كاليفورنيا في زمن كورونا.. وادي السيليكون تحت الحظر

كاليفورنيا في زمن كورونا.. وادي السيليكون تحت الحظر

في كاليفورنيا ما قبل جائحة فيروس كورونا، قد تحتاج أي مستلزمات فتطلبها عبر تطبيق “أمازون برايم الآن” لتصل إلى بيتك في أقل من ساعتين، وقد ترى طائرة مسيرة فوق رأسك في الحديقة يتحكم فيها طفل يلهو، ومحلات للبيع بالجملة تزودك يما يكفي أسرتك شهورا، ودعوات الزفاف تصل إلكترونيا، بل معظم المصالح تقضى عن طريق الهاتف أو الإنترنت.

كانت الحركة في أوج ازدحامها، فمنطقة “كوبرتينو” حيث شركة “آبل” تزدحم بالموظفين في طريقهم من العمل وإليه، و”ماوتن فيو” تزدحم بموظفي “غوغل”، و”سانتا كلارا” بموظفي “إنتل” و”مايكروسوفت”.

وفي المنطقة نفسها من شمال كاليفورنيا، تجد “تويتر” و”فيسبوك” و”يوتيوب” وجامعتي “ستانفورد” و”بيركلي”.. أهلا بك في “وادي السيليكون” قبل أن يصيبه تصاعد حالات فيروس كورونا الجديد بتوقف مفاجئ.

في شمال كاليفورنيا أصدرت سبع مقاطعات يبلغ تعداد سكانها 6.7 ملايين نسمة أمرا بالتزام البيوت (المأوى في المكان)، وهو إجراء معروف يستخدم في حال تسرب غاز سام، ويعني أن يحتمي الموجودون في بناية داخلها فلا يغادرونها حتى ترفع حالة الحظر.

وفي حالة انتشار فيروس كورونا، يُطلب من الناس الاحتماء ببيوتهم إلا للضرورة، مع استمرار الخدمات الأساسية مفتوحة.

“أدرك أنّ هذه سابقة” حسب سارة كودي مسؤولة الصحة بمقاطعة سانتا كلارا في قلب وادي السيليكون.

تقول كودي إن “الإعلان عن إغلاق المدارس يوم الجمعة الماضي كان صعبا، وقرارنا هذا أصعب.. لا بد أن نتحد.. نحتاج إلى فعل هذا، ونحتاج إلى توجه إقليمي.. علينا جميعًا أن نقوم بدورنا”.

من جهتها، تقول إيمان محمد -وهي طبيبة غير ممارسة وأم لخمسة أطفال وزوجة لمهندس كمبيوتر- إن “المشكلة الكبرى تظهر مع الأطفال ذوي الاحتياجات الخاصة، فهم لا يتقبلون تغيير الروتين، وحتى الأطفال الآخرون لا يفهمون سبب مكوثهم في البيت بسبب مرض لا يعرفونه”.

هلع الشراء

وبمجرد الإعلان، انتاب الناس شعور بالهلع أدى إلى نفاد المنتجات الورقية والمنظفات والمطهرات والسلع الأساسية، وإلى ازدحام المحلات بطريقة استحال معها التباعد الاجتماعي.

وللتصدي لذلك، وضعت المحلات حدًّا للكميّات المسموحة، وأكّدت السلطات على عدم وجود نقص في الطعام، بينما نبّه الكثيرون على منصات التواصل الاجتماعي إلى أنّ هذا السلوك خلق أزمة قد تتفاقم بنقل العدوى إلى المزيد، ممّا يكبل عمل المستشفيات.

وفي هذا السياق، قال حاكم ولاية كاليفورنيا جافين نيوسام “لن يُطرد أحد من بيته لعدم دفع الإيجار”، و”لن تنقطع المياه ولا الكهرباء ولا الإنترنت ولا الغاز لعدم دفع الفواتير”.

وعن المستشفيات، أعلن نيوسام أنه خلال يومين ستتوفر تحاليل مخبرية لسائقي السيارات دون دخول الشخص إلى المخابر، وسيتوافر تطبيق يُعلم الناس بأقرب مكان لوجود تلك الخدمة.

للشركات قلب

ويتزايد عدد مبادرات الخير من الشركات الكبرى، فقد أرسلت “تي موبيل” أنّ خدمة الإنترنت المفتوحة ممتدة لجميع العملاء، وأعلنت “غوغل” أن كل عامل لديها قُطعت ساعات عمله بسبب الفيروس سيعوّض.

أمّا شركة “زووم” التي تقدم خدمة الاجتماع عبر الفيديو، فقد جعلت خدماتها المجانيّة مفتوحة لكل صفوف الحضانة والثانوي لمدارس الولايات المتحدة وإيطاليا واليابان وإحدى المناطق المتضررة في الصين.

أمّا فيسبوك فقد أعلن مارك زوكربيرغ علاوة ألف دولار لكل موظف مع تقييم “متفوق” لأول ستة أشهر من العام 2020، ممّا قد يترتب عليه المزيد من الإضافات في المستقبل.

الأمهات العاملات

منذ تأكد أولى حالات الإصابة بالفيروس في المنطقة، بدأت بعض الشركات الكبرى مثل “آبل” و”غوغل” و”إنتل” في تخيير الموظفين بين العمل من المنزل أو الحضور. لكن بعد تزايد عدد الحالات المصابة، أمرت الشركات الموظفين بالعمل من منازلهم.

تقول مهندسة الكمبيوتر بشركة “إنتل” مروة صالح في حديثها للجزيرة نت إن “الإجراءات صعبة التطبيق خاصة على الأمهات العاملات.. أطفالنا يملون ويحتاجون إلى اهتمام، وأحيانا يطلبون أشياء في وقت اجتماع للعمل، هذا مع متابعة دراستهم واحتياجاتهم الأساسية، وعلينا في كل ذلك أن نراعي الصحة النفسية للجميع لأني أصبحت لا أشعر بفرق بين الأيام”.

الجزيرة نت التقت أيضا طالبة مصرية بجامعة بيركلي فضلت عدم كشف اسمها، تقول بحسرة “زاد الحمل علينا.. أصبحت مسؤوليتنا فهم المادة ذاتيا ثمّ حل الأسئلة والامتحانات وعمل المشاريع.. نحن في البيت لكن لسنا في عطلة، ولذلك لم أتمكن من ترك كل شيء والعودة إلى مصر قبل غلق مطاراتها.. آمل أن تفتح مطلع الشهر المقبل”.

الأعراس وكورونا

ورغم أن تعطيل الدراسة يعتبره الكثير من الطلاب وحتى بعض الأهالي من الأخبار المفرحة، فإن جائحة كورونا أغلقت أبواب الفرح أيضا.

عماد وأسماء مقبلان على الزواج وأعدا كل شيء لعرسهما، وتلقيا تأكيدات الحضور، واتفقا على كعكة الزفاف وزينة العرس، لكن قاعة الزفاف اتصلت بهما للاعتذار عن إقامة الحفل.

تقول رغدة والدة العروس “لا أشعر أنّه من العدل تأجيل الزفاف، حيث لا ندري متى ينتهي هذا الوضع.. ما زلنا نفكر في طريقة”.

وعن شعورها بعد تغيّر خطة الزفاف، قالت رغدة إن “أكبر درس لي هو التوكل على الله والرضا.. الأمر خارج عن إرادتنا، فماذا في مقدورنا أن نفعله إلا أن نرسم وجهًا إيجابيًّا ونتخذ الخطوة القادمة”.

(الجزيرة)

Share on whatsapp
Share on facebook
Share on twitter
Share on telegram
Share on email
Share on print

رابط مختصر للمادة:

اقرأ أيضاً

Share on facebook
Facebook
Share on twitter
Twitter
Share on whatsapp
WhatsApp
Share on telegram
Telegram
Share on email
Email
Share on print
Print

رابط مختصر للمادة: