كيف سيؤثر انهيار أسعار النفط الأمريكي على السوق الأردني؟

كيف سيؤثر انهيار أسعار النفط الأمريكي على السوق الأردني؟

عامر الشوبكي: انهيار الخام الأمريكي سيؤثر سلبًا على الأردن

موسى هنطش: الأردن يفتقر للقدرة على تخزين كميات كبيرة من النفط الخام

محمد البشير: مستقبل أسعار النفط مرتبط بجرأة الحكومات على التعامل مع “كورونا”

عمّان – رائد الحساسنة

أكد خبراء اقتصاديون في تصريحاتٍ إلى “البوصلة” أنّ ما يجري في سوق النفط العالمية اليوم من انهيارات وخاصة الخام الأمريكي مرتبط بشكلٍ وثيق بجائحة كورونا وإغراق السوق بالنفط في ظل حالة الانكماش الاقتصادي وعدم وجود مشترين جدد وارتفاع كلفة التخزين بعد امتلاء المخزونات في أغلب دول العالم وعلى رأسها أمريكا.

وأكد الخبراء على أن الأردن لن يستفيد من انهيار أسعار النفط الأمريكي بشكل عاجلٍ خاصة وأنه يستورد النفط من السعودية بناءً على العقود التي وقعها للحصول على حاجته من نفط “برنت”، محذرين في الوقت ذاته من أن الأردن يمكن أن يتأثر سلباً بهذا الانهيار.

انهيار النفط الأمريكي سيؤثر سلبًا على الأردن

يرى الخبير في قطاع الطاقة عامر الشوبكي في تصريحات إلى “البوصلة” أن سلبيات انهيار سعر برميل النفط الأميركي في العقود الآجلة لشهر أيار، ستكون أكثر من الإيجابيات بالنسبة للأردن.

 وأوضح الشوبكي أن النفط الأميركي أغلق على سعر غير مسبوق في التاريخ ببلوغه 37.63 دولاراً تحت الصفر للبرميل، أي أن المتعاملين دفعوا للمشترين كي يخلّصوهم من سلعة فاضت الخزانات إلا أنه بدأ تداول عقود حزيران عند 16 دولار للبرميل ظهر اليوم الثلاثاء.

وشدد على أن الأردن متأثر بإغلاقات فيروس كورونا المستجد، وتتراوح خسائره اليومية من ضرائب المحروقات بين مليونين و3 ملايين دينار، يوميا.

وتابع حديثه بالقول: كما أن انهيار مؤشر خام غرب تكساس، سينعكس على مؤشر برنت، وقد فقد سعر برنت اليوم 17% من قيمته بعد ان انخفض سعر البرميل إلى 21 دولار، وقد يتعمق هذا الانخفاض عند اقتراب نهاية تسليم عقود شهر حزيران، ما يعني خسائر فادحة للدول المنتجة، ومنها المانحة للأردن.

وأشار الشوبكي إلى أنه يتضح عمق التخفيضات التي جرت على موازنات الدول الخليجية للتعامل مع الأزمة، وهو ما يشكل عبئا على الأردن في الحصول على المنح، مشددًا في الوقت ذاته على أن تلك الدول، تستضيف آلاف الأردنيين العاملين فيها، وباتوا اليوم مهددين بخسارة وظائفهم، وعودتهم إلى الأردن، الأمر الذي سيزيد من الأعباء الداخلية.

وحول الإيجابيات، التي قد يستفيد الأردن منها في هذا السياق يؤكد الشوبكي أنها ستتم عند ملء المخزون الاستراتيجي، بتخفيض فاتورته النفطية لعدة الأشهر.

ويرى الخبير في قطاع الطاقة أن التوفير في الفاتورة النفطية، سيساهم بالحفاظ على احتياطيات الدولار في البنك المركزي، وسيُعزز القوة الشرائية لدى المواطنين لعدة أشهر، مشددا في الوقت ذاته على أن كلف الإنتاج بالنسبة للقطاعات الاقتصادية ستنخفض تبعا لتوفير الفاتورة النفطية.

ماذا حدث للخام الأمريكي؟

الخبير في قطاع الطاقة النائب في كتلة الإصلاح النيابية المهندس موسى هنطش أكد في تصريحاته إلى “البوصلة” على ضرورة أن يتم أخذ موضوع النفط وما يدور حوله من جدالات ببساطة، مشددًا على أهمية التفريق بين ما يحدث في أمريكا بتكساس تحديدًا وما يجرى في السوق العالمي.

وبمثل مبسط أوضح هنطش أن ما يجري في تكساس ينطبق عليه التشبيه الذي أطلقه أحد الخبراء في هذا القطاع بأنه مثل “بوكسة البندورة” عندما تصبح كلفة إنتاجها أكبر من كلفة بيعها، فيصبح من مصلحة صاحبها أن يتخلص منها فيلقيها بالشارع.

ونوه إلى أن أغلب البترول في أمريكا يتم استخراجه من الصخر الزيتي العالي الكلفة في ظل الانخفاض الكبير لأسعار النفط، وبالتالي لا يمكن بيعه بأي سعر، فيفضل أصحاب العقود التخلص منها على أن لا تتضاعف خسائرهم في ظل ارتفاع كلفة التخزين وعدم توفرها بعد امتلاء المخزونات الأمريكية.

وتابع حديثه بالقول: بالعودة للسوق العالمي فمنذ وصول رئيس الولايات المتحدة الأمريكية دونالد ترامب لسدة الحكم ضرب السوق العالمية للنفط وضغط  على السعودية وأصبح هناك تنافس سعودي روسي في سوق النفط انعكس ايجابا على السوق العالمي بانخفاض الأسعار التي لم تنخفض بشكل اعتيادي ومنطقي بل انهارت الأسعار وسقطت سقوطًا حرًا، على حد وصفه.  

وأشار هنطش إلى أن جائحة كورونا أسهمت بتعزيز الأزمة في كثير من الاقتصاديات العالمية وخاصة تلك المرتبطة بدول الخليج، منوها إلى أن دول الخليج وعلى رأسها السعودية وكذلك روسيا تعتمد في اقتصادها على البترول والغاز، وموازناتها السنوية مرتبطة بهذه السلعة، وكانت تنتظر عوائد بقيم معينة وهذا الأمر لن يتحقق بعد نزول أسعار النفط بشكل هائل الأمر الذي سيضرب اقتصاديات هذه الدول بشكل كبير جدًا إن لم يؤدي إلى تدميرها.

وعبر هنطش عن أسفه من أن أكثر هذه الدول الخليجية ليس لديها تخطيط أو تنويع في مواردها واعتمادها بشكل كلي على النفط، باستثناء قطر التي تستهلك الغاز بشكل أكبر.

ما هي حاجة السوق الأردني؟

وفي تعليقه على وضع السوق الأردني وحاجاته من النفط، نوه النائب موسى هنطش إلى أنه سوق محدود جدًا فهو يستهلك 130 ألف برميل من السعودية و10 آلاف برميل من العراق، مشيرًا إلى مشكلة كبيرة وهو أن ليس لدى الأردن قدرة على تخزين النفط الخام بكميات كبيرة.

وقال إنه ليس لدينا في الأردن تخزين كافٍ، حتى للمشتقات النفطية، منوها إلى أن مشروع الماضونا جاء باستثمار من صندوق أبو ظبي بقيمية 210  مليون دولار لرفع قدرتنا على تخزين المشتقات النفطية وليس النفط الخام من 14 يوماً في المصفاة، إلى 60 يومًا وفي أقصى حالاته إلى 90 يومًا.

وأكد أننا لا نستطيع في الأردن إنشاء خزانات للنفط الخام بشكل سريع، فضلا عن أن أسعار النفط بعد شهرين يمكن أن تعود لما كانت عليه، فضلا عن أن إنشاء خزانات للبترول في العقبة أو أي مكان آخر مكلفة جدًا.

وتساءل هنطش إذا اشترينا نفطًا بكميات كبيرة متى سنستهلكه؟ وهل لدينا المال الكافي للدفع، مشددًا على أنه لا يوجد شيء في سوق النفط اسمه “كن فيكون” فالعقود النفطية موقعة لثلاثة أشهر قادمة، وإذا كنا نريد توقيع عقود ستكون لشهر 8 فصاعدًا.

وحذر من أننا لا نضمن أسعار النفط فهي بورصات عالمية تتحكم فيها دول ومافيات ورؤساء، ونحن في الأردن ما نأخذه من السعودية 130 ألف برميل نفط من 12 مليون برميل تنتجه السعودية يوميًا، فنحن لسنا رقما يمثل شيئا في السوق العالمي.

وشدد على أنه يجب عدم الاستعجال في هذا الموضوع، مؤكدًا في الوقت ذاته على أن من الجيد أن أصبح لدينا مخزون للمشتقات النفطية، ولكن اللوم الوحيد لماذا لا يكون لدينا منتج داخلي حتى لو كانت كلفته أعلى حتى نستغني عن السوق العالمي، “لا سيما وأنه كان الأمل بتطوير آبار حمزة واستخراج الصخر الزيتي وتحويله لبترول”، على حد قوله.

الفرق بين الخام الأمريكي وخام برنت؟

بدوره قال الخبير الاقتصادي محمد البشير في تصريحاتٍ إلى “البوصلة” إن الهبوط الحاد في عقود نفط تكساس دون 37 دولارًا تعني أن المتعاقد سيدفع 37 دولارًا للمشتري في هذا اليوم حيث تنتهي عقود نفط تكساس، وليست عقود برنت، والفرق بينهما، أن تكساس هو الخام الأمريكي، وبرنت هو خليط المنتجين في أوبك، بمعنى أن برنت هو معدل الأسعار للبرميل الذي تحدده أوبك بناء على الأسواق.

وأكد البشير أن الأردن لن يستفيد شيئًا من انخفاض أسعار الخام الأمريكي إلى هذا المستوى لأنه يستورد النفط عبر عقود برنت من السعودية، الأردن ولن يستفيد مباشرة من هذا الموضوع باعتبار أن خام تكساس هو منتج الشركات والمصافي الأمريكية.

ونوه إلى أن الحالة قد تعود بعد يومين أو ثلاثة سيعود برميل تكساس إلى التعافي وللأسعار الطبيعية ويتجاوز العشرين دولارًا.

وشدد على أن الاقتصاد الأمريكي سيتأثر ببعديه، البعد المتعلق بهؤلاء المتعاقدين، والبعد الآخر المتعلق بالمنتجين، موضحاً أنه من المعروف أن الإنتاج في أمريكا هو إنتاج خاص، فأنت لديك حديقة تستطيع أن تضع حفارة وتنتج نفطًا، وتأتي صهاريج الشركات الوسيطة على البيوت وأماكن إنتاج النفط في آلاف الآبار، وتماما مثل ما يتم شراء الحليب من مزارعي الأبقار.

وتابع البشير بالقول: هذه الكميات من النفط يقوم الوسطاء بجمعها وبعدها يوقعون التعاقدات مع المشترين، وهذا الأمر له شقان أحدهما يتعلق بالمقامرة فلا أنت ستستلم نفطًا ولا أنا لدي نفط لأبيعك، ونتعاقد بالسوق المالي على شراء نفط تكساس ونخسر كلانا مثل ما يتم في عمليات شراء “الأسهم” وبيعها، وفي الوقت ذاته يوجد زبائن يتعاقدوا ليشتروا النفط حقيقة بقصد بيعه.

وقال إن هذه الفئة تشتري عقود النفط الأمريكية على أمل أن تجد زبائن جدد تبيعهم، ولكن عندما تم إغراق السوق بسبب الحرب النفطية بين السعودية وأوبك من جهة وروسيا من جهة أخرى، ومع أزمة كورونا أصبح الضغط مزدوجًا على أسواق النفط في العالم وبالنتيجة لم يعد هناك من يشتري العقود التي تم توقيعها في 20 من الشهر الجاري.

وأوضح أن كلفة تخزين هذا النفط الذي تم شراؤه بعقود بين الأطراف كلفة تخزينه عالية جدًا وبالتالي الهبوط إلى 37 دولارًا وهذا يعني أن المشتري الجديد سيقبض بالإضافة للنفط 37 دولارًا على كل برميل من الشركات المتعاقدة وهذا سيتحمل مخاطر التخزين والبيع.

ونوه إلى أن هؤلاء المتعاقدين ربما يكونون مضاربين وليسوا مستهلكين بالدرجة الأساس.

مستقبل أسعار النفط

وتوقع الخبير الاقتصادي محمد البشير في حديثه إلى “البوصلة” أن تواصل أسعار النفط انخفاضها، مشددًا في الوقت ذاته على أن مستقبل الأسعار سيكون رهن جرأة الحكومات في التعامل مع الوباء من جهة، والتفاهمات التي ما زالت مستمرة بين أوبك والسعودية وروسيا.

ونوه إلى أن كورونا وإغراق السوق بعدم التفاهم بين روسيا وأوبك هذان العاملان أديا إلى هذه الأسعار المتدنية.

وأوضح البشير أنه كيف تستطيع الدول أن تحسن إدارتها لعملية الإنتاج، فهذا يحتاج إلى وقت لأن المسألة لا تتعلق في الإنتاج فقط بل في عجلة النقل بشكل عام وحركة السير والشاحنات والطائرات.

وشدد على أنه “طالما استمرت حالة الكساد سيبقى النفط في أسعار متدنية، وأتوقع استمرار هبوط أسعار النفط خلال شهر أيار، ويمكن أن يهبط سعر الخام برنت إلى حدود العشرين دولارًا”.

(البوصلة)

Share on whatsapp
Share on facebook
Share on twitter
Share on telegram
Share on email
Share on print

رابط مختصر للمادة:

اقرأ أيضاً

Share on facebook
Facebook
Share on twitter
Twitter
Share on whatsapp
WhatsApp
Share on telegram
Telegram
Share on email
Email
Share on print
Print

رابط مختصر للمادة: