الإضرابات تتسع في بريطانيا: دعوات لرفع الأجور وتحسين المعيشة

الإضرابات تتسع في بريطانيا: دعوات لرفع الأجور وتحسين المعيشة

بريطانيا

يبدو أنّ إضرابات السكك الحديدية في بريطانيا ليست سوى بداية لسلسلة إضرابات لعمّال وموظفين في أبرز القطاعات العامة في البلاد. والإثنين، صوّت محامون لصالح تنفيذ إضراب يتمحور حول مسألة زيادة الأجور، كما يهدّد المدرسون وعمال النظافة وموظفو الخدمات الصحية الوطنية بتنفيذ إضرابات واسعة لم تشهدها بريطانيا منذ سبعينيات القرن العشرين.

وقالت نقابة المحامين الجنائيين (سي بي إي) التي تمثل المحامين في إنكلترا وويلز إنّها ستبدأ بدءاً من 27 يونيو/ حزيران الجاري الإضراب لعدة أيام أمام المحكمة، للاحتجاج على رفض النظر في قضايا جديدة.

وجاء التلويح بالإضراب الواسع، بعدما وافق أعضاء النقابة في تصويت أجروه على قرار التحرك، في وقت تتراكم أمام المحاكم قضايا مؤجلة منذ مرحلة جائحة كورونا. وأكدت نقابة المحامين الجنائيين أن حوالي 81.5 في المائة من أكثر من ألفي عضو دعموا الإضراب.

إضراب الأساتذة

ولا تقتصر تحركات الإضراب على المحامين الجنائيين، إذ يبدي 450 ألف مدرّس استعدادهم للإضراب إذا لم يحصلوا على زيادة في أجورهم بنسبة 12 في المائة على الأقل. كذلك يدرس الاتحاد الوطني للتعليم ونقابة المعلمين إجراء تصويت بين أعضائهما على الإضراب، في حال لم يقدم وزير التعليم ناظم الزهاوي زيادة كبيرة في الأجور. وسيزيد ذلك الضغوط على الحكومة التي تواجه أكبر إضراب للسكك الحديدية منذ جيل.

يقول عضو المكتب الإعلامي لنقابة المعلمين، بن بادلي، لـ “العربي الجديد”: “أفاد البيان الأخير الذي أصدرته النقابة بأنّ أعضاءها في إنكلترا وويلز واسكتلندا سيصوتون للإضراب عن العمل في نوفمبر/ تشرين الثاني المقبل، إذا كانت الزيادة المقررة لرواتب المعلمين للعام الدراسي 2022 – 2023 أقل مما يطلبونه”.

ويلفت إلى أن “الحقيقة أنّه بعد 12 عاماً من تآكل الأجور، يواجه المعلمون الآن الضغوط الأكبر على صعيد مستويات معيشتهم منذ نصف قرن، بعدما ارتفعت فواتير الطاقة وحدها بنسبة 54 في المائة، في مقابل تراجع قيمة رواتب المعلمين بنسبة 20 في المائة بسبب التضخم. ولا يخفى أن اثنين من كل ثلاثة معلمين باتوا يفكرون حالياً في المدة التي يستطيعون فيها تحمل البقاء في المهنة وسط الظروف الصعبة السائدة”.

مستقبل المدرسين

من جهته، يقول الأمين العام لنقابة المعلمين الدكتور باتريك روتش، لـ”العربي الجديد”، إنّ “بريطانيا تواجه حال طوارئ وجودية على صعيد مستقبل مهنة التدريس. ربما لن تحصل نسبة من الإضرابات خلال هذا الصيف، لكن سينظم اقتراع إرشادي في الخريف، وبعده اقتراع رسمي إذا لزم الأمر”.

وتشير كارولين كوي من مكتب إعلام الاتحاد الوطني للتعليم، في حديثها لـ”العربي الجديد”، إلى أن “الاتحاد لن يجري اقتراعاً خلال العطلة الصيفية للمدارس، لكنه سيتخذ قراراً في شأن الخطوات التالية، لدى معرفته بقرار وزارة التعليم الخاص بالأجور”.

وتنقل كوي عن الأمينة العامة لاتحاد التعليم الوطني، ماري بوستيد، قولها إنّ “استطلاعاتنا تظهر أن الرواتب على رأس اهتمامات الأعضاء حالياً. وقد تضاءلت رواتب المدرسين بمقدار الخمس منذ عام 2010، لذا يحتاج الاتحاد إلى رؤية زيادة في الأجور تتوافق على الأقل مع التضخم. لكن إذا لم يكن هذا ممكناً، سنمضي قدماً إلى تنظيم اقتراع إرشادي خلال فصل الخريف، ثم اقتراع رسمي على الإضراب الذي يعتبره الأعضاء خيارهم الأخير، لكنهم مقتنعون في الوقت ذاته بأن الحكومات المحافظة المتعاقبة تجاهلت تقييم عملهم وتضحياتهم في شكل صحيح خلال الفترات السابقة”.

وسبق أن علّقت بوستيد على مسألة مطالب المعلمين والدعوات للإضراب بالقول: “ببساطة لقد سئم المعلمون من حكومة لا تقدرهم. تظهر النتائج العملية لواقع ساعات العمل المكثفة للمعلمين مقابل مستويات الأجور المتدنية التي يتقاضونها باستمرار، أن الواقع السائد يضرّ بالمدارس والشباب الذين نعلمهم”.

وتابعت أنه “تتحمل الحكومة مسؤولية ذلك لأنه نتاج قراراتها، لكنها لا ترغب حتى في الاعتراف بأهمية العمل الذي يقوم به المعلمون وقيمته، وتمنحهم المكافآت الصحيحة التي يستحقونها. انخفضت رواتب المعلمين بمقدار الخمس على صعيد قيمتها الحقيقية منذ عام 2010، ونحن نحتاج اليوم إلى صفقة أجور تشمل جميع المعلمين بلا استثناء، وتعترف بواقعهم الصعب، وغير العادل”.

موجات نقابية

كذلك تهدّد نقابات عمالية أخرى بالإضراب هذا الصيف، وبينها إلى جانب المحامين والمدرّسين، موظفو خدمات الصحة الوطنية وعمال البريد وعاملون في القطاع العام. وتكشف الجمعية الطبية البريطانية التي تمثل الأطباء أنها ستستعد لتنظيم اقتراع إذا لم يحصل الأطباء المبتدئون على زيادة في الأجور بنسبة 22 في المائة. كذلك، طالبت الكلية الملكية للتمريض بزيادة الأجور بنسبة 5 في المائة فوق معدل التضخم. وقد حذر أحد المسؤولين النافذين في هيئة الخدمات الصحية الوطنية من أن الإضرابات قد تنتهي بقتل الناس.

ومعلوم أنّ الإضراب بين الأطباء والممرضات يكاد يكون أمراً غير مسبوق، إذ إن الكلية الملكية للتمريض لم تنظم منذ تأسيسها إضراباً عن العمل على مستوى المملكة المتحدة، علماً أنها ظلت تعمل بسياسة عدم الإضراب حتى عام 1995.

لكن نقابات أخرى للرعاية الصحية سبق أن انضمت إلى إضرابات عمالية، بينها في عامي 1988 و2014. وبالنسبة إلى الأطباء فقد نفّذ أولئك المبتدئون إضراباً خلال الفترة بين عامي 2015 إلى 2016، والذي شكل فعلياً اول نزاع رئيسي للجمعية الطبية البريطانية “بي إم إي” منذ عام 1975.
وبخلاف عناصر الشرطة والقوات المسلحة، ليس الأطباء والممرضات مستبعدين من الإضرابات العمالية المرتقبة في ظل الخلافات حول زيادات الأجور هذا العام.

أمّا عمّال البريد الملكي البريطاني فمن المقرر أن يصوّت حوالي 115 ألفاً منهم على اقتراح زيادة الأجور الذي أعلن في منتصف يونيو/ حزيران الجاري، والذي قضى بزيادة بنسبة 2 في المائة. ويقول تيري بولينجر، نائب الأمين العام لاتحاد عمال الاتصالات، (النقابة العمالية الرئيسية في المملكة المتحدة للأشخاص العاملين في شركات الهاتف والكابلات وخط المشترك الرقمي وشركات التوصيل البريدي)، إن “نسبة الزيادة المعروضة ليست مقبولة”.

Share on whatsapp
Share on facebook
Share on twitter
Share on telegram
Share on email
Share on print

رابط مختصر للمادة:

اقرأ أيضاً

Share on facebook
Facebook
Share on twitter
Twitter
Share on whatsapp
WhatsApp
Share on telegram
Telegram
Share on email
Email
Share on print
Print

رابط مختصر للمادة: