ما واقعية تنفيذ تركيا تهديداتها لطيران الأسد فوق إدلب؟

ما واقعية تنفيذ تركيا تهديداتها لطيران الأسد فوق إدلب؟

المعارضة السورية أسقطت مروحيتين للأسد بعد خطاب أردوغان- تويتر

قال الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، في تصريح له الأربعاء الماضي، إن “الطائرات التي قصفت المدنيين في إدلب لن تطير بعد اليوم بحرية”.

ولفت الرئيس التركي إلى أن حصيلة ضحايا بلاده في إدلب بلغت 14 قتيلا و45 جريحا، مشددا على أن الرد سيطال النظام السوري في كافة أماكن تواجده.

“فرد عضلات”

بالمقابل، لم يعلق الجانب الرسمي الروسي على هذه التصريحات، لكن بعض الصحف الروسية انتقدتها، حيث نقل موقع “روسيا اليوم” تصريحا لكبير المحاضرين في مدرسة الاستشراق في كلية الاقتصاد العالمي والسياسة بالمدرسة العليا للاقتصاد، أندريه تشوبريغين، أشار فيه إلى إن أنقرة الرسمية تتوقع من موسكو ألا تتخذ موقفا صلبا ضد تركيا في إدلب.

وأضاف تشوبريغين: “في رأيي، تصرفات تركيا في إدلب ردة فعل عصبية على فشل أردوغان في مناطق أخرى: في ليبيا”.

من جانبه، قال المحلل السياسي الروسي أندريه أونتيكوف لـ”عربي21″ إن إدلب جزء من الأراضي السورية، وبالتالي ليس على الجانب التركي أن يتخذ مثل هذه القرارات ضد دمشق”.

وأوضح أن روسيا موجودة في سوريا بطلب من الحكومة السورية الشرعية، وطيرانها يتحرك في الأجواء السورية بموافقة السلطات في دمشق، معربا عن اعتقاده بأن الطيران الروسي لن يتوقف عن التحليق فوق أجواء إدلب أو أي أراض سورية أخرى بعد هذه التصريحات.

وأضاف: “إدلب الآن تحت سيطرة الإرهابيين، حيث تسيطر مجموعات إرهابية على نحو 90 في المئة من أراضيها، والاتفاقيات التي توصلت إليها روسيا مع الجانب التركي والإيراني في أستانا وسوتشي، لا تمنع الكفاح ضد المجموعات الإرهابية، بل حتى تركيا تؤيد هذا الكفاح، لذلك أعتقد أن الطائرات الروسية ستستمر في عملها لمكافحة هذه المجموعات الإرهابية”.

وأكد أونتيكوف على أن التصريحات التركية حول الطيران الروسي أو تواجد الجيش السوري في المنطقة تدخل ضمن سياسة فرد العضلات، مضيفا: “لكن على كل حال يجب أن ننظر إلى الواقع، وهو أن الجانب التركي متمسك بفكرة الحوار والمشاورات، وهذا ما نشاهده، حيث كان هناك مباحثات بين وزيري خارجية البلدين”.

ولفت إلى أن جميع الاحتمالات مفتوحة فيما لو فشلت المباحثات المقررة يوم الاثنين القادم، مؤكدا أن روسيا تهتم وتقتنع بما يقوله الجانب التركي خلف الأبواب المغلقة وفي المباحثات المقبلة في موسكو.

وأشار إلى أنه لو تم فعلا إسقاط أي طائرة روسية، سيكون ذلك بمثابة دفع وتأجيج للتوتر بين الدولتين، كما حدث عام 2015.

مضيفا: “لكن السيد أردوغان يدرك بشكل واضح أن هذا التصرف يعدّ خطا أحمر بالنسبة لموسكو، وبرأيي الشخصي لن يتجرأ على اتخاذ مثل هذه الخطوة، فالتعاون الروسي التركي لا يقتصر على سوريا، حيث يوجد هناك تنسيق بينهما حول ليبيا وعدد من القضايا الأخرى، أيضا هناك اتفاقات تجارية كبيرة بينهما”.

ولفت إلى أن الخسائر في حالة تزايد التوتر ستكون كبيرة وسيئة جدا بالنسبة للبلدين، معربا عن اعتقاده بأن الجانبين سيحاولان منع حدوث هذا السيناريو، وأن يجدا حلا أثناء المباحثات”.

واقعية تنفيذ التهديدات

وأثارت تهديدات أردوغان تساؤلات حول واقعيتها وإمكانية تنفيذها على أرض الواقع، خاصة في ظل تحليق الطيران الروسي في المنطقة، إضافة إلى حدوث حالة من التوتر بين البلدين، حينما أسقطت تركيا طائرة روسيا عام 2015.

يشير المختص في العلاقات الدولية، علي باكير، إلى أن التهديد لم يصدر بالشكل الذي انتشر في الإعلام، مؤكدا على أن أردوغان قال “إن طائرات النظام لن تتحرك بحرية كما كان عليه الأمر من قبل”، بما معناه بأنه سيكون هناك تقييد لحرية حركة طيران النظام، وليس بالضرورة حظرا جويا شاملا.

وعبّر باكير عن اعتقاده بأنه يمكن تنفيذ هذا التهديد إذا ما كان هناك إرادة سياسية، خاصة أن التصريح اقتصر على طائرات النظام، ولم يتحدث عن الطيران الروسي أو منع روسيا من القصف.

التمييز بين الطائرات

وحول القدرة العسكرية على التمييز بين الطائرات الروسية والسورية، قال باكير في حديث لـ”عربي21″: “هناك مقدرة عسكرية على التمييز، ولكن هناك هامش لوقوع الخطأ، الذي إذا ما حدث قد يكون له تداعيات كما حصل عام 2015، لذلك فالمسألة حساسة للغاية، والمقاربة صعبة”.

وأوضح أنه تم إسقاط مروحيتين للنظام بعد تصريح أردوغان، وهذا لا شك مرتبط بتصريحه، لأننا لم نكن نشاهد إسقاط لطائرات النظام مؤخرا، لكن اعتقد بأن هذا التهديد لنظام الأسد جدي، وتركيا قادرة على تنفيذه”.

وخلص بالقول: “لكن الاختبار الأصعب مع طائرات روسيا ومع التداعيات التي قد تحصل إذا ما تم إسقاط طائرة روسية بالخطأ، ولا بد من الإشارة إلى المفاوضات الجارية بين الطرفين حول الوضع في إدلب كلها، وليس فقط حول جزئية حظر الطيران”.

بدوره، قال الخبير العسكري السوري، أحمد الرحال، إنه يمكن التفريق بين الطائرات، حيث يوجد شيء يسمى التمييز الراداري، وانعكاس الطائرة على شاشة الرادار، وأيضا التمييز بالشكل.

وتابع الرحال في حديث لـ”عربي21″: “هناك قدرة على التمييز بين الطيران الروسي والسوري، أيضا يمكن التفريق عبر معرفة مكان إقلاع الطائرات، خاصة أن القواعد العسكرية ليست ببعيدة، بالتالي يمكن معرفة هذا الطيران هل هو قادم من قاعدة حميم أم من التيفور أو مطار حماة، ولكن قد تقع أخطاء باعتبار أنه قد يكون هناك أكثر من طائرة في المكان ذاته تنفذ مهام مختلفة”.

وعبر الرحال عن اعتقاده بأن الوضع بين البلدين لن يصل لمرحلة استهداف تركيا للطيران الروسي، معربا عن توقعه بأن الرئيس التركي لا يريد إعلان حرب.

وأضاف: “بوتين أيضا لا مصلحة له بإعلان الحرب، لأنه إذا تم ذلك فإن جهود ثلاث سنوات من المفاوضات والمباحثات ستذهب سدى، وكل الأجندة الروسية التي تعتمد على القطب التركي ستنهار، وفي هذه الحالة يكون الطرفان خاسرين”.

وأشار الرحال في ختام حديثه إلى أن الخلاف بين الجانبين لن يصبح استراتيجيا، وذلك للعلاقات الاستراتيجية التي تجمعهما، وأيضا بسبب صفقات أخرى؛ عسكرية مثل صفقة صواريخ إس 400، وتجارية كخطوط الغاز والمحطات النووية مع حجم تبادل تجاري بين البلدين يصل إلى 38 مليار دولار.

Share on whatsapp
Share on facebook
Share on twitter
Share on telegram
Share on email
Share on print

رابط مختصر للمادة:

اقرأ أيضاً

Share on facebook
Facebook
Share on twitter
Twitter
Share on whatsapp
WhatsApp
Share on telegram
Telegram
Share on email
Email
Share on print
Print

رابط مختصر للمادة: