عاطف الجولاني
Share on facebook
Facebook
Share on twitter
Twitter
Share on whatsapp
WhatsApp
Share on email
Email
Share on telegram
Telegram

رابط مختصر للمادة:

معوقات الإصلاح الستة في الأردن

عاطف الجولاني
Share on facebook
Share on twitter
Share on whatsapp
Share on email
Share on telegram

رابط مختصر للمادة:

هل الإصلاح السياسي والإداري والاقتصادي ممكن ومتيسّر في الأردن، أم أنه متعذّر وضرب من الوهم والخيال؟ سؤال يفرض نفسه ويتطلّب جرأة وشجاعة على مواجهته والإجابة عليه.

لدى الحديث عن العقبات التي تعترض طريق الإصلاح والتقدّم في الأردن، يمكن الوقوف على المعوّقات الرئيسية التالية:

الأول: التردد لدى أصحاب القرار وعدم اتضاح مدى توفّر القناعة الكافية وامتلاك الإرادة الجادّة لديهم لإنجاز إصلاح حقيقي يفرز حكومات قوية ذات ولاية ويوسّع دائرة الشراكة في اتخاذ القرار.

الثاني: التشريعات الناظمة للحياة السياسية والديمقراطية (الانتخابات والأحزاب والإدارة المحلية) والتي تمثل بواقعها الحالي عقبة كبيرة في طريق الإصلاح، عوضاً عن أن تكون مدخلاً للتقدّم والتحوّل إلى دولة ديمقراطية حديثة ومتطوّرة. فبذريعة الحافظ على الأمن والخوف على هويّة الدولة والخشية من سيطرة الإسلاميين، جرى خلال ربع قرن تفصيل تلك القوانين بما يضمن السيطرة الرسمية على المجالس المنتخبة ويُغلق الأبواب على تطوّر حياة سياسية وحزبية حقيقية.

الثالث: البيئة الاجتماعية الصعبة. حيث جرى خلال الفترة الماضية تعظيم الهويات الفرعية على حساب الهوية الوطنية الجامعة، وتم الاستقواء بوحدات اجتماعية مقدرة ومحترمة وإقحامها في المعادلات السياسية من أجل تفتيت الحالة السياسية الوطنية ومواجهة دعاة الإصلاح والديمقراطية بكل أطيافهم؛ إسلاميين وليبراليين ووطنيين وغيرهم. وقد نتج عن ذلك:

1.         ضرب الشرائح الاجتماعية ببعضها البعض، وإثارة المخاوف والتناقضات فيما بينها، للحيلولة دون توافقها على رؤية وبرنامج وطني لإنجاز الإصلاح وتحقيق التقدّم والتطوّر.

2.         تدني مشاركة شرائح مجتمعية واسعة في الحياة السياسية والنشاط الانتخابي، بفعل عوامل عديدة متراكمة أنتجت حالة من السلبية والانطوائية والابتعاد عن المشاركة والتفاعل مع الشأن العام، فتحوّلت تلك الشرائح إلى حالة صامتة خارجة عن دائرة الفعل والتأثير.

3.         توظيف فزاعة التوطين والوطن البديل والخشية على هوية الدولة واستقرارها، لإعاقة المسار الإصلاحي وإدامة الأوضاع القائمة.

الرابع: ضعف الحياة الحزبية وعزوف غالبية المواطنين عن الانخراط  في الأحزاب التي ينبغي أن تشكل الأطر الطبيعية لممارسة الفعل السياسي كما هو الحال في الدول المتقدمة. وثمة أسباب عديدة لتجريف الحياة السياسية وضعف الأحزاب، بعضها يتعلق بالممارسات الرسمية التي عزّزت حالة الخوف لدى المواطنين من الالتحاق بالأحزاب خشية دفع ضريبة هم في غنى عنها، وبعضها الآخر يتعلّق بقناعة كثير من المواطنين بأن الحاضنة الاجتماعية العائلية والعشائرية والمناطقية باتت أكثر جدوى وفاعلية في ممارسة العمل السياسي والوصول إلى قبة البرلمان، حيث تحوّلت العائلات والعشائر والمناطق خلال العقدين الماضيين بصورة مقصودة ومخطط لها إلى حواضن للعمل السياسي والفرز الانتخابي بديلاً عن الأطر السياسية والحزبية، وباتت الانتخابات النيابية الرسمية تسبقها انتخابات تمهيدية على مستوى المناطق والعشائر والعائلات تفرز من خلالها ممثليها لخوض الانتخابات.

الخامس: خشية ما يمكن تسميته “الدولة العميقة” وأصحاب النفوذ والمصالح من تأثير الإصلاح الحقيقي والتوجّه الجادّ نحو بناء دولة ديمقراطية مدنيّة حديثة، على مصالحهم وامتيازاتهم ونفوذهم، وتحالفهم من أجل تعطيل مسار الإصلاح وإبقاء الحالة القائمة. وقد تحدث الملك مراراً خلال السنوات الماضية عن “حرس قديم” و”قوى شدّ عكسي” تسعى لعرقلة عملية الإصلاح وتحديث الدولة.

السادس: الأزمة الاقتصادية التي مهّدت الطريق لتفشي ظاهرة المال السياسي في الانتخابات. فالأوضاع المعيشية الصعبة دفعت شرائح متزايدة من المواطنين لبيع أصواتهم ، وبات المال السياسي واحداً من أهم العوامل التي تحسم نتائج الانتخابات، ويتم جهاراً   تحت سمع المؤسسات الرسمية وبصرها، دون خوف من المحاسبة أو المساءلة القانونية.

وبالعودة إلى السؤال المثار في صدارة المقالة، وانطلاقاً من تشخيص الواقع القائم والوقوف على التحديات الرئيسية التي تعترض عملية الإصلاح ودمقرطة الدولة وتحديثها، يغدو واضحاً أن الإصلاح في الأردن ممكن، لكنه ليس بالأمر الهيّن والسهل، وهو يحتاج إلى خريطة طريق متكاملة من أبرز معالمها:

1)         حسم القرار الرسمي استراتيجياً بالتوجّه نحو تحقيق الإصلاح الشامل وبناء دولة ديمقراطية حديثة، ووضع الأوراق الملكية النقاشية موضع التنفيذ الفوري دون إضاعة للوقت، فقد رحّبت بها مختلف القوى والنخب الوطنية وأشادت بها.

2)         تطوير التشريعات الناظمة للحياة السياسية بصورة جريئة وجوهرية، بما يحقق نقلة نوعية في الواقع السياسي والديمقراطي.

3)         وضع الآليات العملية لتفعيل المشاركة الشعبية في الحياة السياسية ومعالجة حالة السلبية والعزوف لدى كثير من المواطنين عن الانخراط في الشأن العام.

4)         إعادة الاعتبار للأحزاب كأطر حاضنة للعمل السياسي، وإزالة العقبات التي تعترض طريق عملها وانتشارها وتطوير أدائها وحضورها.

5)         وقف تدخّل الأجهزة الرسمية بمجريات العملية الانتخابية، وضمان نزاهة الانتخابات وشفافيتها عبر آليات جديدة توفّر الثقة التي تضررت بصورة كبيرة بفعل الممارسات التي رافقت الانتخابات النيابية الأخيرة. فبدون حياد الدولة وأجهزتها الرسمية، ودون اتخاذ إجراءات رادعة تنهي ظاهرة المال السياسي، لا قيمة لأفضل التشريعات الانتخابية وأكثرها عصرية.

ختاماً.. فإن إنجاز الإصلاح الشامل، وتطوير هياكل الدولة وتشريعاتها، وتوسيع المشاركة الشعبية في الحياة السياسية والعامة، لا يشكل تهديداً لهوية الدولة واستقرارها كما يروّج البعض، بل هو المدخل الصحيح لتعزيز قوة النظام السياسي، وللحفاظ على هوية الدولة واستقرارها، ولبناء جبهة وطنية قوية وموحّدة في مواجهة التحديات الداخلية والأخطار الخارجية.

Share on facebook
Share on twitter
Share on whatsapp
Share on email
Share on telegram

رابط مختصر للمادة:

Related Posts