التكنولوجيا نقل ام استنبات

التكنولوجيا نقل ام استنبات

الدكتور عبدالحميد القضاة (رحمه الله)          

•           الملك العادل نورالدين زنكي قبل أكثر من ثمانمائة عام جاءه ﺷﺎﺏٌ ﻣﻦ ﺍﻟﺮﻭﻡ، ﻭﺃﻋﻠﻦ ﺇﺳﻼﻣﻪ، ﻓﻘﺎﻝ ﻟﻪ: ﻣﺎ ﻣﻬﻨﺘﻚ؟، ﻗﺎﻝ ﺍﻟﺸﺎﺏُ: ﺃﻋﻤﻞ بالطب وعلاﺝ ﺍﻟﺠﺮﺣﻰ، ﻗﺎﻝ: ﻫﻞ ﺗُﻌﺎﻟﺞ ﺟﺮﺣﻰ ﺟﻴﺸﻨﺎ؟، ﻗﺎﻝ: ﻫﺬﺍ ﻣﺎ ﺃﺗﻴﺖ ﻣﻦ ﺃﺟﻠﻪ، ﻓﺈﻧﻲ ﺃُﺭﻳﺪ ﺃﻥّ ﺃُﻛﻔّﺮﻋﻦ ﺫﻧﻮﺑﻲ ﻭﻋﻤﻠﻲ ﺑﺠﻴﺶ ﺍﻟﻜﻔﺎﺭ.

•           ﻗﺎﻝ ﻟﻪ: ﻳﺎ ﺑُﻨﻲ ﺇﻥّ ﺍﻹﺳﻼﻡ ﻳﺠبُّ ﻣﺎ ﻗﺒﻠﻪ، ثم ﻗﺎﻝ: ﻣﻦ أﻳﻦ ﺗﺄﺗﻲ ﺑﻤﺎ ﺗﺤﺘﺎﺝ ﻣﻦ ﺃﺩﻭﻳﺔ ﻭﻣﻮﺍﺩ ﺍﻟﻌﻼﺝ؟، ﻗﺎﻝ ﻟﻪ: ﻻ ﺗﻮﺟﺪ ﺇلا ﻓﻲ ﺑﻼﺩ ﺍﻟﺮﻭﻡ، ﻗﺎﻝ ﻧﻮﺭالدين: ﻭﺍﻟﻠﻪ ﻻ ﻧﺮﺿﻰ ﺃﻥ ﻳﻜﻮﻥ ﻋﻼﺝ ﺟﺮﺣﺎﻧﺎ ﻣﻦ ﺃﺭﺽ ﻋﺪﻭﻧﺎ، ﺧُﺬ ﻣﺠﻤﻮﻋﺔً ﻣﻦ ﺍﻟﺠُﻨﺪ ﻓﻲ ﻏﻴﺮ ﻟﺒﺎﺱ ﺍﻟﺠُﻨﺪ، ﻭﺍﺫﻫﺐ ﺇﻟﻰ ﺑﻼﺩ ﺍﻟﺮﻭﻡ ﻭﺃتِ ﻟﻨﺎ ﺑﻤﺠﻤﻮﻋﺔ ﻣﻦ ﺍﻷﻋﺸﺎﺏ ﻭﺍﻟﻤﻮﺍﺩ ﻟﻨﺼﻨﻊ ﻣﺜﻠﻬﺎ ﻫﻨﺎ ﻓﻲ ﺃﺭﺽ ﺍﻹﺳﻼﻡ .

•           ﺬﻫﺐ ﺍﻟﺸﺎﺏُ ﻭﻋﺎﺩ ﺑﻌﺪ ﻣﺪﺓٍ ﻭﺃﺣﻀﺮ ﻣﺎ طُﻠﺐ ﻣﻨﻪ، ﻓأﻋﻄﺎﻩ ﻧﻮﺭ ﺍﻟﺪﻳﻦ ﺑﻌﺾَ ﺍﻟﻘﻄﻊ ﺍﻟﺬﻫﺒﻴﺔِ ﻭﻗﻄﻌﺔٌ من الأﺭﺽٍ وعددًا ﻣﻦ ﺍﻟﻤﺴﺎﻋﺪﻳﻦ ﻭﻗﺎﻝ ﻟﻪ: اﺯﺭﻉ ﻫﻨﺎ ﻛﻞ ﺍﻷﻋﺸﺎﺏ ﺍﻟﺘﻲ ﺃﺣﻀﺮﺕَ ﻣﻌﻚَ، ﻓﺈﺫﺍ ﺍﺳﺘﻮﺕ ﻓﺄﺗﻨﺎ ﺑﻬﺎ ﻭﺍترك ﻗﻄﻌﺔً ﻣﻦ ﺍﻷﺭﺽِ ﻭﺍﺯﺭﻉ ﻟﻨﻔﺴﻚ ﺑﻬﺎ ﻣﺎ ﺗﻘﺘﺎﺕ ﺑﻪ.

•           ذهب ﺍﻟﺸﺎﺏ ﻭﺃﺗﻰ ﺑﻌﺪ ﻣﺪﺓٍ ﺑﻤﺎ ﺯﺭﻉ ﻣﻦ ﺃﻋﺸﺎﺏ ﻃﺒﻴﺔ ﻓﺄﻋﻄﺎﻩ ﻧﻮﺭ ﺍﻟﺪﻳﻦ ﻣﻜﺎﻧًﺎ ﻟﻴﻘﻮﻡ ﺑﺘﺼﻨﻴﻊ ﺍﻷﺩﻭﻳﺔ، ﻭﺃﻣﺮ ﻟﻪ ﺑﺠﻠﺐ ﺍﻟﻤﻮﺍﺩ ﺍﻟﺘﻲ ﻳُﺮﻳﺪﻫﺎ ﻣﻦ ﺑﻼﺩ ﺍﻹﺳﻼﻡ ﺑﺪﻻً ﻣﻦ ﺍﻟﺤﺎﺟﺔ ﺇﻟﻰ ﻣﺎ ﻋﻨﺪ ﻋﺪﻭﻧﺎ، ﻭﺃﻣﺮ ﻧﻮﺭ ﺍﻟﺪﻳﻦ ﺑﻤﺠﻤﻮﻋﺔٍ ﻣﻦ ﺍﻟﺸﺒﺎﺏِ ﺃﻥ ﻳﺘﻌﻠﻤﻮﺍ ﻋﻠﻰ ﻳﺪ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻄﺒﻴﺐ، ﺣﺘﻰ ﺇﺫﺍ ﺣﺪﺙ ﻟﻪ ﻣﻜﺮﻭﻩٌ ﻳﻜﻮﻥ ﻫﻨﺎﻙ ﺍﻟﺒﺪﻳﻞ، ﻭﻻ ﻳﺤﺘﺎﺝ ﺍﻟﺠﻴﺶ ﺇﻟﻰ ﻣﺪﺩٍ ﻣﻦ ﻏﻴﺮ أﺑﻨﺎﺋﻪ. 

•           ﻭﺑﻌد ﻓﺘﺮﺓٍ ﺃﺗﻰ ﺍﻟﺸﺎﺏُ ﻟﻨﻮﺭﺍﻟﺪﻳﻦ ﻭﻗﺎﻝ ﻟﻪ: ﺇﻧﻲ ﻗﺪ ﻋﻠّﻤﺖ ﺍﻟﺸﺒﺎﺏَ ﻣﻬﻨﺘﻲ، ﻭﻟﻦ ﻳﻜﻮﻥ ﻫﻨﺎﻙ ﺣﺎﺟﺔٌ ﻛﺒﻴﺮﺓٌ ﻟﻲ ﺑﻌﺪ ﺍﻟﻴﻮﻡ، ﻓأﺫﻥ ﻟﻲ ﺍﻥ ﺃﺣﻤﻞ ﺳﻼﺣﻲ ﻭﺃﺣﺎﺭﺏَ ﻋﺪﻭ ﺍﻟﻠﻪ، ﻓﺈﻧﻲ ﺃﺣﺐُ ﺃﻥ ﺃﻟﻘﻰ ﺍﻟﻠﻪ ﺷﻬﻴﺪًا، نورالدين رحمه الله استنبت التكنولوجيا في حينه، وحكام المسلمين لم يجرؤوا على ذلك للآن.

مكارمُ الأخلاقِ

          الأخلاق لها مناحي ودرجات، فمحاسنُ الأخلاقِ تعتمدُ مبدأ المنفعة، فتُحسنُ لمن أحسنَ إليك، وتُعطي من أعطاكَ، وتصلُ من وصلكَ، فالإحسانُ مقابلَ الإحسانِ، أمّا مكارمُ الأخلاقِ فهي نمطٌ أرقى لأنه مرتبطٌ بالواقعِ العميقِ للنفسِ البشريةِ، فهو لا يعتمدُ على المنفعةِ المتبادلة، بل يتعداها إلى زرعِ الفضيلةِ وإزالةِ الرذيلةِ، كأن تصلَ من قطعكَ، وتُعطي من حرمكَ، وتُحسن لمن أساءَ إليكَ، فهذا النمطُ قطع شوطا في الخيرِ أبعد، لا تُدركهُ إلّا النفوسُ العظيمةُ، ولذلك كانت مهمةُ الرسول صلى الله عليه وسلم الوصولُ إلى القمةِ، حيثُ قال: “إنما بُعثت لأتمم مكارم الأخلاقِ”.

(البوصلة)

Share on whatsapp
Share on facebook
Share on twitter
Share on telegram
Share on email
Share on print

رابط مختصر للمادة:

اقرأ أيضاً

Share on facebook
Facebook
Share on twitter
Twitter
Share on whatsapp
WhatsApp
Share on telegram
Telegram
Share on email
Email
Share on print
Print

رابط مختصر للمادة: