الاحتلال يحكم سيطرته على القدس ودعوات لانتفاضة بوجه المؤامرة

الاحتلال يحكم سيطرته على القدس ودعوات لانتفاضة بوجه المؤامرة

عمّان – رائد الحساسنة

في الوقت الذي ينشغل فيه العالم بمواجهة جائحة “كورونا” والوقوف في وجه تداعياتها يسعى الاحتلال الصهيوني بكل ما يملك من غطرسة رسمتها حكومة وحدة التطرف لإحكام سيطرته ومؤامرته على تقسيم المسجد الأقصى والقدس المحتلة زمانيًا ومكانيًا ليصبح بعد ذلك أمرًا واقعًا كما فعل في الحرم الإبراهيمي محاولاً “بحكم الأمر الواقع” تحييد الجهة الرسمية ممثلة بأوقاف القدس التي تمثل الوصاية الهاشمية الأردنية على المقدسات وسحب البساط من تحتها ليصبح “مفتاح الأمر والنهي” في القدس بيد التطرف الصهيوني الذي يقوده نتنياهو وغانتس ليفتح الباب واسعًا أمام اقتحامٍ كبيرٍ يعد له سدنة التطرف الصهيوني الاستيطاني لفرض هذا المخطط الإجرامي.

تُمنع الصلاة في المسجد الأقصى خوفًا على صحة المصلين وحفاظًا على سلامتهم بأمرٍ من أوقاف القدس؛ لكن في الجانب الآخر يُفتح الباب على مصراعيه لصلوات تلمودية متطرفة للصهاينة بتشجيعٍ من الاحتلال وتحت عين العالم وبصره، ليثير أسئلة جوهرية إلى متى يبقى الجميع صامتًا على مؤامرة باتت تحاك علنا على القدس والأقصى بدعمٍ غربيٍ تقوده أمريكا منقطع النظير لحكومة التطرف التي يقودها نتنياهو وغانتس، وصمتٍ عربيٍ أقرب للتآمر فضحه “مسلسلات تطبيع” فاحت رائحة مؤامرتها على تاريخ ضاربٍ في التاريخ ليمنح حقًا لليهود بالاحتلال تارة وتحت ستار التعايش تارة أخرى، لكن الواضح هو التسليم بالأمر الواقع والاعتراف بحكم الصهاينة على القدس وكل فلسطين.

الاحتلال يفرض الأمر الواقع مجددًا

ويرى أستاذ العلوم السياسية الدكتور أحمد نوفل في تصريحاته إلى “البوصلة” أن ممارسات الاحتلال لم تأت بجديدٍ فهذا شيء طبيعي في سلوكياته؛ لا سيما وأنه منذ عام 1967م وهو ينفذ سياسة فرض الأمر الواقع على المسجد الأقصى والمقدسات.

وأكد نوفل أن الاحتلال يستغل الآن جائحة كورونا وشهر رمضان الفضيل من أجل السماح للمستوطنين والمتطرفين من الدخول إلى ساحات المسجد الأقصى الذي يُفضل بسبب الجائحة عدم التواجد فيه بشكلٍ كثيف للمسلمين حفاظًا على صحتهم وسلامتهم من خطورة وباء كورونا؛ لكن في المقابل فإن هذا أعطى الصهاينة المتطرفين فرصة للدخول لساحات الأقصى وممارسة طقوسهم في تحدٍ استفزازيٍ للمصلين الفلسطينيين.

وشدد على أن ممارسات الاحتلال وانتهاكاته مستمرة ولم تتوقف؛ بل إن سلطات الاحتلال تشجع مثل هذه الانتهاكات، ومع ذلك هناك صمود حقيقي من قبل المصلين والمرابطين والمرابطات في الأقصى.

وحذر من أن القضية بدأت تأخذ منحى جديد، ليس فقط ممارسات وانتهاكات فردية للمستوطنين؛ بل إنها أصبحت “ممنهجة” من قبل حكومة الاحتلال.

وقال نوفل: “باعتقادي هذه السياسة ممنهجة من قبل سلطات الاحتلال وكأنه كل حكومة تريد فرض الأمر الواقع على المسجد الأقصى والأماكن المقدسة الفلسطينية ليتيح لها ذلك التفاوض مع الفلسطينيين في المستقبل على هذا الأمر، وأخشى ما أخشاه أن يأتي يوم سواء كان بدعمٍ من الإدارة الأمريكية أو القيادات الغربية لتمنح اليهود الحق بأن يمارسوا شعائرهم كما حصل في الحرم الإبراهيمي في الخليل وفرضت الأمر الواقع خطوة بخطوة من دون أن ننجح جميعا ونحن من قاوم هذه السياسة بإفشالها.

وذكّر نوفل أن الضغوطات الدولية في ذلك الوقت والدول العربية ومنظمة التحرير والجهود جميعها عجزت عن إفشال فرض سلطات الاحتلال للأمر الواقع على الحرم الإبراهيمي، وأصبح السماح لليهود بممارسة شعائرهم الدينية مقسما في ساعات وأيام وتواريخ محددة أمرًا واقعًا لا يستطيع أن يتدخل فيه أحد.

وقال أستاذ العلوم السياسية: “أخشى ما أخشاه أن يكون تكرار مثل هذه الممارسات فيما بعد وكأنه أصبح تحصيل حاصل، ولا نستطيع لا المرابطين ولا الفلسطينيين ولا الأردن ولا الدول العربية والإسلامية أن نغير من هذه السلوكيات مستقبلاً”، معللا مخاوفه بأن انتهاكات الاحتلال في الحرم الإبراهيمي في حينه لم تواجه برفضٍ يوازيها من قبل منظمة التحرير الفلسطينية ولا الأردن ولا الدول العربية والإسلامية.

وشدد نوفل على أن استنكار جامعة الدول العربية وبعض الدول هنا وهناك أصبحت بالنسبة لسلطات الاحتلال أمرًا طبيعيًا لكن أخطر من ذلك “فرض الأمر الواقع” على الأماكن المقدسة، وقبل سنوات كانت مثل هذه الممارسات محرمة وكانت شيئًا غريبا لكننا أصبحنا نشاهدها يوميًا ومع ذلك أصبحت سلوكيات المستوطنين داخل ساحات الأقصى شيئاً طبيعيا ووجود الفلسطينيين في ساحات الأقصى هو الشيء غير الطبيعي.

الحل بانتفاضة وهبّة جديدة ضد الاحتلال

وطالب نوفل بضرورة أن يكون هناك هبة طبيعية وأن تكون هناك انتفاضة كما حصلت من قبل في انتفاضة الأقصى من قبل المرابطين والمرابطات في ساحات الأقصى عندما رفضوا وجود البوابات الإلكترونية قبل عامين تقريبًا.

وشدد في الوقت ذاته على أنه يجب أن يكون هناك انتفاضة حقيقية في الأراضي الفلسطينية ليس فقط من أجل الأماكن المقدسة في القدس وما تتعرض له من انتهاكات؛ لكن أيضًا لأنه في ظل حلول الذكرى 72 لقيام الكيان الصهيوني في فلسطين بعد أيام حيث تريد حكومة نتنياهو وغانتس ضم الأغوار وهذا أمرٌ خطير جدًا.

وتابع حديثه بالقول: أنا واثق أن دولة الاحتلال تعلم أن ردود الفعل الفلسطينية مع الأسف الرسمية والعربية ليست بمستوى ما تقوم به من انتهاكات، ولذلك فإنها تقوم بهذه الانتهاكات لأنها تعلم أنها تفرض سياسة الأمر الواقع ما دامت الولايات المتحدة وسياسة ترامب تؤيدها.

ونوه إلى أن السفير الأمريكي قبل أيام في تل أبيب يتحدث صراحة وبكل وقاحة عن أن وجود اليهود في الحرم الإبراهيمي والخليل مثل وجود تمثال الحرية في الولايات المتحدة، وهو يهودي صهيوني هذا السفير، ولكنه يشبه الاحتلال الإسرائيلي في الخليل  وكأنه باقٍ بقاء تمثال الحرية في أمريكا.

ووصف نوفل تشبيه السفير الأمريكي هذا بـ “الحقير”، مؤكدًا أنه لو كانت هناك دول عربية ولو كان هناك ضغط جماهيري عربي وفلسطيني لما استطاع هذا الإنسان أن يتصرف بمقدسات المسلمين في الأراضي الفلسطينية بهذا الشكل من دون أن يكون الردع والرد الفعلي ضد هذه الممارسات.

وتابع، مع الأسف هو يعلم جيدًا أنه لو فعل ما يريد لكن أكثر ما يفعله الجانب العربي أو الفلسطيني بيانات الاستنكار، وهذا لم يعد يكفي بيانات استنكار ولا بيانات جامعة الدول العربية ولا اجتماعات وزراء الخارجية العرب.

وقال نوفل: نحن الآن أمام قضية خطيرة جدًا ومحاولة استغلال دولة الاحتلال لجائحة كورونا من أجل فرض الأمر الواقع للمستوطنين اليهود لدخول ساحات الأقصى وذلك بهدف تقسيم الأقصى مستقبلاً زمانياً وجغرافيًا.

وختم حديثه بالقول: “عندما نتحدث في ظل هذه الظروف الصعبة التي تمر بها القضية الفلسطينية، ونحن نستقبل بعد أيام ذكرى قيام الاحتلال الصهيوني ، حقيقة لا بد أن نغير من النهج الرافض لهذه الممارسات، فلم تعد قضايا بيانات الاستنكار وتصريحات هنا وهناك تكفي؛ لا بد أن يكون الرد الفعلي الجماهيري فلسطينيًا وعربيًا بمستوى ما تمارسه دولة الاحتلال من انتهاكات”.

الاحتلال يقضم غور الأردن ومسلسلات التطبيع زيادة

بدوره عبّر الوزير الأسبق وأستاذ العلوم السياسية الدكتور أمين مشاقبة في تصريحاته إلى “البوصلة” عن استهجانه لكل ما تقوم به سلطات الاحتلال من محاولات للسيطرة على القدس وانتهاك الوصاية الهاشمية الأردنية عليها، مؤكدًا أنه مع بروز صفقة القرن والتطمينات الأمريكية لدولة الاحتلال شرعت بتهويد القدس والمقدسات الإسلامية وعملية التقسيم الزماني والمكاني لما ورد في صفقة العصر على أساس أن القدس هي عاصمة دولة الاحتلال ضاربة عرض الحائط بكل العهود والمواثيق والاتفاقيات.

وقال مشاقبة: مع التطرق الزائد في دولة الاحتلال من خلال اليمين المحافظ واليمين المتشدد واليمين الصهيوني الذي يحكم من خلال حكومة الوحدة بين نتنياهو وغانتس، وانشغال العالم في مواجهة جائحة كورونا، كلها ظروف يسعى الاحتلال لاستغلالها لحظة بلحظة لمزيد من التهويد والمزيد من قضم الأغوار الأردنية، وضم أجزاء من الضفة وشواطئ البحر الميت من الجهة الغربية.

وحذر مشاقبة من أن دولة الاحتلال ستتخذ قرارًا بهذا الاتجاه قريبًا على أساس أن يكون الأول من شهر تموز القادم حيث سيكون إعلان ضم هذه المناطق فضلاً عمّا سيظهر للعلن من توجهات إسرائيلية مفاجئة في المنطقة، معبرًا عن أسفه من أن العرب بشكل عام منشغلون بقضايا الكورونا وقضاياهم الداخلية كلٌ على حدة وتركت القضية الفلسطينية المركزية الأولى إلى قضية على أدنى سلم الأولويات بالنسبة للعالم العربي.

كما عبّر الوزير الأسبق عن استهجانه وخيبة أمله من الاتجاهات المتعلقة بالتطبيع الموجودة في بعض الدول العربية وخصوصًا ما يتعلق بالمسلسلات الموجودة التي غزتنا في شهر رمضان الفضيل للترويج إلى أن هؤلاء اليهود يستحقون الحياة وأنه ليس هناك عدائية عربية مع اليهود والتأكيد على أبعاد تاريخية للتواجد اليهودي التاريخي في المجتمعات العربية، وهذا أمرٌ مرفوضٌ جملة وتفصيلاً.

وختم مشاقبة حديثه بالقول: “كل هذا يصب في عملية تهويد الأراضي الفلسطينية بالطريقة التي تريدها دولة الاحتلال والولايات المتحدة، والواقع العربي واضح أمام الجميع من حالة التفتق وحالة الانشغال بالخوف والرعب المسيطر على المنطقة بشكلٍ أو بآخر بسبب جائحة كورونا والأزمات الاقتصادية”.

(البوصلة)

Share on whatsapp
Share on facebook
Share on twitter
Share on telegram
Share on email
Share on print

رابط مختصر للمادة:

اقرأ أيضاً

Share on facebook
Facebook
Share on twitter
Twitter
Share on whatsapp
WhatsApp
Share on telegram
Telegram
Share on email
Email
Share on print
Print

رابط مختصر للمادة: