نقيب الفنّانين لـ”البوصلة”: أخطر ما في “دراما التطبيع” سعيها لترويضنا فكريًا

نقيب الفنّانين لـ”البوصلة”: أخطر ما في “دراما التطبيع” سعيها لترويضنا فكريًا

عمان – رائد الحساسنة

عبّر نقيب الفنّانين الأردنيين حسين الخطيب في تصريحاته إلى “البوصلة” عن رفضه المطلق لأي أعمال درامية تطبيعية من شأنها أن تمس بالقضية الفلسطينية وحقوق الفلسطينيين التي يجمع عليها الوجدان الجمعي للأمة، محذرًا في الوقت ذاته من خطورة “الدراما التطبيعية” التي تعرض على فضائيات عربية تسعى لممارسة “الترويض الفكري” لا سيما وأنّه أشد خطورة على الوعي من الترويض بقوة السلاح.

وقال الخطيب: إن نقابة الفنانين لها موقف واضح ومعلن من موضوع التطبيع برمّته الذي هو عنوانٌ أساسي لكل الشؤون الثقافية والفنية، وحينما يتعلق الأمر بالعدوّ الصهيوني تحديدًا فيجب أن يبقى الوسط الفنّي عصيًا على الصهاينة، مشددًا على خطورة “أن يتمكنوا من اختراق حاجز المثقف والفنّان، باعتباره من المعاقل الأساسية والرئيسية في الأمّة”.

وأوضح أن “دور الفنّ الأساسي هو محاكاة الواقع، وغالبًا ما يكون هذا الواقع صادقًا يتفق عليه الوجدان الجمعي وهنا نتحدث عن الاحتلال بشكل مباشر، وإذا ما تمّ طرحه في أي عمل درامي فإنه واقعٌ قائم وهناك مقاومة سواء كانت داخلية أو على مستوى الفنانين والمثقفين”.

وتابع الخطيب حديثه بالقول: نحن في الدراما الأردنية من أوائل الذين تحدثوا في الشأن الدرامي حول القضية الفلسطينية ووضعوا أيديهم على الجرح كفنانين دراميين وكتاب ومخرجين، وخير مثال على ذلك “مسلسل هبوب الريح”، الذي جسد المعادلة الحقيقية بوجود عدوّ وأرض مغتصبة وحق يجب أن يعود لأصحابه سواء كانوا فلسطينيين أو أردنيين أو عرب.

وشدد على أن القضية الفلسطينية في إطارها السياسي بالإضافة للبعد الفني والثقافي تشكل قضية محورية للأردن، الذي قدم شعبه وجيشه تضحيات على مستوى كبير جدًا وما زال من أجل قضية فلسطين.

وأكد على أن الفنّان والمثقف الأردني والعربي يتفقون على أن فلسطين عربية والقدس هي عاصمة فلسطين، وهذا أمرٌ لا يمكن أن نحيد عنه، على حد تعبيره.

الدراما التطبيعية تتناول “التعايش” بشكلٍ مبتور

وقال الخطيب في حديثه لـ “البوصلة” إن الأعمال الدرامية التطبيعية تتناول مسألة التعايش والحديث عنها بشكلٍ مبتور، على طريقة من “يضع السمّ في العسل”، محذرًا من أن الخطاب الفنّي من أخطر الخطابات وهو أكثر خطورة من الطرح السياسي والتنظير، “فهذا مرئي ومسموعي وهو خطاب فنّي متكامل يستطيع أن يحاكي الواقع ويؤثر في المشاهد”.

وتابع حديثه: الواقع يقول إن هؤلاء لم نتفق معهم أي اليهود، ونحن نحترم الديانات بما فيها الإسلام والمسيحية واليهودية، ولكن عندما نطرح التساؤل هل استنفذ الكتاب جميع القضايا العربية والقضايا الإنسانية حتى دخلوا إلى قضايا مشبوهة في الحوار والحديث على موضوع “التعايش”.

ونوه بالقول: “التعايش صحيح أنه واقع فربما تتعايش مع جارك ومع أخيك في غرفة واحدة ومع زميلك في جامعة، وتكون مضطرًا لذلك، مستدركًا: لكن عندما نتحدث عن “أحقيات” هل لليهود أحقية أنهم موجودون في ترابهم وأرضهم في فلسطين والوطن العربي، وهل هذا سؤال يطرح بشكلٍ بريء اليوم؟

الأرض عربية مقدسة رغم “صفقة القرن”

وشدد الخطيب على أن هذه الأراضي هي أراضٍ عربية مقدسة سواء كانت في بلاد الشام أو الخليج العربي، ونحن علينا أن نعي تمامًا في هذا الظرف القاسي والصعب جدًا، الذي يتم الحديث فيه عن صفقة القرن وسواها.

وتابع، صفقة القرن لها طباخون وطهاة يضعون السمّ في الدسم، وهذا يحتم علينا أن يكون هناك وعيٌ وصدٌ لهذا الإعداد والتهيئة لمشاريع قادمة لاستشرافات عن القادم والأخطر في ذلك ترويض الفكر الذي هو أخطر من ترويضنا بالسلاح، منوهًا إلى أنه في حال التهديد بالسلاح ربما يقتل الشخص وتنتهي حياته، لكن في حالة الترويض الفكري فإنه من الخطورة بمكان أن يتم تناوله من قبل الفنّانين بشكلٍ أو بآخر، لا سيما وأنه يجب أن يتم تناوله بشكل حرفي تاريخي واعٍ.

نموذج فيلم جابر

وذكر نقيب الفنانين حسين الخطيب خلال حديثه لـ”البوصلة” كيف وقفت النقابة في وجه الأعمال الدرامية التطبيعية التي سعى البعض لتمريرها من خلال “الدراما الأردنية”، قائلا: قبل أشهر نتذكر فيلم جابر الذي كان من الممكن أن يتم إنتاجه في الأردن، ونقابة الفنانين في حينه لم تستطع أن تطلق أي بيان إلا البيان الأول أن علينا أن نتريث ونجيب على أسئلتنا حول هذا السيناريو المكتوب للفيلم وهل هو حقيقي وصحيح.

وتابع،  لجأنا كمجلس نقابة لثلاثة من كبار الكتاب والمخرجين الأردنيين الذين لهم باعٌ طويلٌ في هذا الجانب وعلى درجة عالية من الخبرة والوعي العميق، وعلى رأسهم المخرج محمد عزيزية والكاتب محمود الزيودي ومصطفى صالح، وطلبنا منهم قراءة هذا النص ومحاكمته علميًا وتاريخيًا حتى نتمكن من الحكم على العمل في البيان الثاني، بعد أن طلبنا في البيان الأول من الفنانين عدم المشاركة في هذا العمل أو التوقيع على عقود.

وأضاف الخطيب أنه وبعد صدور تقرير من اللجنة الثلاثية التي أوصت بأن هذا الفيلم يدعو إلى التطبيع وتقديم النصيحة للنقابة برفض إنتاجه في الأردن ومنع الفنانين الأردنيين من العمل فيه، وبناء على ذلك خرجنا ببيان أشبه بقرار بمنع تصوير هذا العمل ومنع الفنان الأردني من المشاركة فيه.

وشدد بالقول: نحن “قطعنا العرق وسيحنا دمّه” وتم دفن هذا الموضوع في أرضه وكان التفاعل على مستوى عالٍ جدًا، لكن حتى رئاسة الوزراء التي شكلت لجنة بعد تشكيل لجنة من نقابة الفنانين، و يبدوا أنهم اكتفوا بالإطار العام لما صدر عن نقابة الفنانين وتم إلغاء هذا العمل.

البحث عن قضايا إنسانية مفيدة في الدراما

ونوه الخطيب إلى ضرورة أن تبحث الأعمال الدرامية العربية عن قضايا إنسانية مفيدة أكثر للإنسان العربي المحلي، مضيفا: نحن اليوم موضوع كورونا معزوفة تعزف عليها الناس وتملأ الفضائيات ونتحدث عنها، وهناك الألوف من الضحايا وملايين الإصابات في هذه الجائحة.

وأضاف، كم لهذا الوباء من تداعيات سياسية واقتصادية واجتماعية، ويمكننا عن كل بيت أن نخرج قصة ومسلسل، والبيوت بصغارها وكبارها كل واحد منا أصبح له عالمه الخاص.

وقال: على مستوى بيتك يمكن أن تخرج مسلسل كوميدي وفيه من المفارقات التي تضحك عليها وتستمتع بها.

وأوضح الخطيب أن “المجتمع العربي لم يخلوا من قضاياه المتعددة، لكن كل مسلسلات العالم مهما بلغت  فإننا نرفض في نقابة الفنانين المساس بحقوق الشعب الفلسطيني فهم أشقاؤنا والرئة الأخرى التي نتنفس بها”، على حد تعبيره.

ونوه إلى أن “القضية الفلسطينية شأن عربي إسلامي ديني مسيحي سمّه ما شئت، فليس أردنيا فحسب وإن كنا دائمًا نحن في الصدارة بانحيازنا لهذه القضية العروبية الإسلامية المسيحية، وفيها مقدساتنا وأراضينا، وظل الأردن بجيشه وشعبه وقيادته منحازًا لها”.

الدراما التطبيعية لن تغير معتقداتنا تجاه قضية فلسطين

وشدد نقيب الفنانين على أنه لن تستطيع أي مسلسلات في العالم أن تغير من وجهة نظرنا كعرب ومسلمين أردنيين وفلسطينيين فنانين وغيرهم، تتجه أعينهم لفلسطين كأرض مغتصبة ومحتلة يجب أن تعود لأصحابها مهما طال الزمان.

وقال الخطيب: نطالب من كافة المنتجين العرب والأردنيين والمحطات العربية إذا ما أرادوا تبنّي هذه القضية أن يبدأوا باستكتاب كتاب حقيقيين وازنين للكتابة في هذا التاريخ العربي الإسلامي الأردني الفلسطيني من أجل الرد على هذا الموضوع.

ونوه إلى أن “الشجب لا يكفي والبيانات لا تكفي، فيجب الرد عبر دراما توثق التاريخ الحقيقي، وما أكثر المؤرخين في الوطن العربي الذين يدعون للحق والفضيلة”.

وأضاف الخطيب “نحن لا ننتقص من حقوق زملائنا الفنّانين الخليجيين وهم في أغلبهم تسري في دمهم الانتماء والولاء لقضايا الأمّة وعلى رأسها قضية فلسطين، وجميعهم يرفضون المساس في القضية الفلسطينية وحقوق الشعب الفلسطيني، ويعتبرون هذه القضية عروبية إسلامية وليست تخص الفلسطينيين وحدهم، ونحن في الأردن قيادتنا الهاشمية التي تتحمّل مسؤولية الوصاية على المقدسات في مدينة القدس تضع هذه القضية في رأس سلم أولوياتها”.

وقال: نتمنّى من كافة زملائنا الفنّانين في العالم العربي الاطلاع أكثر والدراسة أكثر والاستشارة أكثر عندما يعرض عليهم أي عمل درامي قد تشوبه شائبة سواء في القضايا الوطنية أو الاجتماعية.

وختم الخطيب حديثه لـ “البوصلة” بالقول: إن القضايا المصيرية التي تتعلق بالعدوّ الصهيوني وأرض فلسطين ومواضيع “التعايش” يجب أن لا يتم استسهالها وتمثيلها لأي كاتبٍ يكتب ما شاء بعيدًا عن الحقائق التاريخية الثابتة، فـ”القبيح لا يمكن أن تجمّله مهما ملكت من أدوات تجميل”.  

(البوصلة)

Share on whatsapp
Share on facebook
Share on twitter
Share on telegram
Share on email
Share on print

رابط مختصر للمادة:

اقرأ أيضاً

Share on facebook
Facebook
Share on twitter
Twitter
Share on whatsapp
WhatsApp
Share on telegram
Telegram
Share on email
Email
Share on print
Print

رابط مختصر للمادة: