هل تلعب قطر دورا في حلحلة الوضع اللبناني؟

هل تلعب قطر دورا في حلحلة الوضع اللبناني؟

زار رئيس الوزراء اللبناني المكلف سعد الحريري، الأربعاء، العاصمة القطرية الدوحة، بعد أيام من زيارة أجراها وزير خارجية قطر محمد بن عبد الرحمن، للعاصمة بيروت.

والتقى الحريري، المكلف بتشكيل الحكومة منذ 22 أكتوبر/ تشرين أول الماضي، خلال زيارته للدوحة، أمير قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني، ووزير الخارجية القطري.

وأكد أمير قطر خلال لقائه مع الحريري، أمس الخميس، دعمه للبنان، مشددا على ضرورة الإسراع بتشكيل حكومة جديدة لمواجهة “الأزمات والتحديات”.

وجراء خلافات سياسية، يعجز لبنان عن تشكيل حكومة لتخلف حكومة تصريف الأعمال الراهنة، برئاسة حسان دياب، والتي استقالت في 10 أغسطس/ آب الماضي، بعد 6 أيام من انفجار كارثي بمرفأ بيروت.

وقبل أيام أبدى وزير خارجية قطر، على هامش زيارته لبيروت، استعداد الدوحة لتسهيل ولادة الحكومة اللبنانية، مؤكدا أن الدوحة لها علاقة مع جميع الجهات المعنية في لبنان.

فتح ذلك باب التساؤل حول استطاعة قطر القيام بدور في حلحلة الأزمة المستعصية، التي يزداد عبرها الوضع في لبنان سوءا من النواحي السياسية والاقتصادية والاجتماعية.

ويعاني لبنان انقساما سياسيا حادا، إلى جانب أزمة اقتصادية هي الأسوأ منذ نهاية الحرب الأهلية (1975 ـ 1990)، زادتها سوءا تداعيات جائحة كورونا وانفجار المرفأ.

** قطر قادرة

وقال الكاتب القطري صالح غريب، للأناضول، إن الدوحة قادرة على القيام بدور في حل الأزمة اللبنانية لما تملكه من رصيد، وتاريخها يشفع لإمكانية نجاح وساطتها لحلحلة الأزمة بين الفرقاء.

وأضاف غريب، أن “زيارة وزير الخارجية القطري الأخيرة إلى بيروت، فتحت مجال التحاور بين أطراف الأزمة اللبنانية”.

وأردف: “قطر رغم بُعدها عن الأزمة اللبنانية، كانت موجودة في كثير من المواقف، آخرها حادثة مرفأ بيروت، حيث قدمت المساعدة وأرسلت فريقا إغاثيا”.

وتابع: “لبنان يمر بمنحنى خطير ويحتاج لمن يقف معه، وقطر دوما تقف مع دول العالم بشكل كامل لمساعدتها في حل أزماتها”.

واستطرد: “لعل الأزمة اللبنانية تحتاج من كل العرب الوقوف مع لبنان، وألا يتركوا البلد لفرنسا ولا لدول الغرب للتلاعب به وفرض بعض الأمور عليه”.

وذكر أن “الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون لم يُقدم أي مساعدات للبنان سوى الكلام”.

واستدرك: “بيروت تحتاج لمساعدات وتوافق رؤى بين الأطراف المعنية وتقريب وجهات النظر”.

واستكمل: “أعتقد أن قطر بدورها وثقلها الدولي قادرة علي تقريب وجهات النظر لجميع الفرقاء في لبنان”.

وأفاد قائلا: “لعل اللقاءات التي عقدها وزير خارجية قطر في بيروت، تنم عن وجود تقارب بين وجهة النظر القطرية وجميع الفصائل لإحداث توافق في هذه الأزمة”.

وذكر مردفا: “تعودنا أنه لقطر دور في حل مشاكل الجيران، وهي قادرة بما تملكه من تاريخ (وساطة)، مثلا في دارفور بالسودان، والسلام الأفغاني”.

وختم بالقول: “قطر ما زالت تلعب هذا الدور في الحوار بين واشنطن وطهران”.

** حل أزمة لبنان.. بين واشنطن وطهران

بدوره، اعتبر الصحفي والباحث السياسي اللبناني عبد الرحمن صلاح الدين، أنه “في مستوى المشهد العام، التحرك القطري يأتي بعد إعلان السياسة الأمريكية الجديدة بالمنطقة”.

وأردف: “حيث يسعى (الرئيس الأمريكي جو) بايدن لتقديم الدبلوماسية على حساب الضغوط العسكرية، كما يسعى لتفكيك ملفات المنطقة المرتبطة بإيران ومعالجة كل ملف على حدة”.

وتابع: “من هنا يظهر التحرك القطري محاولة لتحريك المياه الراكدة في لبنان بفعل إصرار كل طرف من الأطراف على موقفه من التشكيلة الحكومية”.

واستطرد: “وزير الخارجية القطري قام بجولة استكشافية، لم يظهر للإعلام تفاصيلها، لكن لقطر تاريخ في الوساطات بين الأطراف اللبنانية أشهرها اتفاق الدوحة 2008 (أنهت أزمة سياسية استمرت 18 شهرا”.

واستدرك: “إضافة إلى وساطات أصغر حجمها قادتها قطر لحل مشكلات نشأت في لبنان على هامش الأزمة السورية”.

وأفاد بأنه “لا ينظر بجدية إلى المماحكات الإعلامية (في لبنان) التي ترتبط بعلاقة بعض الأطراف اللبنانية بقطر، كون الجميع لديهم علاقات فعالة مع الدوحة”.

واستكمل: “وهو ما يعني بطبيعة الحال أن الدوحة لديها اتصالات مستمرة (مع الأطراف اللبنانية) بعد زيارة وزير خارجيتها إلى بيروت”.

وأضاف: “لكن بالعودة إلى المشهد الدولي، فمن الواضح أن المحور الإيراني يصر على حل جميع مشاكله مع الأمريكيين دفعة واحدة”.

وأفاد مردفا: “هذا يعني أنه من الصعب تحقيق خرق للأزمة الحكومية في لبنان قبل تحقيق تقدم إيجابي في العلاقات الأمريكية الإيرانية”.

وذكر موضحا: “كذلك لا بد لأي حل في لبنان، أن يلحظ أيضا الواقع المعيشي للمواطنين وترهل النظام اللبناني ذاتيا، وضعف المؤسسات مقابل سطوة الأحزاب”.

واختتم قائلا: “لذا فالمشكلة اللبنانية ليست سياسية فقط، بل هي مشكلة نظام ينبغي العمل على حلها جذريا”.

** قطر ستتحرك ضمن مبادرة فرنسا

من جهته، قال الباحث في الشؤون الدولية جلال سلمي، إن “أزمة الحكومة اللبنانية واقفة على مماطلة حزب الله، الذي حاول إدامة الوضع القائم (..)، وبالتالي غلق الباب أمام محاولات المبادرة الفرنسية لإحداث أي تغيير سياسي بالبلد”.

وأضاف: “أمام هذه الحالة لم يبق أمام قطر التي كانت على علاقات متوازنة مع إيران الداعم الأكبر لحزب الله، إلا لعب دور المُسير من خلال التنسيق مع الأحزاب الفاعلة على الساحة اللبنانية”.

وأردف: “فضلا عن دعم لبنان بمستلزمات صحية، وصولا إلى زيارة وزير خارجيتها وتواصله مع كافة الأطراف”.

وأوضح أن “قطر ستواصل بخبرتها، لعب دور الوساطة والتيسير كما تم في المفاوضات بين حركة طالبان وواشنطن، والفصائل الفلسطينية، وغيرها من الأطراف”.

ورأى أن “تحركات قطر تجاه لبنان ستتمحور حول الابتعاد عن تقديم أي دعم مادي للبنان، لعدم ظهوره ذلك كأنه تحدٍ للمبادرة الفرنسية، حيث ستعمل الدوحة على التنسيق ضمن نفس المبادرة”.

واستطرد: “مع الإبقاء على تواصل مع حزب الله، وموازاة ذلك بتنسيق مع أحزاب مسيحية بدأت تأخذ أهميتها في المعادلة السياسية، كحزب القوات اللبنانية”.

وشدد على أنه “من المُتوقع أن تُحقق قطر نجاحا في هذا الحراك، لحاجة الأطراف اللبنانية للتوصل للحل، يخفف عنها العقوبات الأمريكية، والضغوط الدولية، فضلاَ عن ضغوط المظاهرات الشعبية”.

يُذكر أن مبادرة فرنسا، أطلقها رئيسها إيمانويل ماكرون، من بيروت، عقب أيام من الانفجار الكارثي بمرفأ العاصمة اللبنانية، الذي خلف عشرات الضحايا، وأضرار مادية ضخمة، في 4 أغسطس/ آب الماضي.

وتنص المبادرة على تشكيل حكومة جديدة من “مستقلين” (غير تابعين لأحزاب)، على أن يتبع ذلك إصلاحات إدارية ومصرفية.

Share on whatsapp
Share on facebook
Share on twitter
Share on telegram
Share on email
Share on print

رابط مختصر للمادة:

اقرأ أيضاً

Share on facebook
Facebook
Share on twitter
Twitter
Share on whatsapp
WhatsApp
Share on telegram
Telegram
Share on email
Email
Share on print
Print

رابط مختصر للمادة: