كمال الخطيب لـ “البوصلة”: القدس لنا وصفقة القرن ستولد ميتة (شاهد)

كمال الخطيب لـ “البوصلة”: القدس لنا وصفقة القرن ستولد ميتة (شاهد)

– محاولة نزع الوصاية الهاشمية الأردنية عن القدس ما هي إلا جزء من صفقة القرن

– ما يجري في الأمة اليوم يمثل مخاضاً سيأتي بعده الميلاد المبارك

– عمّان الشقيقة الأقرب للقدس الشريف وهي الأولى بصوت الحق والنصرة

– لأهلنا في الأردن: امسحوا من قاموسكم مصطلحات الإحباط والتشاؤم واليأس

– ملف اعتقال الشيخ رائد صلاح أوشك على النهاية ونأمل أن يطلق سراحه قريبا

– لن نساوم على مواقفنا ومبادئنا مهما كان الثمن

– الحرب على المشروع الإسلامي حربٌ عالمية ولا فرق بين من يقفون خلفها

– لا تنازل ولا نكوص في خدمة الإسلام فالراية لن تسقط ودونها الرقاب

– نرفض المشاركة في انتخابات الكنيست لأنها تجميل لوجه المشروع الصهيوني القبيح

– أخطر ما يتعرض له الأقصى اليوم تواطؤ أنظمة عربية مع المؤسسة الإسرائيلية

عارٌ على الأنظمة العربية مشاركتها في حصار غزة

– مطرقة السفير الأمريكي بافتتاح نفق تحت الأقصى تسعى لهدم تاريخ أمّة

– الإيجابية المهمة جدًا في صفقة القرن أنها خلقت حالة إجماع فلسطيني بالكامل

– من المعيب أن تصرف المليارات العربية من أجل التنازل عن الحق الفلسطيني

عمان – رائد الحساسنة

أكد الشيخ كمال الخطيب، نائب رئيس الحركة الإسلامية في الداخل الفلسطيني المحتل، أن صفقة القرن ستولد ميتة طالما رفضتها الشعوب العربية والإسلامية والشعب الفلسطيني، مطالبًا في الوقت ذاته أن تصب المليارات العربية في صمود الشعب الفلسطيني في وطنه؛ بدلاً من أن تقدم اليوم من أجل أن يتم التنازل عن الحق الفلسطيني وهذا أمرٌ معيب.

وقال الشيخ الخطيب في حوارٍ أجرته معه “البوصلة“: “إن أخطر ما يتعرض له الأقصى اليوم تواطؤ أنظمة عربية مع المؤسسة الإسرائيلية”، مؤكدًا حرص الحركة الإسلامية في الداخل الفلسطيني على دعم استمرار الوضع الحالي في القدس تحت الوصاية الهاشمية الأردنية بدعمٍ فلسطينيٍ عربيٍ إسلاميّ.

كما قدم الخطيب خلال الحوار رؤيته لعددٍ من القضايا الساخنة على الساحة الفلسطينية والعربية والدولية، وعلى رأسها صفقة القرن والمؤامرة على المسجد الأقصى واستهدافه بشكلٍ مستمر، وحصار غزة، وقضية الشيخ رائد صلاح وغيرها من القضايا.

وتاليا نص الحوار:

هل يمكن أن تطمئننا على صحة الشيخ رائد صلاح وتضعنا بصورة ما يفرض عليه من إقامة جبرية من قبل الاحتلال؟

الشيخ رائد صلاح المعتقل منذ 15/8/2017 قريبًا سيتم عامين اثنين، والسجن الفعلي لمدة 11 شهرًا والباقي في حبس منزلي، والهدف واضح هو التضييق على الشيخ رائد وتلفيق تهمة الدعوة إلى العنف والتحريض على الإرهاب كما يزعمون، لكن الملف يوشك أن ينتهي يومي 14 و16 تموز القريبين إن شاء الله آخر جلسات مداولات ملفه.

نأمل أن يطلق سراحه، لكن الشيخ رائد وقد جرب هذه التجربة مرارًا ليس لأنه يعشق السجن وليس لأننا لا نحب الحرية، ولكن إذا كانت السجون ثمناً يدفع لمواقف فلا يمكن أن يساوم على هذه المواقف، الشيخ رائد بخير وصحته جيدة والحمد لله ومعنوياته عالية، وموقفه يقينًا بأن مآل أمرنا إلى خير وأنه يؤدي الواجب؛ بل أقل الواجب في خدمة القضايا والثوابت التي لا يمكن التنازل عنها.

استمرار شيطنة الحركة الإسلامية والمنتمين لها في الداخل الفلسطيني والتحريض عليهم.. من يقف خلفها؟

يوم 17 تشرين الثاني من العام2015م كان اليوم الفارق في تاريخ الحركة الإسلامية بصدور قرار حظرها واعتبارها تنظيمًا إرهابيًا خارجًا عن القانون، ومصادرة ممتلكاتها، وإغلاق 35 مؤسسة وجمعية خيرية في كافة المجالات العلمية والثقافية والصحية والإغاثية والإعلامية وغير ذلك.

ولم يتوقف الأمر عند هذا الحد إنما خلال الأربع سنوات التي مضت على قرار الحظر، الملاحقة قائمة، وجزء منها ما حدث للشيخ رائد، وعبر منعنا من السفر، والملاحقات والاستدعاءات لأجهزة المخابرات، طبعًا نعلم عن متابعات كل لحظة لهواتفنا وهذا نلمسه عبر جولات التحقيق التي طالما دعينا إليها.

حتى أنه في الانتخابات الأخيرة للكنيست الصهيوني التي كانت في التاسع من نيسان الماضي غلعاد إردان وزير الأمن الداخلي راح يعدد إنجازاته كعضو كنيست ووزير، وأن أهم إنجازاته كانت حظر الحركة الإسلامية وإخراجها خارج القانون.

مرة أخرى، الحرب على المشروع الإسلامي حربٌ عالمية، ومن يقومون بهذه الحرب تختلف أسماؤهم لكن لا فارق بين من يقوم بها هنا كمؤسسة إسرائيلية وبين الإدارة الأمريكية، وبين بريطانيا وبين نظام السيسي ونظام بشار وأنظمة ديكتاتورية ترى في المشروع الإسلامي عدوها اللدود.

تعرض الشيخ كمال الخطيب في الآونة الأخيرة لحملة استهداف بشكل شخصي، هل لكم أن تحدثونا عمّا جرى؟

الحقيقة أن المؤسسة الإسرائيلية ترى بشخص الشيخ كمال الخطيب أنه ما يزال يحمل راية المشروع الإسلامي وأنا أعتز ولا أنكر ذلك، صحيح أنّني أتحرك بغير اسم الحركة الإسلامية، لكن أن تحظر الحركة الإسلامية شيء، وأن يتم التنازل لا سمح الله والنكوص على الأعقاب في خدمة الدين والإسلام، هذا دونه الرقاب.

لذلك نحن مستمرون في خدمتنا لمشروعنا الإسلامي، صحيح أنها قد غابت مؤسسات إدارية وتنظيمية، وغابت لجان وجمعيات كانت فاعلة وتساهم في دفع المشروع؛ لكن الراية لن تسقط إن شاء الله، رغم أنني بأكثر من مرة منعت من السفر، ولأكثر من مرة منعت من دخول القدس والمسجد الأقصى المبارك، وأعلم كما قلت أن هواتفي مراقبة بشكلٍ فعلي، لكن هذا لن يثنيني عن استمرار أداء الدور وحمل الراية والرسالة إن شاء الله.

كيف تقرأون فشل نتنياهو وما موقف الحركة الإسلامية من انتخابات الكنيست؟

قبل سنوات كتب الصحفي الإسرائيلي يوسف فارتر تحت عنوان الشارع الإسرائيلي مصاب بحول نحو اليمين، وشبّه الحول في العين التي لا ترى إلا يمينًا وقصد بذلك أن المجتمع الإسرائيلي عنده ميل ونزعة قوية باتجاه الفكر اليميني، وهذا حاصل ونتيجته واضحة في انتخابات الكنيست الماضية التي كانت في التاسع من نيسان والذي فاز فيه اليمين بشكلٍ كبيرٍ جدًا.

صحيحٌ أنّ اختلاف المُركبّات حال دون تشكيل حكومة بسبب أن كل حزب يريد تحقيق مكاسب لنفسه، لكن واضح جدًا أن الانتخابات التي ستعاد في 17 أيلول القادم لن تقود إلا إلى نتائج مشابهة، وهي فوز كتلة اليمين، ككتلة يمين، بغض النظر عن عدد المقاعد التي سيحصلها كل حزب من هذه الأحزاب.

ما هو موقف الحركة الإسلامية من انتخابات الكنيست؟

نحن في مشروعنا الإسلامي منذ العام 1996م كان القرار واضح بعدم خوض انتخابات الكنيست الصهيوني، لا نؤمن بها، هي وسيلة لتجميل الوجه القبيح للمشروع الصهيوني وللحركة الصهيونية وللحكومة الإسرائيلية، والواقع أثبت على أن إسرائيل تستفيد أكثر بوجود نواب عرب، وهذا ما قاله نتنياهو في خطابه أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة في العالم 2017م، قال بشكل واضح: إننا الديمقراطية الوحيدة في الشرق الأوسط، ولدينا أعضاء عرب في الكنيست ينتقدوننا ويهاجموننا ويحاولون إفشال مخططاتنا.

إذن هو أراد أن يجمّل صورته، لذلك نحن لم نخض الانتخابات، صحيح أن هناك إخوة في التيار الإسلامي خاضوا انتخابات الكنيست ولهم تمثيل، لكن لا يمثلوننا ولا نعتبر أنهم ذهبوا في الاتجاه الصحيح والسليم أبدًا أبدًا.

المؤامرة على الأقصى مستمرة.. كيف ترون مجريات الأحداث اليوم؟

المسجد الأقصى المبارك كان دائمًا لبّ الصراع في ظل قناعتهم الباطلة والوهمية أن الأقصى قد بني على أنقاض الهيكل الأول والثاني، متناسين أو متجاهلين هؤلاء بأن الأقصى في هذا المكان من لدن آدم عليه السلام، يوم بني المسجد الأقصى بعد المسجد الحرام بأربعين سنة كما ورد في الحديث الصحيح عن النبي صلى الله عليه وسلم.

ولكن في ظل وجود الاحتلال الذي بيده كل شيء في القدس، جعله يستخدم كل الوسائل الممكنة من أجل تفريغ أحقاده في المسجد الأقصى المبارك، وهذا حدث من اليوم الأول للاحتلال في العام 1967م، كان وزير الحرب الإسرائيلي موسى ديان هو أول من حفر أنفاق تحت المستجد الأقصى المبارك، خلال هذه السنوات ليس أنهم كانوا لا يحفرون لكنهم لم يكونوا يعلنوا عن عمليات الحفر حتى كان العام 1996م، عندما قام نتنياهو في حكومته الأولى بالإعلان عن افتتاح ما سمي “نفق الحشمونائيم”، الذي يمتد على طول الجدار الغربي للمسجد الأقصى المبارك.

ويومها كانت انتفاضة النفق، التي استشهد فيها 117 فلسطينيًا دفاعاً عن القدس والمسجد الأقصى المبارك، وفي العام 1996م كان الكشف غير العادي الذي كشفه الشيخ رائد صلاح والحركة الإسلامية عن وجود أنفاق بشكلٍ جليّ.

لكن للأسف، مع انعدام وجود غطاء عربي وإسلامي جعل المؤسسة الإسرائيلية تستمر في غيّها، وقامت جهود مباركة في الداخل من أجل الحيلولة دون استمرار هذا الاعتداء على المسجد الأقصى المبارك، عبر ترميم المصلى المرواني، وترميم المسجد الأقصى القديم، وغير ذلك.

لكن القدرة على مواجهة مشاريع الحفر لا يمكن أن تكون، في العام 2007 كان هدم طريق باب المغاربة الذي قاد إلى وضع غير عادي في المسجد الأقصى المبارك، والذي بمقتضاه ونتيجة له كانت حملة شعواء على الحركة الإسلامية، وبموجبها منع الشيخ رائد صلاح من دخول المسجد الأقصى المبارك وإلى يومنا هذا كان منعه نابعا من ذلك القرار الذي كان في العام 2007م.

الآن في ظل الإدارة الأمريكية، وفي ظل الصمت العربي والتآمر العربي المريب مع الأسف مع المشروع الصهيوني والإدارة الأمريكية، نجد أن حمّى أعمال الحفر، ونجد أن الاستهداف على أوجه.

صحيح أن شعبنا الفلسطيني حقق بعض الإنجازات كما حصل في فتح باب الرحمة في شباط الماضي، وصحيح أن إصرار شعبنا على الدفاع عن المسجد الأقصى المبارك لكن الحقيقة الاستهداف مستمر والاقتحامات مستمرة، والسعي الصهيوني لخلق واقع يتمثل بأن دخول اليهود أمرٌ طبيعي، وأن أداء صلواتهم أمرٌ طبيعي، لكن هذا ما لا يجب أن تقبل به الأمّة مهما كانت الظروف.

الحقيقة أن الخطورة التي يكمن بها حال المسجد الأقصى المبارك يتمثل بوجود أنظمة عربية متواطئة مع المؤسسة الإسرائيلية وهذه الأنظمة ولا شك يبدوا أنها تعمل شاءت أم أبت خدمة للمشروع الصهيوني، عبر إرضاء المخططات الأمريكية.

تحدثت في تصريحات سابقة عن مؤامرة على الوصاية الهاشمية في القدس كجزء من صفقة القرن، هل لكم أن تحدثونا عن هذه القضية؟

نحن نعرف تمامًا أن هناك سعيًا من أجل نزع الوصاية الهاشمية عن المسجد الأقصى المبارك، ونجد ملامح هذا عبر تصريحات كثيرة بدأت تسمع من أن المسجد الأقصى ليس للأردن، نعم هو ليس للأردن وليس لفلسطين، ولكنّه كذلك ليس للسعودية ولا للإمارات ولا لمصر ولا لأي دولة أخرى.

نحن نعتبر أن محاولة نزع الوصاية الأردنية ما هو إلا جزء من صفقة القرن؛ من أجل أن تكون هناك أسماء جديدة يمكن أن تساوم على المسجد الأقصى المبارك، وأقصد بأسماء جديدة من الدول التي رعت صفقة القرن، ورعت ورشة المنامة، وهي تتهيأ لدفع المليارات من أجل إتمام خطة الثلاثي كوشنر وفريدمان وغرينبلات لتمريرها وهي المعروفة باسم “صفقة القرن”.

موقفنا استمرار الحفاظ على الوضع الحالي في المسجد الأقصى المبارك بوجود وصاية أردنية مدعومة عربيًا وإسلاميًا وفلسطينيًا، من أجل الحفاظ على هذا المسجد.

الحصار الظالم مستمر على غزة منذ سنوات.. كيف تنظرون لهذا الأمر؟

غزة العزة.. غزة الشرف.. غزة الكبرياء.. غزة الشموخ.. غزة الحرة الوحيدة في الشرق الأوسط، غزة لأنها رفضت أن تساوم على شرفها، ورفضت أن تقبل المساومة على حقها في أن تعيش حياة الأحرار فهي تحاصر.

مع الأسف فإن حصار غزة كما نعلم جميعًا بعد انتخابات تشريعية حصلت في الشارع الفلسطيني في العام 2006، وأريد لهذه الشرعية أن يتم الانقلاب عليها كما انقلبوا بعد ذلك على الشرعية في مصر، لكن أن تشارك أنظمة عربية في حصار غزة، هذا هو العار.

إسرائيل تحاصر، نعلم ذلك، هي دولة تريد أن تخضع غزة لعنجهيتها، إنما أن يتم تعريف غزة بأنها وكرٌ للإرهاب، إنما أن يتم تعريف الشرفاء في  غزة بأنهم إرهابيون، كما باتت صحف وإذاعات وفضائيات؛ بل وشخصيات سياسية كما تحدث عادل الجبير قبل مدة وكما تحدث غيره عن تعريف غزة بأنّها محضن للإرهاب، فهذا غير مقبول.

إذا لم تستطيعوا أنتم أن تعيشوا عيش الأحرار، فلا تلوموا من لا يعرف إلا أن يعيش هذه العيشة، عيشة الأحرار، فغزة اليوم محط أمل وثقة لا أقول شعبنا؛ بل أمّتنا كلها، وهي الصابرة الصامدة المدافعة عن حقها بل عن حقنا جميعًا في الوجود.

كيف تقرأون تفاعلات ما قبل “ورشة البحرين” وما بعدها؟

معلوم أن الإدارة الأمريكية سعت وما زالت تسعى لتمرير صفقة القرن، وتحقيق الحلم الذي يراود ترامب من أنه سيكون أول من يضرب المسمار الأخير في نعش القضية الفلسطينية، وبالتالي فقد أعد العدة ليعتبرها كما قال هو “صفقة ممتازة ومقنعة ويستغرب كيف يرفضها الشعب الفلسطيني”.

لكن من يدرك أن هذه الصفقة تتمثل أساساً فيما سبق وخطته الإدارة الأمريكية، بنقل السفارة الأمريكية من تل أبيب إلى القدس، واعتبار القدس عاصمة إسرائيل الأبدية والموحدة، وأضيف إلى ذلك أن الخمسين مليار التي ستقسم بين غزة والضفة والشتات الفلسطيني في لبنان والأردن، هي من أجل إقامة مشاريع ليست لرفاهية الشعب الفلسطيني، إنما من أجل “التوطين” وأن تقوم هذه الدول على تنفيذ مشاريع، تستطيع من خلالها أن تقول للفلسطيني أنت اليوم جزء من الوطن اللبناني، وأنت اليوم جزء من الوطن الأردني، لكن لبنان ترفض والأردن يرفض وشعبنا الفلسطيني يرفض أن يكون له وطنٌ غير وطنه الفلسطيني الذي خرج منه.

لكن أن تكون هذه المليارات مليارات عربية، هذا هو العار الكبير، فبدل أن تصب هذه المليارات في صمود الشعب الفلسطيني في وطنه، مع الأسف هي تقدم اليوم من أجل أن يتم التنازل عن الحق الفلسطيني وهذا أمرٌ معيب.

لي أن أبتسم؛ لا بل لي أن أضحك، لا بل لي أن أصرخ، ونحن نرى أن السفير الأمريكي أحد الثلاثة الذين صاغوا وثيقة القرن، ما أن رجع من البحرين إلا وهو يشارك في فتح نفق تحت المسجد الأقصى المبارك.

أي مفارقة هذه، أنت لا تهدم ولا تحمل مطرقة تريد أن تهدم بها حجر، أنت تريد أن تهدم تاريخ أمّة، فالمسجد الأقصى هو للأمة الإسلامية كلها، ولكن أنا أعتبر أن هذه كانت صفعة منه وقحة لرعاة صفقة القرن.

لا بل الغريب والمفارقة في اليوم نفسه الذي ظهر فيه السفير الأمريكي فريدمان وهو يهدم الجدار الأخير للحجارة الأخيرة في النفق تحت المسجد الأقصى المبارك، الذي كان يوم الأحد الثلاثين من حزيران عام 2019م، هو اليوم نفسه الذي كان فيه وزير الخارجية الإسرائيلي إسرائيل كاتس موجود في الإمارات والتقى فيها بشخصية إماراتية كبيرة لم يسمّها.

لكن أن يكون في الإمارات ويلتقط صورًا أمام مسجد الشيخ زايد بينما السفير الأمريكي يهدم أساسات المسجد الأقصى المبارك، هذه صفعة لا أقسى منها؛ بل إهانة آمل أن تكون بعض الشخصيات أدركت أنها لا تساوي شيئًا في عين هؤلاء.

لذلك أنا أقول إن صفقة القرن ملامحها خطيرة، وأبعادها خطيرة جدًا، لكن لو جاءت أمريكا بكل إمكاناتها، ودعمها الغرب وأنظمة عربية كثيرة، فما دام شعبنا الفلسطيني يرفض صفقة القرن إذن هي ستكون قد ولدت ميتة.

بكل سلبيات صفقة القرن كان فيها إيجابية مهمة جدًا، أنها خلقت حالة إجماع فلسطيني بالكامل، كل القوس الفلسطيني التقى على رفض صفقة القرن، والأمر الذي آمل أن يكون درجة باتجاه إعادة لحمة شعبنا الفلسطيني ليدرك أنه “لن يحك جلده مثل ظفره”.

ما هي رسالة الشيخ كمال الخطيب للأردنيين والعالم بمهرجان “لبيك يا أقصى” الذي تمّ منعه؟

كان لي شرف تلبية دعوة الإخوة القائمين على مهرجان لبيك يا أقصى السادس الذي كان سيعقد في عمّان يوم الجمعة الماضية، وتم تسجيل كلمة لتنشر على الإخوة المؤتمرين هناك؛ لكن سمعنا بعد ذلك عن قرارٍ رسمي من السلطات الأردنية بإلغاء هذا المهرجان.

أنا استغربت، خاصة وأن الشارع الأردني الآن؛ بل إن الخطاب الرسمي الأردني الآن هو خطاب محمود وقوي في التأكيد على حقنا كمسلمين في المسجد الأقصى المبارك، إن كان عبر رفض صفقة القرن، أو عبر رفض أن تنزع الوصاية الأردنية، أو عبر رفض المقاسمة والمحاصصة على المسجد الأقصى المبارك.

بالتالي كان يجب أن يتم دعم كل صوت ينطلق لنصرة القدس والمسجد الأقصى المبارك، كان حريٌ أن ينبعث هذا الصوت من عمّان الشقيقة، الأقرب إلى القدس الشريف، ولذلك أنا كنت سأقول وأؤكد على أن المسجد الأقصى المبارك أمانة في أعناقنا جميعًا، وأن المسجد الأقصى المبارك هبة السماء للمسلمين، به وبالحفاظ عليه يتقربون إلى الله جلّ جلاله؛ بل إنه هبة للشعب الأردني الذي طالما احتضن قضية القدس والمسجد الأقصى المبارك إلى جانب شقيقه الشعب الفلسطيني.

أريد أن أؤكد وأقول إن ما يجري في هذه المرحلة يراد منه نزع حقنا كمسلمين من المسجد الأقصى المبارك، الأمر الذي يحتم علينا أن تكون مواقفنا واضحة بلا تلعثم، أن المسجد الأقصى المبارك حقٌ خالصٌ للمسلمين، وللمسلمين وحدهم، وأن ليس لليهود حقٌ ولو في ذرة تراب واحدة في المسجد الأقصى المبارك.

أنا أريد أن أقول لأهلنا في الأردن ما كنت سأقوله من أن هذه المرحلة هي مرحلة يراد من خلالها بث روح الإحباط والتشاؤم واليأس بيننا كفلسطينيين كعرب كمسلمين، لأقول لأهلنا أبدًا يجب أن نكون طلقنا اليأس طلاقًا بائنًا بينونة كبرى، ويجب أن لا يكون في قاموسنا مصطلحات اسمها الإحباط والتشاؤم واليأس.

مع كل ما يجري في الأمّة لكنّه المخاض الذي لا أرى من بعده إلا الميلاد المبارك، فيا أهلنا “اصبروا وصابروا ورابطوا واتقوا الله لعلكم تفلحون”، تذكروا أن أشدّ ساعات الليل حلكة هي تلك التي تسبق طلوع الشمس بقليل.

(البوصلة)

ص/10

Share on whatsapp
Share on facebook
Share on twitter
Share on telegram
Share on email
Share on print

رابط مختصر للمادة:

اقرأ أيضاً

Share on facebook
Facebook
Share on twitter
Twitter
Share on whatsapp
WhatsApp
Share on telegram
Telegram
Share on email
Email
Share on print
Print

رابط مختصر للمادة: