ماذا لو فاز المستقلون بالأغلبية في البرلمان التونسي؟

ماذا لو فاز المستقلون بالأغلبية في البرلمان التونسي؟

مع اقتراب موعد الانتخابات التشريعية (المقررة بعد غد الأحد 6 أكتوبر/تشرين الأول الجاري)، بدأ الحديث داخل الأوساط السياسية في تونس عن فرضية تكرار سيناريو الرئاسية، واكتساح المستقلين لمقاعد البرلمان، وعبرت بعض الأحزاب عن مخاوفها من مشهد برلماني مشتت وغير متجانس يصعب معه تشكيل الحكومة المقبلة. 

وبحسب الأرقام التي أعلنتها سابقا هيئة الانتخابات، فقد سجلت القوائم المستقلة ارتفاعا مطردا على حساب مرشحي الأحزاب مقارنة بانتخابات 2014 لتبلغ 707 قوائم، في حين تراجعت القوائم الحزبية لحدود 695 وبلغت الائتلافية 190. 

ووفقا لمقتضيات الفصل 89 من الدستور، يكلف رئيس الجمهورية مرشح الحزب أو الائتلاف الانتخابي الحاصل على أكبر عدد من المقاعد بمجلس النواب بتشكيل الحكومة خلال شهر يجدد مرة واحدة، وذلك بعد أسبوع من الإعلان عن النتائج النهائية للانتخابات التشريعية. 

وإذا تجاوز الأجل المحدد دون تشكيل الحكومة، أو في حالة عدم الحصول على ثقة مجلس النواب، يقوم رئيس الجمهورية خلال عشرة أيام بإجراء مشاورات مع الأحزاب والائتلافات والكتل النيابية لتكليف الشخصية الأقدر من أجل تشكيل حكومة في مدة أقصاها شهر. 

وإذا مرت أربعة أشهر على التكليف الأول، ولم يمنح أعضاء مجلس النواب الثقة للحكومة، فيحق لرئيس الجمهورية حل مجلس النواب والدعوة إلى انتخابات تشريعية جديدة في فترة بين 45 و90 يوما. 

ووسط مخاوف الأحزاب الكبرى من هزيمة محتملة في الانتخابات التشريعية، حثت حركة النهضة أنصارها على “إنجاح الانتخابات التشريعية، والعمل على تبديد مخاوف التونسيين من خطر تشتت البرلمان أو العجز عن تشكيل حكومة قوية ومتجانسة ومستقرة”.

عجز البرلمان عن تشكيل حكومة
وفي هذا السياق، عبر القيادي في النهضة نوفل الجمالي في تصريح للجزيرة نت عن أمله في أن تكون الرسالة التي وجهتها الحركة لقواعدها قد وصلت بهدف “الوصول لنتائج تحقق الاستقرار السياسي والحكومي في الانتخابات التشريعية”.

ويذهب الجمالي للقول إن تشكيل الحكومة بحسب مقتضيات الدستور أمر موكول بدرجة أولى للأحزاب وتحديدا للحزب صاحب الأغلبية الفائزة في الانتخابات التشريعية، مشددا على أن الحياة السياسية لا يمكن أن تؤطر إلا صلب الأحزاب.

وحذر بالمقابل لما أسماه بالخطر الذي يمكن أن يشكله المستقلون على المنظومة السياسية بحال فوزهم، مبررا ذلك بإمكانية دخول البرلمان في حالة عجز عن تشكيل الحكومة، عند غياب توليفة حزبية قوية قادرة على فعل ذلك.

هيمنة الكتل الحزبية على البرلمان
وتميز المشهد البرلماني منذ انتخابات 2014 بهيمنة الكتل الحزبية حيث تصدرت النهضة الترتيب بـ68 نائبا، تلتها كتلة الائتلاف الوطني المكونة من حزب رئيس الحكومة يوسف الشاهد “تحيا تونس” بـ43 نائبا ثم نداء تونس بـ26 نائبا فيما بلغ عدد المستقلين 34 نائبا.

وفي حديثه للجزيرة نت قال النائب عن كتلة “الائتلاف الوطني” كريم الهلالي “لا جدوى من مشاركة المستقلين في الانتخابات التشريعية”، معربا عن خشيته من “عجز الانتخابات التشريعية عن إيجاد أغلبية برلمانية مكونة من كتل حزبية متجانسة قادرة على تشكيل حكومة قوية ومستقرة”.

وحمّل الهلالي جميع الأحزاب دون استثناء مسؤولية فقدان التونسيين الثقة بالطبقة السياسية، في ظل ما وصفه بفشل نواب الأحزاب داخل البرلمان في تحقيق تطلعات ناخبيهم والأداء السيئ الذي تميزت به فترة نيابتهم.

ودعا الأحزاب التقدمية الفائزة في البرلمان بعد الانتخابات التشريعية إلى التكتل بهدف الإسراع في تشكيل حكومة، وعدم ترك المشهد السياسي مفتوحا على المجهول.

المستقلون بديل عن عجز الأحزاب
على الجانب الآخر، اختارت القائمة الائتلافية المستقلة “عيش تونسي” أن تروج لحملتها الانتخابية التشريعية بخطاب “طمأنة” أكدت فيه للتونسيين أنها ليست حزبا سياسيا بل فصيلا من المستقلين تحت شعار”ماتخافوش مناش حزب”. 

وقال الناطق الرسمي باسم القائمة حمزة كعبار للجزيرة نت، إن الأحزاب لم تقدم طوال السنوات الماضية أداء مقنعا داخل البرلمان يفي بتطلعات التونسيين، بل ارتبطت في أذهانهم “بالفساد والصراع على المناصب والسياحة الحزبية”، حسب وصفه. 

ورأى أن تخويف الأحزاب من هيمنة المستقلين على البرلمان والتكهن بعجزهم عن تشكيل الحكومة، يندرج ضمن حملات التشويه والمهاترات السياسية والفهم الخطأ لما جاء في الدستور. 

وأشار كعبار إلى أن الأحزاب هي التي قدمت صورة سلبية عن العمل السياسي والبرلماني، فيما أثبت المستقلون فاعليتهم وإنصاتهم لمشاغل المواطنين والتزامهم بالعمل البرلماني. 

ولم يستبعد -في حال فوز قائمته في التشريعية- الدخول في ائتلافات أو توافقات موسعة سواء في صف الحكومة أو المعارضة، شريطة التقاطع معها في البرامج نفسها والتعهدات التي طرحتها في برنامجها الانتخابي.

بدورها، اختارت قائمة “أمل وعمل” المستقلة أن تتوجه للتونسيين في برنامجها الانتخابي بالتزامات ووعود تنهي الممارسات التي شابت الحياة البرلمانية في 2014، وفي مقدمتها السياحة الحزبية والتمسك بالحصانة البرلمانية، وهي من النقاط السوداء المسجلة ضد نواب الكتل الحزبية.

وفي حديثه للجزيرة نت، قال العضو المستقل في القائمة غسان الرويسي إن العمل البرلماني من خلال الكتل الحزبية، كبّل سابقا تمرير القوانين وتشكيل الحكومات، بسبب ما وصفها بصفقات سياسية مشروطة وتفاهمات حول تقسيم السلطة تُبرم بين قيادات الأحزاب.

وفنّد الرويسي الطرح القانوني والدستوري الذي تبنته بعض قيادات الأحزاب بعجز القوائم المستقلة عن تشكيل الحكومة، مستندا إلى الفصل 89 من الدستور، ومشددا على أن الائتلافات المستقلة باتت تشكل خطرا داهما على مستقبل الكتل الحزبية داخل البرلمان، نافيا أي تحالفات ممكنة معها في المستقبل.

المستقلون وقدرتهم على تشكيل الحكومة المقبلة -في حال فازوا بالانتخابات التشريعية- مثلت أيضا حديث الشبكات الاجتماعية بين مؤمن بقدرتها على أن تطرح البدائل داخل البرلمان، وبين من يعتبرها خطرا على الحياة السياسية ومظهرا من مظاهر “التشتت والغوغائية”.

Share on whatsapp
Share on facebook
Share on twitter
Share on telegram
Share on email
Share on print

رابط مختصر للمادة:

اقرأ أيضاً

Share on facebook
Facebook
Share on twitter
Twitter
Share on whatsapp
WhatsApp
Share on telegram
Telegram
Share on email
Email
Share on print
Print

رابط مختصر للمادة: