مفكرون: محمد عمارة ترك إرثًا علميًا كبيرًا في خدمة الإسلام

مفكرون: محمد عمارة ترك إرثًا علميًا كبيرًا في خدمة الإسلام

حمزة منصور: محمد عمارة حرس ثغور الأمة الإسلامية ودافع عن عقيدتها

حمزة منصور: محمد عمارة كان ينساب إلى القلوب دون استئذان

د. منذر الحوارات: محمد عمارة رائد المشروع الإسلامي المعتدل

د. منذر الحوارات: محمد عمارة أبقى “الفكرة” وهي أخلد من الأشخاص

د. أحمد الشحروري: محمد عمارة تميز بفكرٍ واعٍ منضبطٍ بالشريعة الإسلامية

د. أحمد الشحروري: محمد عمارة دلّ علماء الشريعة على طريق الدفاع عن الإسلام

عمان – رائد الحساسنة

لعّله ليس من وصفٍ لعظم وفداحة خسارة الأمة العربية والإسلامية لقامة كبيرة بحجم الدكتور محمّد عمارة ممّا قاله المفكر الإسلامي فهمي هويدي: “إنّ رحيل الدكتور محمّد عمارة خسارة كبرى للأمّة الإسلامية كلها، فهو سيفٌ من سيوف الله، ورجلٌ ظلّ صامدًا ومحاربًا وزاهدًا ومتواضعًا، وخاطب الجميع بعلمه وزهده وأدبه وأسهم إسهامًا هائلاً في الإحياء الإسلامي، وإنّه حين يغيب فجأة فيجب علينا استشعار فداحة الخسارة”.

علماء ومفكرون ونخبٌ سياسية تحدثت إليهم “البوصلة”، وصفوا رحيل الدكتور محمد عمارة بالأمر الجلل والخسارة الكبرى للأمة العربية والإسلامية؛ مؤكدين أن “الراحل الكبير” ترك إرثًا علميًا كبيرًا في خدمة الإسلام وله صولات وجولات في الدفاع عن عقيدة الأمّة.

كما أكدوا على ضرورة أن تفتح الأمّة عيونها بعد رحيل قامة بحجم الدكتور محمّد عمارة، لا سيما وأنّه يزيد من حجم العبء على شباب الأمة وعلمائها لسد الثغرة التي تركها هذا المفكر العظيم.

وشددوا على ضرورة تكريم الدكتور محمّد عمارة بعد وفاته بنشر العلم الذي تركه ودراسة “الإرث العقدي الذي تركه، مؤكدين على ضرورة أن تتحوّل أفكاره وعلمه إلى ذهنية الأمة والمجتمع ليتبنّاها ويدافع عنها، باعتباره رائد المشروع الإسلامي المعتدل والفكرة الإسلامية ككل.

حمزة منصور: كان محمد عمارة ينساب للقلوب دون استئذان  

“كان حارسًا على ثغور الأمة دفاعًا عن العقيدة والقيم والثقافة العربية الإسلامية”، بهذه الكلمات بدأ رئيس مجلس شورى جماعة الإخوان المسلمين حمزة منصور حديثه لـ “البوصلة” عن عظمة الدور الذي كان يقوم به الدكتور محمد عمارة، واصفًا إياه بـ”فقيد الأمّة الكبير”.

ويتابع منصور حديثه في وصف الأثر الذي تركه عمارة في نفوس الأمة بالقول: “لقد أثرى المكتبة العربية والإسلامية بفيضٍ من الكتب وتميّز بسلاسة أسلوبه مع عمق الفكرة؛ ولذلك كان ينساب حديثه وقلمه دون استئذان إلى القلوب”.

“رحم الله فقيد الأمّة، وآمل أن تكون وفاته سببًا لمزيد من الدراسة لهذا الإرث العقدي والحضاري الذي خلفه الفقيد الكبير” يقول منصور بحزنٍ بالغ.

وينوه إلى أن “موت العلماء ثلمة بلا شك، ونسأل الله أن يعوضنا عن فقيدنا في “علماء عاملين” ولا سيما نحن نشهد هذه الهجمة على الإسلام عقيدة وسلوكًا وخلقًا ومبادئ ومنهاج حياة.

د. أحمد الشحروري: فقدان الأمّة لعلمائها نذير سوءٍ وشؤم

“فقد الأمة للدكتور محمد عمارة مصيبة حقيقية وهي نذير سوءٍ إن لم أقل نذير شؤمٍ على أمّتنا”، بهذه الكلمات يصف أستاذ الشريعة الإسلامية في جامعة الزيتونة الأردنية الدكتور أحمد الشحروري وقع خسارة الأمة العربية والإسلامية لقامة كبيرة من علمائها المخلصين.

ويقول الشحروري في حديثه لـ “البوصلة” إن النبي صلى الله عليه وسلم أخبرنا أن الله لا ينتزع العلم انتزاعًا ولكنه ينتزعه بـ “قبض العلماء”، واصفًا فقدان الأمّة لعلمائها الواحد تلو الآخر بـ”نذير السوء والشؤم”.

ويضيف أن الدكتور محمد عمارة لم يكن مشتهرًا بأنه يدرس العلوم الشرعية؛ بل كان مفكرًا مسلمًا بمعنى التفكير الواعي، التفكير المنضبط، التفكير المؤطر بإطار الشريعة الإسلامية الذي  لم يخرج عنها في يومٍ من الأيام.

“بل إن عمارة نظّر لعلماء الشريعة لكي يدلهم على طريق الدفاع عن دين الله عزّ وجل”، يستدرك الشحروري.

وينوه إلى أنه “كان لهذا الرجل صولاتٌ وجولاتٌ في الدفاع عن الإسلام أمام الذين بذروا في الأمة بذور الشقاق والنفاق والتشكيك في دين الله عزّ وجلّ”.

ويمتدح الفقيد الكبير بالقول: لقد وقف أمام عتاولة الكتاب مصريين وغير مصريين من الذين شككوا بنظام المواريث في الشريعة الإسلامية، فقال قولاً لم يسبقه به علماء الشريعة الإسلامية”.

وعلى الرغم من أنه يرى في فقدانه مصيبة عظيمة على الأمّة، إلا أن الشحروري يرى أن الأمّة ما زالت ولادة في طول الزمان وعرضه، تنجب العلماء والمفكرين الذين يحمون “بيضة الإسلام العظيم” على حد وصفه.

ويعيد الشحروري التعبير عن ألمه وحزنه على فقدان الأمة للدكتور محمّد عمارة بالقول: “لكنّنا بفقدان هؤلاء الأشاوس العظماء.. محزونون.. نسأل الله أن يبدلنا خيرًا”.

ويشدد على ضرورة أن تفتح الأمّة عيونها بعد فقد هؤلاء وأن يبذل الشباب والعلماء جهودًا أكبر لملء الشاغر الذي حصل بعد فقدان عمارة وغيره من العلماء الصادقين؛ من أجل الاستمرار في الدفاع عن الدين أمام أعدائه الكثير؛ “وأحيانًا من أسفٍ من بني جلدتنا ومن يتحدثون لغتنا ويرتدون زينا ممّن سمموا أفكارهم وعقولهم حتى انقلبوا على الفكر والعقيدة والأمة الإسلامية.

د. منذر الحوارات: محمد عمارة رائد المشروع الإسلامي المعتدل

يصف المحلل السياسي والخبير الإستراتيجي الدكتور منذر الحوارات في حديثه لـ “البوصلة” الدكتور محمد عمارة رحمه الله بأنّه رائد المشروع الإسلامي المعتدل في المنطقة.

يقول الحوارات: رحم الله الفقيد الدكتور محمد عمارة الذي كان علامة بارزة ومنيرة فيما يخص الفكر العربي والإسلامي إذ كان يمثل النموذج المعتدل في مشروع إسلامي كبير يرى المستقبل من خلال هذه الرؤية.

ويؤكد أنه كان يجمع بين الاعتدال والمقدرة على القراءة المستقبلية ومزج مفهوم الفقه والشريعة والمشروع ومواءمة هذا الفكر مع التغير الواقع.

“كان يعتبر بحق رائد المشروع الإسلامي المعتدل في المنطقة، وربما على صعيد الفكرة الإسلامية ككل”، على حد وصف الحوارات.

ويشدد على أن وفاة محمد عمارة خسارة كبيرة حقيقة لا تعوض بسهولة، ولكن ما يميز هؤلاء أنهم يتركوا “الفكرة” التي هي أبقى وأخلد من الأشخاص.

ويتابع حديثه بالقول: هم يفسحون مدى واسعًا ومجالاً كبيرًا للنقاش المستدام بكل كلمة قالوها، سواء نقدًا أو موافقة، فهم فتحوا باب النقاش على مصراعيه إلى الأجيال القادمة وإلى الأجيال التي عاصرتهم.

ويؤكد أن المفكر ليس من يضع أفكارًا تقتنع فيها الناس وتتبنّاها على علاتها؛ بل هو من يصنع مشروعًا يكون مجالاً للجدل والأخذ والرد، وهو عندما وضع الفكرة يعلم أنه لن يقتنع فيها الجميع، ولن يناقشها الجميع على أنّها مسلمة، وهذه ميزة المفكرين الكبار والعظماء، لأن فكرتهم تستمر بالنقاش القادر على أن يوجد أجيالًا من المفكرين يتابعوها ويتبنوها أو يردوها.

“لا أعتقد أن ساحتنا الفكرية والأدبية سوف تنضب وإلا كان مشروع المفكر الإسلامي عمارة وغيره عقيمًا لا قيمة له، ولكن فحوى مشروعه وقيمته أنه سيوجد أجيال عديدة لاحقة تستطيع أن تدافع عن الأفكار وتستطيع أن تتبناها وأن تأخذها أو تردها، وهذه هي الثقافة، أو المجال الثقافي الذي ليس أخذا على علاته بل إيجاد ساحة واسعة من النقاش المستدام الذي يولد ويخلد الأفكار التي تستطيع الناس أن تتعامل معه وتخلق بيئة من الوعي”، يعبر الحوارات لـ “البوصلة” عن تفاؤله في المستقبل القادم.

ويتابع، هذه البيئة تستطيع أن تصنع مفاهيم وقيم تستطيع أن تتبناها الأجيال في المستقبل وتتعامل معها، وتجنّب الأجيال والمفكرين مطبات العصر الذي نمر فيه، وهو عصر شديد التعقيد، وبحاجة لمن ينير الضوء أمام الناس حتى تستطيع أن تبصر خطواتها اللاحقة.

يقول الحوارات: المفكرون والفلاسفة هم من يستطيعون التنبؤ أو إيجاد رؤية تقريبية لما سيكون عليه المستقبل انطلاقًا من معطيات الواقعية والتاريخية التي تجعلهم قادرين على الرؤية أكثر من الناس العاديين.

“بالتالي أنا لست متشائما أن الساحة العربية والإسلامية ستنضب؛ بل على العكس تماماً أنا متفائل جدًا من أن الواقع المستقبلي ستكون بموجب المعطيات التي وفرها لنا هؤلاء أكثر إشراقًا وأكثر آمالاً وأن نبثها للمستقبل”، الحورات مستدركًا.

ويؤكد أن هذا مشروع طويل ابتدئ فيه منذ نهايات القرن التاسع عشر، ونتائجه لن تؤتي أكلها في قرن من الزمن، فالمشاريع الثقافية للأمم الأخرى لم تؤتي اكلها خلال عقدين أو ثلاثة عقود؛ ولكن الأمل أنه مع طبيعة التطور وطبيعة وصول المعلومة وتدفقها أن يختصر الزمن والوقت لكي يعطي تأثيره وأكله في تطوير المجتمع العربي.

وينوه إلى أن البعض متسرع قليلاً في الحصول على النتائج، ولكن طبيعة المشاريع الكبيرة لا تأتي فجأة وتؤتي أكلها بسرعة، بل على العكس فهي تأخذ مداها التاريخي الطويل كي تستطيع أن تخلق رأيا يتنباها ويدافع عنها.

ويستدرك الحوارات القول: لكن هذا الرأي لا يجب أن يبقى في أذهان المفكرين فقط؛ بل يجب أن يتحول إلى جزء من ذهنية الأمّة والمجتمع وهذه النقطة الصعبة، أن تتحول الأفكار إلى جزء من ذهنية المجتمعات بحيث تتبنّاها وتدافع عنها.

ويشدد على أن المفكر تخلده كتبه ومؤلفاته وعلمه ولكن تكريمًا لهذه الإنجازات تطلق الشعوب والدول أسماء أعلامها ومفكريها على أماكن عامة لتبقى حاضرة في أذهان الأجيال حينما تطلق على حديقة أو شارع أو مكتبة أو معلم عام، يبقى سؤال من هذا صاحب الاسم، وبالتالي تبقي حضوره موجودًا بين من لا يتابعون الثقافة.

يقول الحوارات: أنا أحبذ أن يطلق اسم الفقيد على مكان عام يرتاده الجمهور، تخليدًا لذكراه، وهذا أقل نوعٍ من التكريم، لكن ذاكرة المفكرين لا تبقى فقط بهذا الشيء؛ بل تبقيهم كتبهم ومؤلفاتهم وحضورهم في أذهان الأجيال المستقبلية.

وينوه إلى أنه الواجب تكريم كل مفكر أعطى لأمّته جلّ وقته، فهو يعطي حياته للناس وإن لم يكن بينهم، لكن بعد قليل ستقرأ الأجيال أفكار هذا الإنسان.

ويختم الحوارات حديثه لـ “البوصلة” بالقول: فكرة الجسد هي التي ماتت، ولكن المفكر تبقى كتبه وأفكاره ومؤلفاته يتداولها الناس ويتعاملون بها، ويجب أن يكرم المفكرون؛ لأن احترام الأمة لنفسها يدفعها لتكرم صانعي أفكارها ومستقبلها وذهنيتها العامة.

(البوصلة)

Share on whatsapp
Share on facebook
Share on twitter
Share on telegram
Share on email
Share on print

رابط مختصر للمادة:

اقرأ أيضاً

Share on facebook
Facebook
Share on twitter
Twitter
Share on whatsapp
WhatsApp
Share on telegram
Telegram
Share on email
Email
Share on print
Print

رابط مختصر للمادة: