هل تنهي الأحكام القضائية جدلية ملف قضية “الفتنة”؟

هل تنهي الأحكام القضائية جدلية ملف قضية “الفتنة”؟


-محكمة أمن الدولة تعقد الإثنين المقبل جلسة للنطق بالحكم على المتهمين الرئيسيين
-قضية “الفتنة” شغلت الرأي العام الأردني، لارتباطها بالأمير حمزة بن الحسين
– جدل أردني واسع حول مضمون القضية، ومصالح المتهمين الرئيسيين فيها

تتجه الأنظار صوب محكمة أمن الدولة، التي من المقرر أن تصدر حكمها، الاثنين، بقضية “الفتنة”، التي شغلت الرأي العام؛ لارتباطها بالأمير حمزة بن الحسين.

قضية دخيلة في مضمونها على الدولة الأردنية؛ إذ لم يسبق أن مرت المملكة بتفاصيل مشابهة منذ تأسيسها قبل 100 عام، فضلا عن أطرافها وحساسية أماكنهم ومناصبهم، وأدوارهم المهمة قبل دخولهم قفص الاتهام.

** اتهامات.. والطعن “حق مشروع”

جدلية واسعة سادت أوساط المتابعين، دفعت بها تساؤلات طبيعية تجاه مضمون القضية، ومصالح المتهمين الرئيسيين في زعزعة أمن بلادهم بالاشتراك مع “جهات خارجية” لم تحدد طبيعتها، في ما إذا كانت دولا أم أطرافا أم تنظيمات.

صالح العرموطي، القانوني المخضرم وعضو مجلس النواب، قال في حديثه إلى “الأناضول”: “لا أعتقد أن هناك قضية ترتب المساءلة القضائية الجزائية، ولا يوجد أي دليل يربط المتهمين بالتهم المسندة إليهم”.

واستدرك العرموطي، نقيب المحامين الأردنيين الأسبق، قائلاً إن “المحكمة لم تمكن المتهمين من تقديم بينة للدفاع عن أنفسهم وسماع شهادة الشهود الذين طلبتهم هيئة الدفاع وهي منتجة في الدعوة، وستكون سببا للطعن في القرارات الصادرة إذا ما أدين المتهمون”.

واعتبر أن الطعن “حق مشروع ومحصن دستوريا، ومن الضمانات الأساسية للدفاع، وأساس للفصل في هذه الدعوة، خاصة بأن المتهمين أكدوا بأنهم غير مذنبين بالتهم المسندة إليهم”.

ورفضت المحكمة طلب دفاع المتهمين باستدعاء عدد من الأمراء للشهادة.

وأوضح العرموطي أن القضية هي “أسرع قضية يبت فيها منذ أكثر من 20 عاما”.

وبدأت محكمة أمن الدولة جلسات النظر بالقضية في 21 يونيو/ حزيران الماضي، وحددت الإثنين المقبل موعدا للنطق بالحكم، بالتزامن مع إنهاء الجلسة السادسة، الثلاثاء الماضي.

وعن القرارات القضائية المتوقعة، قال العرموطي “بصفتي رجل قانون، أؤكد بأنه لا قضية والأصل إعلان البراءة من المحكمة”.

وأضاف: “إذا صدر أي قرار، سيكون خاضعا للطعن أمام محكمة التمييز”.

وقال العرموطي: “كنت أتمنى أن ينظر بالقضية أمام القضاء النظامي صاحب الولاية العامة بحكم الدستور وليس الاستثنائي”، واصفا إياها بأنها “قضية سياسية وليس لها أي بعد قانوني، وآثارها السلبية ستكون أكثر من نتيجة المحاكمة”، من دون أن يوضح طبيعة ذلك.

وأوضح أن “ما ورد على لسان وزير الخارجية (أيمن الصفدي) في المؤتمر الصحفي إبان الإعلان عن تفاصيل القضية (4 إبريل/ نيسان الماضي)، وما أعلنه رئيس الوزراء أمام مجلس النواب بأن القضية ليست انقلابا وإنما زعزعة”.

ورأى أن “التهم لم تثبت حتى من خلال أدلة النيابة، والنيابة أخفقت في ذلك، وأقول ذلك بكل تجرد كرجل قانون وأول مترافع أمام محكمة أمن الدولة عام 1991، بعد إلغاء الاحكام العرفية، وقد قاطعتها منذ أعوام”.

** جلسة علنية أم سرية؟

ومحكمة أمن الدولة هي ذات ولاية قضائية خاصة على الجرائم التي تضر بالأمن الداخلي والخارجي للمملكة، أنشأت عام 1959، وتتشكل هيئاتها من مدنيين وعسكريين، وأحكامها قابلة للطعن لدى محكمة التمييز (أعلى هيئة قضائية بالبلاد).

أما ليث نصراوين، أستاذ القانون الدستوري في الجامعة الأردنية، فاعتبر في حديثه إلى “الأناضول” أن “جلسة النطق بالحكم في القضية يجب أن تكون علنية، وذلك استنادا إلى أحكام الفقرة الثالثة من المادة 101 من الدستور، التي تعتبر أن الأصل في جلسات المحاكم علنية، وأنه يجوز للمحكمة أن تعقد جلسات سرية مراعاة للنظام العام أو محافظة على الآداب العامة، إلا أن سرية الجلسات لا تشمل جلسة النطق بالحكم”.

وعقدت المحكمة جلساتها بشكل سري ومغلق عن الإعلام، لما تتعلق به وقائع الدعوى بأمن وأسرار الدولة، فيما لم تعلن المحكمة طبيعة جلسة النطق بالحكم إذا ما ستكون علنية أم سرية.

وحول القرارات المتوقعة، أشار نصراوين إلى أنها “لن تخرج عن الحكم بالإدانة وإما إعلان البراءة أو عدم المسؤولية، وفي جميع الأحوال يكون الحكم قابلا للطعن لدى محكمة التمييز مباشرة”.

ويحاكم المتهمان في القضية، وهما باسم عوض الله والشريف عبد الرحمن حسن بن زيد، أحد أفراد العائلة الحاكمة، بتهمتي “جناية التحريض على مناهضة نظام الحكم السياسي القائم بالمملكة”، و”جناية القيام بأعمال من شأنها تعريض سلامة المجتمع وأمنه للخطر وإحداث الفتنة”.

كما أسندت تهمة أخرى إلى الشريف حسن بن زيد، بحيازة “مادة مخدرة” (بقصد التعاطي).

وبحسب المادة 149 من قانون العقوبات الأردني، فإن عقوبة تقويض نظام الحكم أو التحريض على مناهضته هي الأشغال الموقتة، إذ تتراوح بين 3 و20 عاما.

وفي 3 أبريل/ نيسان الماضي، أعلنت السلطات الأردنية اعتقال رئيس الديوان الملكي الأسبق، عوض الله، والشريف عبد الرحمن، و16 متهما آخر؛ لـ”أسباب أمنية” لم توضح تفاصيلها.

وفي الـ 22 من الشهر ذاته، قررت النيابة العامة الإفراج عن 16 موقوفا، بعد توجيه من الملك، إلا ان القرار استثنى عوض الله وبن زيد؛ لاختلاف أدوارهما وتباينها والوقائع المنسوبة إليهما ودرجة التحريض التي تختلف عن بقية المتهمين الذين تم الإفراج عنهم”، من دون مزيد من التفاصيل

وكانت عمان أعلنت في 4 أبريل/ نيسان الماضي، أن “تحقيقات أولية” أظهرت تورط الأمير حمزة (41 عاما)، مع “جهات خارجية” في “محاولات لزعزعة أمن البلاد” و”تجييش المواطنين ضد الدولة”، وهو ما نفى صحته الأمير حمزة، ولي العهد السابق.

وتدخل الأمير الحسن، عم الملك، لاحتواء الخلاف داخل الأسرة الهاشمية، ما يعني عدم محاكمة الأمير حمزة. وبالفعل، أسفر هذا المسعى عن توقيع الأخير رسالة أعلن فيها الولاء للملك.

Share on whatsapp
Share on facebook
Share on twitter
Share on telegram
Share on email
Share on print

رابط مختصر للمادة:

اقرأ أيضاً

Share on facebook
Facebook
Share on twitter
Twitter
Share on whatsapp
WhatsApp
Share on telegram
Telegram
Share on email
Email
Share on print
Print

رابط مختصر للمادة: