ماهر أبو طير
Share on facebook
Facebook
Share on twitter
Twitter
Share on whatsapp
WhatsApp
Share on email
Email
Share on telegram
Telegram

رابط مختصر للمادة:

سياسات فاشلة لا يوقفها أحد

ماهر أبو طير
Share on facebook
Share on twitter
Share on whatsapp
Share on email
Share on telegram

رابط مختصر للمادة:

ينفق الآباء والأمهات عشرات الآلاف من الدنانير من اجل اللقب، وهذا اللقب نتاج عقدة اجتماعية في الأساس، تتعلق بالرغبة بالتفوق على الآخرين.

بيننا وبين نتائج الثانوية العامة أيام قليلة، والكل يريد دراسة الطب والهندسة، هذا على الرغم من وجود آلاف الأطباء بلا عمل، خصوصا، ممن لا يتخصصون، ولا يمتلكون قدرة مالية على التخصص، خصوصا، ان مشوار خريج الطب الحقيقي يبدأ بعد انتهاء بكالوريوس الطب العام، وهو مشوار مرهق ومجهد، يمتد لسنوات طويلة بعد ذلك، والامر ذاته ينطبق على تخصصات الهندسة، فكثرة من خريجي الهندسة بلا عمل، ويعانون البطالة، وبرغم ذلك نجد ان كل من كانت معدلاتهم مرتفعة يذهبون الى الطب والهندسة، داخل البلد وخارجه.

هذه خيارات شخصية، وليس من حقي او حق احد، منع الناس من تحقيق احلامهم، لكننا نتحدث عن الجدوى هنا، وسياسات الدولة التي تتفرج على التخصصات الكاسدة ولا تغلقها، او تجمدها مؤقتا، بما في ذلك عشرات التخصصات الثانية، التي لا جدوى منها هذه الأيام.

فرص العمل في الأردن، قليلة جدا، والشهادات الجامعية من جامعات الأردن، لا تنافس بمعايير التنافسية العالمية والاقليمية، برغم انها شهادات ذات مستوى ممتاز خصوصا على مستوى الطب والهندسة، وعلى مستوى جيد او عادي على مستوى بقية التخصصات، لكن الأزمة تكمن اليوم، بزيادة عدد الخريجين في كل دول العالم، وتناقص فرص العمل، وعدم الجدوى الاقتصادية في كثير من التخصصات، بما في ذلك التخصصات الإنسانية، من اللغة العربية، الى اللغة الإنجليزية، وصولا الى بقية التخصصات، وغير ذلك.

دول كثيرة في العالم رصدت هذه الظاهرة، واستطاعت ان تفتح تخصصات جديدة، فالصين مثلا أدخلت الى برامج البكالوريوس اكثر من 400 تخصص تقني جديد، والرقم مذهل، وكلها على صلة بالتكنولوجيا والذكاء الصناعي وغير ذلك، لكننا في العالم العربي عموما، نعود الى الوراء، فالمهم ان يقال ان ابن فلان، طبيب، او مهندس، برغم مشوار الشقاء الذي ينتظر الخريج، وضياع العمر، دون مستقبل مزدهر، في حالات كثيرة.

الناس لا يستمعون لهذا الكلام، فالابن الذي يصر على تخصص ما، سوف يواصل إصراره، ولن تمنعه كل إحصاءات البطالة، ولا ارقام الدخل القليلة، ولا المصاعب التي في الطريق، وهذه طبيعة إنسانية، فكل انسان يعتقد ان حظه سيكون افضل من غيره، غير ان هذا يجب الا يمنع كثرة من تغيير نظرتها الى الأشياء، خصوصا، على المستوى الاجتماعي والاقتصادي، خصوصا ان التعليم يعد استثمارا في احد جوانبه، وليس استعراضا اجتماعيا.

برغم كل التحذيرات من الخبراء حول التخصصات الكاسدة، وواقع الخريجين، لم تفلح ولا جهة رسمية في الأردن، في إعادة توجيه سياسات القبول، عبر اغلاق تخصصات، وفتح تخصصات جديدة، او اقناع الناس بجدوى التعليم المتوسط والمهني والتقني، وغير ذلك، فالمجتمع يقاوم التغيير، ويعاقب بعضه بعضا، عبر النظرة الاجتماعية التي تنتقص من الشخص اذا لم يكن جامعيا، او اذا كان تخصصه عاديا، كما اننا نرى بكل وضوح، وامام الاغلاقات التي يفاجأ بها خريج البكالوريوس أيا كان تخصصه، الكيفية التي يهرب بها بعضهم نحو دراسة الماجستير، لتحسين مستواه الاكاديمي، دون ان يكمل اغلبهم الدكتوراه.

لا الحكومات تحاول إنقاذ هذه الأجيال عبر فتح تخصصات جديدة، ولا المجتمع يرحم، فالمهم ان يكون الشاب او الشابة، طبيبا، او طبيبة، حتى لو تكررت ظاهرة الأطباء العاطلين عن العمل كما في مصر، حيث تشتهر المقاهي بوجودهم بلا امل ولا مستقبل، وهي بلا شك مهنة عظيمة، ومن ارقى المهن، لكننا امام واقع جديد يؤشر إلى تغيرات بشأنها وبشأن بقية التخصصات، مرورا بالهندسة، والطيران، وصولا الى معلم الصف، والتربية النفسية.

هذه سياسات فاشلة، لا يوقفها احد، ولا يسعى احد أيضا الى إعادة مراجعتها، وكأننا ننطلق بسرعة نحو الحافة، دون ان نقدر النتائج، ابدا، والمطلوب هنا، ليس منع دراسة الطب، على سبيل المثال، بل إعادة النظر بكل سياسات التعليم ونتائجها.

فكروا قليلا قبل ان تختاروا تخصصكم الجامعي، حتى لا تندموا بقية اعماركم.

(الغد)

Share on facebook
Share on twitter
Share on whatsapp
Share on email
Share on telegram

رابط مختصر للمادة:

Related Posts