هل تخسر الإمارات حلفاءها بسبب دعمها لإثيوبيا؟

هل تخسر الإمارات حلفاءها بسبب دعمها لإثيوبيا؟


– تتبنى أبوظبي موقفا داعما للحكومة الإثيوبية في مواجهة جبهة تحرير شعب تيغراي 

– تشير تقارير غربية إلى أن موقف الإمارات الداعم لإثيوبيا في ملفات عدة لا يتناسب مع علاقتها العميقة بمصر، وكذلك السودان.
– التحالفات الإماراتية مع كل من القاهرة والخرطوم تيدو على طريق التفكك، وقد ينطبق ذلك على تحالفها مع السعودية بدرجة أقل.

يبدو أن الصراع في إقليم تيغراي، هو الأكثر خطورة على وحدة واستقلال وسيادة إثيوبيا بعد ما يزيد عن مائة صراع داخلي خلال سنوات حكم رئيس الوزراء آبي أحمد.

وأعلنت الحكومة الإثيوبية، الأحد، 29 نوفمبر/تشرين الثاني، أنها فرضت سيطرتها على عاصمة إقليم تيغراي وأنهت الصراع فيه.

ويميل مراقبون إلى توصيف ما جرى خلال الأسابيع الماضية، بأنه حرب أهلية داخلية طرفاها جبهة تحرير شعب تيغراي والحكومة الفيدرالية في أديس أبابا المدعومة من دولة الإمارات العربية المتحدة وجمهورية إريتريا.

ويقع الإقليم عند أطراف إثيوبيا الشمالية، 600 كيلومترا إلى الشمال من العاصمة أديس أبابا، ويمثل منطقة من المناطق الإدارية العشر التي تتألف منها إثيوبيا المقسمة على أساس فيدراليات إثنية.

ويعيش في إقليم تيغراي، أقلية إثنية تضم حوالي ستة ملايين نسمة، ما يساوي أقل من 6% من مجموع الإثيوبيين البالغ عددهم 110 ملايين نسمة.

وتتصدر جبهة تحرير شعب تيغراي مشهد الصراع العسكري مع القوات الفيدرالية بنحو 200 ألف مقاتل من القوات شبه العسكرية، حسب تقرير لمجموعة الأزمات الدولية.

واندلع الصراع الأخير في 4 نوفمبر/تشرين الثاني الماضي بعد أشهر من الخلافات بين الحكومة الفيدرالية والحزب الحاكم في إقليم تيغراي على خلفية اتهامات بزعزعة الإقليم لاستقرار البلاد وأمنها.

ويشهد عموم منطقتي القرن الإفريقي وشرق إفريقيا المطلة على البحر الأحمر وخليج عدن تنافسا على النفوذ بين أطراف دولية وإقليمية عبر الاستثمارات وبناء القواعد العسكرية، لتأمين مصالح تلك الأطراف وحمايتها، مثل الإمارات والسعودية والصين والولايات المتحدة ومصر وفرنسا وغيرها.

ووقعت الإمارات وإثيوبيا عام 2019 مذكرة تفاهم عسكرية لتعزيز التعاون في المجالات العسكرية والدفاعية بين البلدين، ما يعطي احتمالات انخراط إماراتي أكبر في الصراع الداخلي في إثيوبيا.

ووفقا لوسائل إعلام، فإن الإمارات مهدت لتوقيع مذكرة التفاهم العسكرية بتقديم دعم وصل إلى 3 مليارات دولار عام 2018 كمساعدات واستثمارات.

وتشير تقارير أن للإمارات استثمارات في أكثر من 90 مشروعا منها 33 مشروعا عاملا و23 مشروعا قيد الإنجاز في قطاعات الزراعة والصناعة والعقارات وتأجير الآلات والإنشاءات وحفر الآبار والتعدين والصحة والفندقة، بحسب بيانات هيئة الاستثمار الإثيوبي، فيما حصلت 36 شركة إماراتية على التراخيص اللازمة للعمل في إثيوبيا، وفق وسائل إعلام إماراتية.

ويتوزع الدعم الإماراتي لإثيوبيا على ثلاث قطاعات رئيسية، الاستثمارات في القطاع الاقتصادي والدعم العسكري للقطاع العسكري إلى جانب الموقف السياسي الداعم “ضمنا” للحكومة الإثيوبية في ملفات عدة، بما فيه ملف الخلافات بين إثيوبيا ومصر، الحليف “المعتبر” لدولة الإمارات.

وتشير تقارير غربية إلى أن موقف أبو ظبي الداعم لأديس أبابا لا يتناسب مع طبيعة وعمق العلاقة المصرية الإماراتية الذي يحتم الوقوف إلى جانب مصر، والسودان أيضا الذي اقترب من الإمارات بعد الإطاحة بنظام عمر البشير المحسوب على تيار الإسلام السياسي الذي تحاربه الإمارات منذ سنوات طويلة.

وتتبنى الإمارات موقفا داعما للحكومة الإثيوبية في مواجهة جبهة تحرير شعب تيغراي “الانفصالية”، وفق توصيف الحكومة في أديس أبابا.

ويأتي الموقف الإماراتي الداعم للحكومة الإثيوبية من منطلق “الحرص على أمن واستقرار إثيوبيا”، حسب تصريحات أدلى بها وزير الخارجية الإماراتية عبد الله بن زايد خلال اتصال هاتفي، الأربعاء 11 نوفمبر/تشرين الثاني، مع نظيره الألماني “هايكو ماس” بحثا فيه تطورات الأوضاع في إثيوبيا، وأهمية العمل على تعزيز الأمن والاستقرار في البلاد.

منذ وصول آبي أحمد إلى السلطة في إثيوبيا في 27 مارس/آذار 2018، بذلت الإمارات جهودا كبيرة للمحافظة على نفوذها السياسي وتعزيز السلطة الفيدرالية على حساب جبهة تيغراي المعروفة بعلاقاتها الوثيقة مع الصين وجذورها الماركسية.

وتحاول الإمارات أن تلعب دورا في الصراع الإثيوبي إلى جانب الحكومة في أديس أبابا، سواء بتقديم الدعم المباشر أو عبر إريتريا التي فتحت أراضيها لإقامة قواعد عسكرية إماراتية، واستثمارات ضخمة في موانئها، وتوظيف جغرافية البلد لصالح امتداد النفوذ الإقليمي للإمارات في القرن الافريقي، وتقديم الدعم اللوجستي عبر البحر الأحمر للقوات الحليفة لها في اليمن المتمثلة بقوات المجلس الانتقالي الجنوبي الذي يسعى لفصل جنوب اليمن عن شماله.

واتهمت جبهة تحرير شعب تيغراي دولة الإمارات بقصف قواتها في الإقليم بطائرات مسيرة انطلاقا من قواعد لها في إريتريا، ما دفع الجبهة للرد على قواعد ومعسكرات تابعة للحكومة الإريترية بصواريخ متوسطة المدى.

لكن رئيس الوزراء الإثيوبي آبي أحمد أكد أن بلاده قادرة بمفردها على تحقيق أهدافها العسكرية في إقليم تيغراي.

ونفى وزير الخارجية الإريتري في تصريحات لوكالة رويترز، أن تكون بلاده أرسلت قوات لإثيوبيا مؤكدا على أن “اسمرة” ليست طرفا في الصراع.

وترتبط أديس أبابا وأسمرة بعلاقات “سلام” وتحالف منذ توقيع اتفاق جدة عام 2018 برعاية سعودية.

ومنتصف نوفمبر/تشرين الثاني الماضي اتهم المستشار السياسي لحاكم إقليم تيغراي حكومة أديس أبابا باستخدام طائرات مسيرة إماراتية انطلقت من قاعدة إماراتية في مدينة عصب الإريترية لضرب المواقع الدفاعية لجبهة تحرير شعب تيغراي.

وللإمارات أهداف عدة من تواجدها في إريتريا وبناء قاعدة عسكرية متطورة في مدينة عصب وميناء على البحر الأحمر لمراقبة الملاحة في مضيق باب المندب القريب من مدينة عصب، وتقديم الدعم اللوجستي لقوات يمنية حليفة لها في اليمن، إلى جانب فرض نفوذ في المنطقة لمنافسة التواجد التركي الداعم لشعب الصومال المجاورة لإريتريا التي أصبحت، وفق متابعين، منطلقا للدعم العسكري لحكومة آبي أحمد في المعارك ضد جبهة تيغراي.

استخدام الإمارات الأراضي الإريترية لدعم حكومة حليفها آبي أحمد ضد جبهة تيغراي، أثار تخوفات من انتشار الصراع إلى دول أخرى في المنطقة وتدويله.

يمكن لانزلاق الصراع إلى حرب أهلية شاملة ودخول دول أخرى في أتونه، مثل إريتريا، أن يهدد المصالح الحيوية لدولة الإمارات والدول الأخرى في منطقة القرن الإفريقي، خاصة مصالحها في إريتريا، وتحديدا قاعدتها العسكرية في مدينة عصب.

وندد مساعد وزير الخارجية الأمريكي للشؤون الإفريقية بالهجمات التي شنتها جبهة تيغراي على الأراضي الإريترية في 14 نوفمبر/تشرين الثاني الماضي متهما إياها بمحاولة تدويل الصراع.

وعلى ما يبدو، فإن الإمارات التي غلبت مصالحها الوطنية على مصالح الدول الحليفة مثل السعودية فيما يتعلق بالحرب في اليمن والعلاقات مع إيران، تبني في ذات الوقت علاقات متطورة مع إثيوبيا وتقف إلى جانبها في الصراع الداخلي على حساب علاقات التحالف مع مصر، والتي تراجع دورها الإقليمي والدولي كثيرا نظرا لانشغالها بملفات عدة، منها ملف سد النهضة الإثيوبي والملف الليبي وملف الطاقة شرقي المتوسط وغيرها.

إن أهم ما يمكن استنتاجه من المواقف الإماراتية من الصراع الداخلي في إثيوبيا، أن التحالفات الإماراتية مع كل من القاهرة والخرطوم تبدو على طريق التفكك، وقد ينطبق ذلك على تحالفها مع السعودية بدرجة أقل. ​​​​​​​

Share on whatsapp
Share on facebook
Share on twitter
Share on telegram
Share on email
Share on print

رابط مختصر للمادة:

اقرأ أيضاً

Share on facebook
Facebook
Share on twitter
Twitter
Share on whatsapp
WhatsApp
Share on telegram
Telegram
Share on email
Email
Share on print
Print

رابط مختصر للمادة: