“قانون أملاك الغائبين”.. أداة الاحتلال للاستيلاء على منازل المقدسيين

“قانون أملاك الغائبين”.. أداة الاحتلال للاستيلاء على منازل المقدسيين

تتغلغل العنصرية تجاه الفلسطينيين في قوانين الكنيست الإسرائيلي وتشريعاته التي تطال كافة مناحي الحياة، وتهدف لنهب وسلب أملاك الفلسطينيين وتهويد وسرقة الأرض الفلسطينية.

فمنذ النكبة الفلسطينية عام 1948، والتمييز العنصري بات منهجًا ثابتًا ومتبعًا في سياسات الاحتلال، حيث انطلقت “الصهيونية” بالتخلص من الفلسطينيين عبر إبادتهم وتهجيرهم من أراضيهم عام 48، بهدف السيطرة على الأرض وتهجير سكانها الأصليين لغرض تكريس الاحتلال.

وتعد الأرض الفلسطينية هي جوهر الصراع المحتدم مع الاحتلال، والذي يستخدم كافة الطرق والأساليب غير المشروعة من أجل الاستيلاء عليها وقوننه سلبها ومصادرة أملاك سكانها الأصليين بالقوة، في محاولة لاقتلاعهم ونفي وجودهم وحقهم في أرضهم، من أجل إحلال المستوطنين مكانهم.

ومن أخطر القوانين التي أقرها الكنيست، قانون “أملاك الغائبين”، الذي يعود تاريخه إلى آذار/ مارس عام 1950 حين أُقر ليكون الأداة الأساسية لدى “إسرائيل” للسيطرة على أملاك اللاجئين الفلسطينيين، والوقف الإسلامي.

ويُعرّف القانون كلّ من هُجّر أو نزح أو ترك حدود فلسطين المحتلّة حتّى تشرين ثاني من عام 1947، من أيّ سبب كان وبالذات بسبب حرب الاحتلال، على أنّه غائب، وتعتبر كل أملاكه (بما يشمل الأراضي، البيوت وحسابات البنوك، وغيرها) بمثابة “أملاك غائبين”، توضع تحت تصرف “القيّم على أموال الغائبين”، الذي تمنحه حكومة الاحتلال صلاحيات كاملة للتصرف فيها.

ويهدف القانون إلى منع عودة أي من المهجّرين الفلسطينيين إلى أراضيهم وممتلكاتهم الّتي تركوها قبيل حرب 1948 أو أثنائها أو بعدها، ويسمح بالاستلاء على آلاف المنازل والعقارات وملايين ‏الدونمات.

أكثرها خطورة

ويقول عضو لجنة الدفاع عن أراضي سلوان فخري أبو دياب لوكالة “صفا” إن قانون “أملاك الغائبين” وضعته سلطات الاحتلال بهدف نهب وسلب أملاك الفلسطينيين الذين هجروا من أراضيهم عام 1948، أو ما بعد النكبة.

ويشير إلى أن الاحتلال استعمل هذا القانون بشكل كبير بعد احتلاله للأراضي الفلسطينية عام 1967، وشرقي القدس، حيث استولى على مئات المنازل والعقارات، بحجة أنها “أملاك غائبين”.

ويعد هذا القانون-بحسبه-من أسوأ القوانين وأكثرها خطورة وعنصرية بحق الفلسطينيين، كونه يستهدف أراضيهم وممتلكاتهم، فالجمعيات الاستيطانية وحكومة الاحتلال في حال لم تنجح بالاستيلاء على منازل المقدسيين، فإنها تستخدم القانون، وتطالب العائلة المقدسية التي تملك العقار بإثبات ملكيتها له.

وما زاد من وتيرة استخدام القانون الإسرائيلي، حصول سلطات الاحتلال على الأرشيف العثماني بالكامل، والذي يحتوي على كافة الوثائق والبيانات المتعلقة بالسكان المقدسيين.

ويوضح أبو دياب أن سلطات الاحتلال استولت على منازل تعود لعائلات العباسي وقراعين وسمرين وغيرها، وجميعها تطل على المسجد الأقصى، وذات طابع معماري قديم يدلل على عروبتها وتاريخها.

وبموجب هذا القانون، استولت سلطات الاحتلال ‏على ما يزيد على ربع مليون دونم من أراضي المواطنين الفلسطينيين الذين ظلوا في الأرض المحتلة ‏بعد عام 1948. ‏

ويؤكد أبو دياب أن محاكم الاحتلال تًعطي غطاءً قانونيًا للاحتلال للاستيلاء على عقارات الفلسطينيين، فحينما يلجأ المقدسي إلى تلك المحاكم لوقف السيطرة على منزله، فهو يستنزف وقتًا وأموالًا، وبالنهاية يكون الحكم لصالح الجمعيات الاستيطانية.

وتعتبر عائلة سمرين من بلدة سلوان نموذجًا لما تعانيه مئات العائلات المقدسية جراء محاولة الاحتلال الاستيلاء على منازلهم وممتلكاتهم لصالح المستوطنين.

ومنذ عام 1991، والعائلة تخوض صراعًا في محاكم الاحتلال لوقف الاستيلاء على عقارها، بحجة ملكيته لـ”حارس أملاك الغائبين”، لصالح جمعية “العاد” الاستيطانية.

نهب الأراضي

وفي تقرير جديد أصدرته حركة “السلام الآن” الإسرائيلية، حذرت فيه من أن “إسرائيل” ستصعد من سلب ونهب أراضي الضفة الغربية والقدس بشكل خطير، بحال تم تطبيق مخطط الضمّ، وذلك من خلال استخدام “قانون أملاك الغائبين”.

وفي حال تم تطبيق قرار الضم-يؤكد التقرير-سوف يكون باستطاعة “إسرائيل” استخدام القانون لسلب مناطق واسعة في الضفة من دون الحاجة إلى مصادرتها أو تقديم التعويضات.

ويدعم التقرير فرضيته من خلال الكشف عن تعاون حكومة الاحتلال، وما يسمى “الصندوق القومي”، والمستوطنين، في استخدام القانون لسلب أملاك الفلسطينيين شرق القدس، حيث نهب ما يقارب 70 كيلومترًا مربعًا من أراضي المدينة بعد ضمها عام 1967 وأُعلنت القدس “عاصمة إسرائيل”.

وقد طبق على نطاق واسع جدًا، إذ استولى “القيّم” على أراضي حوالي ثلاثمائة قرية عربية متروكة أو ‏شبه متروكة تزيد مساحتها على ثلاثة ملايين دونم، أي الغالبية العظمى من أراضي الملكية الخاصة في ‏الأرض المحتلة.

‏وتم بموجب القانون أيضًا الاستيلاء على ما يزيد عن 25 ألف بناء، تحوي ‏أكثر من 57 ألف مسكن وعشرة آلاف محل تجاري أو صناعي، وحولت هذه الأبنية إلى ‏شركة “عميدار” لإسكان المستجلبين اليهود فيها.

ويبين التقرير أن منهجية الاحتلال لنهب أملاك الفلسطينيين تتم من خلال تجنيد جهات استيطانية أشخاص لتقديم إفادات عن غياب أصحاب الأملاك، وتسليم هذه الإفادات إلى “القيم على أملاك الغائبين”، حيث يصدر شهادة أملاك غائبين دون التأكد من صحة غياب أصحابها، بعد ذلك، يتم تسليم الأملاك إلى “الصندوق القومي اليهودي” الذي يمررها إلى المستوطنين.

ولا تكتشف العائلات الفلسطينية أن بيوتها قد بيعت حتى تصلهم دعاوى قضائية من المستوطنين أو من “الصندوق القومي اليهودي” تطالبهم بالإخلاء، فتبدأ معاركهم القانونية الطويلة والمرهقة والمكلفة ضد هذه الجهات التي تتمتع بالنفوذ والتمويل.

وأجبرت هذه الآليات عددًا من العائلات على إخلاء منازلها، في حين استطاع البعض الحفاظ عليها، ولا يزال آخرون يصارعون من أجل إثبات حقهم في ملكيتها.

Share on whatsapp
Share on facebook
Share on twitter
Share on telegram
Share on email
Share on print

رابط مختصر للمادة:

اقرأ أيضاً

Share on facebook
Facebook
Share on twitter
Twitter
Share on whatsapp
WhatsApp
Share on telegram
Telegram
Share on email
Email
Share on print
Print

رابط مختصر للمادة: