كيف فشل تحالف إسقاط الغانم بالبرلمان الكويتي؟

كيف فشل تحالف إسقاط الغانم بالبرلمان الكويتي؟

انتخب النائب الكويتي مرزوق الغانم، رئيسا لمجلس الأمة للمرة الثالثة، في مفاجأة مدوية جاءت بعد تحالف علني لنحو 84 بالمئة من نواب المجلس لإسقاطه.

في السابع من كانون أول/ ديسمبر الجاري، اجتمع 38 نائبا من أصل 50 في ديوان زميلهم بدر الداهوم، واتفقوا على عدة نقاط في مقدمتها عدم تجديد انتخاب مرزوق الغانم رئيسا للبرلمان.

وفي الاجتماع الذي تلاه بديوانية النائب عبد الكريم الكندري بعد يومين، ارتفع العدد إلى 42 نائبا، أجمعوا على انتخاب بدر الحميدي رئيسا، وكان هناك ميل لاختيار حسن جوهر نائبا للرئيس.

الاحتفاء الكبير الذي جرى حينها في مواقع التواصل الاجتماعي من حتمية سقوط الغانم، خالفه معسكر رئيس البرلمان، إذ أبدى عدد من المقربين منه عدم اكتراثهم بالاجتماع الضخم للنواب.

أحمد جاسم الخرافي، نجل رئيس مجلس الأمة السابق، وقريب الرئيس الحالي، ظهر في فيديو بعد اجتماع الـ42، وأكد أن منصب الرئيس سيكون من نصيب مرزوق الغانم.

وأكد الخرافي أن مثل هذه التحالفات كانت تحاك إبان حقبة والده، وأن تجاوزها ليس صعبا، مضيفا في عبارة أثارت جدلا واسعا “وايد منهم حبايبنا”، في إشارة إلى نواب حاضرين بالاجتماع.

بوادر الخلاف

ليلة الخامس عشر من كانون أول/ ديسمبر، أي قبل ساعات فقط من جلسة التصويت، ألمح مجموعة من النواب إلى وجود “خيانة” بينهم.

فقد غرّد الداهوم: “ما تنشرى روس الرياجيل بفلوس ما ينشرى بالمال غير البهايم ..!!!”، وأضاف: “أحرار ماعشنا بعيشة مذلة”.

فسّر ناشطون تغريدة الداهوم وغيره بأن هناك أصواتا ستذهب إلى مرزوق الغانم، بخلاف ما اتفق عليه.

اللغط الذي جرى ليلة الانتخابات دفع القائمين على هذا التحالف المؤقت، إلى إلزام جميع النواب بتصوير فيديو من هواتفهم لحظة تصويتهم لبدر الحميدي، فيما شاعت أنباء أنه تم إلزام النواب بالقسم على التصويت للحميدي.

هذا الاتفاق جاء بالتزامن مع محاولة الداهوم ومجموعة من النواب جعل التصويت علنيا، لـ”فضح الغادرين”، بحسب توصيف مؤازريهم، إلا أن ذلك لم يحدث.

المفاجأة

جرت الانتخابات صباح الإثنين، وكانت المفاجأة أن 14 نائبا من أصل 42 لم يلتزموا بالاتفاق المسبق، إذ صوت 11 منهم لمرزوق الغانم، فيما أبطل 3 آخرون أصواتهم عبر وضع علامة أمام اسمي الغانم والحميدي.

نظريا، صحيح أن ما رجّح كفّة الغانم للوصول إلى 33 صوتا هم الوزراء المسموح لهم بالتصويت على اختيار رئيس مجلس الأمة ونائبه، إذ صوت 14 وزيرا له، إضافة إلى 19 نائبا.

إلا أن تخلي النواب الأربعة عشر عن الحميدي هو ما أوصل الغانم لرئاسة مجلس الأمة مجددا.

وكان لافتا أن مرزوق الغانم ورغم تصويت 19 نائبا له، إلا أن الكاميرات رصدته وهو يحتفل وحيدا في المجلس، نظرا للاحتقان الشعبي الواسع ضده، وضد من يؤازره.

وتوالت المفاجآت بالاقتراع على منصب نائب الرئيس، إذ صوّت لأستاذ العلوم السياسية حسن جوهر 19 نائبا فقط، فيما صوت لمنافسه أحمد الشحومي 41، وهو ما فتح بابا للتساؤلات حول وجود خلل في معايير جملة من النواب الداعين للإصلاح، في إشارة إلى عدم اختيارهم جوهر رغم مواقفه السياسية المتقاربة معهم، فقط لكونه من الطائفة الشيعية.

إثبات براءة

الصدمة التي تلقاها معسكر المعارضة داخل البرلمان، فتحت بابا للتشكيك في أعضاء هذا التحالف الذي اجتمع مرتين في ديوانيتي الداهوم والكندري.

ولدفع التهم عنهم، وإثبات براءتهم، سارع مجموعة من النواب إلى نشر فيديوهات تثبت تصويتهم للحميدي، إلا أن ذلك لم يخرج بعضهم من دائرة الشكوك، باتهام ناشطين لهم بتزوير الفيديوهات، أو اقتطاعها.

أحد من طالتهم تهم التخلي عن التعهد بالتصويت للحميدي، هو النائب أسامة المناور والذي لم يوثق اقتراعه للحميدي بفيديو، إلا أن النائب الداهوم دافع عنه وأكد أنه ليس من ضمن الـ14 الذين خالفوا الاتفاق.

ولكن بالعودة إلى الأرقام الرسمية، يتبين أن هناك 3 نواب على الأقل ممن أثبتوا تصويتهم للحميدي إما بفيديو أو صورة، لم يصوتوا له بالفعل، أو أنهم صوتوا للغانم أيضا ما يعني بطلان أصواتهم.

إذ نشر 21 نائبا فيديو يوثق تصويتهم للحميدي، فيما نشر 10 آخرون صورا تؤكد ذلك، فيما اقتصرت الأصوات التي حصل عليها الحميدي رسميا على 28.

ليس تحالفا

أستاذ العلاقات الدولية عبد الله الشايجي، اعتبر أن اجتماعي النواب قبيل جلسة انتخاب الرئيس لا ترقى لتسميتها تحالفا.

ووصف الشايجي هذا الاجتماع بـ”التحالف الهلامي”، منتقدا موجة التخوين بين أعضائه.

وأضاف: “ما هي الآلية التي تمكن فردا لا يرأس حزبا (الغانم)، من هزيمة تحالف هلامي من 42 نائباً يمثلون 84 بالمئة من نواب الأمة المنتخبين -ويفوز- في تزاوج السلطة والمال، وحتى يمكن أن يصبح زعيماً سياسياً؟”.

وخلص الشايجي إلى أن ما جرى “يؤكد أنه لا معارضة حقيقية في الكويت -ولا انضباط ولا التزام-والتنسيق كلام فاضي ولا يقدم ولا يؤخر”، مشيرا إلى أن “العمل السياسي يبقى فرديا، والحكومة اللاعب الأقوى والمرجح”.

الحكومة مسؤولة

اعتبر مدونون ومغردون كويتيون أن الحكومة تتحمل مسؤولية مخالفة الإرادة الشعبية بإيصال الحميدي للرئاسة، بحكم أن أكثر من نصف مجلس الأمة المنتخب شعبيا اختاره للرئاسة.

وأوضح مغردون أن استمرار القانون الذي يسمح للوزراء بالمشاركة في اختيار رئيس المجلس ونائبه يعني استمرار تقويض الإرادة الشعبية.

وذهب آخرون للقول إن الحكومة برئاسة صباح الخالد الصباح، لم تلتزم بسياسة غير معلنة لحكومات سابقة تمثلت في توجيه الوزراء بالحياد في الانتخابات، أي يمنح نصفهم صوته لمرشح والنصف الآخر للمرشح الثاني.


السياسي والأكاديمي عبيد الوسمي، علق بالقول: “الأخ صباح الخالد، لم يسجل التاريخ لشخص مهما بلغ قدره أن حقق انتصارا على إرادة شعبه! لأن هكذا انتصارات خساراتها فادحة!! إني لك من الناصحين والسلام”.

فيما دعا المفكر عبد الله النفيسي إلى حلّ المجلس، متهما الكثير من أعضائه بالرغبة في بقاء الفساد، والتعايش معه.

وقال: “نتيجة التصويت تؤكّد بأن غالبية الأعضاء لا يريدون إصلاح مجلس الأمة. لا بل لا يمانعون التعايش مع الفساد في المجلس وخارجه. سأظل على هذه القناعة حتى يثبت العكس. من مصلحة الكويت حلّ هذا المجلس”.

وتابع: “تستند الحكومة في تدخلاتها المتكررة في شؤون مجلس الأمّه منذ 1963 إلى (اللائحة الداخلية) للمجلس ومن يدرس نصّ اللّائحة لا يداخله شك في أنّها تتعارض مع المادة 50 من الدستور التي تؤكد على مبدأ (فصل السلطات) فمطلوب من بعض الأعضاء الطعن في دستورية اللّائحة”.

وأردف قائلا: “هذا هو السبيل العملي لإيقاف التدخّل الحكومي في شؤون مجلس الأمّة، فالمجلس – هو سيّد قراره – وتلك قاعدة برلمانية لا نزاع ولا خلاف عليها في الأنظمة الدستورية”.

فيما قال النائب السابق صالح الملا: “الكل يتحدث عن خيانة النواب لبدر الحميدي وحسن جوهر، ولم يتحدث أحد عن الخيانة العظمى التي مارستها السُلطة عندما قررت فجأة عدم الحياد وتوجيه أصوات الحكومة للأخ مرزوق الغانم!”.

عربي 21

Share on whatsapp
Share on facebook
Share on twitter
Share on telegram
Share on email
Share on print

رابط مختصر للمادة:

اقرأ أيضاً

Share on facebook
Facebook
Share on twitter
Twitter
Share on whatsapp
WhatsApp
Share on telegram
Telegram
Share on email
Email
Share on print
Print

رابط مختصر للمادة: