لامبالاة شعبية بمناقشات النواب لبيان الثقة الحكومي

لامبالاة شعبية بمناقشات النواب لبيان الثقة الحكومي

لعقود عدة، كان الأردنيون يتسمرون أمام أجهزة التلفاز عند مناقشة مجلس النواب لبيان الثقة الحكومي، لكن هذا الأمر تراجع تدريجياً حتى باتوا لا يعيرون هذه العملية أي اهتمام. فالثقة بالمجلس تقل عن 20 في المائة، وفق استطلاعات الرأي التي تجريها مراكز الدراسات المحلية، في حين لم تصل نسبة المشاركة في الانتخابات الأخيرة التي جرت في 10 نوفمبر/تشرين الثاني الماضي، إلى 30 في المائة.


ومنذ يوم الثلاثاء الماضي، بدأ أعضاء مجلس النواب الأردني ماراثون مناقشة البيان الوزاري الذي تقدم به رئيس الوزراء بشر الخصاونة للمجلس، الأحد الماضي، لنيل حكومته الثقة على أساسه، ومن المتوقع الانتهاء من هذه المناقشة الأسبوع المقبل.


وتوجب المادة 53 من الدستور، على الحكومة التي تُشكّل ومجلس النواب منحلّ، تقديم بيانها الوزاري خلال شهر من انعقاد المجلس الجديد للحصول على ثقته. وتوافق أعضاء المجلس على منح كل نائب مدة 20 دقيقة لمناقشة البيان، ونصف ساعة لكل متحدث باسم الكتلة النيابية.

ويقول المواطن محمد موسى، إنّ “المجالس السابقة، التي كانت تشكيلتها أفضل من المجلس الحالي، لم تستطع تغيير أي قرار حكومي على أرض الواقع، وما تريده السلطة التنفيذية يتم تطبيقه”، معتبراً أنّ “متابعة نقاشات مجلس النواب للبيان الحكومي مضيعة للوقت”.
من جانبها، ترى المواطنة أمل أحمد، في حديث مع “العربي الجديد”، أنّ “مجلس النواب عاجز عن تحقيق تطلعات المواطنين”، مضيفةً أنها منذ سنوات لم تتابع مناقشات الثقة، “فقلّة من النواب يعبّرون عن طموحات الناس، وهذه الجلسات للاستعراض”.


ويعزو النائب السابق نبيل غيشان، في حديث مع “العربي الجديد”، تراجع اهتمام المواطنين بمناقشة النواب لبيان الثقة الحكومي، إلى “تدني ثقتهم بالمجلس” والتي اعتبرها “وصلت إلى الحضيض”. ويضيف: “اليوم أمام مجلس النواب فرصة تاريخية من أجل إعادة موازنة الأمور مع الرأي العام وتصويبها نحو الوضع الصحيح، ورفع الثقة به من جديد”، مشيراً إلى أنّ “المجلس يضم حوالي 100 نائب جديد، فيما غاب عنه 90 في المائة من النواب الذين كانوا يسيئون إلى سمعته في دورات سابقة”. غير أنه يستدرك بالقول: “لكن الأمور لا تؤشر إلى استعادة الثقة”.


وحول محاولة بعض النواب حالياً الاستعراض بخطاباتهم، يقول غيشان: “هذا مجلس نواب جديد، ويهم النائب مخاطبة قاعدته الانتخابية والرأي العام، على الرغم من أنّ الحديث بروتوكولياً موجه للحكومة”، مشيراً إلى أنه “حتى يوم الخميس الماضي، كان هناك قلة من النواب الذين قدموا خطابات مقنعة ومهمة”. ويتابع: “النواب يريدون أن يعرفهم الرأي العام وهذا حقهم، لكن هناك تصرفات من قبل بعض النواب تسيء للمجلس، كالبحث عن مصالح خاصة، عبر استخدام الوساطة مثلاً وتوظيف المحسوبية، خصوصاً للحصول على وظائف”. ويرى أنه “إذا استمر بعض النواب على الأداء الحالي، فسيخسرون أنفسهم قبل خسارة المواطنين”، مؤكداً على “أهمية وضرورة نجاح مجلس النواب الحالي واستعادة ثقة الناس”. ويشير إلى أنّ “نسبة الاقتراع في انتخابات 2016، كانت حوالي 37 في المائة، فيما كانت النسبة عام 2020، أقل من 30 في المائة، وإذا لم يستعد المجلس ثقة المواطنين، فالنسبة قد تنخفض إلى 20 في المائة في الانتخابات المقبلة”.

قلة من النواب قدموا خطابات مقنعة ومهمة

بدوره، يقول المحلل السياسي الأردني زيد النوايسة، في حديث مع “العربي الجديد”، إنّ “تجربة المجالس السابقة خلقت حالة من الإحساس بعدم الثقة بين الناس وممثليهم، ولعل بيانات مراكز استطلاع الرأي، وعزوف المواطنين عن المشاركة في الاقتراع تكشف حجم الهوة بين الطرفين. حتى أنّ ثقة المواطنين بالحكومة في استطلاعات الرأي أكبر بكثير من الثقة بمجلس النواب”. ويضيف: “ربما اختصر برلماني مخضرم نظرة الناس للمجلس عندما وصفه بأنه مجلس الكلام”.


ويعتبر النوايسة أنّ “النواب لا تفرزهم قوى سياسية حقيقية بمقدار ما تفرزهم رغبات مصالحية، أو علاقة زبائنية وارتباطات عشائرية ومناطقية. وبالتالي المشروع الوحيد الذي يحمله النائب هو المشروع الشخصي”، لافتاً إلى أنّ “سيطرة رجال الأعمال حرفت المجالس عن دورها”. ويوضح أنّ “هنالك ثلاث فئات تتقاسم التمثيل النيابي؛ الفئة الأولى هي من المعتمدين على المكونات العشائرية والمناطقية التي لا تحمل مشروعا وطنيا جامعا، والفئة الثانية هي من رجال الأعمال الذين وظفوا عضويتهم في المجلس لتحقيق مصالحهم، في حين تتمثّل الفئة الثالثة ببعض ذوي الانتماءات الفكرية والحزبية وهؤلاء تأثيرهم محدود”.

تجربة المجالس السابقة خلقت حالة من عدم الثقة بين الناس وممثليهم

ويتابع النوايسة أنّ “القلة من النواب من ذوي الخطاب غير التقليدي، لا يملكون قوة التأثير على القرار، وهم يريدون القول لناخبيهم بذلنا أقصى جهد، وهو جلد الحكومة وإدانتها، لكن أحياناً يفاجأ المواطنون بأنّ بعض أصحاب الخطابات الحادة يمنحون الثقة للحكومة عند التصويت، والجميع يدرك أنّ المطالب المادية المرتفعة لا تستطيع الحكومة إنجازها، في ظلّ العجز المالي الذي يعانيه الاقتصاد الأردني”. ويؤكد النوايسة “في النهاية الحكومة ستحصل على الثقة”، معتبراً أنّ “الحكومة لا تسعى إلى ثقة بنسبة كبيرة، حتى لا تزيد الضغوط عليها في المستقبل”.


بدوره، يقول رئيس تحرير موقع وصحيفة “الحياة” الأردنية، محمد أبو شيخة، في حديث مع “العربي الجديد”، إنّ “المواطنين بعيدون كل البعد عن الاهتمام بجلسات مجلس النواب؛ سواء للرد على خطاب الحكومة لنيل الثقة أو في جلسات النواب المختلفة”، رابطاً ذلك بـ”أداء المجالس النيابية السابقة، والتي يرى المواطنون أنها لم تهتم بقضاياهم المعيشية والحياتية”. ويضيف: “المواطن يضع على رأس أولوياته احتياجاته المعيشية والاقتصادية قبل كل شيء”، معتبراً أنّ “تراكمات أزمة وباء كورونا التي أصابت المواطن بمقتل في تفاصيل حياته اليومية، وخصوصاً الطبقة الفقيرة والمتوسطة، غيّرت في أولويات الأردنيين واتجاهاتهم، وأضحى اهتمامهم “بعيدا تماماً عن الشأن النيابي”. ويرى أبو شيخة أنّ “أعضاء المجالس السابقة، لم يفوا بوعودهم التي قطعوها لقواعدهم الانتخابية والشعبية، خصوصاً الوعود المتعلقة بالتوظيف، ناهيك عن صعوبة لقاء المواطنين بنوابهم لأسباب لم يبررها هؤلاء النواب، مما جعل اهتمام المواطنين بالمجلس في أقل مستوياتها”.

العربي الجديد

Share on whatsapp
Share on facebook
Share on twitter
Share on telegram
Share on email
Share on print

رابط مختصر للمادة:

اقرأ أيضاً

Share on facebook
Facebook
Share on twitter
Twitter
Share on whatsapp
WhatsApp
Share on telegram
Telegram
Share on email
Email
Share on print
Print

رابط مختصر للمادة: