هل رضخت الحكومة لضغوط أصحاب العمل على حساب العمّال؟

هل رضخت الحكومة لضغوط أصحاب العمل على حساب العمّال؟

الرزاز

عمان – رائد الحساسنة

لم يكن “تعديل أمر الدفاع رقم 6” الذي صدر في بلاغ رئيس الوزراء الدكتور عمر الرزاز “الصدمة” الأولى وربما لن تكون الأخيرة للعامل الأردني الذي بلغ به الصبر مبلغًا لا يطاق مع استمرار وطأة الأزمة الاقتصادية خلال مواجهة جائحة كورونا وارتفاع معدلات البطالة المؤهلة للارتفاع بشكلٍ ملحوظٍ خلال وقتٍ قريبٍ إن استمرت الحكومة بالعمل على النهج ذاته الذي اختطته لنفسها قبل أزمة كورونا، بحسب خبراء تحدثت إليهم “البوصلة“.

ويرى هؤلاء أن الحكومة تستمر في دورها “العاجز” عن اجتراح الحلول للأزمة الاقتصادية، وتكتفي بإصدار البلاغات والتعليمات وأوامر الدفاع التي تعمّق المشكلة وتضع العمّال وأصحاب العمل في مواجهة بعضهم ليكونوا ضحايا ليس فقط لـ “كورونا”؛ بل للقرارات الحكومية المتخبطة والعاجزة عن التخفيف من حدة الخسارة على أكثر من صعيد.

حكومة عاجزة عن إنعاش الاقتصاد

أكد الخبير الاقتصادي محمد البشير في تصريحاتٍ إلى “البوصلة” أن الحكومة رضخت للضغوطات التي يمارسها أصحاب العمل من خلال تعديل أمر الدفاع رقم 6، الذي تحللت به الحكومة من واجبها تجاه العمّال وأصحاب العمل.

وقال البشير: “الشيء الذي أصبح واضحًا ومتفقًا عليه أننا بتنا نعيشه أزمة اقتصادية حقيقية، فأصحاب المنشآت والعمّال أصبحوا ضحايا لجائحة كورونا وللإجراءات الحكومية غير المتناسبة مع هذا الوباء ومخاطره”.

وشدد على أن الحكومة لم تقدم على أي خطوات جدية لإنعاش الاقتصاد ومحاولة الاستفادة من هذا الوباء وفي تعاون الناس لندفع بعجلة الاقتصاد بشكلٍ إيجابي وخاصة في مجال الصناعات والزراعة المتعلقة بحاجة المواطنين وحاجة القطاع الصحي، سواءً كان على شكل أدوية أو معقمات ومواد كيماوية وغيرها، بالإضافة للزراعة بشكل عام.

وقال البشير: “كنا نأمل أن تقدم الحكومة إجراءات أكبر على هذا الصعيد تمنع زيادة البطالة والسماح بفصل العمّال، لكن إجراءات الحكومة في التشدد بمنع القطاعات الصناعية من العمل وفتح القطاعات بشكلٍ متأخر كله أسهم في أن يعيش الجميع حالة من الضغط، أدت إلى هذا التعديل الذي فيه تخلي من الحكومة عن واجبها لما يمكن وضعه”.

وأوضح أنه عندما تحدثت الحكومة عن 20% و30% من صاحب العمل ومن الضمان الاجتماعي هذا يؤكد أن الحكومة لم تقدم شيئًا رغم الأموال التي جمعتها ولم تقدم حلولًا لأصحاب العمل أو المواطنين.

“العاملون الذين خسروا 50% رواتبهم رغم العشرين بالمائة والثلاثين بالمائة، كان يتوجب على الحكومة المساهمة فيما يعانيه الطرفان”، وفقاً للخبير الاقتصادي.

وأعاد التأكيد على أن هذا التعديل جاء ليستجيب لضغوط أصحاب العمل في عدم استخدام المادة (28) من قانون العمل المتعلقة بفصل العمال، وتركت الطرفين لمواجهة بعضهما البعض في مسألة الاتفاق.

وتساءل البشير: ماذا يعني الاتفاق؟، معبرًا عن أسفه من أن هذا يعني خروج الناس من أعمالهم بشكل أو بآخر ليواجهوا شبح البطالة الحقيقية، وضغط جديد على المجتمع والحكومة وعلى مؤشرات الفقر والبطالة التي أصبحت أرقامها صعبة جدًا.

وأضاف، بالنتيجة سنجد أرقامًا أكبر مما تحدث عنه مركز الفنيق من أن 42% من العمال فقدوا وظائفهم بشكلٍ كامل، فعدد كبير من أصحاب العمل سيغلقوا مؤسساتهم لأن ما ذكرته الحكومة من النشاطات والأعمال الأكثر تضرراً وتحدث عنها بلاغ رئيس الوزراء فهي شيء هائل للغاية.

القادم أصعب في ظل تمسك الحكومة بالعقلية ذاتها

وحذر الخبير الاقتصادي من أننا مقبلون على أوضاع صعبة جدًا، ما دامت الحكومة تتصرف كما كانت قبل كورونا، ونحن قلنا الناس تعاونت مع الحكومة واستجابت والتزمت بالتعليمات؛ إذن لماذا تقفل النشاطات؟

واستدرك، لا شك أن إعادة فتح النشاطات الاقتصادية شيئًا فشيئًا خاصة بعد ثبوت أنه لا وطن لهذا الفيروس في الأردن؛ والناس تفاعلت بشكل إيجابي في الوقاية منه، إذن المطلوب أن تدفع عجلة الاقتصاد لتساهم في معالجة مسألة الميزان التجاري الذي هو لصالح الاستيراد.

وأشار البشير إلى أن “عندنا في الأردن أكثر من 60% من أكلنا وشربنا من الاستيراد؛ فلماذا؟ لم لا نشغل القطاعات الاقتصادية لمعالجة هذه المشكلة عبر مزيد من الإنتاج”.

ونوه إلى أنه مطلوب من الحكومة أن تفي بوعدها فيما يتعلق بملف الضرائب ومعالجته، والحكومة جاءت على وقع انتفاضة شعبية ضد الظلم في الضرائب على الطبقة الفقيرة والمتوسطة من خلال ضريبة المبيعات.

“قلنا أكثر من مرة أن كلفة المنتج الصناعي والزراعي والخدمي في الأردن مرتفع بسبب ا لضرائب سواء كانت على مدخلات الإنتاج أو المنتج الأخير أو كانت على قطاع الاتصالات أو المشتقات النفطية”، على حد تعبير البشير.

وتابع، بالإضافة إلى ما سبق لدينا كلفة التمويل، 27 مليار ونصف مديونة فيها المؤسسات والشركات والأفراد، وهذا رقم مرعب، عندما تكون معدل الفوائد 8% بينما الدول العشرين معدل الفوائد فيها من (صفر% – 4%).

وخلص البشير إلى القول: إذن الحكومة لا تقدم شيئًا لمعالجة الانكماش الاقتصادي وجاءت كورونا لتعزز من كل المؤشرات السالبة سواءً على صعيد النموّ أو الميزان التجاري أو على صعيد البطالة، مشددًا في الوقت ذاته على أن “هذا كله يؤكد أن الحكومة أخطأت وما زالت تخطئ في بلاغاتها وقراراتها”.

النائب العساف: الأردنيون على الحافة ويجب على الحكومة التراجع عن قراراتها

بدوره استهجن الناطق باسم كتلة الإصلاح النيابية الدكتور مصطفى العساف في تصريحاتٍ إلى “البوصلة” تعديل الحكومة لأمر الدفاع رقم 6 وما سيكون له من آثار اقتصادية واجتماعية بالغة الصعوبة في مقبل الأيام، لا سيما وأن الأردنيين اليوم أصبحوا على الحافة ولا يمكنهم تحمّل المزيد من الضغوط الاقتصادية.

وقال العساف: إن بلاغ الحكومة الأخير أمرٌ مستهجن في ظل الظروف التي يعيشها الأردنيون اليوم من صعوبة العيش وضنكه؛ فضلا عن أن الحكومة أقدمت على رفع أسعار المحروقات أيضًا لتزيد الأمر صعوبة على أبناء الوطن.

وعبر عن خيبة أمله لا سيما وأن الحكومة تصدر قرارات دون أن تسهم في تقديم الحلول الحقيقية، متسائلاً أين ما تحدثت به الحكومة من ضخ البنك المركزي لأموال لدعم القطاع الخاص بقرابة خمسمائة مليون دينار، وأين أثر هذه المساعدة اليوم.

وطالب العساف الحكومة بمزيد من الشفافية عبر بيان المصروفات والنفقات التي تمّت خلال أزمة كورونا، حتى يتحمّل الأردنيون إن بقي مكانٌ للتحمّل لديهم.

واستدرك بالقول: أمّا أن الحكومة لم تساهم في حل الأزمة، ثم تتيح لأصحاب العمل الخصم من رواتب العمال بهذه النسب الكبيرة، الأمر الذي سيدفع الأردنيين إلى مساحات لا تحمد عقباها مع زيادة نسب الفقر والبطالة وانعكاساتها الاجتماعية.

هل تخلت الحكومة عن واجبها الدستوري؟

وشدد العساف أن الحكومة ببلاغها الأخير حول أمر الدفاع رقم ٦ تخلت بواجبها الدستوري في كفالة الطمأنينة في المجتمع، ولا تحفظ التوازن المطلوب في العلاقة بين العامل وصاحب العمل، وقراراتها تهدر كرامة المواطن عبر الدفع بآلاف العمال إلى سوق البطالة، والدفع بآلاف الأسر إلى مرحلة الفقر نتيجة فقدان مصدر الدخل.

وانتقد التخبط والتناقض في إدارة الحكومة للأزمة الذي بات مؤخرا أمرا واضحا، مشددًا على أنه كان الأولى بالحكومة الاستماع للنصائح التي وجهت لها وللمنطق الذي يفرض عليها أن تقدم الدعم المالي للمؤسسات الاقتصادية المختلفة بشكل حقيقي وفاعل يضمن استمرارها بالعمل ويعمل على الحفاظ على مصادر دخل القوى العاملة فيها.

وأكد العساف أنه يجب على الحكومة اتخاذ قرارات بتأجيل سداد القروض المترتبة على المواطنين لأشهر أخرى، وفتح القطاعات التجارية والإنتاجية كافة ضمن الالتزام بالشروط والمعايير الصحية.

وأعاد الناطق باسم كتلة الإصلاح النيابية في تصريحاته إلى “البوصلة” التأكيد على مطالب كتلة الإصلاح النيابية بعقد دورة استثنائية لمجلس النواب؛ حتى يقوم بأداء واجباته الدستورية والتشريعية والرقابية على عمل الحكومة، معبرًا عن استهجانه لاستمرار وقف أعمال المجلس وعدم عقد جلساته على الرغم من أنه يمكن عقد الجلسات عن بعد عبر التقنيات التكنولوجية المتاحة.

(البوصلة)

Share on whatsapp
Share on facebook
Share on twitter
Share on telegram
Share on email
Share on print

رابط مختصر للمادة:

اقرأ أيضاً

Share on facebook
Facebook
Share on twitter
Twitter
Share on whatsapp
WhatsApp
Share on telegram
Telegram
Share on email
Email
Share on print
Print

رابط مختصر للمادة: