د. أحمد داود شحروري
Share on facebook
Facebook
Share on twitter
Twitter
Share on whatsapp
WhatsApp
Share on email
Email
Share on telegram
Telegram

رابط مختصر للمادة:

الموت في سبيل الله أسمى أمانينا

د. أحمد داود شحروري
Share on facebook
Share on twitter
Share on whatsapp
Share on email
Share on telegram

رابط مختصر للمادة:

هتاف كان يزيّن مهرجاناتنا ومناسباتنا الدينية والوطنية ، ورثناه عن جيل سبقَنا كانت في دماء كهوله وشيوخه همّة الشباب ، كنت في المسجد الحسيني الكبير وسط مدينة عمان أحرص على متابعة نشاطات الحركة الإسلامية منذ طفولتي ، يشدني تنظيم احتفالاتهم ، وضبط إيقاع الهتاف الذي توكل قيادته عادة لشخصية مثقفة بصوت جهوري ومخارج حروف واضحة ، وبهزة وجدانية آسرة ، أردّد مأخوذا بهذا كله مع “الهتيف” : الله غايتنا، والرسول زعيمنا، والقرآن دستورنا، والجهاد سبيلنا، والموت في سبيل الله أسمى أمانينا .
أردد وتردد معي الجموع الخاشعة وجدران المكان العتيقة ، ويصعد الصوت عبر المئذنة في زمان كان العلوّ ما يزال فيه متاحا قبل أن توصد دونه الأبواب ، وقبل أن يصحو المترجم ليبلغ عنا معشر الهاتفين أنا نحمل منهجا خطيرا حاربه من كانوا يعدّون أنفاسنا منذ أُسقِط نظام الخلافة الإسلامية ، وكان هذا الهتاف الآسر أثرا من آثار شوق الأمة إلى أبجديات حياتها السعيدة في كنف مقاصد دينها العظيمة .
مضت الأيام منذ سقوط الخلافة عام ١٩٢٤ م ثقيلة على المسلمين المستضعفين ، ومن رحم تلك الأيام ولدت عزيمة ثلة من أولئك المستضعفين تحمل همّ نفسها وهمّ أمتها ، فوضعت كل كلمة من كلمات هتافها التليد موضع التنفيذ عندما علمت أن التنظير لا يحيي أمة ولا يُرجع مجدا ولا يحرر أرضا ، وعلى هذا الأساس قامت حماس ، لتكون يد الحركة الإسلامية الضاربة للغاصب الصهيوني حصريا ، لا لتفتعل أي صراع مع سواه .
خاضت حماس مواجهات ضارية مع عدوها المباشر المحتل لأرضها ، ولم تسلم من شرّ ذوي القربى الذين عملوا على التشكيك بأهدافها والتقليل من أثر مقاومتها بمثل ادعاء عبثية صواريخها ، لكن ذلك لم يُنسِ أصحاب الهتاف هتافهم جنودا وقادة ، عسكريين وسياسيين ، ولقد عمل الصهاينة على استهداف قادة حماس لينالوا من عزيمتها ، فما يكادون يتركون فرصة للتخلص منهم إلا اقتنصوها ، وعبثا يحاولون إطفاء جذوة جهد هؤلاء القادة وجهادهم وهم يُنشِدون في طلب الشهادة أعذب الألحان ويرددونها مع جنودهم ، فمَنْ منا لم تبلغه عذوبة صوت الشهيد أبو العبد وهو يردد :
ماضٍ وأعرف ما دربي وما هدفي
والموت يرقص لي في كل منعطف
وحياتنا أنشودة صيغت على لحن الكفاح
وطريقنا محفوفة بالموت بالدم بالجراح
يا دربنا يا معبر الأبطال يا درب الفلاح
إنا إذا رُفع السلاح بوجهنا ضج السلاح
وإذا تلعثمت الشفاه تكلمت منا الجراح
إنه هو ذاته الذي ردد منذ كان فتى يافعا في مساجد مخيم الشاطئ : “والموت في سبيل الله أسمى أمانينا” ، فما نطق خُلفا ، ولا أخلف وعدا ،ولا أهدر وقتا ، وهو يضرب المثل بتقديم الولد والحفيد بين يدي شهادته ، فلا يقضي حتى يذوق طعم الفقد مُرّ المذاق ، فولده الذي اتهم بأنه يتنعم في فنادق الخليج سبقه إلى الشهادة ، وكهولته التي قضاها في كل أنواع الكفاح ضد العدو المجرم شهدت بكذب حاسديه وتكللت بالشهادة لتتحقق أسمى أمنية ينطوي عليها قلبه الطاهر ، وليكون أنموذجا صادقا لما حملته دعوته من صدق وطهارة وسموّ ، ولتعجز كل الدعوات الهدامة التي حاربت فكره وفكر جماعته التي ربته عن النيل من حدائه الخالد الذي عاش يأنس بالحياة في ظل معانيه ومات ملتزما بالمضي في ترجمتها حقيقة لا مجازا ، فها هو يلقى أسمى أمانيه شهادة في سبيل الذود عن دينه ودعوته.
أما نحن الذين فقدنا هذا الطراز من القادة العظماء فإننا نردد ما قاله الشهيد أبو العبد قبل وفاته مباشرة :
(إذا مات منا سيد قام سيدُ) .
والأسياد كثر في دعوتنا الخالدة ، دعوة أبي القاسم صلى الله عليه وسلم ، فلِمَ الخوف ما دام “الله غايتنا” ؟

Share on facebook
Share on twitter
Share on whatsapp
Share on email
Share on telegram

رابط مختصر للمادة:

Related Posts