هل يكون القدوة جسرا لعبور دحلان إلى رام الله؟

هل يكون القدوة جسرا لعبور دحلان إلى رام الله؟

ارتبط اسمه دوما بخاله، الزعيم الفلسطيني الراحل ياسر عرفات “أبي عمار”، وعاش في ظله وتحت جناحه. 

وطوال وجوده في جميع المناصب والمواقع التي شغلها، لم يعرف عنه أي نزعة معارضة مع القيادة الفلسطينية، سواء تحت قيادة خاله أو محمود عباس “أبي مازن”. 

مهاجمته “الإسلام السياسي” اعتبرها باحثون فلسطينيون تعبيرا عن “فشل” مشروعه السياسي” وبأنه “امتداد لمشاريع خارجية”. 

كان دائما ضمن الطبقة السياسية الحاكمة، ولم يعرف كصاحب “تيار” في “فتح”. 

“محمد ناصر” القدوة، المعروف باسمه الحركي “أبو جرير”، ولد عام 1953 في غزة، انتقل إلى ليبيا مع أسرته حيث كان والده يعمل مدرسا في مدارسها، ثم إلى مصر، وحصل على شهادة في طب الأسنان من جامعة القاهرة عام 1979.  

انضم ناصر القدوة إلى حركة التحرير الوطني الفلسطيني المعروفة اختصارا بـ”فتح” عام 1969، واختير عضوا في المجلس الوطني الفلسطيني عام 1975، وفي نفس الفترة انتخب رئيسا لاتحاد الطلبة في القاهرة ما بين عامي 1978 و1982.  

وكان انتخابه عضوا في المجلس المركزي لمنظمة التحرير الفلسطينية عام 1981 وحتى عام 1986 بداية عمله السياسي في المنظمة وفي “فتح”، وتوج بتعيينه عضوا في المجلس الثوري لـ” فتح” عام 1989. 

بدأ القدوة عمله الدبلوماسي عام 1986، بعد أن عينه “أبو عمار” مساعدا للممثل الدائم لمنظمة التحرير الفلسطينية في الأمم المتحدة زهدي الطرزي، ثم حل مكان الطرزي عام 1991 وحتى عام 2003 الذي شهد تعيينه وزيرا للخارجية في حكومة أحمد قريع .

برز بشكل واضح حين ترأس الفريق الفلسطيني أمام محكمة العدل الدولية، لمتابعة “الفتوى” القانونية بخصوص جدار الفصل العنصري الإسرائيلي عام 2004. 

وبعد رحيل “أبو عمار” رأس مجلس إدارة “مؤسسة ياسر عرفات”. 

انتخب عضوا في اللجنة المركزية لـ”فتح” عام 2009، وهي أعلى الهيئات القيادية للحركة والتي تعد “الحزب الحاكم” في أراضي السلطة الفلسطينية. 

ونظرا لوجوده لسنوات طويلة في الأمم المتحدة فقد عين عام 2012 مبعوثا مشتركا للأمم المتحدة وجامعة الدولة العربية بشأن سوريا، ثم عين عام 2014 مبعوثا للأمين العام لجامعة الدول العربية بشأن ليبيا. 

وقدم عام 2018 استقالته من “فتح” احتجاجا على نتائج المجلس الوطني، قبل أن يتراجع عنها ويعاود حضور اجتماعات الحركة. 

وبقي القدوة ضمن البيت “الفتحاوي” ولم يخرج عن سياق الحركة إلى أن تقرر إجراء الانتخابات التشريعية والرئاسية، فأطلق سلسلة انتقادات لاذعة للقيادة الفلسطينية. 

كما أعلن القدوة نيته خوض الانتخابات التشريعية المقرر عقدها في 22 أيار/مايو المقبل، عبر قائمة منفصلة عن الحركة. 

وسبق أيضا أن أعلن دعم القيادي في الحركة الأسير مروان البرغوثي، في حال قرر الترشح للانتخابات الرئاسية المقررة في 31 تموز/يوليو القادم، وهو ما يضعه في منافسة مع “أبو مازن”. 

وعلى إثر ذلك، قررت اللجنة المركزية لـ”فتح”، فصل القدوة، الذي وصف قرار فصله بأنه ” يثير الحزن والشفقة، على ما آلت إليه الأمور في حركة فتح، فلا يوجد نظام داخلي أو منطق سياسي، ولا تاريخ ولا احترام للتقاليد المتعارف عليها”. بحسب قوله. 

كما صدر قرار بوقف تمويل “مؤسسة ياسر عرفات” التي يتولى القدوة إدارتها. ولاحقا صدر قرار بإقالة القدوة من رئاسة مجلس إدارة المؤسسة وعضوية مجلس أمنائها. 

قرار الفصل أثار غضب سهى عرفات، أرملة “أبو عمار”، التي حذرت من استهداف القدوة، ووصفت قرار فصله بأنه “قرار تعسفي، مرجعة السبب فيه إلى استهداف للعائلة وكراهية لعرفات في الدم”. 

وقالت في تصريح لصحيفة “المصري اليوم”، أن القرار “أول خطوة لتنحية الحصانة السياسية من ناصر تمهيدا لقتله”. 

ولم يكن موقف القدوة من حركته “الأم” وحده المفاجئ للفلسطينيين والمتابعين للشأن الفلسطيني فقد أدلى بتصريحات وصفت بأنها “غير موفقة”، و”خطيئة” سياسية ووطنية. وقال القدوة، خلال لقاء مع قناة “فرانس 24” الفرنسية: “كلنا، كل الأطراف (الفتحاوية) الموجودة لديها مشاكل مع الإسلام السياسي بشكل عام أو الإسلاموية السياسية”.

ويعارض القدوة اتفاق المصالحة بين “فتح” و”حماس”، والذي بناء عليه ستجرى الانتخابات ويصفه بـ”الصفقة”، قائلا: “جميعنا حريص على الوحدة الوطنية الفلسطينية واستعادة قطاع غزة، جغرافيا وسياسيا، ونحن مصرين على هذا الهدف الوطني المركزي، لكن ليس بالطريقة التي تمت حتى الآن، لأنها طريقة غير حقيقية وهشة”. 

حركة المقاومة الإسلامية (حماس) اعتبرت أن القدوة “يحاول حل مشكلته التنظيمية وتحقيق إنجازات شخصية على حساب الوحدة الوطنية”، وتابعت الحركة “لا يجوز لأحد أن يكون امتداد لأي مشاريع خارجية”. 

ووقفت “حركة الجهاد الإسلامي” موقفا مشابها حيث قالت إن: “عليه (القدوة) أن يعرف أن غزة ليست محتلة حتى يفكر باستعادتها، والتيار الوطني الإسلامي ليس خطرا ولا غريبا ولا طارئا حتى يصوره هو وغيره بالمشكلة”. 

واتسعت دائرة الانتقادات للقدوة إلى شركائه في قائمة “الحرية”، فقد شدد الأسير السابق فخري البرغوثي، على “ضرورة أن يكون هناك مراجعات داخلية” لتصريحات القدوة، داعيا إلى “احترام القوى الوطنية التي تحمل هدفا واحدا هو إنهاء الاحتلال”. 

تصريحات القدوة أصبحت حفرا عميقة في الطريق الذي يسلكه حلفائه، وتجعله “نقطة ضعف لا قوة”. بحسب خبراء وإعلاميين، كما تمثل إحراجا للأسير البرغوثي الذي يحظى باحترام وقبول فلسطيني كبير والذي قبل التحالف مع القدوة في قائمة واحدة. 

القدوة يزعم أن ثمة “حربا قائمة ضده” من جهات لم يسمها، وأن “حملة مضايقات” بدأت تستهدفه. رافضا “توجيه أي اتهام لي بالهجوم على الإسلام”، مؤكدا أنه “تم تحريف كلامي بشأن الإسلام بطريقة مزعجة وكاذبة”. 

وتخوض حركة “فتح” الانتخابات التشريعية المقررة بثلاثة قوائم، وهي: قائمة “الحرية” المدعومة من القدوة والبرغوثي، والقائمة الرسمية، بالإضافة إلى قائمة “المستقبل” المحسوبة على القيادي المفصول من “فتح” محمد دحلان. 

ولا يبدو القدوة بعيدا عن دحلان، يقول: “بعض الدوائر الفلسطينية لم يتوقف عن توجيه الاتهام لي بأنني حالة دحلانية”، مشيرا إلى أنه “لم يصوت على قرار فصل دحلان من فتح أو غيره لأنها حركة تضم كل الاتجاهات السياسية”. 

مؤكدا أنه على استعداد للتفاهم مع “الجميع حتى مع دحلان”. 

وأضاف: “لا أحد يستطيع نفي صفة الفتحاوية عنا، وأنا ومروان ودحلان كلنا فتح”. 

القدوة يرى أنه “من المبكر الحديث عن التحالف مع دحلان”. 

ويرفض اتهامه بالتنسيق مع جهات خارجية، رغم أن مؤسسات أوربية عدة دأبت على دعوته للحوار عبر برامجها من بينها “مؤسسة روزا لوكسمبورغ” و”مؤسسة بال ثينك للدراسات الاستراتيجية” و”مؤسسة فريدريش أيبرت” وهي مؤسسات ألمانية. 

يقول: “من لديه معلومات عن أموال تصلني من الخارج فليظهرها ولا أنتمي لأي محور من المحاور”. 

وفي التحالف بين البرغوثي والقدوة تطرح الأسئلة؛ فأي نقاط تقاطع بين مناضل يتمتع بتأييد شعبي واسع، وآخر يحجز مكانه في الدوائر النخبوية وينسج علاقات دولية وإقليمية؟ 

ويخشى العديد من قادة “فتح” أن يمثل اختيار القدوة، الذي يفتقد إلى القاعدة السياسية الشعبية، جسرا لعودة دحلان للعب دور مركزي يقوده بعد قليل إلى منصب الرئاسة. 

وتدور أحاديث أن “الرباعية العربية” من السعودية والأردن ومصر والإمارات، قد تريده جسرا مستقبليا لعبور دحلان إلى منصب الرئاسة لاحقا، وقد أبلغ القدوة أطرافا عربية بعدم رغبته بخلافة عباس، لكنه لن يرفضها إن تمت بإجماع فتحاوي وفلسطيني وعربي”. بحسب قوله. 

عربي 21 – علي سعادة

Share on whatsapp
Share on facebook
Share on twitter
Share on telegram
Share on email
Share on print

رابط مختصر للمادة:

اقرأ أيضاً

Share on facebook
Facebook
Share on twitter
Twitter
Share on whatsapp
WhatsApp
Share on telegram
Telegram
Share on email
Email
Share on print
Print

رابط مختصر للمادة: