في مثل هذا اليوم 17 رمضان من السنة الثانية للهجرة كانت غزو بدر الكبرى ، يومٌ نصر الله فيه القلة المؤمنة صاحبة الحق على العدو المتجبر الظالم الذي أخرج المسلمين من ديارهم في مكة المكرمة واستولى على أموالهم ، فكانت بدر هي يوم الفرقان الذي فرق الله فيه بين الحق والباطل .
ليس المهم ان تكون صاحب قوة وتمتلك السلاح الكثير والجيش اللجب حتى تنتصر في معركتك ، بل المهم أن تكون صاحب حق وقضية عادلة ،وعزيمة وإرادة وإيمان ، وشجاعة ، فضلا عن امتلاكك للقوة والسلاح المادي حتى ينصرك الله.
فَهمَ الصحابة البدريون وأحفادهم هذه المعادلة فانتصروا في معاركهم ضد أعدائهم انتصروا في الخندق وعين جالوت وحطين وغيرها ، وحرروا أرضهم ومقدساتهم ، بل حرروا أنفسهم من تثاقلها إلى الأرض وتعلقها بسفاسف الأمور، والتبعية للشرق أو الغرب وأصبح قراراهم مستقلاً ينطلق من مصلحتهم ، أما المفرطون والمنهزمون فقرارهم ليس بأيديهم بل يطبخ في عواصم غيرهم.
ايها السادة : نحن الآن نعيش أزمات ونكبات كثيرة : أزمة في الحكم الجبري الذي لا يهتم بمصالح الشعب وكل ما يهمه مصالحه الشخصية ومصالح زبانيته ولو قَتل نصف الشعب بل وسجن وإعدام الدعاة والمصلحين ، شعب مأزوم اجتماعيا وثقافيا وماديا أنهكته ظروف الحياة وتعقيداتها وظلم الطغاة فلم يعد يهتم بشي ، ولسان حاله يقول: اللهم نفسي نفسي ، وتحاك المؤامرات وتعقد الصفقات لمحاربة هذا الإسلام وتشويه صورته ، وتصفية قضية المسلمين المركزية وهي قضية فلسطين.
جاءت ذكرى بدر لتضيء لنا الطريق في ظل تزاحم النكبات علينا ، جاءت لتعلمنا أننا نملك مفاتيح القوة والنصر المتمثلة بتمسكنا بإسلامنا ، وتوحدنا ، وتصميمنا على تحقيق هدفنا ، ففي بدر حقق المسلمون أهدافهم وانطلقوا بعد المعركة وأصبحوا قوة عالمية يحسب لها ألف حساب ، فالمطلوب أن نعي الدروس من تاريخنا المجيد.
(البوصلة)