عبدالحميد القضاة (رحمه الله)
يتحدث الدكتور عبدالحميد القضاة رحمه الله في هذه الحلقة بأنه قد قدّر العلماء أنه إذا ما كان على جلدك وما في فمك عشرة ترليون خلية فإنّ ما في أمعائك عشرة أضعاف ذلك أي أن في جهازك الهضمي مئة ترليون جرثومة. وهي داء وفي نفس الوقت دواء، فكيف ذلك؟
منها جراثيم صديقة ومنها انتهازية تسبب لك إزعاجاً كلما لاحت لها الفرصة، ورغم أنها تتعايش في الأمعاء بسلمية وهدوء في الأحوال العادية مع مئات الأنواع الأخرى لكنها تثور وتثور إذا جاءها ما يعكر صفوها من الداخل أو الخارج، لأنها تتزاحم مع غيرها على نفس المكان. وتعد بكتيريا الجهاز الهضمي كائنات حية دقيقة تعيش عادة في القناة الهضمية وتؤدي عدد من الوظائف والتي تساوي بأهميتها وظائف أعضاء الجهاز الهضمي، ولذلك اطلق عليها اسم العضو المنسي.
والعلاقة بين الإنسان والبكتيريا هي علاقة منافع متبادلة، لأنها تؤدي مجموعة من الوظائف المفيدة مثل تخمير المواد غير المتسخدمة، وتدريب جهاز المناعة، ومنع نمو الأنواع الضارة من المايكروبات، وإنتاج الفيتاميانت للجسم. ومع ذلك و في ظروف معينة تسبب هذه البكتيريا الإصابة ببعض الأمرض أو تزيد من احتمالية الإصابة ببعض السرطانات.
البكتيريا الحميدة في القناة الهضمية لها فوائد صحية عظيمة فالعناية بهذه البكيتريا الصديقة يمكن أن يحدث فرقاً في الصحة. وقد اصطلح على اسم كبسولات تباع بالصيدليات بـ “البروبيتوك”، وفيها الملايين من أنواع البكتيريا الصديقة والتي تساعد الأنواع المحببة من الكائنات على استطيان القناة الهضمية وعندما تتعاون البكتيريا الموجودة في البريوبتك مع البكتيريا المحببة الموجودة بالامعاء يصبح اداؤهما كعضو كامل في الجسم.
وعند أخذ المضاد الحيوي القوي قد يؤثر ذلك على التوازن في جراثيم الجهاز الهضمي، لأنه يقتل بعضها المفيد دون البعض الاخر بالقولون، فالبكيتريا المتبيقة تتمدد وتتكاثر بدرحه كبيرة بسبب قتل منافسيها فيشعر الشخص بعدم الراحه، ومن هذه الجراثيم جرثومة “كلوستريديوم” وهي إحدى أنواع الكبتيريا التي لا تتأثر بالمضاد الحيوي، والتي تسبب أحيانا التهاب غشاء القولون الكاذب أو الإسهال وهذا الإلتهاب يتكرر بشكل مؤذي لدى البعض ويصعب التعامل معه علاجيا حتى يصبح مزمنا.
وعلى مبدأ داوها بالتي كانت هي الداء، نشرت المجلة الطبية البرطانية في 2017 تجربة مفادها أن علاج المريض الذي يعاني من اسهال الذي سببته كلوستريديوم العنيدة هو إعطاءه كبوسلات مملؤه بمادة البراز الجاف فيها 60 بالمئة من الجراثيم الطبيعية المأخوذة من براز الاصحاء بالتالي تعيد التوزان الجراثيم في الأمعاء بشكلها الطبيعي. نسبه شفاء المصابين تذبذبت حسب مستوى المرض لكنها وصلت الى 60 بالمئة عند الذي كانت إصابتهم شديدة علما أن مادة البراز المستعملة قد تكون طازجه أو مجمدة ، وقد استفاد أكثر من 90 بالمئة من المرضى الذيم خضعو التجربة. والآمال لدى الاطباء تتزايد الآن لتجنيد هذ يوما ما في علاج مرض السرطان، فهل يأتي يوم نبحث عن متبرعين البراز الصحي؟
صدق من قال :” دَواؤُكَ فيكَ وَما تُبصِرُ.. وَدَاؤُكَ مِنكَ وَما تَشعُرُ، أَتَزعُمُ أَنَّكَ جُرمٌ صَغير..وَفيكَ اِنطَوى العالَمُ الأَكبَرُ”