عاطف الجولاني
Share on facebook
Facebook
Share on twitter
Twitter
Share on whatsapp
WhatsApp
Share on email
Email
Share on telegram
Telegram

رابط مختصر للمادة:

ما بعد قرار المشاركة في الانتخابات النيابية

عاطف الجولاني
Share on facebook
Share on twitter
Share on whatsapp
Share on email
Share on telegram

رابط مختصر للمادة:

خاضت الحركة الإسلامية في الأيام الفائتة تمريناً شوريا ديمقراطياً مهمّاً نجحت فيه بامتياز، وقدمت أنموذجاً إيجابياً في الحوار والنقاش وإنضاج الآراء، وصولاً إلى حسم النتيجة عبر آلية التصويت بكل شفافية.

خلال النقاش والحوار الداخلي طرحت الآراء ووجهات النظر المتباينة بكل حرية، وقدّم أصحاب كل اجتهاد حججهم ومبرراتهم التي شكلت قناعاتهم ومواقفهم. لم يتهم مؤيدو المشاركة في الانتخابات أصحاب الرأي الآخر بالميل إلى العدمية والتشدد والانغلاق وعدم الواقعية، كما لم يتهم مؤيدو المقاطعة أصحاب الرأي الآخر بالضعف والاندلاق والانهزامية، ولم يشكّك أحد الفريقين بدوافع الآخر. فالمسألة في نهاية المطاف اجتهاد سياسي يتبلور عبر قراءة الواقع ودراسة الخيارات وتقدير الموقف لما يخدم مصالح الأمة والوطن أولاً، قبل مصالح الحركة وأولوياتها.

قرار الحركة الإسلامية أعجب الكثيرين، لكنه لن يعجب البعض ممن كانوا يفضلون خيار عدم مشاركتها في الانتخابات لاعتبارات متعددة تخصهم. وقد ذهبت بعض هذه الأصوات لنقد قرار الحركة، وهذا حقّها ما دامت تتجنّب الإساءة والاتهام، فرضى كل الناس غاية لا تدرك، ولكلٍ اجتهاداته وحساباته وقناعاته ومنهجه في التفكير وفي التعاطي مع الأمور، ولا يضير الحركة وهي تعبّر عن قناعاتها أن تصدر بعض الأصوات الناقدة لها أو المشككة في مواقفها، علماً بأن البعض جاهز لتوجيه النقد لها في كل الأحوال، سواء قاطعت أم شاركت، ولو قررت الحركة مقاطعة الانتخابات لكانت خرجت أصوات كثيرة تنتقدها وتشكك في موقفها وتتهمها بالعدمية والسلبية والخوف من انكشاف حجم تأييدها الشعبي.

لقد نجحت الحركة الإسلامية في اختبار حسم الموقف من الانتخابات، وخرجت منه أشدّ قوة، وأصلب عوداً، وأكثر وحدة وتماسكاً. والتباين مشروع بين وجهات النظر قبل حسم القرار، لكن الحركة الإسلامية أظهرت للجميع أنها كانت على الدوام، وفي كل المحطات السابقة، تصطف خلف قرار مؤسساتها الشورية والقيادية حين يحسم الأمر. فالأهم من قرار المشاركة والمقاطعة تكريس الأعراف الشورية والديمقراطية، واحترام المؤسسية التي هي من أهم عوامل قوة الحركات والأحزاب والهيئات.

ليس مهماً عدد المقاعد التي تحققها الحركة الإسلامية أو أي قائمة أخرى ما دامت الانتخابات تجرى بشفافية بعيداً عن تزوير إرادة الناخبين، فمن يخوض الانتخابات عليه أن يقبل نتائجها أياً كانت، ما دامت تعبّر عن الإرادة الشعبية لا عن إرادة السلطات والمؤسسات المشرفة على الانتخابات.

قرار الحركة الإسلامية بالمشاركة يوفّر فرصة معقولة لمراقبة أداء الحكومات ومحاسبتها ونصحها، ويفتح الطريق أمام تعزيز الشراكة الوطنية وبناء جبهة وطنية موحّدة متراصّة في مواجهة التحديات الداخلية والأخطار الخارجية، ويحافظ على بعض مصداقية الانتخابات المهزوزة بفعل الإجراءات الرسمية وقوانين الانتخاب المجحفة، ويقلّل من عزوف المواطنين عن ممارسة حقهم بالمشاركة في الحياة السياسية نتيجة إحباطاتهم من أداء المجالس النيابية المتعاقبة.

لقد أظهرت الحركة الإسلامية طوال الفترة الماضية قدراً عالياً من الانفتاح على كل مكونات المعادلة الوطنية وبضمن ذلك الجانب الرسمي، كما تعامت بكثير من الإيجابية والرغبة بالانخراط في العملية السياسية رغم اعتراضها على كثير من سقوفها وتفصيلاتها،  وأظهرت واقعية سياسية واضحة أكدها مجددا قرارها بالمشاركة في الانتخابات النيابية رغم ما يحيط بها من ظروف ومعطيات صعبة تسببت بها ممارسات الحكومة تجاه الهيئات المنتخبة وتجاوزاتها على حريات المواطنين وحقوقهم في ظل التطبيق المتشدد لقانون الدفاع الذي يخشى أن تجرى الانتخابات في ظل وجوده.. فالسؤال الذي بات يطرح هذه الأيام ولا يجد جواباً: إلى متى يستمر قانون الدفاع، وماذا إن استمر وباء كورونا لسنوات؟!

نجحت الحركة الإسلامية في اختبار الشورى والديمقراطية الداخلية، وأكدت بالتجربة العملية احترامها للحرية والشفافية والتزامها بالنهج الشوري الديمقراطي، بعيدا عن تكميم الأفواه ومصادرة الآراء وإقصاء الرأي المخالف. والكرة الآن في ملعب الحكومة.. فهل تلتزم الحياد وتجري الانتخابات بنزاهة وتتوقف عن ممارسة الضغوط وتوقف تدخلاتها التي جرت خلال الأسابيع الفائتة من تهديد لبعض المترشحين على قوائم الحركة الإسلامية والسعي لتشكيل قوائم مناكفة لها، وهل ستتخذ إجراءات قوية تمنع تأثير المال السياسي الذي لعب دوراً مهماً في فوز الكثير من المرشحين في الانتخابات الماضية؟

الفرصة قائمة لأن تكون الانتخابات القادمة عرساً ديمقراطياً يؤكد رغبة الأردن بالتوجّه نحو مزيد من الإصلاح والديمقراطية وبناء الجماعة الوطنية المتكاتفة، وإذا كان الجانب الرسمي يتحمّل القسط الأكبر من مسؤولية ذلك بحكم امتلاكه السلطة والقرار، فإن الجميع مطالب بأن ينخرط في هذا الجهد الوطني، وأن يغلّب مصلحة الوطن والأمة على مصالحه الخاصّة.

ولا مبرر لأن تكون الانتخابات القادمة ساحة اشتباك ومكاسرة بين الجانب الرسمي والحركة الإسلامية، ولا بين الحركة وبين أيٍ من القوى السياسية الأخرى، فالساحة تتسع للجميع، والوطن بحاجة لتعاونهم وتكاتفهم جميعاً لما يخدم قوته ومنعته وقدرته على التقدّم ومواجهة التحديات.

Share on facebook
Share on twitter
Share on whatsapp
Share on email
Share on telegram

رابط مختصر للمادة:

Related Posts