عمان – البوصلة
لم يعش معظمنا النكبة، فهي لجيل عانى من ويلات الهزيمة والمذابح واللجوء والنزوح في ظل غطرسة صهيونية مدعومة عالمية أمام واقع فلسطيني أعزل وعربي كان في طور النشوء ومحاولات التحرر من الاستعمار البريطاني والفرنسي.
7 عقود بدأت منذ قررت العصابات الصهيونية السيطرة على فلسطين والقيام بمذابح دموية بحق أصحاب الأرض وتهجيرهم، ومن ثم الهزائم المتلاحقة بحق الجيوش العربية، لتتحول القضية الفلسطينية إلى معركة استنزاف وقف فيها الفلسطيني أعزلا وحيدا في معظم الوقت في وجه أحد أكثر الجيوش تسليحا وقدرة على وجه الأرض.
مرت القضية الفلسطينية بمنعطفات حادة متعددة، كان أكثرها سوءا هو اتفاقية أوسلو مع الكيان الصهيوني وما تبعها من اتفاقيات سلام بين الأردن ومصر والاحتلال، لتعزل القضية عن محيطها ويستفرد المحتل بالفلسطيني الذي تمكن الاحتلال من تسليط دولته الوليدة عليه من خلال اتفاقيات متعددة أبرزها ما يعرف بالتنسيق الأمني.
وبالرغم من التضحيات الجمة التي قدمها الفلسطينيون في الانتفاضة الأولى والثانية إلا أن الاحتلال والسلطة تمكنتا من الوصول إلى نوع من الاستقرار المدني، الذي قلل من النضال الفلسطيني مقابل تزايد في الوحشية والقمع الصهيوني إضافة إلى الاستيطان وابتلاع أراضي الضفة والقدس.
جاء الانسحاب الصهيوني من قطاع غزة بعيد انتفاضة الأقصى الثانية وجاءت معه البشريات، لتخوض المقاومة من غزة عدة جولات من الحروب الدموية، التي بدأت بأبسط الأسلحة حينها، إلا أنها اليوم تأتي وتغير من المعادلة السياسية والعسكرية بشكل جذري.
قبل 73 عاما جاء الصهاينة من جميع أنحاء الأرض بغطرسة كبرى إلى فلسطين، أما اليوم فيبيت معظمهم في المجارير خوفا من صواريخ المقاومة.
تشتعل فلسطين كل فلسطين اليوم، والعيون صوب الأقصى، إما أن تكون القبلة آمنة مطمئنة في كنف أهلها، أو لا أمان للمحتل.. معادلة جديدة نجح بفرضها الفلسطيني وسط ذهول عالمي مما يمكن للشعب المحاصَر والمحارَب أن يفعله، فهل اقترب الوعد الحق؟