خبراء لـ”البوصلة”: هكذا ستنعكس أحداث أمريكا على العالم

خبراء لـ”البوصلة”: هكذا ستنعكس أحداث أمريكا على العالم

أستاذ الصراعات الدولية الدكتور حسن المومني لـ “البوصلة”:

– تفاقم أزمة الهوية في المجتمع الأمريكي وراء ما يجري من أحداث

– تطور الاحتجاجات في الشارع الأمريكي دليل فشل “سياسات ترامب الشمولية”

– استمرار الاحتجاجات واكتسابها الزخم سيقرر الثمن الذي سيدفعه ترامب

الخبير العسكري د. قاصد محمود لـ “البوصلة”:

–  أحداث أمريكا مرحلة متقدمة من الصراع الطبقي العنصري قد يتطور لصورة أكثر دموية

– “كورونا” ومظاهرات أمريكا ليست صدفة وستقود لتغيير عالمي كبير جدًا

– تطور الأحداث في أمريكا قد يخرجها من معادلة القوة الأولى عالميًا

عمّأن – رائد الحساسنة

أكد خبراء استراتيجيون وعسكريون أن ما تشهده أمريكا اليوم من عنف ومظاهرات مرتبط بشكلٍ وثيق مع تفاقم “أزمة الهوية” والخليط الاجتماعي الموجود متعدد الهويات في ظل انقسامي مجتمعي حاد عززته سياسات ترامب “العنصرية الشمولية”، محذرين في الوقت ذاته من أنّ ما يجري على الساحة الأمريكية لم يكن مجرد صدفة؛ بل هي أحداث مترابطة ومتراكمة وليست بعيدة عن “جائحة كورونا” وقد تقود لتغيير عالمي كبير جدًا لا تعود فيه أمريكا القوة الأولى في العالم.

ونوه الخبراء إلى أن عمق الأزمة وتدحرجها مثل “كرة الثلج” لم يقف عند الشارع الأمريكي بل وصل إلى احتجاج رموز إدارة ترامب ذاتها على سياساته وانتقلت شرارة الاحتجاجات والتضامن إلى العواصم الدولية التي عبر المتظاهرون فيها عن رفضهم للتمييز العنصري الذي تمارسه الإدارة الأمريكية ضد السود وضد الأقليات على أساس اللون والدين.  

وأكدوا أن مستوى تأثير المظاهرات والاحتجاجات في الساحة الأمريكية على مستقبل ترامب وإدارته مرهون بأمرين، هما استمرار الاحتجاجات وقدرتها على اكتساب الزخم كمرحلة متقدمة جديدة من مراحل الصراع الطبقي العنصري الأمريكي، بالإضافة إلى تأثيرات جائحة كورونا واستمرارها.

 ترامب يدفع ثمن سياساته العنصرية

قال الخبير الإستراتيجي وأستاذ الصراعات الدولية في الجامعة الأردنية الدكتور حسن المومني في تصريحات إلى “البوصلة”: إن ترامب سيدفع اليوم ثمن سياساته العنصرية، بدليل أن الاحتجاجات لم تقتصر على الشارع الأمريكي، بل إن فريقه ومن يعملون معه بدأوا يعلنون رفضهم ويحتجون على سياساته، منوهًا إلى أن أكبر دليل على ذلك تصريحات وزير الدفاع السابق جيمس متيس الذي اختلف مع ترامب سابقا وصمت عن انتقاده، لكن الآن أصبح أكثر شخص يوجه انتقادات قوية لطريقة إدارة ترامب في العلن وصلت إلى اتهام ترامب باتباع سياسات ستؤدي إلى انقسام الولايات المتحدة الأمريكية وزعزعة الرابط القوي بين المجتمع الأمريكي والقوات المسلحة الأمريكية، وأن هذه السياسات هي أقرب لـ “السياسات الشمولية” التي ستؤجج التوتر الاجتماعي داخل أمريكا.

وشدد على أن تطور زخم الاحتجاجات على الأرض، ووصولها إلى داخل المؤسسة دليلٌ على سوء إدارة ترامب في التعاطي مع الاحتجاجات، ولم يقتصر رفض هذه السياسات على أمريكا بل شمل الكثير من العواصم العالمية التي آزرت الاحتجاجات ضد العنصرية في أمريكا.

وقال المومني: باعتقادي لم تعد القضية فردية تتعلق بشخص واحد، صحيح أن التراجيديا الفردية تكون أكثر تأثيرًا في ذهنية وضمير الناس، لكن الآن المسألة أصبحت مسألة صراع بين قوى ترغب في تعميق العدالة والمساواة والقانون، وقوى هي في الأساس نظرتها ضيقة وعنصرية.

وأوضح أن ما نشهده من عنف في أمريكا اليوم بسبب تفاقم مسألة الهوية الموجودة أصلاً وكانت تشكل تحديًا بارزًا، وهي اليوم على المحك في ظل انقسام حاد في المجتمع الأمريكي، مستدركًا بأنه “صحيح أن سياسات ترامب مثيرة للجدل لكنه ما زال لديه مؤيدون لسياساته”.

وتابع المومني حديثه بالقول: رأينا كيف ذهب إلى الكنيسة وحمل الإنجيل، وهو كان يستهدف فيها تياراً أمريكيًا بعينه يتمثل في اليمين الأمريكي والمسيحيين الأنجليكان، فلذلك ما زال هناك تأييد وقواعد شعبية لترامب وهو مهتم فيها لأنها أوصلته إلى السلطة.

ونوه إلى أنه ما زال موقف الحزب الجمهوري نفسه غامضًا حول ما يجري، وقبل هذه العملية كان هناك نزاع محتدم بين الجمهوريين والديمقراطيين على موضوع الانتخابات الرئاسية ومن سيواجه ترامب، لكن اليوم نرى تدخل أوباما الذي وجه رسالة لتشجيع المحتجين عبر رسالة بأن إنهاء هذا الوضع سيكون في صناديق الاقتراع، لتغيير هذا الرئيس الذي يجر أمريكا لعملية الاستقطاب وتعزيز الفرقة بين المجتمع الأمريكي.

وتابع، ما يقوم به ترامب اليوم يأتي في سياق محاولته الحثيثة لاستثمار اللحظة وإرسال رسائل لقواعده الانتخابية والمواطن الأمريكي العادي بأن المتظاهرين هم قوى فوضوية تريد أن تدمر أسلوب حياة الشعب الامريكي، مؤكدًا أن رسالة ترامب واضحة وتتمحور حول شيطنة المحتجين وشيطنة الشارع واستغلال تأثيرات ذلك على أصوات الناخبين.

وشدد المومني على أن مستوى التأثير بما يجري في الساحة الأمريكية من مظاهرات واحتجاجات مرهون بأمرين، هما استمرار الاحتجاجات وقدرتها على اكتساب الزخم مثل كرة الثلج، والأمر الآخر هو تأثيرات كورونا واستمرارها، منوها إلى أن الأحداث جاءت على خلفية وباء كورونا الذي عمق الشرخ اقتصاديًا بين من يملك ومن لا يملك والتهميش وغيرها من الجوانب السلبية التي يعاني منها المجتمع الأمريكي.

وختم المومني حديثه إلى “البوصلة” بالقول: باعتقادي الشخصي إن هذه الحالة لم تظهر هذه الحادثة سلوك ترامب الحقيقي منذ البداية، فهو على أي أسس أدار حملته الانتخابية في البداية، فما حصل الآن هو صادق على توجهات ترامب.

الخليط المجتمعي ونشأة الدولة الأمريكية سر تفاقم الأحداث

بدوره يرى الخبير العسكري الدكتور قاصد محمود في حديثه إلى “البوصلة” أن الموضوع الأمريكي له حساسية خاصة مرتبطة بنشأة الدولة الأمريكية، والدستور الأمريكي والعلاقة الأساسية بين الخليط الاجتماعي الأمريكي، لا سيما وأنها عمليًا الدولة الوحيدة في العالم التي ليس لديها شعب بهوية محددة.

وتابع محمود حديثه: هكذا أمريكا منذ نشأت ووضعت دستورها والمشاكل مع السود مستمرة، وطبيعة هذا الخليط نشأت بجذور المؤسسين وهم مجموعة من المجرمين الدمويين الذين كانوا في سجون بريطانيا وأوروبا.

وشدد على أن هذه الدولة نشأت بنماذج بشرية خارجة عن المعايير الإنسانية بكل الأحوال حتى نكون واقعيين، موضحًا كيف استقدم هؤلاء العبيد من القارة الأفريقية وفعلوا ما فعلوه في الهنود الحمر.

ونوه محمود إلى أن أساس الفكرة الأمريكية غير حضاري وغير قيمي وغير إنساني إذا أردنا أن نكون واقعيين، وبالتالي أمريكا في تاريخها أسوأ نوع من الحروب الأهلية كان فيها، حيث كانت خسائرهم بين بعضهم من أكبر الخسائر في التاريخ، وهم أكثر من قتل الآخرين سواء من بعضهم أو من العالم.

التوليفة الأمريكية وارتباطها بالمصالح

وأوضح الخبير العسكري أن التوليفة الاجتماعية الأمريكية ظلت تقوم على المصالح، وجاء العديد من الرؤساء الأمريكيين الذين لهم رؤية حول العدالة والحقوق وتحرير العبيد وإعطائهم حقوقهم كاملة، إلى أن وصلوا إلى أن أصبح باراك أوباما أسمر البشرة رئيسا لأمريكا.

واستدرك محمود بالقول: لكن التركيبة الاجتماعية لم تعالج بشكلٍ صحيح، فالسود يُنظر لهم في أمريكا على أنهم منبوذون وأنهم أقل من الدرجة الثانية، وفي آخر 20 إلى 30 عامًا بدأ يلتقي مع السود مكونات أمريكية أخرى، منها المسلمين والكوبيين واللاتين وغيرهم.

وأكد أن الصهيونية العالمية واللوبيات الصهيونية عملت على تعزيز التمييز على أساس اللون والدين مستغلة حالة التزاوج التي أقامتها مع الإنجيليين الأمريكيين.

ونوه إلى العنصرية بالنسبة للرئيس الأمريكي ترامب كانت عنوانًا بالإضافة إلى كراهية المسلمين كذلك والألوان الأخرى التي هي في الأصل ثقافة بريطانية.

السيناريو الخيالي الأسوأ والقوة الخفية

ويذهب الخبير العسكري الدكتور قاصد محمود في تصريحاته إلى “البوصلة” إلى أبعد مدى في رؤيته للأحداث مؤكدًا أن تطورها وتسارعها لم يأت صدفة.

وأوضح “أننا نعيش فترة مواجهة كورونا التي يمكن أن يكون فيها هذ الفيروس تطور ذاتيًا أو يكون تطور صناعيًا؛ لكن كل ما ترافق معه ليس صدفة”، مشيرًا إلى أن هناك نوعًا من الإدارة الخفية في العالم، والبعض يسميها البناؤون الجدد أو غيره من التسميات، لكن يوجد “قوة خفية” تدير المشهد، على حد تعبيره.

وحذر محمود من أن “أخطر السيناريوهات أن يكون ما حصل في كورونا مقدمة لأحداث كبرى في العالم، قد يكون ما يحدث في أمريكا جزءًا منها”.

وقال: “ما حدث في أمريكا كان يمكن أن يعبر بهدوء، بدون الصخب الإعلامي والمظاهرات، لأنه كان تركيز إعلامي عليه وتوجيه بشكلٍ قوي، وتوجيه لعمليات عنيفة واضحة انتقامًا وهو تعبير عما هو موجود أو ما هو يراد له أن يحصل له في أمريكا، لأنها سيدة العالم والقوة الأعظم في العالم ومن يريد أن يحكم العالم عليه أن يبدأ من هناك فيحيد أمريكا أولاً ويستخدم أدواتها، سواء كانت أدوات القوة أو المال أو الإعلام”.

وشدد على أن أكثر لوبيات مسيطرة على هذا المشهد في أمريكا هي اللوبيات الصهيونية، موضحًا بالقول: “ولا أستبعد أن يكون هناك حالة مرتبطة مع بعضها البعض ومتكاملة وستقود إلى تغيير عالمي رئيسي كبير جدًا وهذا احتمال”.

وختم محمود حديثه إلى “البوصلة” بالقول: “لكن المؤكد الذي ليس عليه نقاش هو أنها مرحلة متقدمة جديدة من مراحل الصراع الطبقي العنصري الأمريكي الذي إذا لم يتفقوا الآن أو يجدوا له حلولاً واضحة ومرضية تماما خصوصا للسود، فإن سيأتي لاحقًا وقد يكون قريبًا إلى مراحل أكثر مواجهة وأكثر دموية وقد يكون هذا السبب الرئيسي في إخراج أمريكا من معادلة القوة الأولى في العالم”.

 (البوصلة)

Share on whatsapp
Share on facebook
Share on twitter
Share on telegram
Share on email
Share on print

رابط مختصر للمادة:

اقرأ أيضاً

Share on facebook
Facebook
Share on twitter
Twitter
Share on whatsapp
WhatsApp
Share on telegram
Telegram
Share on email
Email
Share on print
Print

رابط مختصر للمادة: