجاد أي آثار حضارية تُدلل على ذلك.

وفي وقت يسمح الاحتلال لآلاف المستوطنين بزيارة المنطقة، إلا أنه يحرم سكان التجمعات البدوية من المرور عبرها أو حتى الاستفادة منها برعي الأغنام والزراعة.

سرقة وتزوير

أما الناشط الاجتماعي في الخان الأحمر محمود أبو داهوك، فيقول لوكالة “صفا” إن ترويج الاحتلال للسياحة التوراتية في التجمع المهدد بالترحيل، ومحاولة تنفيذ مشروعه الاستيطاني يهدف إلى مصادرة وسرقة الأرض الفلسطينية شرقي القدس وحتى البحر الميت.

ويوضح أن هذا المشروع الاستيطاني يعد من أكبر المشاريع الإسرائيلية وأخطرها على السكان الفلسطينيين وكافة التجمعات البدوية، والتي يسعى الاحتلال لاقتلاعهم من أراضيهم لصالح المستوطنين.

ويضيف أن الاحتلال يسعى من وراء هذا المشروع، لمنع إقامة أي دولة فلسطينية مستقبلًا، ولإلغاء التواجد الفلسطيني شرقي القدس، بالإضافة إلى الترويج للراوية التلمودية وزرعها في عقول اليهود والسياح الزائرين لتلك المنطقة.

وبحسبه، فإن الاحتلال يعمل على سرقة الأرض الفلسطينية ومصادرتها لإقامة مشاريعه الاستيطانية باستخدام كافة الوسائل والطرق غير القانونية، بما فيها السياحة الدينية اليهودية، والتي تعد أحد أذرع الاحتلال لابتلاع القدس والضفة الغربية.

ويبين أن المشروع يشمل إقامة فنادق وأماكن ترفيهية لتشجيع المستوطنين على زيارة تلك المناطق والترويج للراوية التلمودية، محذرًا في الوقت نفسه، من خطورة هذا المشروع، كونه يستهدف ترحيل الفلسطينيين.

صفا

Share on whatsapp
Share on facebook
Share on twitter
Share on telegram
Share on email
Share on print

رابط مختصر للمادة:

اقرأ أيضاً

Share on facebook
Facebook
Share on twitter
Twitter
Share on whatsapp
WhatsApp
Share on telegram
Telegram
Share on email
Email
Share on print
Print

رابط مختصر للمادة: