صمت النقابات المهنية على اغتيال “نقابة المعلمين”.. خوفٌ أم تواطؤ؟

صمت النقابات المهنية على اغتيال “نقابة المعلمين”.. خوفٌ أم تواطؤ؟

المعلمين

الخبيرة القانونية والحقوقية هالة عاهد لـ “البوصلة”:

– ما يحصل بحق نقابة المعلمين لم نشهده في فترة الأحكام العرفية

– النقابات المهنية متواطئة مع حل نقابة المعلمين إمّا “خوفًا أو طمعًا”

– الفجاجة التي ينتهك فيها القانون والدستور ستضعف الأردن أمام التحديات  

الخبير الإستراتيجي والمحلل السياسي د. منذر الحوارات لـ “البوصلة”

– نقابة المعلمين يتيمة لا أحد يقف معها خوفًا من خوض مواجهة مع القضاء

– لا يوجد بلد في العالم يحترم القانون والمؤسسات والحريات يحل نقابة

– حل نقابة المعلمين سبقه حملة إقالات لمجلسها للجم أي صوت يعارض الحكومة

نقيب المعلمين الأسبق حسام مشة لـ “البوصلة”:

– غير مقبول من النقابات الأخرى أن تبقى متفرجة على ما يجري للمعلمين

– ما يجري استهداف واضح لـ “نقابة المجتمع الأردني”

– نقابة المعلمين رافعة إصلاح حقيقية وحلها وأد لحلم المعلمين

عمّان – رائد الحساسنة

عبّر خبراء قانونيون وحقوقيون وسياسيون في تصريحاتهم إلى “البوصلة” عن رفضهم لما يتمّ من إجراءات مخالفة للقانون والدستور بحلّ نقابة المعلمين الأردنيين.

وانتقدوا الغياب الكامل للأحزاب والنقابات عمّا يجري من “اغتيال” لنقابة المعلمين وسط صمتٍ مطبق من الجميع في مشهد غير مسبوق ولم يحصل في فترة الأحكام العرفية، مؤكدين أن الوقوف إلى جانب المعلمين اليوم واجبٌ والغياب عنه شكلٌ من أشكال التواطؤ سواء كان “قسرًا أو طمعًا”.

هل تواطأت النقابات المهنية على “المعلمين”؟

وقالت الخبيرة القانونية والحقوقية هالة عاهد في تصريحاتها إلى “البوصلة” أن “النقابات تواطأت فيما يجري بحق نقابة المعلمين اليوم إمّا قسرًا أو طمعًا، فكل جهة كانت لها حساباتها، مؤكدة أن ما نقرؤه في المشهد اليوم هو صمتٌ غريبٌ على النقابات التي كانت في أشد تاريخ الأردن حلكة في فترة الأحكام العرفية وغياب لقوى المجتمع المدني والقوى الحزبية، كانت النقابات حاضرة في تمثيل الناس ومواجهة قمع السلطات والمحافظة على التوازن.

وأضافت أن “هذا التراجع الذي نشهد اليوم في النقابات يشكل واقعًا مريبًا حتمًا، يوحي بأن التدخلات نجحت بفرض مشهدٍ معين أو أن هناك حالة خوف وهلع أو طمع غير مقبولة”.

وأكدت أننا نشهد اليوم تدخلات في عمل النقابات ليس في نقابة المعلمين فحسب؛ بل في نقابة الأطباء التي لم تجر انتخاباتها حتى اللحظة وتديرها الحكومة، ويتم استغلال أوامر الدفاع لتعطيل انتخابات النقابات وعلى سبيل المثال نقابة المحامين، التي من يقرأ المشهد الداخلي لها يعلم جيدًا حجم الضغوط والتدخلات في الأسماء المطروحة لانتخاباتها المقبلة.

وتابعت بالقول: المشهد برمّته ليس مريحًا، ورأينا كيف أن الأحزاب السياسية التي رضخ عددٌ كبيرٌ منها وانخرط في الانتخابات كيف صدمت بنتيجة الانتخابات وما ترافق معها.

وحذرت عاهد من أن “المشهد بائس جدًا وينبئ بفترة غير مسبوقة، فمن عاصروا الأحكام العرفية وشدتها وقسوتها يعلمون جيدًا أننا نعيش فترة أسوأ منها، لا سيما وأنه كان هناك مساحة للعمل على الأقل للنقابات”.

وأشارت إلى أن أحد الزملاء المحامين تمّ تحويله للمحكمة بسبب رأي قانوني بحت وتم اتهامه بإطالة اللسان والنيل من هيئة معنوية لأنه كتب مقالة يوضح فيها أن من يوقع على الإرادة الملكية بإجراء الانتخابات إلى جانب الملك ورئيس الوزراء هو وزير التنمية السياسية وليس وزير الداخلية، متسائلة “ألهذا الحد وصلنا؟ المجتمع المدني كله يعاني من القيود والتحويل إلى المحاكم”.

كما نوهت إلى تحويل صحفيين لمحكمة أمن الدولة لمجرد تساؤلات مشروعة حول كورونا، ناهيك عن الاستدعاءات الأمنية غير الظاهرة والضغوط بشكلٍ أو بآخر على من يكتب سواء كان رسام كاريكاتير أو صحفي أو ناشط أو غيرهم، معبرة عن أسفها بالقول: “المشهد غير مسبوق ومن غير المقبول استمرار الصمت”.

وشددت على أن “ما سيحمي الأردن كدولة ونظام هو الحفاظ على مؤسسات الوطن جميعها، مؤسسة القضاء من التدخل ومؤسساتها التشريعية من التسلط والتدخل، وحماية الحقوق والحريات”.

وأكدت المحامية والحقوقية عاهد على أن الوضع الذي يعيشه الأردن في المنطقة والعالم والتهديدات التي يتعرض لها سيحميها التمسك بالحقوق والحريات والحفاظ على أسس المواطنة، والحفاظ على الدستور والقانون.

وحذرت من أن “الفجاجة التي ينتهك فيها القانون والدستور بهذا الشكل لا تحمي الأردن بالعكس ستجعله أكثر ضعفًا في وجه كل المخاطر المحيطة به”.

وختمت عاهد حديثها إلى “البوصلة” بالقول: إن مواجهة المخاطر لا يكون إلا بتمتين الجبهة الداخلية وهذا لا يكون إلا باحترام كافة المؤسسات الدستورية ومؤسسات المجتمع المدني من نقابات وهيئات غير حكومية ومن أحزاب والحفاظ على كرامة المواطنين وحقوقهم وحرياتهم.

“المعلمين”.. النقابة اليتيمة في وجه تغول الحكومة

بدوره قال الخبير الإستراتيجي والمحلل السياسي الدكتور منذر الحوارات في تصريحاته إلى “البوصلة” إن نقابة المعلمين يتيمة اليوم لا أحد يقف معها، لأنه باختصار لا أحد يريد أن يضع نفسه في مواجهة القضاء.

وشدد الحوارات على أن “الحرية للمواطن الأردني ومؤسساته ليس منة بل حق دستوري مصان تحدث عنه جلالة الملك في أوراقه النقاشية، وطرح الماهية والكيفية التي يرغب أن يكون المواطن الأردني عليها، ولكن للأسف يبدو أن الحكومة لا تقرأ حتى الخطابات الملكية ولا تطبقها على أرض الواقع”.

وأضاف أن الحكومة خلال المرحلة الماضية احتكرت المنصات واستمرأت على أنها الصوت الوحيد الذي يسمع الحكومة وقراراتها، مؤكدًا أنها لم تعد تفكر باحترام أي مكون مؤسسي يرفض ويقول لا للحكومة بأي شكلٍ كان.

وتابع الحوارات بالقول: “هذا أدى إلى كشط المؤسسات ذات البعد السياسي الاجتماعي وجعلها أسيرة إما لقانون الدفاع الذي استخدم في أكثر من مرة بشكلٍ محدد للحريات ومعيق لها”.

وأشار إلى أن نقابة المعلمين حين تدافع عن أعضائها تقع ضحية وفريسة لقرارات الحكومة واجتهاداتها ورفضها وتحل النقابة ويحبس مجلسها، علمًا بأن هذه مؤسسة مختارة ومنتخبة من قبل هيئات عامة ولا يجوز أن تحل.

وشدد على أنه لا يوجد شيء في العالم ولا في أي دولة اسمه “حل نقابة”، فأي دولة تحترم المؤسسات القانونية وتحترم حقوق الناس وتحترم صوته لا يوجد شيء اسمه “حل”.

وقال الحوارات: إن إدانة مجلس نقابة بأكمله يضع إشارة استفهام، وحل المجلس يضع علامة استفهام أخرى، فهل يعقل ذلك، فقد يخطئ واحد في مجلس النقابة أو اثنين أو أربعة ولكن هل يخطئ المجلس كله ويحل.

وأكد أن هذا الأمر بحاجة لنقاش مستفيض متى يكون القانون هو الفيصل وهل القانون يطبق على مؤسسة اعتبارية بكليتها أم يطبق على أفراد أخطؤوا في هذه المؤسسة.

وشدد على أنه يجب أن يعاد النقاش في هذا المجال والتوقف عنده، مستدركًا بالقول: حتى لو أخطأ باعتقادي جميع أعضاء مجلس النقابة يمكن أن يعاقبوا، لكن ما علاقة الهيئة كإسم مثلا مجلس النقابة، وما علاقة المسمى الاعتباري للنقابة كي يحل.

وحذر الخبير الإستراتيجي من أن حالة الاحتكار للرأي والاحتكار للفكرة والتمسك بأن ما تقوله الحكومة وتفعله هو الحقيقة هذا مؤشر على تراجع كبير في مستوى الحريات العامة والأسس التي تقوم عليها الدول وعلى رأسها التشاركية.

وقال: لا توجد دولة في العالم تقول أن لديها مؤسسات وليس لديها معارضة منضبطة ويطلبوا صباح مساء أن تكون هناك أحزاب ونقابات، ولكن حين تبدأ هذه النقابات بالمشاركة في الحياة العامّة سياسيًا أو غيرها فيقال لها توقفي هذا ليس من حقك، فهذا منطق لا يمكن أن يستمر.

واستدرك الحوارات بالقول: لذلك نجد مؤسسات الدولة تختنق بأخطائها لأنه ليس لديها شريك يحاسبها، حتى الصحافة والرأي العام، وكل هذا مناط بإطار معين يتحدث فيه لا يحق له تجاوز نقطة وحد معين.

وتابع، بالتالي هذا سيؤدي مع الزمن إلى مزيد من الأخطاء والارتباكات؛ الأمر الذي سيجعلنا ندخل في مأزق مستقبلي، لأنه لا يوجد دول بدون معارضة فالدول إن لم يكن لديها معارضة هي تصنعها وتوجدها، مشددا على أنه “للأسف نحن لا نسير بالاتجاه الصحيح”.

وقال الحوارات إن نقابة المعلمين يتيمة اليوم فلا أحد يقف معها، لأنه باختصار لا أحد يريد أن يضع نفسه في مواجهة القضاء.

وأشار إلى أنه “لو كانت العلاقة مع الحكومة مباشرة ربما ستجد لها بواكي، ولكن حين يكون الخصم القضاء يتحسس الجميع من الوقوف خشية من أن يقال تجاوز فلان أو ذاك على الحق القانوني للقاضي أو المؤسسة التي تحكم”.

وأضاف أن هذا الأمر ربما يعيق وقوف أحد مع نقابة المعلمين في هذه الفترة، وإلا حجم التعاطف مع المعلمين كبير وبالذات بعد حملات التقاعد المبكر وهي حملات إقالات مبكرة للجم أي صوت قد يظهر مستقبلاً يعارض توجهات الحكومة ووجهة نظرها.

وحذر الحوارات من أن الطريق التي تسير به المؤسسات الحكومية هو طريقٌ خطير يجب أن يتوقف.

نقابة المجتمع الأردني تتعرض للاغتيال الممنهج

من جانبه عبّر نقيب المعلمين الأسبق حسام مشة في تصريحاته إلى “البوصلة” عن رفضه للصمت المطبق للنقابات المهنية والأحزاب والمؤسسات الحقوقية تجاه ما يجري بحق نقابة المعلمين التي غابت عن الوطن لـ 60 عامًا، وجاء الدستور فأقرها لتشكل رافعة إصلاح حقيقية في هذا الوطن.

ووصف مشة النقابة بأنها “نقابة المجتمع الأردني”، لا سيما وأنها تضم 150 ألف معلم ومعلمة يتبعها مليوني طالب وطالبة.

وقال مشة إن هناك استهدافًا واضحًا لنقابة المعلمين هذه النقابة التي دافعت عن المعلمين وحققت لهم مطالبهم، التي توفر نوعا من الانتعاش لهم، إذ أن حقوقهم قليلة بمستوى عطائهم ورفعتهم في هذا الوطن.

وعبر عن أسفه ورفضه لاستغلال الحكومة لقانون الدفاع، فتم اغتيال نقابة المعلمين بكل ما تحمله الكلمة من معنى  بشكلٍ غير مقبول.

وشدد على أن الحكم الصادر بحق نقابة المعلمين هو وأد لحلم المعلمين الذي طال انتظاره لمدة 60 عاماً، فلما تحقق هذا الحلم غاظ البعض أن تكون هناك قوة للمعلمين في المجتمع الأردني تطالب بحقهم وتؤكد حق المعلمين أن يكونوا قادة في هذا المجتمع؛ لأنهم بناة الإصلاح.

وتابع مشة بالقول: نأمل وبعد هذا الحكم، أن يكون هناك حكم حقيقي في الاستئناف يؤكد حق المعلمين في نقابتهم، مؤكدًا أنه “لا يمكن أن تغيب نقابة المعلمين عن باقي النقابات المهنية”.

ودعا مشة “قضاءنا النزيه والعادل الذي يحترمه المجتمع الأردني إلى أن ينظر إلى هذه النقابة التي من شأنها أن تكون عنوانا للإصلاح في هذا الوطن، وتصدر حكما يقضي ببقاء هذه النقابة قوية متجذرة في المجتمع تدافع عن المعلمين وتعلي من شأن هذه المهنة المقدسة”.

وأعاد التأكيد على أنه من غير المقبول أن تبقى النقابات المهنية الأخرى متفرجة على ما يجري بحق النقابة، ولا يقبل من القوى الحية في المجتمع الأردني من أحزاب ومن قامات في مجال التربية أن تبقى صامتة على قتل نقابة المعلمين ووأد نقابة المعلمين واغتيال.

وختم نقيب المعلمين الأسبق حديثه لـ “البوصلة” بالدعوة للجميع وعلى رأسهم المنظمات الحقوقية أن يكون لهم دور ووقفة لحماية التعليم وحماية المعلم الأردني.

(البوصلة)

Share on whatsapp
Share on facebook
Share on twitter
Share on telegram
Share on email
Share on print

رابط مختصر للمادة:

اقرأ أيضاً

Share on facebook
Facebook
Share on twitter
Twitter
Share on whatsapp
WhatsApp
Share on telegram
Telegram
Share on email
Email
Share on print
Print

رابط مختصر للمادة: