محصنة من الوباء وممنوعة على البشر.. أكثر الجزر عزلة في العالم

محصنة من الوباء وممنوعة على البشر.. أكثر الجزر عزلة في العالم

جزيرة معزولة

وصل فيروس كورونا لأبعد الأماكن وأكثرها تحصينا في العالم، فيروس صغير يتسلل عبر الهواء وينتشر، ولم تستطع كبرى الدول وأقواها أن تحول دون تفشي الفيروس، لكن ثمة قبيلة تعيش في جزيرة معزولة تماما عن البشر استطاعات أن تمنع ملايين الفيروسات والبكتيريا والبشر أنفسهم من الوصول لها، إنها قبيلة تسكن جزيرة سنتنيال الشمالية، وهي واحدة من جزر أندمان بالمحيط الهندي والتي تتبع الهند.

جزيرة معزولة عن البشر

قاومت الجزيرة كل محاولات التواصل مع الغرباء على مدار عشرات الآلاف من السنين، حتى أن المغامرين الذين حاولوا تجاوز القانون الذي يمنع التواصل واقتربوا من أهالي القبيلة لقوا حتفهم رميا بالسهام فور وصولهم إلى مشارف الجزيرة، ومن أشهر تلك الحوادث المبشر جون ألين تشاو، وهو أميركي لقي حتفه على يد مجموعة من  الأفراد من قبيلة سنتينليز.

اتجه ألين تشاو إلى الجزيرة في نوفمبر/تشرين الثاني 2018، آملا في تبشير سكان القبيلة ونشر المسيحية عن طريق قارب صيد، ذهب خلسة وبصورة مخالفة للقانون، لكنه قوبل بوابل من السهام بمجرد اقترابه من الجزيرة حتى عجزت السلطات عن انتشال الجثمان، لما في ذلك من خطورة على أفراد القبيلة وفريق الإنقاذ.

ما يعرف عن الجزيرة حتى الآن

كل ما يعرف عن الجزيرة وأفراد القبيلة قد تم تجميعه من خلال القوارب الراسية على مسافة أبعد من مرمى سهامهم، فسكان الجزيرة يعيشون على الصيد في الغابات والمياه الساحلية، ويعتقد أن لديهم نوعين مختلفين من المنازل تقسم بين أكواخ كبيرة وملاجئ صغيرة تبدو للسكن المؤقت، وترتدي النساء سلاسل ألياف مربوطة حول خصرهن وأعناقهن ورؤوسهن، كما يرتدي الرجال قلادات وعصابات الرأس لكن بحزام خصر أكثر سمكا، وغالبا ما يحملون الرماح والأقواس والسهام.

محاولات التواصل

في أواخر القرن الـ18 وصل فريق بحثي إلى الجزيرة واختطف مجموعة من الأفراد لغرض الأبحاث العلمية، لكن سرعان ما مرضوا ومات البالغون فأعادوا نقل الأطفال إلى الجزيرة مع بعض الهدايا، ولكن لا أحد يعرف حتى اليوم ما إذا كان الأطفال قد نقلوا أي أمراض للجزيرة أم لا.

ويقول العلماء إن أمراضا مثل الحصبة والإنفلونزا قد تكون وبائية ومدمرة للجزيرة، كما أن مناعة سكانها لن تتحملها رغم أنهم على ما يبدو يتمتعون بصحة جيدة، لكن لم تكن لدى أجسادهم مناعة ضد الفيروسات التي تعاني منها البشرية في الوقت الحالي، ولا تسمح القبيلة بالتواصل مع البشر مطلقا، مما يجعلها في حصن منيع من الفيروسات مثل كورونا، وحتى إن كانت فيروسات أكثر ضعفا من كورونا فإنها قد تفتك بهم.

وفي عام 1974 شقت مجموعة من علماء الأنثروبولوجيا وطاقم الفيلم ومصور من ناشيونال جيوغرافيك ومجموعة من رجال الشرطة المسلحة طريقهم إلى الجزيرة لكنهم تعرضوا أيضا لوابل من السهام والأقواس، وأصيب مخرج الفيلم، وخرجت المجموعة دون التصوير.

التواصل السلمي الوحيد

وخلال عقود حاول الرئيس الإقليمي لوزارة الشؤون القبلية في الهند بانديت القيام بعدة زيارات لمجتمع الجزر المعزولة، والذي صرح لاحقا لشبكة بي بي سي (BBC) عن لقاءاته مع أهالي القبيلة الذين هددوهم بالفعل، لكن لم يقتلوا أو يجرحوا أيا منهم لأنهم كانوا يتراجعون كلما ثار سكان القبيلة.

كانت تلك البعثات تحمل الهدايا من الأواني وكميات كبيرة من جوز الهند، كما حرصت البعثة على ضم 3 من رجال قبيلة أونج، وهي قبيلة محلية مجاورة لمساعدة البعثة في تفسير خطاب وسلوك القبيلة المعزولة، لكنهم قوبلوا أيضا بوجوه غاضبة لبعض المسلحين بالأقواس من أفراد القبيلة، الأمر الذي أجبرهم على التراجع.

لكن مع الوقت بدأت القبيلة المعزولة في تقبل الهدايا، وفي عام 1991 سمحت لأفراد البعثات بالتواصل السلمي بصورة سريعة عن طريق نزولهم في المياه حتى تغمر المياه رقابهم، وتسلم أهالي القبيلة جوز الهند والهدايا الأخرى، ولكن لم يسمح لهم بتخطي مسافة أقرب نحو الجزيرة رغم أن القوانين وقتئذ كانت تجبر أفراد البعثة على عمل كافة الفحوصات الطبية، للتأكد من خلوهم من الأمراض المعدية خوفا من من نقلها إلى الجزيرة المعزولة.

ولا تعتبر قبيلة سنتينليز هي الوحيدة المعزولة عن العالم، بل هناك العديد من القبائل التي تسكن الغابات والتي تنعزل عن العالم لأسباب مختلفة، لكن يغلب عليها الخوف من العالم الخارجي، وهناك العديد من السكان الأصليين في البرازيل يسكنون غابات الأمازون في فقاعة برية بعيدة عن البشر.

ويعتقد كل من يتواصل مع أولئك السكان أنهم تعرضوا للقتل والعنف من قبل تجار المخدرات وغيرهم، فيحاول أفراد تلك القبائل الحفاظ على حياتهم من العنف أو حتى الفيروسات التي لا تحمل أجسامهم مناعة طبيعية منها، والتي يصاب بها البشر بشكل دوري.

وتحمي تلك القبائل أفرادها عن طريق العزلة التي حصنتهم من وصول الإنفلونزا والحصبة سابقا، وحاليا تحميهم من “كوفيد-19″، وهو ما تحاول مؤسسة بقاء الدولية أن تساعدهم فيه، وهي منظمة غير ربحية معنية بالحفاظ على ما تبقى من القبائل المعزولة في العالم.

Share on whatsapp
Share on facebook
Share on twitter
Share on telegram
Share on email
Share on print

رابط مختصر للمادة:

اقرأ أيضاً

Share on facebook
Facebook
Share on twitter
Twitter
Share on whatsapp
WhatsApp
Share on telegram
Telegram
Share on email
Email
Share on print
Print

رابط مختصر للمادة: