“كورونا” يفتك بصحفيي الهند.. وفيات بالعشرات ونفوس مدمرة

“كورونا” يفتك بصحفيي الهند.. وفيات بالعشرات ونفوس مدمرة


تلقت أشهر الصحفيات في الهند نبأ وفاة والدها (80 عامًا) عندما كانت مشغولة بنقل أخبار معاناة الناس في المستشفيات وأماكن حرق الجثث خلال الموجة الثانية الراهنة من فيروس “كورونا”.

وقالت الصحفية الهندية، بارخا دوت، للأناضول: “أصبحت بنفسي قصة خبرية، وشعرت بكل ما كنت أقوم بتغطيته عن الناس، كما لو كنت على الجانب الآخر من الكاميرا”.

وبالرغم من كل علاقاتها الواسعة، كان على “دوت” أن تقاتل، مثل الآخرين، للحصول على سيارة إسعاف وأسطوانة أكسجين، والتوسل لآخرين من أجل الحصول على سرير في مستشفى، ثم التوسل للحصول على مكان لحرق جثة والدها.

وأضافت: “كانت هناك ثلاث عائلات أخرى تتنافس على هذا المكان لتقديم التحية الأخيرة لأفرادها الذين رحلوا بسبب الفيروس. كنت أنقل أخبارا حول هذا الموضوع، ولكن الآن أصبح الحداد الوطني حدادًا شخصيًا”.

ويحاول الصحفيون في الهند الجمع بين تغطية الأخبار المتعلقة بالموجة الثانية من الوباء القاتل وبين الاهتمام بأنفسهم وأفراد أسرهم.

وبالمثل، كانت سهاسيني راج، وهي صحفية تعمل في مكتب صحيفة “نيويورك تايمز” الأمريكية بنيودلهي، تكتب قصة خبرية عندما تلقت مكالمة تفيد بأن عائلتها مريضة وبأن مستوى الأكسجين لدى والد زوجها ينخفض.

وقالت “راج”، خلال اجتماع عبر الإنترنت نظمه نادي المراسلين الأجانب في جنوب آسيا :(FCCSA) ” أثناء تتبع القصص وكتابتها، كان علىّ أن أتنقل بين الاستفسار عن الوضع الصحي وترتيب أسرة المستشفى والأكسجين لأفراد الأسرة”.

ووفقًا لأرقام مؤقتة صادرة عن معهد دراسات المعرفة (IPS) في نيودلهي، فقد 77 صحفيًا حياتهم في أبريل/ نيسان الماضي، منذ بدء الموجة الثانية من الجائحة. بينما توفي، العام الماضي، 128 صحفيا بعد إصابتهم بالفيروس.

والخميس، أعلنت السلطات الهندية عن رقم قياسي جديد، حيث سجلت 412 ألفا و262 حالة إصابة بالفيروس، والسبت تجاوزت الوفيات اليومية حاجز الـ 4 آلاف.

** كارثة غير متوقعة

منذ ظهور الجائحة في الهند، تعمل القنوات والمؤسسات الإعلامية بلا توقف لجمع المعلومات والتحقق من العدد الفعلي للوفيات.

وقالت كوتا نيليما، من مؤسسة معهد دراسات المعرفة، إن دور الصحفيين “لا يقتصر على الإبلاغ عن الأزمة الصحية، بل يتعرضون لها يوميا مما أثر عليهم أيضا”.

وقبل أيام، توفي كل من الصحفي كاليان بارواه، رئيس مكتب صحيفة “الأسام تريبون”، وهي يومية هندية تصدر باللغة الإنجليزية من جواهاتي وديبروجاره، وزوجته الصحفية نيلاكشي، بعد 24 ساعة من وصولهما مستشفى في نيودلهي، إثر إصابتهما بالفيروس.

وفي اليوم نفسه، توفي الصحفي أنيربان بورا من صحيفة “ذا ايكونوميك تايمز”، بعد إصابته بـ”كورونا”.

كما توفي الصحفي روهيت ساردانا (41 عامًا)، وكاكولي بهاتاشاريا، صحفي بمكتب نيودلهي لصحيفة “الغارديان” البريطانية.

وتوفي أيضا نحو 30 صحفيًا بسبب الفيروس في ولاية أوتار براديش (شمال)، تليها ولاية تيلانجانا (وسط) التي سجلت 19 حالة وفاة لصحفيين، بينهم الصحفي المخضرم كوسوري أمارانث، رئيس اتحاد الصحفيين بالهند.

وقالت “راج” إنه لم يكن أحد مستعدًا لمثل هذه الكارثة في الهند، فـ”من الصعب التركيز على الكتابة حول الجائحة دون التفكير في الأسرة”.

كما تلقى أحد الصحفيين نبأ وفاة زوجته عندما كان في الميدان يتحدث عن نقص إمدادات الأوكسجين في المستشفيات.

** أصعب مرحلة

وصف فيكاس باندي، محرر مكتب الهند لمنصة “بي بي سي” الرقمية، التغطية الإعلامية للوباء بأنها أصعب مرحلة في تاريخ الصحافة في الهند.

وقال إن “إدارة التغطية الإعلامية وتلقي مكالمات من الأصدقاء وأفراد الأسرة لمساعدتهم في توفير الأسرة وإمدادات الأكسجين والأدوية تؤثر سلبيا على نفسية الصحفيين”.

وتابع باندي، الذي فقد ابن عمه بسبب الفيروس: “عملنا خلال فترات صعبة أثناء تفجيرات وهجمات إرهابية، لكن هذا الشيء يفوق كل ذلك، إنها مرحلة صعبة للغاية”.

وقال ماهيس لانجا، مراسل صحيفة “ذاهندو” The Hindu، أكبر الصحف اليومية بالهند، والصادرة من ولاية غوجارات (غرب)، إنه من المجهد تلقي مكالمات من أشخاص يطلبون المساعدة للحصول على أجهزة التنفس الصناعي، مشيرًا إلى وفاة أربعة صحفيين رفيعي المستوى خلال أسبوع واحد فقط.

واشتكى “لانجا” من عدم دقة البيانات خلال الموجة الثانية، بعكس الموجة الأولى التي كان يقدم فيها المسؤولون وإدارة المستشفيات بيانات وتفاصيل حول الإصابات.

وأردف: “أصبحت صحة البيانات مشكلة كبيرة. البيانات الرسمية لا تعكس الوضع على الأرض، كما أن المسؤولين لا يظهرون ولا يمكن الوصول إليهم”، وفي هذا الوضع “جاءت وسائل التواصل الاجتماعي لإنقاذ الصحفيين”.

وتابع: “في غياب وسائل التواصل الاجتماعي، لن نتمكن من متابعة العديد من القصص، حيث نحصل على معلومات من وسائل التواصل الاجتماعي، ثم نتحقق منها قبل تحويلها إلى خبر”.

** تحديات فريدة وخطيرة

خلال العام الماضي، اضطرت صحيفة كشمير لايف، وهي أسبوعية شهيرة بولاية سريناغار (شمال)، إلى إغلاق غرفة التحرير ثلاث مرات بسبب الإصابة بالفيروس، حيث يخضع حاليًا جميع موظفي الصحيفة، وبينهم رئيس التحرير مسعود حسين، للحجر الصحي بعد أن أصيبوا أثناء تغطيتهم للموجة الثانية.

وقال حسين إنه خلال الموجة الأولى، العام الماضي، أجرى فريقه مقابلة مع الدكتور عبد الغني أهانجير، مدير معهد العلوم الطبية في سريناغار، وأثناء المقابلة، لاحظوا أن مساعدي أهانجير كانا يسعلان، وبعد يومين كانت نتيجة الفحص لكليهما إيجابية.

وأضاف: “بعد أسبوع من المقابلة، أفاد أحد الأطباء الذي ساعدنا في ترتيب المقابلة بأن نتيجة فحصه كانت إيجابية، مما اضطرنا إلى إغلاق غرفة التحرير”.

وفي حادثة أخرى، قال حسين إن خالد بسير قورة، وهو مراسل شاب للصحيفة، جاء في أحد الأيام إلى المكتب بحماسة بعد أن أجرى مقابلة حصرية مع طالب كشميري تمكن من التهرب من الفحص في مطار سريناغار أثناء عودته من إيطاليا.

وتابع: “كان المراسل حينها يصافح الجميع بكل حماسة دون أن يدرك العواقب”.

وتابع حسين، الذي أمضى أيامًا في وحدة العناية المركزة، أن “العدوى جعلت مكتبه يتعايش مع الأزمة”.

ويعتقد مانيش جوبتا، رئيس نادي المراسلين الأجانب في جنوبي آسيا، أن هذه “أوقاتًا متعبة للصحفيين”.

وأردف أن “الموجة الثانية من الفيروس أوجدت تحديات فريدة وخطيرة على وسائل الإعلام لم يسبق لها مثيل من قبل. فالصحفيون بشر أيضا، يتأثرون بالصدمات النفسية والجسدية والعاطفية التي تطاردهم وتؤثر على عائلاتهم”.

وحتى السبت، سجلت الهند إجمالا أكثر من 22 مليون و296 ألف إصابة بالفيروس، بينها ما يزيد عن 242 ألف وفاة ونحو 18 مليون و317 ألف حالة تعافٍ (من إجمالي سكان أكثر من 1.3 مليار نسمة)، وفق موقع “وورلدميتر” (worldmeter).

Share on whatsapp
Share on facebook
Share on twitter
Share on telegram
Share on email
Share on print

رابط مختصر للمادة:

اقرأ أيضاً

Share on facebook
Facebook
Share on twitter
Twitter
Share on whatsapp
WhatsApp
Share on telegram
Telegram
Share on email
Email
Share on print
Print

رابط مختصر للمادة: