حسين الرواشدة
Share on facebook
Facebook
Share on twitter
Twitter
Share on whatsapp
WhatsApp
Share on email
Email
Share on telegram
Telegram

رابط مختصر للمادة:

لهذا.. لا يذهب «الناخبون» إلى الصناديق

حسين الرواشدة
Share on facebook
Share on twitter
Share on whatsapp
Share on email
Share on telegram

رابط مختصر للمادة:

الإجابة السريعة على سؤال عزوف المواطنين عن المشاركة في الانتخابات يمكن تلخيصها في عبارة واحدة وهي: «الاستقالة» من العمل العام تحت وطأة الإحساس «بالخيبة» أو «اللاجدوى» أو «وأنا مالي ؟».

لا أميل كثيرا لتحميل قضية او إشكالية «المواطنة» في الأردن بحسب التصنيف السائد القائم على اختلاف «الأصول» مسؤولية هذا العزوف، صحيح أنها جزء من المشكلة، لكن الصحيح ايضاً هو ان «المواطنة» بمعناها الواسع المرتبط بعلاقة الناس مع الدولة وثقتهم بها ورضاهم بموازين العدالة التي تقوم عليها، هي العنوان الأنسب لفهم هذه الإشكالية.

اذاً استثنينا دور الروابط العائلية والعشائرية والاجتماعية -كعوامل- تدفع المواطنين للذهاب الى الصناديق من اجل انتخاب مرشحين تحت وطأة «التخجيل» او الانتصار لأسم العشيرة او تحقيق بعض المصالح الفردية، فإن حالة «العزوف» تبدو مشكلة عامة ولا تختلف في عمان والزرقاء عنها في الأطراف والأرياف.

في المدن الكبرى – بخلاف القرى والبلدات الصغيرة – يتراجع حجم الضغط الاجتماعي فيجد الناس «فسحة للهروب من الصناديق، كما تتراجع الحاجة «للبريستيج» الاجتماعي فلا يضطر «الناخبون» عندها للبحث عنه في افرازات الصناديق.

العامل الاجتماعي -هنا- لا يتعلق فقط بعلاقة الافراد مع بعضهم في المجتمع، وانما بعلاقتهم مع الدولة ايضاً. فالعزوف عن الانتخابات يشكل احياناً ردوداً ورسائل للاحتجاج، او تعبيراً عن الغضب والعتب، وقد يصل الى درجة «الانتقام»، فالأفراد ينتقمون من مجتمعاتهم إذا ما عجزوا عن التعايش داخلها وقد ينتقمون من أنفسهم ايضاً إذا ما انسدت امامهم الأبواب.

لكي نفهم إشكالية العزوف بشكل ابسط يمكن ان نقلب الصورة، فنسأل مثلا عن الأسباب التي تدفع الى المشاركة في الانتخابات، لكن قبل ذلك نلاحظ مسألتين: الأولى ان اعداد الذين يرشحون انفسهم لأي انتخابات غالباً ما تكون كبيرة الاّ ان أغلبيتهم لا يمتلكون المؤهلات (دعك من البرامج) لإقناع الناس باختيارهم، الثانية هي ان عملية الانتخابات تخضع لمعادلة «الفردية» مع غياب الأحزاب والأطر الجامعة (العشيرة هي الإطار الوحيد) وبالتالي فإنها لا تعني بالنسبة للمواطنين اكثر من عملية سباق نحو الموقع، ادارياً أكان او سياسياً، أما الإجابة على سؤال «الدوافع» التي تغري الناخبين للتصويت فتتعلق بقضية (الخدمة)، هنا يمكن -ايضاً- ان ينقسم الجمهور الى صنفين: الأول يعزف عن التصويت لأنه يعتقد ان ماكينة الانتخاب مهما افرزت فإنها ستبقى تدور في اطار «الخدمة» المقررة وبالتالي فإن صوته لن يغير من نوعية الخدمة، أما الآخرون الذين يذهبون للصناديق فيعتقدون ان نوعية الخدمة مرتبطة بالأشخاص الذين يتولون ادارتها لا بالمعادلات التي تحكم الأشخاص وتضطرهم للقبول بها.

إذا تجاوزنا ذلك، فإن سؤال انتاج المواطن العضوي المنسجم مع قيم الدولة «الوطن»، يشكل محوراً اساسياً لفهم قضية المشاركة، سواء في الانتخابات والعمل العام، أو حتى في تفاصيل الحياة الأخرى، هل لدينا مثل هذا «المواطن» ام اننا عجزنا عن انتاجه واقناعه وضمان اندماجه في المجتمع الذي يعيش فيه؟

الإجابة تحتاج الى التدقيق في مجالين مهمين: احدهما المجال السياسي الاجتماعي (السيسيولوجي) الذي يفترض ان يتولى «إدارة» الشأن العام ومنح الناس ما يجب من مساحات للإحساس بالحرية والعدالة والهمة والأمل، ويشكل لديهم بواعث حقيقية للمشاركة والانتماء والتعاون والتعارف والتفاهم، اما المجال الآخر فهو القيمي والسلوكي الذي يعكس «فكرة» الدولة وقيمها ومبادئها العامة ومدى انسجامها مع حركة المجتمع ومتطلباته، وهنا تبدو «الانتخابات» – عزوفاً او مشاركة – بمثابة امتحان لقياس ما حققناه من نجاح في هذين المجالين، ليس فقط تبعاً للتصنيف الجغرافي والتاريخي «للمواطنة» وانما للمواطنة بشكلها المطلق وغير المحدد بأي عوامل لها علاقة بالهويات الفرعية او بالنوازع العاطفية.

(الدستور)

Share on facebook
Share on twitter
Share on whatsapp
Share on email
Share on telegram

رابط مختصر للمادة:

Related Posts