البرلمان التونسي يمنح حكومة هشام المشيشي الثقة

البرلمان التونسي يمنح حكومة هشام المشيشي الثقة

منح البرلمان التونسي، ليلة الأربعاء، الثقة لحكومة هشام المشيشي، الذي كلفه الرئيس قيس سعيد بتشكيل الحكومة خلفا للفخفاخ الذي قدم استقالته.

ومنح النواب حكومة المشيشي 134 صوتا، لتمر الحكومة بأريحية في البرلمان.

وأصبحت حكومة المشيشي الحكومة الثانية التي تمر في البرلمان منذ الانتخابات التشريعية الأخيرة في عام 2019.

وحصلت الحكومة على 134 صوتا من مجموع 217 نائبا، فيما صوت 67 نائبا ضد منحها الثقة، ولم يتحفظ أحد على التصويت.

ومنح نواب حركة النهضة، وقلب تونس، وكتلة الإصلاح، وتحيا تونس، والكتلة الوطنية، والمستقبل وعدد من النواب المستقلين وعدد من ائتلاف الكرامة أصواتهم للحكومة، فيما رفضتها كل من الكتلة الديمقراطية (حركة الشعب والتيار الديمقراطي)، والدستوري الحر .

وحكومة هشام المشيشي هي الثالثة بعد الانتخابات التشريعية 2019، حيث سقطت حكومة الحبيب الجملي الذي كلفته حركة النهضة الحزب الأول الفائز في الاستحقاق الانتخابي، ليكلف بعد ذلك رئيس الجمهورية، إلياس الفخفاخ، بتشكيل حكومة ليقدم بعد مرور أربعة أشهر تقريبا استقالته على خلفية شبهات فساد وتضارب مصالح .

واختلفت مواقف النواب من بيان رئيس الحكومة هشام المشيشي الذي تحدث لأول مرة عن برنامج حكومته وأولوياته الكبرى .

غياب الوضوح

وقال النائب عن حركة النهضة محمد القوماني في تصريح لـ”عربي21″ إن ” برنامج هشام المشيشي كان مقتضبا ونحن نريد الاختصار والوضوح، ولكنه لا يرتقي إلى برنامج، فأولوية انعاش الاقتصاد وإنقاذ المالية العمومية تم الحديث عنها بإجراءات أعلن عنها سابقا”.

وتابع القوماني: “الأولويات المقدمة متفق عليها من جميع السياسيين والحكومات المتعاقبة، ولكن التقدم في إنجازها هو المشكل، فالبرنامج يتطلب أكثر تفصيلا في الإجراءات، وبالتالي نحن سنختبر الحكومة من خلال الميزانية التكميلية التي ستقدم في الأسابيع القادمة وهو فعلا تحد أمامها، أو من خلال مشروع الميزانية لسنة 2021”.

من جانبه، اعتبر النائب عن حركة الشعب زهير المغزاوي، في تصريح لـ”عربي21″، أن “المشيشي قدم حديثا عاما وليس إجراءات لإيقاف النزيف، ما تحدث عنه قدمته حكومات سابقة لا يحمل أي التزامات أو مدة زمنية محددة “.

وأفاد المغزاوي: ” كنا ننتظر تحديد جملة من الإجراءات الواضحة التي توقف النزيف، ولكن للأسف لم يقدم ذلك”.

بدورها، انتقدت رئيس كتلة الحزب الدستوري الحر عبير موسي برنامج حكومة المشيشي، قائلة: “لا وجود لخطط واستراتيجية واضحة لإصلاح المالية العمومية والتحكم في النفقات والأجور، والاندماج في المنظومة الاقتصادية العالمية، خاصة بعد جائحة كورونا “.

واعتبرت عبير موسي “البرنامج مجرد إعلان نوايا وإعادة نسخ لما قدمناه نحن و العديد من الخبراء ولكن المشيشي لم يأت بأي رؤية ولا برنامج “.

كفاءات سياسية

وفي قراءة تحليلية خاصة بـ”عربي21″ لنتيجة التصويت، رأى الباحث الأكاديمي زهير إسماعيل أنه “في جلسة منح الثقة تتغيّر المعطيات والتقديرات السياسيّة من حكومة المشيشي، ولعلّ أهمّ معطى يمكن الاحتفاظ به هو أنّ الحكومة انطلقت حكومة كفاءات وانتهت أمام المجلس يوم مداولات منح الثقة حكومة سياسيّة بحزام سياسي هو الكتل البرلمانية التي صوتت لفائدتها، حتّى وإن لم يكن فيها شخصيات حزبيّة أو قريبة من الأحزاب”.

وأشار الباحث الجامعي إلى أن “مستقبل الحكومة من خلال أدائها وعلاقتها بالبرلمان ومؤسسة الرئاسة سيكون حاسما في مواجهة الاستحقاقات الكبرى، وأهمّها الأزمة المالية الاقتصادية المتفاقمة في ظل الوباء الزاحف ومؤشرات التوتّر الاجتماعي المتلاحقة ومآلات التجاذب السياسي الذي يهزّ أهمّ مؤسسات الدولة، وتهيئة الظروف لهدنتين تحتاجهما البلاد عاجلا، هدنة سياسيّة وهدنة اجتماعية، تمثلان شرطا لا غنى عنه لمهمة الإنقاذ الملحة قبل فوات الأوان” .

واعتبر إسماعيل أن “حكومة الرئيس الثانية جاءت في سياق مستويين من الصراع يعرفهما المشهد السياسي؛ صراع ديمقراطي تحت سقف الدستور وفي ظل النظام السياسي شبه البرلماني، وصراع مع الديمقراطيّة يخرج بالمشهد السياسي عن صريح الدستور، ويهدد الانتقال إلى الديمقراطيّة، ويهدف إلى تغيير النظام السياسي إلى نظام رئاسي”.

وأكد محدثنا أن “خلاصة ما يمكن أن نخرج به أن حكومة الرئيس الثانية انطلقت في سياق نظام رئاسي فرضه قيس سعيّد، بعد أن اجتمعت كل شروطه وأهمّها صراع الأحزاب العدمي وإخلالها بدورها البرلماني والسياسي المطلوب وتخاذلها في مواجهة استهداف الدستور والعملية السياسة برمّتها، وتتمّ المصادقة عليها في ظل النظام شبه البرلماني، فمنح الثقة اليوم لا يخرج عن أن يكون منازلة مكشوفة بين نظام رئاسي زاحف ونظام شبه برلماني صامد.

وانتهى الأكاديمي إلى أنه “يبدو أنّ الكلمة الأخيرة ستكون للنظام السياسي والدستور، دون أن يعني ذلك تواصل الصراع بمستوييه، وستكشف الأيام القادمة عن كثير من التطورات المثيرة، الأزمة الحالية تكشف عن الحاجة إلى تسوية تاريخية لن يستمرّ المسار من دونها، ولن تستطيع الدولة دون تحققها مجابهة مخاطر تفككها، فالبلاد لا تخلو من أصوات الحكمة، وهي أصوات إن لم تبادر إلى حوار وطني بشروط جديدة في هذه اللحظة فلا معنى لأي مبادرة لاحقة، حوار قد يحمل عنوان “المنتدى الوطني لمرافقة الانتقال الديمقراطي”…فمستقبل الأيام ينذر بتوترات اجتماعية وانهيارات اقتصادية لا يمكن استيعابها بغير لقاء وطني واسع”.

وختم قائلا: “ليست هذه هي الأزمة الأولى التي تعرفها بلادنا، ونقدّر أن شروط التجاوز ممكنة إذا صحّ الوعي صدق العزم”.

Share on whatsapp
Share on facebook
Share on twitter
Share on telegram
Share on email
Share on print

رابط مختصر للمادة:

اقرأ أيضاً

Share on facebook
Facebook
Share on twitter
Twitter
Share on whatsapp
WhatsApp
Share on telegram
Telegram
Share on email
Email
Share on print
Print

رابط مختصر للمادة: