“سمكة إسرائيل في بريطانيا”.. من هي باتيل عدوة حماس؟

“سمكة إسرائيل في بريطانيا”.. من هي باتيل عدوة حماس؟

البوصلة – مهاجرة من أصول هندية؛ تعادي المهاجرين وتناصر الاحتلال الإسرائيلي، وزيرة الداخلية البريطانية تسعى لتشريع قانون يصنف حركة المقاومة الفلسطينية (حماس) “كمنظمة إرهابية” وتهدد بالسجن 10 سنوات لمن يدعم الحركة علنا.

باتيل وزيرة الداخلية البريطانية منذ 2019، عضو حزب المحافظين ذات الـ47 عاما، الناشطة السياسية والمسؤولة الحزبية التي اشتهرت بمواقفها المثيرة للجدل، كتحمسها للانفصال عن الاتحاد الأوروبي، ودعمها القوي لـ”إسرائيل”.

بريتي تنحدر من عائلة مهاجرة، فهي ابنة لأبوين هنديين من ولاية غوجارات، وقد ولدت في 29 مارس/آذار 1972، لكنها وأمام استغراب كثيرين، اشتهرت بمناهضتها للهجرة.

وزعمت باتيل، في بيان نشرت جزءا منه على حسابها بموقع “تويتر”، أن “حماس تملك قدرات إرهابية واضحة تشمل امتلاك أسلحة كثيرة ومتطورة، فضلاً عن منشآت لتدريب إرهابيين”، مضيفة “لهذا اتخذت اليوم إجراءات لحظر حركة حماس كليا”.

ويكشف موقف باتيل، الذي يتناسى أن بلادها هي من تسببت في معاناة الفلسطينيين مع الاحتلال الإسرائيلي، عن ارتباطاتها المشبوهة مع مسؤولين إسرائيليين، وبالأخص في الحكومة السابقة برئاسة بنيامين نتنياهو.

ففي نوفمبر/ تشرين الثاني 2017، أُجبرت بريتي باتيل على الاستقالة من منصب وزيرة التنمية الدولية في بريطانيا، بعد إجرائها لقاءات غير مخوّل لها بها مع مسؤولين بحكومة الاحتلال الإسرائيلي.

إثر تلك اللقاءات، تم استدعاؤها للعودة من رحلة كانت تقوم بها في أفريقيا، قبل أن تقدم استقالتها قائلة إن أفعالها “لم ترق إلى معايير الشفافية والانفتاح المطلوبين التي كانت تدافع عنها وتتبناها”.

وقدمت باتيل اعتذاراً لرئيسة الوزراء البريطانية السابقة، تيريزا ماي، بعد انكشاف فضيحة مشاركتها في اجتماعات غير مفوّضة بها في أغسطس/آب مع مسؤولين إسرائيليين، كان من بينهم نتنياهو. وذكر تقرير سابق لشبكة “بي بي سي” أنها أجرت كذلك لقاءين آخرين في سبتمبر/ أيلول الموالي، بدون حضور أي من المسؤولين الحكوميين البريطانيين.

وكُشف لاحقا عن نية باتيل منح مبالغ من أموال دافعي الضرائب البريطانيين إلى الجيش الإسرائيلي بدعوى معالجة لاجئين سوريين جرحى في مرتفعات الجولان المحتلة، الأمر الذي وصفه مسؤولون بأنه “غير مناسب”.

وكان تقرير”بي بي سي” قد ذكر أنه قد طلب من باتيل قبل تقديم استقالتها تقديم كافة التفاصيل بشأن أكثر من عشرة لقاءات أجرتها مع مسؤولين إسرائيليين، بينما كانت في عطلة دون إخطار وزارة الخارجية بذلك أو الحصول على إذن رسمي.

ووفق المصدر ذاته، فقد اتضحت فيما بعد التفاصيل بخصوص لقاءاتها بإسرائيل، حيث التقت بوزير الأمن الإسرائيلي، جلعاد اردان في 7 سبتمبر/ أيلول 2017، وفي الـ18 من الشهر نفسه التقت المسؤول آنذاك بوزارة الخارجية الإسرائيلية، يوفال روتيم، بنيويورك.

وحضر كلا الاجتماعين، وفق تقارير إعلامية بريطانية سابقة، لورد بولاك، الرئيس الشرفي لمجموعة “أصدقاء إسرائيل المحافظين” بالبرلمان البريطاني.

وفيما لم يتضح بشكل دقيق ما الذي كانت تعد له باتيل خلال تلك الاجتماعات، ذكر تقرير سابق لـ”بي بي سي” أن وزيرة التنمية الدولية آنذاك كانت تنوي تقديم مساعدات بريطانية لدولة الاحتلال مقابل إقامة الجيش الإسرائيلي لمستشفى لمعالجة المصابين السوريين بالجولان المحتل، وهو الطلب الذي اعتبره مسؤولون بريطانيون “غير لائق”.

وكانت صحيفة “هآرتس” قد كشفت أنه حينما حلت باتيل بإسرائيل في أغسطس/ آب 2017 قامت بزيارة مستشفى ميداني إسرائيلي بالجولان المحتل، رغم أن بريطانيا لم تعترف يوماً بسيطرة إسرائيل على الجولان.

باتيل من أشد المؤيدين للبريكست (رويترز)

محاولة تأثير إسرائيلية على السياسة البريطانية عبر باتيل

وفي سياق متصل، كان تقرير لصحيفة “ذا غارديان” (نُشر في نوفمبر 2017) قد أشار إلى أن الجانب الإسرائيلي لا يوفر جهداً في محاولاته التأثير على السياسة البريطانية.

ويوضح التقرير أن زيارة باتيل للأراضي المحتلة كانت بمثابة “صيد ثمين”، لافتًا إلى أنه رغم أن زيارات كبار المسؤولين البريطانيين لإسرائيل أمر معتاد، لكن تكتنفها الكثير من الأمور الحساسة. إذ يحرص موظفو السفارة والقنصلية البريطانيتين على اختيار الأماكن والشخصيات التي يلتقي بها الدبلوماسيون والوزراء البريطانيون، بعناية.

وأضافت “ذا غارديان” أن الزيارات تتم برعاية الطاقم الدبلوماسي، الذي يسهر على تنفيذ أجندات تجسد السياسة البريطانية، وعلى سبيل المثال يحرص هؤلاء على أن تشمل لقاءات مع الفلسطينيين والجماعات والأفراد، عكس الأهواء الإسرائيلية.

التقرير نفسه يلفت إلى أن زيارة باتيل لإسرائيل تجاهلت كل هذه الأمور والترتيبات، إذ لم تعر وزيرة التنمية الدولية حينها أي اهتمام بخرق معايير الانضباط الوزاري، التي ينبغي أن يلتزم بها أي مسؤول حكومي، ما استدعى توبيخها.

وزيرة متنمرة

وخلص تحقيق حكومي إلى أن باتيل مارست التنمر بحق موظفين يشتغلون لفائدتها، وذكر تقرير لـ”بي بي سي” ووسائل إعلام أخرى أن تحقيقا بشأن اتهامات بالتنمر خلص إلى أنها انتهكت قواعد وزارية.

وكان رئيس الوزراء البريطاني، بوريس جونسون، قد طلب من المسؤولين في مارس/ آذار 2020 إجراء التحقيق “لتقصي الحقائق” بعدما ترددت المزاعم ضد باتيل، في أعقاب استقالة فيليب روتنام كبير موظفي وزارة الداخلية الذي زعم أنها تتنمر على العاملين.

ونقلت “بي بي سي” ووسائل إعلام أخرى في بريطانيا مسودة تقرير كشف أن باتيل انتهكت قواعد السلوك الوزاري التي تنص على أن يتعامل الوزراء مع مرؤوسيهم باحترام. وذكر التقرير أن هناك أدلة على حدوث تنمر وإن كان “غير متعمد”.


درست باتيل في جامعتي كيل وإسيكس في بريطانيا، ثم عملت في مكتب حزب المحافظين في لندن لترأس بعدها المكتب الصحفي للحزب، حيث انتخبت في عهد رئيس الوزراء السابق ديفد كاميرون نائبة عن حزب المحافظين عن دائرة ويثام في مدينة إسيكس عام 2010.

أصبحت باتيل أمينة الخزانة في الحكومة عام 2014، ثم وزيرة للعمل بعد الانتخابات العامة عام 2015.


وتسود لدى المهاجرين عموما والجاليات العربية والمسلمة خصوصا حالة من القلق والخوف من صعود أبرز الوجوه اليمينية لأعلى المناصب الحكومية، ويزيد من قلق المسلمين سلسلة استطلاعات الرأي الأخيرة التي عكست بجلاء تفشي ظاهرة معاداة الإسلام داخل صفوف أطر وقيادات حزب المحافظين الحاكم، رغم تعهد الحزب بتحقيق شامل في هذه الظاهرة.

وكان 56% من أعضاء الحزب قد عبروا عن اعتقادهم بأن الإسلام يشكل تهديدا لنمط الحياة في بريطانيا، كما عبر 43% عن رفضهم لتولي مسلم رئاسة الوزراء.

وفي استطلاع رأي سابق، عبّر 67% عن اعتقادهم أن هناك مناطق في بريطانيا يحكمها “قانون الشريعة”، وهو ادعاء لطالما كرره أنصار الرئيس الأميركي دونالد ترامب.

الجريمة
الموقف من المهاجرين ليس هو الشيء الوحيد الذي يثير القلق وسط كثير من البريطانيين، بل أيضا موقف وزيرة الداخلية الجديدة من انتشار الجريمة.

فقد أثارت تصريحات باتيل بشأن عزمها مواجهة الجريمة بالقوة وبمزيد من رجال الشرطة جدلا واسعا خاصة في وقت تتضاعف فيه بشكل سريع معدلات الجرائم، في حين يتهم حزب العمال المعارض حكومة المحافظين في التسبب بها، جراء سياسات التقشف التي انتهجها المحافظون على مدار العقد الماضي.

وقالت باتيل لصحيفة الديلي ميل البريطانية قبل يومين إنها تريد استعمال “القسوة والقوة”، وتريد أن يشعر المجرمون “بالإرهاب حرفيا” عند خرقهم القانون، وأكدت عزمها مواجهة الجريمة بالدفع بمزيد من الشرطة للشارع لردع المجرمين، ووصفت في مقابلتها حزب المحافظين بأنه “حزب الشرطة والأمن”.

بالمقابل يرى عمدة لندن أن الأرقام الجديدة للجرائم تشير إلى وجود صلة بين العنف وعدم المساواة الاجتماعية، واعتبر صادق خان في تصريحات متزامنة أن المقاربة المثلى لمواجهة الجريمة تكمن في القضاء على أسبابها وليس فقط مطاردة المجرمين.

وألقى خان باللوم على الفقر كسبب رئيسي للجريمة، محملا سياسات حزب المحافظين التقشفية على مدار العقد الماضي المسؤولية عن ذلك.

واشتركت صحيفة الإندبندنت أيضا في نقد مقاربة وخطة الوزيرة الجديدة، معتبرة أن خطتها ستضع المملكة المتحدة في خطر أكبر، عوضا عن حماية أمن البلاد.

وفي مقال بصحيفة الغارديان البريطانية شكك الكاتب “ريتشارد فيز” من فرص نجاح نهج باتيل المتشدد، ويرى أن “من يتوقع من نادي المعجبين بالوزيرة الجديدة أن اتباع نهج صارم سيستعيد سمعة المحافظين كحزب القانون والنظام، فهو واهم”.

البوصلة + وكالات

Share on whatsapp
Share on facebook
Share on twitter
Share on telegram
Share on email
Share on print

رابط مختصر للمادة:

اقرأ أيضاً

Share on facebook
Facebook
Share on twitter
Twitter
Share on whatsapp
WhatsApp
Share on telegram
Telegram
Share on email
Email
Share on print
Print

رابط مختصر للمادة: